الأربعاء، 20 يناير 2016

إعدام الثورة مقابل تحرير "الإخوان"

إعدام الثورة مقابل تحرير "الإخوان"

مرسي: "اوعوا الثورة تتسرق منكم"
وائل قنديل
في كل مرة، يكون هناك توقع خروج مظاهرات غاضبة واسعة النطاق، تتدحرج كرة الشائعات والتسريبات الخاصة بصفقة، تشرف عليها أطراف إقليمية، لتعويم نظام عبد الفتاح السيسي، مقابل هدايا صغيرة للإخوان المسلمين.
تجدد، أمس، حديث الصفقة، من دون أي تطوير لما سبق طرحه في مناسباتٍ مرت، حيث تكون أنقرة حاضرة، وكذلك الرياض، مع مشاركة أطرافٍ أخرى.
مضمون ما راج، أو شاع، أمس، من خلال صحف ومواقع مصرية، نقلا عن صحف ومواقع في عواصم أخرى، يقول إن تقريراً تركياً قال إن أنقرة تستعد للاعتراف بنظام عبد الفتاح السيسي، في مقابل إلغاء عقوبات الإعدام ضد قيادات جماعة الإخوان المسلمين وأعضائها.
وتمضي العنعنة لتضيف إن "الاتفاق التركي المصري المتوقع ظهوره قريباً، بحسب صحيفة تودايز زمان التركية، ينص على اعتراف تركيا بإدارة السيسي في مقابل عدم إعدام الإخوان. وتلعب المملكة السعودية دور الوساطة في هذا الاتفاق، الذي يشمل أيضاً عودة العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة والقاهرة. ونقل التقرير عن مسؤولين قريبي الصلة بالمداولات والمفاوضات الحالية أن البلدين على وشك إبرام اتفاق".
ارجع بالذاكرة قليلاً إلى الوراء، ستكتشف أن الكلام نفسه، تقريبا، تم ترويجه استباقاً لدعوات للتظاهر لمناسبة مرور عامين على الانقلاب، وتحديداً في الأسبوع الأخير من مايو/ أيار الماضي، حين نشر، نقلا عن صحيفة تركية أيضاً، أن هناك صفقة برعاية أطراف إقليمية على رأسها السعودية، تقوم على عدم إعدام الرئيس المنتخب، محمد مرسي، ونقله للعيش في تركيا.
وبصرف النظر عن أن ذلك التسريب المضحك سبقته تصريحات للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يشدّد فيها على أن رئيس مصر الشرعي بالنسبة له هو الدكتور محمد مرسي، وأعقبه نفي من الدوحة التي أقحموا اسمها في التسريب صحة هذه الأنباء أو علمها بها، فإن اللافت في ذلك كله أن مثل هذه الأخبار تبقى في إطار التسريبات والشائعات الموسمية التي سرعان ما تتداول بتوسع، بغية التشويش على أي جهد مبذول في لملمة الغضب المبعثر هنا وهناك في تيار واحد، من خلال الإلحاح على ذلك الادعاء القديم بأن الإخوان جاهزون للصفقات.
يلفت النظر هنا، أيضاً، أن إلقاء هذه البالونة يتزامن مع الحملات التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، مستهدفة قاضي الإعدامات الشهير، رافعة شعار "أوقفوا ناجي شحاتة"، وكأن المعضلة كلها في ناجي شحاتة، كماكينة إعدامات، وليست فيمن يتحكم في تشغيل هذه الماكينة، ويغذيها بالوقود، ويتولى صيانتها وحمايتها، ويعيش على ما تحققه من إنتاج.
ومن هنا، يصبح الصمت، أو التباطؤ في الرد على هذا النوع من الأخبار محققاً ما تريده سلطة عبد الفتاح السيسي لتحبيط وتثبيط من يفكّرون في التظاهر ضدها، لمناسبة ذكرى ثورة يناير، حيث تختطف المسألة من كونها دفاعاً عن ثورة موؤودة، إلى تفاهماتٍ وصفقاتٍ ممجوجة، لا أجد وصفاً لها غير ما قلته قبل ستة أشهر، أنه لو صحت هذه التسريبات فستكون أشبه بعملية "قتل رحيم" لحراك ثوري، ينطلق من الدفاع عن قضية نبيلة وعادلة، وتنزع عما يدور على الأرض في مصر صفة الثورة، وتمنح اعترافاً مجانياً بانقلاب عبد الفتاح السيسي، وتوفر لجنون الإعدامات غطاء قانونياً.
وأكرّر، أيضاً، أن الصمت من جماعة الإخوان أمام هذه السيناريوهات يشكل خطراً شديداً على هذا الصمود المتحقق في الشوارع، على مدار أكثر من عامين، فضلاً عن كونه يمثل إهانة بالغة للشهداء والجرحى والأمهات الثكالى، والصغار الذين يتّمهم الانقلاب مبكراً، والأخطر أنه ينزع الثورية عما هو قائم، ويحدث تصدعات هائلة داخل صفوف مناهضة الانقلاب، ويحرج الرئيس المخطوف نفسه، ويجرح شرعيته.
 "اوعوا الثورة تتسرق منكم، بأي حجة، والحجج كتير"،
كانت تلك رسالة الرئيس محمد مرسي الأخيرة، قبل أن يختطفوه، ويقتادوه إلى غيابة الأسر، وأزعم أنه لا  مرسي ولا القيادات الصادر بحقها أحكام بالقتل، يمكن أن يقبلوا بصفقةٍ يتم بموجبها إعدام الثورة، مقابل إلغاء إعدامهم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق