بداية العصر الذهبي الثالث في تركيا
بقلم: إبراهيم كاراغل
ترجمة وتحرير تركيا بوست
إن نتيجة انتخابات الأول من نوفمبر، ما هي إلا بداية عصر ذهبي جديد. ليس من خلال وصول طاقم سياسي إلى الحكم ولا من خلال تأييد الأغلبية الساحقة من الشعب لأحدالأحزاب السياسية، وإنما كانت النتيجة بمثابة تأكيد لتحكم الشعب بمسائل الدولة.
لقد ساهمت النتائج في رسم خط قدر جديد للشعب والوطن، كما في بداية القرن الماضي، وبالتالي فإننا نشهد فتح صفحة جديدة لقرن جديد ليكون هذا كله بمثابة البداية لكتابة تاريخ جديد. لقد مثّلت النتائج نصرا للثقافة السياسية التي نشأت في دولتنا، وقد عكست رؤية وبصيرة نخبة المثقفين الذين بدأوا تصدر المشهد السياسي.
في ظل الجغرافيا التي نعيش فيها، والتي تشهد فيها الحريات ضربات متعاقبة وتساقط دول واحدة تلو الأخرى، تتغير على إثرها الخرائط وترسم من جديد وتتحلل معها مكونات المجتمع، فإن نتائج الانتخابات الأخيرة ستساهم في حماية القلعة الأخيرة وإبقاء ملايين الأيدي حرة مستقلة تمسك بأيديها أعلام المجد.
إن إدراك الشعب التركي إلى جانب طبيعة القيادة السياسية وعقلية الدولة اللذين نراهما لأول مرة منذ إنشاء الجمهورية التركية، سيساهمون في إكمال مسيرة تركيا الكبيرة. إن نتائج انتخابات الأول من تشرين الثاني، لن تستطيع احتواءها أي من التحليلات السياسية الضيقة وإنما ستسجل في التاريخ كبداية لحقبة جديدة.
بقيتم بعاركم وخيانتكملقد مرّت تركيا بعدة اختبارات صعبة إلى يومنا هذا، تصارعت فيها مع خيانات كبرى بهدف إيقاف مسيرتها. اختبارات لم تخل من التدخل الأجنبي كما رأينا في أحداث الغزي بارك. لكن، كل من لعب دورا في هذا التدخل سيسجّل اسمه في صفحات تاريخ الخيانة.
عندما فشل التدخل، دخل التنظيم الموازي في اللعبة، وكان هدفه إيقاف تركيا. استخدم التنظيم فريقا من الأفراد المحافظين الذين كانوا قد توغلوا في الدولة لينفذوا فيها عملية لصالح إحدى المخابرات الأجنبية. لقد كانت أحداث 17 كانون الثاني/ديسمبر هي عبارة عن تدخل أجنبي يهدف إلى إيقاف تقدم تركيا وتصفية رائدي المسيرة التركية. لقد بقوا بعارهم وخيانتهم.
لقد أطلقوا آخر رصاصة على رؤوسهملقد استخدموا أخيرا الإرهاب كآخر ورقة رابحة لديهم. مع تقدم حزب الشعوب الديمقراطي في انتخابات 7 يونيو، بدأ حزب العمال الكردستاني باحتلال مدننا الشرقية، وبدأت بعض مراكز القوى من خلال هذين الحزبين إضعاف تركيا ومحاولة جرّها للاستسلام. هذه العملية، لم تكن فقط حربا يخوضها كل من حزب العمال الكردستاني وحزب الشعوب الديمقراطي وإنما كانت قائمة على خيانة أطراف داخلية.
فقد قامت بعض وسائل الإعلام بالاتكال على حزب العمال الكردستاني للقيام بانقلاب في تركيا. لقد حشدوا آخر رصاصاتهم بسلاح حزب العمال. بالرغم من أن أسلحتهم كان مصوّبة نحو رواد السياسة في تركيا، إلا أنهم أطلقوا آخر رصاصاتهم على أنفسهم. هدفهم كان إيقاف تركيا وإسكاتها وتصفية صانعي التاريخ فيها.
ستنزع أسلحتهم من أيديهمما إن رأى هؤلاء نتائج الانتخابات يوم 1 نوفمبر، حتى بدأوا باستخدام وسيلة جديدة. لقد أعلنوا الطاعة. نعم إنها مناورة جديدة، لم ولن يصدقها أحد. إنهم يظنون أن تحالفهم مع حزب العمال وهجومهم على رواد هذا الشعب ووحدة دولته سينسى يوما ما.
بدأوا بإطلاق نداءات الرحمة والتسامح، لكن يجب ألا يصدق هذه الحيل أحد، فهؤلاء فقدوا الرابط والاحترام الذي يجمعهم بالشعب والدولة.
إذن فقد انقلبت جميع الحسابات رأسا على عقب، حيث تكسّرت أجنحتهم واستنفذت رصاصاتهم. لقد قلنا لهم من قبل “سلّموا سلاحكم”. وبالتالي فلا داعي للانتظار أكثر لتسليم السلاح، على كل من استهدف الشعب بسلاحه أن ينزع سلاحه، وأن يستسلم دون تردد.
ويبدأ العصر الذهبي الثالث هذا الانتصار لم يرح تركيا فحسب بل أراح كل الإقليم، لقد هز الغرب والشرق على حد سواء. وشكّل صدمة لكل من اعتقد بأن دور الثقافة السياسية التي جعلت من تركيا دولة طموحة قد انتهى.
هذه هي بداية العصر الذهبي. بينما كنا على وشك الهزيمة أمام الحرب الصليبية، استطعنا أن نحقق انتصارا كبيرا. وبعد أن ظننا أننا انتهينا مع الزحف المغولي، عدنا أقوى من ذي قبل. أما الصدمة الثالثة التي نتحدث عنها، فهي الفترة التي تلت الحرب العالمية الأولى حيث قُسِّمنا إلى دويلات وصبرنا إلى لما يقارت مائة سنة وحاولنا بعدها النهوض، إذن فقد بدأ العصر الذهبي الثالث.
“المقاومة الظالمة” والحكم المثقفلا تغطوا في السبات ولا تستسلموا للغطرسة، اتركوا التجاذبات والحسابات الشخصية جانبا. نحن الآن بحاجة أكثر من ذي قبل، إلى التعاون والوحدة. لنمسك بهذه الهمم ونوصلها إلى النصر، فلا بد من خوض صراع كبير سيبدأ عما قريب. أما الصراع القاسي، فنقصد به مسيرة هذا الشعب. هذا هو الهدف الأوحد وهذا هو صراع الدولة في هذا الإقليم.
اتركوا الرفات والحطام جانبا، لا تتحدثوا عنها إطلاقا، لا تضيّعوا وقتكم. ولا تعطوا الأشياء أهمية أكبر من حجمها، دعوها وشأنها. لن نكون يوما حلفاء لمن أطلقوا النار على مسيرة هذه الدولة وسعوا إلى إخضاعها.
وإلى جانب هذين القسمين سنبدأ صراعا آخر
القوة السياسية ستفتح حدودا جديدة. أما القوة الاقتصادية، فستدهش الجميع. المجتمع رائد في كتابة التاريخ، وستبدأ معها الاستثمارات القوية.
بعد اليوم لن يوجه الخطاب لحزب الشعوب الديمقراطي
بعد اليوم سيحارب الإرهاب الذي تحول إلى قوة احتلال داخلي بجدية وقسوة، ولن يحاوَر حزب الشعوب الديمقراطي بأي حال من الأحوال. سينتهي أيضا عرض إيمرالي لنواب الشعوب الديمقراطي ومحاميه. ستتحرك تركيا ضد كل من حزب العمال وحزب الشعوب الديمقراطي باعتبار أنهما يمثلان الجبهة الأمامية للحرب العالمية المفتوحة على تركيا. ستنشأ كذلك أحزاب سياسية جديدة، بل وربما آليات تمثيل جديدة.
وسيستمر التصدي للتنظيم الموازي الخائن، وسيُترك وحده بلا دعم من الدول الأخرى التي استخدمته لإلحاق الضرر بتركيا، وسيتم تهديده من قبل هذه الدول التي يتواجد فيها، لأن هذا التنظيم لا يهدد تركيا فحسب بل يهدد أيضا الدول التي يتواجد فيها.
سينزع كذلك السلاح من القلة التي كانت تسيطر على الحكم وسيتم إسكات أسلحتهم إلى الأبد، وسيكون ذلك بمثابة نهاية التاريخ للقتلة الذين يتحدثون في الإعلام.
كونوا حذرين من الفتنةلقد بدأت مرحلة جديدة تعبّر عن نقطة تحول في التاريخ. فمن لم يفهم بعد هذا التغير، سيضيع وسط الطريق. أما بالنسبة للذين فهموه فستترتّب عليهم المساهمة في بناء مرحلة جديدة قائمة على التضحية وتحمل المسؤولية.
هذا الطريق، سيكون الصراع الأكبر ضد الفتنة… صفّوا قلوبكم وكونوا ممن يؤسسون مبادئ العصر الذهبي القادم.
المصدر: صحيفىة يني شفق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق