فشل السيسي والسبسي وحفتر: الثورات المضادة تهتز وتنزف
خالد حسن
السيسي أغرقها والسبسي فتتها وعلي صالح أحرقها وحفتر استنزفها.
في كل يوم تقريبا تواجه أبو ظبي، التي تحتضن غرفة عمليات الثورات المضادة، نكسات جديدة، ففترة الزهو والنشوة بانتصارات دموية لم تدم طويلا.
وتلقت ضربة قاسية موجعة بفوز حزب أردوغان.
وكان للانقسامات والصراعات الداخلية بالغ الأثر في تقويض موجة الثورات المضادة.
تبدو أبو ظبي اليوم وحيدة، فحتى من راهنت عليهم وأغرتهم وربما "اشترتهم" لإسنادها لم يستقر لهم وضع ولا قرار.
دحلان وأمثاله من المستشارين المرتزقة أصبحوا منبوذين في أكثر الديار، يتخفون ويتسترون ويتوارن عن الأنظار.
الكيان الصهيوني حزين وخائف على مصير السيسي، رغم اعترافه بأن هذه الفترة هي بمثابة العصر الذهبي في علاقته مع بعض العرب تآمرا وتخطيطا وتوافقا وتنسيقا في السياسات.
وقد رمى نتنياهو بكل ثقله واستخدم تقريبا كل أوراق الابتزاز وجماعات الضغط الموالية للكيان لتمرير الانقلاب وتثبيت قدميه والاعتراف الدولي به.
ومهَد الطريق للحرب على الإخوان وعموم المناهضين للانقلاب واستبشر بعهد جديد من "التمكين" خالٍ من الأعداء أو على الأقل لا صوت لهم فيه ولا أثر.
ولكن سيناء أربكت حسابات الكيان الصهيوني وأصابهم الهم والحزن بفشل رجلهم في مصر والحاكم بأمرهم: السيسي.
ليس لغرفة عمليات الثورات المضادة الآن في أبو ظبي إلا تل أبيب فهي صاحبة الأمر وواضعة السياسيات والركن الذي يأوي إليه المحور الحاقد المعادي.
لكن تل أبيب الآن تملكتها الحيرة والقلق والحزن، ما الذي يمكن أن تفعله أكثر مما قدمته وأمَنته؟ وزادتها هبة القدس وطعنات الأحرار وخناجر الأبطال هما ونكدا واضطرابا.
لقد كان لخنجر القدس بالغ الأثر في إشغال الكيان الصهيوني بالضربات الموجعة التي تلقاها على يد الأحرار والحرائر وتخفيف وطأته.
وقد راهنوا على احتواء ثورة سوريا ووأدها في سراب التسوية ليستكملوا بها مشروع قتل إرادة الأمة ووقف الغضب العارم وربما إلى فترة طويلة.
فكانت أكبر مما كانوا يتصورون وأقوى مما توقعوا، فكل الجيوش التي جيء بها إلى سوريا لمحاربتها انكسرت، ولم تفلح الإغراءات والمساومات من المقربين في ليَ ذراعها ولا القصف والتدمير في هزيمتها، هذا كله مع انقسام في الصف وكثرة الثغرات والمطبات.
وهذا كله رغم الاستنزاف الداخلي وكثرة متاعبها ومعوقات نهوضها: ينسحب هذا ويتعارك ذاك ويتوقف آخر ويختصم طرف وتتعثر مجموعة، وهي مع كل هذا ماضية في طريق التحرير.
ليس الأمر هينا ولا ممكنا بمنطق التاريخ والتجارب، لكنها إرادة النهوض والمقاومة تتغلب على المنغصات وعوامل التدمير الذاتي.
حتى إذا ضاقت الأرض بما رحبت على الأمة واشتد الضغط والحصار، جاء النصير من القدس بالطعنات ومنحها الأتراك دفعا جديدا بالانتخابات.
وهذا الذي عجز عن إدراكه الأعداء والحاقدون والمتربصون هي أمة واحدة رغم خرائط التقسيم وبعد المسافات: ينتصر بعضها لبعض بالطعنة والصندوق. ولهذا تجد من يستبشر بطعنات وخناجر القدس يفرح بانتصار العدالة والتنمية في تركيا
لسنا طائفة منغلقة ولا مجموعة قبائل متناحرة، نحن أمة ممتدة في الزمان والمكان إذا ثار منا جزء شاركناه جميعا وإذا أُجهض نهوضه انتصرنا له جميعا.
قضية التحرر من الطغيان والاستبداد والاحتلال ملكت علينا قلوبنا وعقولنا، نفني أعمارنا انتصارا لهذه القضية، فمنا الشهيد ومنا السجين ومنا المطارد ومنا الناصح ومنا الناقد ومنا المحاصر ومنا الناهض ومنا الناصر ومنا المستضعف لكننا لن نركن ولن نموت ولن يقال عنا: لقد مات الشعب واندثرت الأمة.
والأمة تخوض معركة تقرير المصير، حورب نهوضها باسم "مكافحة الإرهاب" وأُجهضت أكثر ثوراتها، لا يُراد أن تقف على قدميها مكتفية بخيراتها مستقلة.
إما أن تكون تابعة ذليلة منقادة أو هي الحرب والدمار والخراب، لم نعتد على أحد ولم نحارب ابتداء بل فُرضت علينا الحروب والمعارك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق