الأحد، 19 أبريل 2015

في أصول الظاهرة "الشوباشية"!


في أصول الظاهرة "الشوباشية"!
سليم عزوز


كأنه عزف موزع على العائلة و"مشتملاتها"؛ يدعو "شريف الشوباشي"، إلى مليونية خلع الحجاب، فترد "خالتي فرنسا"، الملحقة بالعائلة "الشوباشية"، "فريدة الشوباشي"، بأن بدخول الحجاب إلى مصر زاد التحرش و"الزبالة"، وبدت في غضبها وارتفاع نبرة صوتها كما لو كانت تعيش المعاناة في مواجهة المتحرشين، مع أنها بحكم كونها من "القواعد من النساء"، لم تعد تشكو من التحرش، فمن هذا الذي يمكن أن يتحرش بها، إلا إذا كان فاسد المزاج ليس له علاج!.

"فريدة" ليست من عائلة "الشوباشي"، لكنها زوجة "علي الشوباشي"، والذي قد يكون شقيق "شريف"، وربما والده، وقد باعت دينها كمسيحية، وعائلتها "عبد الملاك"، من أجل عيون "علي"، على نحو يبشر بأنها قد تتحول في الغد إلى "فريدة السيسي"، فمن الواضح أن الحب هو ما يدفعها لاتخاذ القرارات المصيرية في حياتها، فعندما كانت صغيرة، تخلت عن العائلة والدين من أجل الحب، وعندما بلغت أرذل العمر لا تلام، إن انتقلت من عائلة "الشوباشي" إلى عائلة "السيسي"، لاسيما وأنه هنا وهناك سيكون الارتباط على قواعد "الانتساب"، بعد أن تنازلت بالكامل عن عائلة "عبد الملاك"، ولم نسمع صوتاً من أصوات العائلة، يطالب باسترداد ابنة العائلة، ولو من باب رد الاعتبار، ولو حدث لتوقفت كثير من معاناة "فريدة". ولهذا فعلى وجهاء القاهرة التدخل لدى البابا، لعودة من غادروا ديانتهم المسيحية لرحاب الكنيسة، وعفا المسيح عما سلف.

فالرأي العام في مصر، وهو يواجه بكل ما هو شاذ، يدفع ثمن قرارات قديمة اتخذها البعض ممن كانوا ينتسبون للمسيحية، وقد تركوها للإسلام، عندما كان الانتماء الديني لا يرتب مكتسبات سياسية، وقبل أن تصبح الكنيسة جزءاً من السلطة الحاكمة، ولها "كوتة" في الحكم، يختارها البابا بإرادته الحرة.
والكنيسة لا تغفر أبداً لمن غضبت عليه، وهؤلاء في حالة صياح مستمر في معارك ضد الرموز الإسلامية بهدف تفريطهم في جنبها. لكن تبدو مشكلة الكنيسة في عدم رغبتها في احتواء هؤلاء الذين يقفون على بابها، وكنت أتصور أن القطيعة مع المعارضين السابقين راجعة لشخصية البابا شنودة الثالث، قبل أن أكتشف أنها سياسة كنيسة لا موقف بابا.

قديماً لم يكن العداء مع البابا، مانعا من الصعود في سلك السلطة، لأن حكم السادات دخل في معركة مع البابا شنودة، انتهت بعزله من منصبه الكهنوتي، والتحفظ عليه في أحد الأديرة، وانحاز "موسى صبري" للسادات، وظل رئيساً لمؤسسة "أخبار اليوم"، إلى عهد مبارك، إلى أن أحيل إلى التقاعد القانوني، ومع ذلك ظل قريباً من السلطة حتى بعد عودة البابا إلى كرسيه البابوي بقرار "جديد" من مبارك، ضمن به ولائه لآخر يوم له في السلطة، ولم يكن غريباً أن يعلن البابا في الأيام الأولى لثورة يناير "نحن مع مبارك" ويأمر أتباعه بعدم المشاركة في المظاهرات!.

وإذا كان نائب سوهاج المسيحي "صبحي سليمان"، اعتبرته الكنيسة عدواً لها لانحيازه لموقف السادات عندما وقع الصدام مع البابا، فقد ظل نائباً عن الحزب الوطني في عهد مبارك أيضاً، إلى أن وقع خلاف حزبي بينه وبين "كمال الشاذلي" الرجل القوي في حزب السلطة، أسفر عن استبعاد الوطني له من الترشح بعدها مات "صبحي سليمان".

وفي بداية النفوذ السياسي للبابا شنودة في عهد مبارك، وعندما اعترض بعض المسيحيين على هذا النفوذ حل عليهم غضب البابا، وحاول الدكتور ميلاد حنا التوبة والتكفير عن ذنبه في حق البابا، مرة بمقال يقطر حزناً من زوجته الكاتبة الصحفية أعلنت فيه أنها تتمنى الموت على أن تعيش اليوم الذي يختلف فيه زوجها المحب للبابا جداً مع قداسته، ومرة من ناحيته هو عندما تفشل الزوجة في استدرار عاطفة البابا فيعفو ويصفح، فقد أعلن ميلاد حنا: تقطع يدي ولا أهاجم البابا شنودة، لكن بدون جدوى. وقد انتهى ميلاد حنا سياسياً في دولة تعتبر البابا الممثل السياسي للأقباط، ورئيس الحزب المسيحي المعبر عن كل المسيحيين بكل طوائفهم!.

الاستثناء الوحيد حدث مع "جمال أسعد عبد الملاك"، الذي عينه مبارك في الشهور الأخيرة له في الحكم عضواً في مجلس الشورى، وهو صاحب كتاب "من يمثل الأقباط؟.. الدولة أم الكنيسة"، الذي كان سبباً في صدور قرار من البابا شنودة بمنعه من دخول الكنائس والأديرة، وقد غض مبارك الطرف عن أن الرجل من مؤسسي حركة "كفاية"، وأنه من المعارضين لنظامه، فالأمر كله كان استثناءً، إذ كان مبارك يرسل رسالة للبابا، فهمها البابا واستوعبها فأعرض عما في نفسه!.

كان البابا غاضباً من التفجيرات التي نالت من كنيسة "القديسين"، ولم يفعل سوى أنه قرر الصيام في الدير، وهو موقف سياسي، عزز من كلام كان يتردد بقوة عن أن التفجيرات كانت تقف وراءها وزارة الداخلية، ضمن الرسائل التي كان نظام مبارك يرسلها للغرب بين الحين والآخر بأنه من يحمي المسيحيين من البرابرة المسلمين في مصر!.

بالمناسبة فإن "جمال أسعد عبد الملاك"، قريب لشريفة الشوباشي، التي انتقلت من المسيحية للإسلام، من أجل أن تتزوج الشيوعي "علي الشوباشي" في فترة كان الشيوعيون المصريون يعتبرون أنفسهم متجاوزين لفكرة الأديان، فأسلم الراحل "موسى جندي" الصحفي بـ "الأهرام" ليتزوج مسلمة، وأسلم "غالي شكري" بين يدي القذافي، عندما أُخبر بأن الحائل دون أن يعامل معاملة المعارضين لنظام السادات هي ديانته، وأسلم الصحفي "نبيل زكي" القيادي بحزب التجمع التقدمي الوحدوي الآن، وتزوج مسلمة، ولا أعرف إن كان قد رجع في كلامه وقد توفيت قبل سنوات، أم لا؟.. فهذا لا يهم!.

لا أعرف ملابسات انتقال عائلة "الشوباشي" في محافظة أسيوط بصعيد مصر من المسيحية إلى الإسلام أيضاً، لكن هناك رواية تقول إن هذا لم يكن منذ فترة طويلة!.

ومن الواضح، أنه في ظل شراكة الكنيسة في الحكم، أن هؤلاء خسروا كثيراً، لذا فقد صاروا يجهرون بالعداء لكل الأفكار الإسلامية وبكل "المقدس الإسلامي" ويدخلون حروب طواحين الهواء، للفت الانتباه إليهم من قبل السلطة باعتبار أن هذا جزء من مشروع الانقلاب، وحتى تقبلهم الكنيسة بقبول حسن، وأيضاً في إطار التقرب من الأجهزة الأمنية بالنوافل باعتبار أن عملية الإلهاء مخطط مرسوم من موضوع لموضوع حتى لا يفيق الشعب على فشل السيسي الذريع وخيبته الثقيلة. وحل هذه الإشكالية يمكن أن يكون بقرار العودة!.

ويا غبطة البابا: مني إليك.. خُذهم ليستريحوا.

azouz1966@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق