الخميس، 16 أبريل 2015

الوعي ينزف من ثقوب الذاكرة .فلتبكوا كثيرا ولتضحكوا قليلا…


الوعي ينزف من ثقوب الذاكرة ..

فلتبكوا كثيرا ولتضحكوا قليلا…


المفكر الإسلامي الدكتور محمد عباس
فلتبكوا كثيرا ولتضحكوا قليلا…
سوف أكويك أيها القارئ بالنار التى تكوينى…
لأننى فى هذه السلسلة من المقالات فى هذا الكتاب لا أسوّد صفحات ولا أملأ فراغا ولا أستعرض بيانا ولا أتباهى ببلاغة وإنما أقدم لك – بذوْب الألم - نظرة شاملة لمشكلتنا كأمة …
أقدم لك نظرة شاملة لوضعنا فى الدنيا وللدنيا ….
و أحاول قدر جهدى ألا تقتصر هذه النظرة على الدنيا فقط وإلا كان البشر مجرد قطيع من الحيوانات.. ولكانت النظرة الغربية هى النظرة الصحيحة … فلا حق إلا القوة … ولا سعادة إلا فى اللذة … ولا وزن ولا اعتبار لأية قيمة مجردة …
أحاول أن أفعل ذلك …. و أحتاجك معى ….
لقد فرى قلبى قول ذلك الرجل من كوسوفا أنه يتألم لأننا فى العالم العربى ننظر إلى قضية بلاده كقضية أجنبية …
فرى قلبى وأحسست بالخزى والعار …
لكننى ما لبثت حتى انكفأت على نفسى مذهولا و أنا حسير لأصرخ : نحن ننظر إلى قضيتنا أيضا كقضية أجنبية !!

ننظر إلى قضية مصيرنا ووجودنا كقضية أجنبية … ننظر إلى قضية التنكيل بالعراق كقضية أجنبية … ننظر إلى ما يحدث فى دول الخليج كقضية أجنبية … ننظر إلى احتلال مهبط وحينا ومنبع رسالتنا بقوات أمريكية كقضية أجنبية … وليت الاحتلال كان احتلال أرض فقط لأنه احتلال قلوب وعقول أيضا …
لقد نجح الغرب فى هزيمتنا …تلك الهزيمة الشنيعة البشعة التى لم تقتصر على احتلال أرض بعد هزيمة جيوش … ولم تقتصر على هوية أرض بدَّلوها … ولا على أوطان سرقوها … ولا على تفتيت نجحوا فيه… لم يقتصر على ذلك …. ولو اقتصر عليه لكانت أمامنا الفرصة لكى نقاوم …
لم يقتصر انتصارهم على الجيوش والعروش بل تعداه إلى الانتصار على كل فرد فينا … على غزونا من الداخل ….
 ولست أنسى قط ذلك الإحساس بالعار الذى شملنى حين كنت أصطحب ابنتى فى منطقة مكتظة بالمدارس فإذا بها تنظر إلى الطلبة والطالبات وتصرخ :
- نحن لسنا فى مصر … نحن فى أمريكا … !!
لم تكن القمصان المطبوع عليها الأعلام الأمريكية ولا السراويل ولا التنورات ولا الأحذية ولا السترات فقط ما لفت انتباهى … كانت ملامح الوجوه أيضا … كانت القضايا التى تشغل الفكر أيضا…. كانت الاهتمامات … كان القلب وكان العقل وكانت الروح .
بعد المقالة الماضية والتى استعرضت فيها تاريخا مجيدا ولّى ولكن علينا أن نحفظه لنستعيده، تلك المقالة التى كتبتها يكوينى لهيب كرصاص منصهر، جاءنى أحد الشباب بعد أن قرأ المقال – المحزن أنه نابه ومتفوق وخريج جامعى– فوق أنه مشروع شاعر ليقول :
- يا أونكل: لقد ذكرت فى مقالتك الماضية تواريخ كثيرة جدا ولقد نسيتها كلها قبل أن أنتهى من المقال …
يا أونكل …!!
نسيت ….

انغرست الحروف فى قلبى رؤوس حراب مسممة…
وبكت لغتى …

يا بنى أنا لا أكتب لك تاريخا مجردا … بل أكتب لك تاريخك أنت … أكتب لك عن معركة أنت تخوضها الآن و أنت مغيب عنها لكنك ستذوق علقم نتائجها وسترزح تحت وبال عواقبها…
 يا بنى أنا أكتب لك عن معركة بدأت منذ أكثر من ألف عام ولما تنته بعد …
يا بنى أنا أكتب لك كى أكون حذيرك … ولكى تفهم أن الخرز الملون كان الطعم الذى اصطاد به الغرب مائة مليون شاب أفريقى حوّلوهم إلى عبيد … و أن الأسماك الملونة المبهرجة الألوان التى تغوص خلفها الآن إنما تقودك إلى بيت الأخطبوط …
 لم أكتب لك التاريخ كى تزدان به معرفة منبتّة …
 بل أحاول أن أنقذك … أن أقول لك أن الصراع بيننا وبين الغرب بدأ حتى قبل الإسلام و أنه بالإسلام اكتسب أبعادا أشمل …
أحاول أن أستنقذ نفسك من ذل الدنيا وخزى الآخرة…
 أحاول أن أزيل أنقاض الهزائم وخرائبها داخل ذاتك و أن أقول لك أن المعركة بيننا وبين الغرب معركة مستمرة لم يخبُ أوارها أبدا و أنهم لم يتركونا أبدا وكانت عين كل قيصر ابتداء من قياصرة روما القدماء وحتى القيصر الأمريكى على قلب عالمنا : على دمشق والقاهرة … كان كل مطلبنا منهم أن يخلّوا ما بين العباد وما بين الله.. وكانت كل جريمتنا أننا نحاول أن نعيش أحرارا… أننا نحاول منعهم من احتلال بلادنا أو من إعادة احتلالها … وحتى حروبنا الهجومية ضدهم كانت إما لكف أذاهم أو لمنعهم من معاودة الهجوم أو لإنقاذ المستضعفين الذين استجاروا بنا منهم …
أحاول يا بنى أن أزيل أنقاض الهزائم من داخلك … 
و أحاول بالتاريخ أن أقول لك أن أمتنا هى الأرقى وأننا ظللنا نسبقهم ألف عام وأن عمر انكسارنا الحالى لا يتجاوز ثلاثمائة عام و أننا كنا حتى القرن الماضى نملك دولة كبرى تضارع دولهم وتصارعها فتصرعها…
أحاول أن أقول لك أن مشكلة فلسطين نفسها واستيلاء الصهاينة عليها ليست إلا حلقة فى سلسلة امتدت أكثر من ألف عام … و أننا لن ننتصر أبدا إلا إذا نظرنا إليها كذلك…. ليست مشكلة فلسطين فقط… بل كل مشاكلنا …
فالقرآن الكريم عندما أمرنا : "وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة"لم يكن يعتمد تفسيرات السير بيرسى كوكس ولا اتفاقية سايكس بيكو ولا الحدود التى أقرتها اتفاقيات الأمم المتحدة … 
بل كان يثبت ما تثبته قراءة التاريخ : أنهم عندما يقاتلوننا فهم يفعلون ذلك كجبهة واحدة حتى لو استترت بعض عناصرها … وأننا يجب أن نقاتلهم كأمة واحدة…
لكننا للعار ننظر إلى مشاكلنا بعيون أعدائنا …
لقد كفوا عن الاحتلال المباشر لأن جيوشنا تقوم بنفس المهمة…
كفوا عن البث المباشر لأن أجهزة إعلامنا تقوم بنفس المهمة …
فلا تقولوا بعد ذلك المفكر " فلان " بل المبشر "فلان" …
ولا تقولوا رئيس التحرير "فلان" بل رئيس المبشرين فلان …
ولا تقولوا المذيعين بل قولوا صبيان زويمر …

إن صحيفتين على الأقل من صحفنا الكبرى تقومان بكفاءة منقطعة النظير بمهمة التبشير أما الصحيفة الكبرى الثالثة فهى تائهة ما بين هوى غربى واستكبار غبى… ومجلات حكومية لا تكف عن الدعارة بالكلمات… وبرغم ذلك فإن وضع الصحف والمجلات – رغم الكارثة – أفضل من وضع الإذاعة والتليفزيون … فيا للكارثة … أتحدث عن مصر … وحال مصر أفضل من حال معظم الآخرين … فيا للكارثة …!!..
لقد سردت لكم فى المقالة الماضية موجزا للتاريخ ورجوتكم الاستزادة…
واليوم أقول لكم كيف يروننا …
أقول لكم الحقيقة الفادحة الفاضحة …
ألمس الجرح العارى كى تدركوا معى حجم الكارثة …
أضع أمام أعينكم تلك الخلفية التى لا يمكن لكم أن تفهموا نشرة أخبار أو تفاصيل مفاوضات أو خلفيات أى قضية سياسية أو اقتصادية بدونها … من العراق حتى كوسوفا … ومن ليبيا حتى الخليج حتى الجزائر … ومن إيران حتى أفغانستان والفليبين …

فلنقرأ الآن كيف ينظر الغرب إلينا، ليس فى كتب فاجرة من تلك الكتب التى وصفت أشرف الخلق بأنه – قطعت ألسنتهم و أستغفر الله – كلب له ثلاثة ذيول …. ولن أذكر أبيات الشعر الشنيعة المروعة التى وردت على لسان دانتى فى الكوميديا الإلهية عندما جعل – لعنه الله ولعن قومه – من مثوى خاتم النبيين قاع الجحيم …
لن أنقل من تلك الكتب الفاجرة المعاهرة بل من كتاب يُعتبر من أكثر الكتب المتعاطفة معنا إذ يستعرض نظرة الغرب إلينا … كتاب " محمد " تأليف كارين آرمسترونج …
فهيا معى أيها القارئ ..
هيا …
كى أكويك بنفس النار التى تكوينى …

***
لقد نظر الغرب إلى قدوم الإسلام على أنه الردة الكبرى التى تنذر بحلول الأيام الأخيرة للبشرية… و أن سيد البشر وخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم ليس سوى " الأثيم " الذى يقيم ملكه فى هيكل أورشليم ليضل كثيرا من المسيحيين بآيات وعجائب كاذبة.. كان سفر يوحنا اللاهوتى يذكر أن ذلك يحدث فى العام 666… وكانوا يعتقدون أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد توفى فى العام 666 من التاريخ الأسبانى…
وكان نجاح الإسلام يثير سؤالا يتجاوز التهديد الذى مثله، وهو سؤال لاهوتى يبعث على القلق: كيف سمح الله لعقيدة الإسلام الكاذبة بالظهور والانتشار… ترى هل تخلى الله عن مناصرة شعبه وأهله؟ …
إن محمدا دجال وكاذب، نصب نفسه نبيا ليخدع العالم، إنه فاسق يستمرئ الفسق البذىء ويدفع أتباعه إلى محاكاته، لقد أجبر أتباعه على اعتناق عقيدته بحد السيف… إن الإسلام ليس دينا منزّلا بل بدعة أو صورة مشوهة من صور المسيحية…إنه دين عنيف يؤمن بالعنف (الإرهاب ؟!) … إن المسلمين ليسوا سوى عبدة أصنام يسجدون أمام ثلاثة آلهة …
بعد 250 سنة حرفوا اسم محمد إلى ماهاوند وجعلوا منه العدو الأكبر للهوية الغربية الناشئة.. أصبح رمزا لكل ما ينبغى أن ننفيه عن أنفسنا … إنه عدو الممالك الصليبية وقرينها … لقد كان ساحرا دبر المعجزات الزائفة حتى يخدع العرب السذج… ولقد اتسم بأقذع ضروب الشذوذ وأغرى الناس بالانضمام إلى دينه بتشجيعهم على إرضاء غرائزهم الدنيا .. ولقد كانت جميع مزاعمه كاذبة، لقد كان دجالا عامدا تمكن من خداع معظم أبناء شعبه، أما بعض أتباعه الذين تكشفت لهم حقيقة أفكاره السخيفة فقد التزموا الصمت بسبب أطماعهم الدنيئة، إن المارق سيرجيوس هو الذى لقنه الصورة المشوهة للمسيحية فأتى بها وسماها الإسلام ولقد انتهى محمد نهاية تعتبر جزاء وفاقا إذ هجم عليه قطيع من الخنازير أثناء إحدى نوبات اتصاله بالجن فمزقوه إربا ..
إن نشأة الإسلام هى إحدى الوسائل الرئيسية التى يستعين بها المسيخ الدجال… إن المسلمين يقومون بالأعمال التى اخترعوها، وتفانوا فى الإخلاص لها، مثل الزكاة والصلاة والصوم وافتداء الأسرى وما إلى ذلك ابتغاء مرضاة الله…
وعندما فتح الصليبيون أورشليم لم يستطيعوا اعتبار المسلمين بشرا مثلهم فقاموا بارتكاب مذبحة صدمت مشاعر الجميع حتى معاصريهم، وأصبحوا بعد ذلك يعتبرون المسلمين وباء لابد من تطهير الأماكن المقدسة منه، وكانت الصفة الرسمية التى أطلقت على المسلمين فى مصطلحات الحملة الصليبية هى"القذارة "…
وفى القرن الثانى عشر، عندما قام الملك لويس السابع ملك فرنسا بقيادة الحملة الصليبية الثانية كتب الأب بيتر إليه يقول : إنه يتمنى أن يقتل عددا كبيرا من المسلمين، عددا يوازى من قتلهم موسى ويوشع من الأموريين والكنعانيين …
لقد أعلن البابا كليمنت الخامس ( 1305- 1314) أن وجود مسلم على الأرض المسيحية يعتبر "إهانة لله" … إن المسلمين فى الممالك الأوروبية " وكر الوباء متوهجة التلوث مصدر الطاعون العضال والجراثيم القذرة " وبهذا المنطق أبادوا المسلمين فى صقلية وجنوب إيطاليا فى بداية القرن الرابع عشر … وفى نهاية القرن الخامس عشر سقطت آخر قلعة إسلامية فى أوروبا عندما سقطت غرناطة فدقت أجراس الكنائس فى شتى أرجاء أوروبا ابتهاجا بالنصر المسيحى على الكفار، ثم لم تلبث محاكم التفتيش أن بدأت وعلى مدى 300 سنة بتخيير المسلمين بين الموت بأبشع الطرق أو التنصر أو الرحيل…
فى القرن السادس عشر كان لوثر يعتقد أن الإسلام قد يكتسح الممالك المسيحية اكتساحا شاملا …
فى دائرة المعارف الإسلامية الأولى التى صدرت فى نهاية القرن السابع عشر يقررون : "هذا هو الدجال الشهير محمد، صاحب ومؤلف بدعة اكتسبت اسم الدين، ونسميها المذهب المحمدى، ولقد نسب الكثيرون من مفسرى القرآن إلى هذا النبى الكاذب جميع الفضائل التى ينسبها الآريون إلى يسوع المسيح …"
وفى نفس العام كتب همفرى بريدو كتابا هاما بعنوان: " محمد : طبيعة الدجل الحقيقية" يقول فيه : كان الشطر الأول من حياته يتسم بالإباحية الشديدة والآثام البالغة، إذ كان يجد متعة كبيرة فى السلب والنهب وفى إهراق الدم(…) كانت النزعتان اللتان تملكان لبه هما الطموح والشهوة، وكان السبيل الذى سلكه لبناء الإمبراطورية دليلا ساطعا على النزعة الأولى، وكانت زوجاته الكثيرات دليلا قاطعا على النزعة الثانية، والواقع أن النزعتين تسيطران على إطار دينه برمته، فلا يكاد فصل من فصول القرآن يخلو من ذكر قانون من قوانين الحرب وإراقة الدماء تحقيقا للنزعة الأولى، أو ينص على حرية معاشرة النساء فى هذه الدنيا، أو الوعد فى الاستمتاع بهن فى الدار الآخرة تحقيقا للنزعة الأخرى…
ويصف سايمون أوكلى محمدا بأنه : " رجل بارع الدهاء واسع الحيلة، إذ كان يتظاهر فحسب بالصفات الحميدة المنسوبة إليه، أما دوافعه النفسية فهى الطموح والشهوة" ..
ويقول جورج سيل فى مقدمة ترجمته للقرآن :" إن أحد الأدلة المقنعة على أن العقيدة المحمدية لم تكن قطعا سوى ابتكار بشرى هو أنها تدين بنشوئها وتطورها إلى السيف وحده تقريبا"…
أما فولتير فينحو إلى القول بأن محمدا " كان يعتبر رجلا عظيما ولم يختلف على ذلك من كانوا يعرفون أنه دجال، كما كان سائر الناس يبجلونه باعتباره نبيا "
وفى منتصف القرن الثامن عشر كتب فولتير مسرحية بعنوان :" محمد أو التعصب" فيجعله فيها نموذجا للدجالين الذين أحالوا شعوبهم إلى عبيد للدين متوسلين بالتحايل والأكاذيب…
وفى نفس الوقت كان توماس كالاريل يعبر عن رفضه وازدرائه للقرآن الذى اعتبره "أكثر كتاب يبعث على الملل فى العالم.. إنه خليط غير مترابط يرهق القارئ غليظ النسيج ركيك التركيب غاص بالتكرار والمعاظلات التى لا تنتهى وباختصار هو بالغ الغلظة والركاكة والغباء الذى لا يطاق …"
( لاحظ أيها القارئ أن مجلة كروز اليوسف والكتب التى تروج لها والكتاب المستنيرين الذين تنشر لهم لا يبتعدون عن نفس هذا المنطق وإن استتروا بالألفاظ… جبنا … ولم أذكرها إلا على سبيل المثال لا الحصر… فلا حصر …)…
وفى القرن التاسع عشر يقول شاتوبريان عن الإسلام أنه:" عقيدة معادية للحضارة، وهى تشجع بانتظام على انتشار الجهل والاستبداد والرق " و يقول عن العرب فى كتابه الرحلة من باريس إلى أورشليم ومن أورشليم إلى باريس : "جنود بلا قائد، ومواطنون بلا مشرعين، و أسرة بلا أب، وهم نموذج للإنسان المتحضر الذى سقط من جديد فى هوة الهمجية والوحشية "
وأن: " القرآن لم يتضمن مبدأ واحدا من مبادئ الحضارة ولا فرضا يسمو بأخلاق الإنسان، إنه لا يحض على كراهية الطغيان أو على حب الحرية" ..
المؤرخ المعاصر بودريكور يصف كيف كف الغرب عن اعتبارنا بشرا وهو ينقض بوحشية على حركة المقاومة الجزائرية للاستعمار الفرنسى إذ يصف إحدى غارات الفرنجة (المتحضرين !) على المسلمين (المتوحشين أو الإرهابيين !) فيقول : " حتى جنودنا الذين عادوا من الغارة كانوا يشعرون بالخجل، إذ أحرقوا نحو 18000 شجرة، وقتلوا النساء والأطفال والشيوخ، وكانت النساء أسوأ الجميع حظا إذ كن يتزينّ بالأقراط والخلاخيل والأساور الفضية فأثرن الطمع فيها، ولم تكن لها مفاتيح كالأساور الفرنسية، بل كانت توضع حول المعاصم والكواحل فى الطفولة، فإذا كبرت الفتاة ونمت أعضاؤها لم تتمكن من نزعها، ولم يستطع جنودنا أن يحصلوا عليها إلا بقطع أطراف النساء وتركهن فى قيد الحياة وقد تشوهت أجسامهن"
فى القرن العشرين أعلن اللورد كرومر أن الإسلام عاجز عن إصلاح نفسه، و أن الشرقى يتمتع بنزعة طفولية لا رجاء فى تغييرها…
فى نهاية القرن العشرين "كتبت فاى ويلدون" لإبداء وجهة نظرها فى مسألة سلمان رشدى (الذى يحتفى به الغرب أى احتفاء وقابله كلينتون تكريما) كتبت تقول: "يعمل القرآن على قمع التفكير، وهو ليس قصيدة يمكن أن يبنى عليها المجتمع بناء سالما أو عاقلا"..
فى سنة 1989 يقول أوبريان " إن المجتمع العربى مريض، ولقد ظل فى مرضه ردحا طويلا من الزمن، ففى القرن الماضى كتب المفكر العربى( هكذا فى الأصل ) جمال الدين الأفغانى يقول إن كل مسلم مريض وعلاجه الوحيد فى القرآن، لكن المرض يتفاقم للأسف كلما ازدادت جرعة الدواء…" ..
وتعلق كارين آرمسترونج : " وربما أدى الطابع الخيالى لشخصية " ماهاوند " فى الغرب إلى الصعوبة التى يواجهها الناس اليوم إذا حاولوا النظر إليه باعتباره شخصية تاريخية جديرة بالدراسة الجادة التى يولونها لنابليون أو الإسكندر الأكبر…"
وتستطرد : "ما يزال بيننا من يدهش دهشة حقيقية حين يسمع أن المسلمين يعبدون الإله الذى يعبده اليهود والمسيحيون نفسه .."..

***
هل قرأت أيها القارئ؟!
وهل أدركت عمق الكارثة …
لم يكن موقفا انتهى … بل كان ويكون وسيكون …
وبهذا المنطق يحاربوننا ويفاوضوننا ويَعِدُونَ ويحلفون ويبرمون المعاهدات والمواثيق فنصدقهم ونطلق على أمريكا الشريك النزيه والوسيط العادل ونوادّهم ونصادقهم ونواليهم على اخوتنا ….…
لو كانت أمريكا هى الشريك النزيه والوسيط العادل لكان ما قالوه فينا وفى الإسلام وفى نبى الإسلام – أستغفر الله - حق …
وإن كنا نؤمن أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله فأمريكا مجرمة وقد فرض علينا قتالها وهو كره لنا …
إما أن نأخذ البيعة كلها أو نرفضها كلها ….
إذا كان ما قالوه عن سيد البشر وأشرف الخلق وخاتم النبيين والمرسلين حق فإن ما يقولونه عن تاريخنا وحاضرنا وما يفرضونه علينا من حدود لبلادنا وما يعرضونه علينا من حلول لمشاكلنا حق … و إن كان الأول باطلا فالأخير باطل…
كيف تسوغون لأنفسكم أن تكذبوا الأولى وتصدقوا الثانية؟‍..
أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض…؟‍..

المستنيرون المستغربون يحاولون دائما طمس عيوننا عن أنها معركة واحدة مستمرة بدأت حتى قبل الإسلام …

وهى نقطة تلتقطها كارين آرمسترونج بمهارة حيث لاحظت أن عداوة الغرب للإسلام ليست بسبب الدين المسيحى، وإنما بسبب الرغبة فى النهب والسيطرة، بل إنها تصل أن العرب قبل الإسلام كانوا يستريبون بصفة عامة باليهودية والمسيحية، وكانوا يعلمون أن فارس وبيزنطة قد تجهزتا باستعمال الديانتين للسيطرة الإمبريالية…
لقد بدأت المعركة قبل الإسلام، وهى مستمرة إلى اليوم… مستمرة رغم ادعاء أدعياء التنوير الذين أصبحوا نزيفا فى وعى الأمة وثقوبا فى ذاكرتها …
موقف الغرب منا مستمر ويحمل ذات الجهالة …
لا يتعاملون معنا إلا بتلك الخلفية والمستنيرون الحمقى وصحف التبشير ومجلات التبشير وتليفزيون التبشير وكتاب التبشير تلاميذ زويمر يحاولون أن يغطوا أبصارنا و أن يعموا بصائرنا كى نندفع إلى مقصلة الجلاد كقطيع يندفع إلى المجزرة وهو فرح بها نشوان…
نظرتهم الجهولة الغبية المجرمة لنا مستمرة …

تقول كارين آرمسترونج: ما تزال آثار الوهم القديم قائمة حتى يومنا هذا.. إذ ما يزال من الشائع عند أبناء الغرب أن يسلموا دون نقاش بأن محمدا ليس سوى رجل استغل الدين فى تحقيق الفتوحات وسيادة العالم و أن الإسلام دين عنيف يعتمد على السيف…
وتشير كارين آرمسترونج إلى ما كتبه أومبرتو إيكو عام 1987 من أن الأمريكيين والأوروبيين قد ورثوا التركة الغربية، و أن انتهاء القرون الوسطى لم يؤذن بانتهاء الأساطير القديمة…

***
هل اكتفيت أيها القارئ، هل غصصت بالألم …؟..
بقيت نقطة قد تكون مفيدة فى السياق، فإن كارين آرمسترونج تلاحظ أن المسلمين لا يحملون للغرب ما يحمله الغرب للمسلمين، فحتى الحروب الصليبية لم تحمل تهديدا لوجود المسلمين بل إن مناطق شاسعة تمثل قلب العالم الإسلامى كبغداد وإيران لم تشعر بهذه الحروب ، كانت الحروب الصليبية بالنسبة لمعظم المسلمين تدور عند الأطراف والحدود البعيدة … بينما لا ينسى الغرب للمسلمين أنهم هددوا وجوده بالمحق ذات يوم و أنهم استولوا على عاصمته :" القسطنطينية"..
المشكلة أيتها الطغمة الفاسدة التى انفصلت عن ضمير أمتها وادعت التنوير ليست فى موقفنا الظلامىّ المتحجر من الغرب ولا فى الموقف المنحرف الذى تتخذونه منه …. فالمشكلة فى موقف الغرب منا…
أيتها الطغمة الفاسدة: ما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيمة تردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون...
المشكلة موقفه هو لا موقفنا نحن …
يصرخ محمد عمارة : ليست القضية هى موقفنا من الغرب و إنما القضية هى موقف الغرب منا … مشكلتنا ليست مع الإنسان الغربى ولا مع العلم الغربى ولا مع الحضارة الغربية و إنما مع المشروع الغربى عندما يريد إلغاء مشروعنا الحضارى المتميز والخاص…
***
هل أدركت يا بنى - الذى نسيت - ما أريد أن أقوله لك…
فى المقالة الماضية أوجزت لك أكثر من ألف عام من الحروب…
وفى هذه المقالة أوجز لك أكثر من ألف عام من فكر الجهالة الجهلاء والظلم الغشوم …
أحاول ذلك يا بنى كى أنقذك …

أحاول ذلك كى تدرك إلى أى مدى نغوص فى سكرة ملهثة وغمرة كارثة …
لا تقل لى
" أونكل مرة أخرى " … لقد غزوا لسانك و أوشكوا أن يغزوا قلبك وعقلك وروحك … فلا تقلها مرة أخرى …
تكلم بلغتهم كأهلهم و أنت تصنع قنبلة نووية تنقذنا من العار أو وأنت تصمم صاروخا أو سفينة فضاء…
يا بنى قد تجلّى الكرب الكوارث …
يا بنى أنت الأرقى والأعظم أما هم فجبابرة التاريخ أكلة لحوم البشر وعار الدنيا وهمجها الهامج …
فلتبك كثيرا ولتضحك قليلا يا بنى…فالنوازل هائلة والهوائل نازلة…
أحاول يا بنى – أيها المستخلف على الأرض سيدا لأنبل و أعظم الحضارات فى التاريخ _أن أنقذك..
وإن لم تفهم … وغرتك الدنيا وخدعتك صحفنا ومجلاتنا ومحطات إذاعتنا وتليفزيوننا التى يسيطر عليها صبيان زويمر فإن ما سوف يحدث لك فى مدى جيلك أنت رهيب ومروع …
سوف يحدث لك فى نهاية اليوم ما يحدث اليوم للعراق وأفغانستان…
وسوف يحدث لك غدا ما يحدث اليوم لكوسوفا …
سوف تذبح أنت …
أما شقيقاتك وبناتك وزوجتك… فسوف تقتصر مناشدتهن للعالم الذى حظر عليك وعليهن السلاح … أن يمدهن بحبوب منع الحمل كى يتقين بعد الاغتصاب حمل السفاح …
بعد غد … يا بنى الضاحك تلك الضحكة الطيبة العمياء المستهترة الجاهلة المستهينة …
لن تكون موجودا …
ستكون قد انقرضت …
كالهنود الحمر …




تاريخ النشر: 2015-04-04

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق