ابتسم... ربما ننجو من كل هذا الأسى
خواطر صعلوك
أتممتُ الخامسة والثلاثين قبل «كورونا» بشهر، وأعتقد أني الآن رأيتُ ما يكفي من الحياة، فقد رأيتُ أناساً تشكّك في نوايا عامل النظافة الذي يبتسم عند إشارة المرور في بلد يحتاج «الكنس» السياسي، ولا تشكّك في نوايا عضو البرلمان في بلد يحتاج «المحاسبة» الشعبية.
ورأيتُ بعض شيوخ الدين يركبون الأمواج على الشواطئ، ويركبون الفضائيات على الشاشات، ويركبون الثورات في الشوارع، وعشتُ فترة كان الناس فيها يعرضون أسماء أطفالهم والهواء الذي يستنشقونه على مجلس كبار العلماء ليقرّر ما إذا كان الاسم أو الهواء حلالاً أم حراماً، ثم عشتُ أكثر حتى قرأت لمفكرين إسلاميين أنّ الحجاب ليس فرضاً، وأنّ المواريث قابلة للتعديل، وأنّه يمكن لأمك أو أختك الكبرى أن تكون إمام المسجد.
لم أشهد خاتمة الحرب بين أثينا وجاراتها السبع، ولم أشهد حفلة السلم ما بين روما وقرطاج، ولكني رأيت أناساً ينادون بالتطبيع علانية، ولصوصاً يلوون أعناق النصوص القرآنية والدستورية لمصلحة أبنائهم وزوجاتهم ومشاريعهم، ورجال دولة موكل إليهم حل مشاكل الوطن، هم أنفسهم المشكلة!
ورأيت مسلمين يستخدمون أسماء الله الحسنى في «الخط» واللوحات فقط، وليس للتخلّق بها، ودولاً قامت على تأويل كلام النبوة، ليس من أجل الجَمال والحق والخير، بل من أجل تفجير «العبوة».
ورأيتُ فقيه «سد الذرائع» الذي يعتقد أن منع مباريات الكرة كفيل بمنع حوادث الشغب في الملاعب، وأن إلغاء خطوط السكك الحديدية يفضي إلى منع تصادم القطارات، وأن وضع المرأة في «هودج» الجِمال يفضي إلى منع التحرش!
ورأيتُ فقيه «الانفتاح» الذي يدعو الناس للتنمية البشرية وأنه يجب على الإنسان ألّا ينظر وراءه... كما فعلت امرأة لوط!
ورأيت إسلامياً متمسكاً بالديموقراطية، وليبرالياً يُنادي بالعودة إلى العادات والتقاليد، أيديولوجيات مختلفة تصعد الجبل نفسه ولكن من جهات مختلفة.
ورأيت أناساً يظهر عليهم أنهم ودودون، مهذّبون، أذكياء... ليس طَمعاً في الجنة أو حتى احتراماً لأنفسهم، بل طَمعاً في الحصول على ما يرغبون به من الآخرين، حتى لو كانت مقابلة شخصية من أجل وظيفة!
ورأيت أوطاناً رائعة تنفجر بسبب الإهمال، وعواصم تاريخية تسقط بسبب الفساد، وأنظمة عريقة تنهار بسبب الظلم، ودولة لا ينقصها شيء تساء سمعتها بسبب الغسيل... ومسلمين لا يتّعظون بكل ذلك!
عزيزي القارئ... لا أتحدثُ في هذا المقال عما هو صحيح وما هو خاطئ،
ولا عما هو حلال وما هو حرام، فقط محاولة لتوضيح أين نقف، ولا شيء غير ذلك... وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.
@moh1alatwan
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق