التطوّع... والإستراتيجية الوطنية للتطوّع
خواطر صعلوك
محمد ناصر العطوان
تتغير الآن مفاهيم كثيرة في العالم، ومنها مفهوم التطوّع، وبعد جائحة كورونا التي أصابت العالم بالشلل، كان التطوع كمفهوم والمتطوعون كممارسين يتسللون كنهر في أجزاء الجسد المحنط، ووجد كثير من الدول في العالم نفسها مجبرة ومستعدة ومهيأة في الوقت نفسه عن الإعلان عن منصات للتطوع، فمثلاً اعتمد مجلس الوزراء في دولة الإمارات تشكيل اللجنة الوطنية العليا لتنظيم التطوع خلال الأزمات، وذلك بهدف تطوير منظومة متكاملة ومستدامة للعمل التطوعي في الدولة خلال الأزمات، كذلك أعلن الدفاع المدني في الكويت عن فتح باب التطوع، والهلال الأحمر والهيئة العامة للشباب، وكذلك قامت اللجنة الوطنية للشباب في سلطنة عُمان عن فتح باب التطوع خلال أزمة كورونا، أما المملكة العربية السعودية فقد قامت بتوثيق العمل التطوعي والعلاقة بين الجهات الموفّرة للفُرص التطوعية، والمتطوعين أنفسهم، وذلك بحفظ (الساعات التطوعية، عدد مرات التطوع، الجهات التي تم التطوع فيها...) خلال منصة (أبشر)، وبربط منصة التطوع بمركز المعلومات الوطني، ما يعني جمع شتات العمل التطوعي.
لم يحدث كل ذلك في الخليج فقط، بل في كل دول العالم، ففي فرنسا أنقذ المتطوعون الدولة، وساندوها مادياً ومعنوياً في حربها، لاحتواء المرض، وهو ما جاءت على ذكره وسائل الإعلام المحلية في فرنسا، مشيدةً بهذا الدور الإنساني الذي يعكس روح التضامن والمسؤولية.
تُقبِل الكويت الآن عبر مركز العمل التطوعي والهيئة العامة للشباب على الاستعداد لعمل إستراتيجية العمل التطوعي الوطنية، بالتعاون والشراكة مع مجموعة كبيرة من المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني والقطاع الخاص.
والمُلاحظ أن التطوع في الكويت ينقسم إلى قسمين، الأول هو تطوع «منفلت» من المؤسسات، والثاني تطوع تحت إشراف المؤسسات، ولكل منهما مميزاته وعيوبه، فالتطوع الذي لا يخضع للمؤسسات يكون خاضعاً لرغبات المتطوع وأهدافه واحتياجاته، والتطوع الذي تحت إشراف المؤسسات يضمن حقوق المتطوع والمسارات الآمنة له، ومن عيوب التطوع المنفلت من المؤسسات أنه قد يأخذ صوراً من الهدر في الطاقة وانحراف في الممارسة وتحقيق أجندة لا تخدم الدولة، ومن عيوب التطوع الذي تحت إشراف المؤسسات عدم مراعاة التخصص، وضعف البرامج.
وأتوقع من الإستراتيجية الوطنية للتطوع في الكويت أن تراعي السياقين، وأن تستفيد من تجارب الدول التي سبقتنا في عمل منصات للتطوع وربطها بالمعلومات الوطنية، كما أتوقع منها أن تقدم صورة واضحة وتشاركية للتطوع كمفهوم وأدبيات وأخلاقيات، والمتطوعين كمهارات وقدرات ومراحل عمرية مختلفة وتخصصات متنوعة، والمُتطَوع له «الجهة» وما تقدمه من دعم وحقوق وأمان وتنمية وتدريب، والمُتَطَوع إليه من قضايا تحتاج إلى حلول أو تقليل هدر أو زيادة إنتاحية ورفع جودة.
عزيزي القارئ، 10 في المئة في الكويت من الفئة العمرية 12 إلى 19 عاماً، تتطوع بشكل يومي تقريباً، أما الفئة العمرية الأكبر والتي في حاجة أكثر للتطوع وهي من 20 إلى 24 عاماً، فلا يتطوع منهم سوى 4 في المئة بشكل يومي تقريباً، و33 في المئة من هذه الفئة العمرية لم تتطوع إطلاقاً.
يمكن للتطوع أن يوفّر على الدولة مليارات الدنانير، ويوفّر للشباب مساحات للتعلم، ويوفّر للمجتمع الدمج والشراكة، ويوفّر للمدارس والجامعات أنشطة تعليمية لا صفية، ويعزّز مفاهيم مثل المشاركة المدنية والمواطنة المسؤولة... وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.
@Moh1alatwan
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق