الاثنين، 18 يناير 2016

الجلد بالسياط … والجلد بالكلمات

الجلد بالسياط … والجلد بالكلمات

المفكر الإسلامي الدكتور محمد عباس‏


مقال:"الجلد بالسياط والجلد بالكلمات" كاملا
عن خالد محمد خالد وحسن أبو باشا والتعذيب 

الجلد بالسياط … والجلد بالكلمات                                             
كان لا بد – بكل مقاييس الحياة والموت – أن يفقد                          
الحياة ويغادرها متأبطا ذراع الموت إلى يومه الأخير                     
.. ولقد فعل … بيد أنه ما كاد يقف على حافة المنية                        
حتى قرر أن يعود .. لكن كيف، واحتمالات الموت                         
تحاصره وتدثره ؟؟ سيعود ولو من ثقب إبرة ..                              
سيعود لأن لله عبادا إذا أرادوا .. أراد .. وهو بما                            
وقع عليه يومئذ من ظلم مبين .. وبما ألح به                                  
على الله في ضراعة المؤمنين، تبوأ مكانا بين                    
أولئك العباد..                                                      
مَــنْ مـــِنَ القراء يجرؤ ألا يقسم أن هذا الأسلوب الفذ والروح المتدفقة درا خالصا ليس إلا لكاتب كان نسيجا وحده هو خالد محمد خالد، حتى من ينعى عليه اقتصار علومه على علوم اللغة والبيان، التى لم يتجاوزها إلى علوم الروح والمعاني أن يمارى في أن هذا الأسلوب الفذ أسلوبه .
فلخالد محمد خالد أسلوب فريد ولسان أحلى من العسل يتميز بنكهة لا يكاد يملكها سواه، ولطالما سفح جيلنا دموعا غزارا تحت وطأة معانية وجزالة مبانيه وانسيابه كطوفان هائل من المشاعر يكتسح أدران النفس ويصهر الحديد حتى يتخلص من خبثه .
ولطالما وقفنا معه في خضوع في مجيء أبى بكر وفى فرق بين يدي الفاروق عمر وفى جزع دامع في " وداعا عثمان " وفى انبهار حزين في "رحاب على" وفى مهرجان هائل لأعظم ما حفلت به النفس البشرية في " رجال حول الرسول ".
فترى مَــنْ مـــِنَ الصحابة الأجلاء قال فيه خالد محمد خالد ما صدرنا به مقالنا هذا ؟؟؟..
أبو بكر أم عمر أم عثمان أم على ؟؟؟..
فإذا قلت لك يا قارئي إنه ليس أيا من هؤلاء لابد أن تقفز مخيلتك إلى صحابي عظيم من رجال حول الرسول، وسوف تجهد نفسك في التذكر .. فهل هو مصعب بن عمير أم سلمان الفارسي أم أبو ذر الغفارى أم معاذ بن جبل أم خباب بن الأرت أم أبو عبيدة بن الجراح أم جعفر بن أبى طالب أم سعد بن أبى وقاص أم خالد بن الوليد أم أبو الدرداء أم الزبير بن العوام أم أبو هريرة أم البراء أم سعد بن معاذ أم حتى أبو موسى الأشعرى وعمرو بن العاص..
لكنني سأصارحك أنه ليس منهم جميعا ..
ساعتها قد تمس السعادة شغاف قلبك لأن تاريخنا ما زال فيه غير هؤلاء وأولئك من يمكن أن يقال مثل هذا الكلام فيهم..
وقد يطوف بمخيلتك مثلا أحد الأئمة الأربعة..
فإن واصلت اللعبة معك قائلا : ولا هذا..
فلعلك تقول الآن في ملل ونفاد صبر لعله خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز..
لكن كلمة لا سوف تقطع إجابتك فتستدرك لعله صلاح الدين الأيوبي ثم تردف قبل أن تواجه بالإنكار منى :
مَــنْ مـــِنَ اللاحقين يستحق أن يقال فيه مثل ذلك، لكنني سأظل مصرا على لائى، وعندئذ ستتملك الحيرة فأقول لك كي أسهل الأمر عليك:
إن من قيل فيه ذاك لا يزال بين ظهرانينا حيا..
فإذا ما أردته يسرا ينقلب إلى عسر.. فلعلك تسائل نفسك الآن :
وهل بين ظهرانينا في مثل هذا الزمن من يستحق أن يقال فيه ذلك، ولعلك تذكر الشيخ محمد الغزالى فيرطب ذلك نفسك – برغم كدر شفيف قد يخامر النفس من موقف الشيخ العظيم الجليل إزاء كارثة الخليج – لكن القارئ قد يؤكد لنفسه أن الشيخ محمد الغزالى هو الذي إذا أراد أراد الله، لكنني سأواصل النفي مستعيذا بالله من نفاذ الصبر قبل أن أبوح بمن قيل فيه ما قيل..
أليس القائل خالد محمد خالد .
ألا يستحق صبرك بل نشوتك أن يصطحبك كما أصطحبك إلى رياض يفوح منها عبير الجنة .
لكنني يا قارئنا لن أشق عليك أكثر من ذلك، رغم أن مرارة طافحة تدفعني لإعادة سؤالك بشرط أن تكون إجابتك كنهايات قصص أجاثا كريستى حيث يكون المجرم الحقيقي أبعد الناس عن الظنون .
سأقول لك الحقيقة مهما كانت مريرة فقد تجرعت قبلك علقمها . 
فهل تعلم من هو الذي إذا أراد أراد الله؟
إنه …
أنه…
إنه حسن أبو باشا وزير الداخلية الأسبق ..
والقائل - فقد تكون الصدمة قد أنستك - هو الكاتب الإسلامي الكبير الهائل خالد محمد خالد .
لعلك يا قارئي تتمالك نفسك وتحسن الظن بي، فلا تبادر باتهامي بالكذب والتشهير بالرجل لغرض في نفسي أخلط به عملا صالحا بآخر غير صالح . لكنني دفاعا عن نفسي – وقد كان أحب إلى نفسي أن أكذب فأتوب – أبادر فأقول لك إن هذا ما جاء في تقديم خالد محمد خالد لكتاب : في الأمن والسياسة – مذكرات حسن أبو باشا – من منشورات دار الهلال. 
لعلك ترتجف الآن
ولعل دمعا حاضرا يغالب دمعا مضى فتبكى لأنك بكيت، لكنك لم ترشف بعد من كأسك إلا قطرة، فلا تدعني إذن مع حنظل وحدي واقرأ :
" لو كان لي من الأمر شئ لأخذته من سرير المستشفى – بعد أن أبل وعوفي – إلى كرسى الوزارة، ليلقى القدر العظيم به درسه البليغ .."
الحمد لله أن ليس لك من الأمر شئ وإلا لرفعته كما رفع شيخ من شيوخنا من لا يقل سوءا عنه إلى مصاف من لا يسأل عما يفعل .. [9]
فلنواصل قراءة خالد محمد خالد :
" ومن قبل محاولة اغتياله، جاءوا بغلام مراهق في السابعة عشرة من عمره ليشهد بما لقنوه إياه وهو أن اللواء حسن أبو باشا، قام أثناء تحقيقه معه بتمزيق المصحف الشريف، وألقاه على الأرض ثم داسه بقدميه … أهذا إسلام ؟؟ أهؤلاء مسلمون ؟؟
لمثل هذا يذوب القلب من كمد … إن كان في القلب إسلام وإيمان "
لقنوه ؟؟ كيف تجرؤ .. وكيف تستهين بالحقيقة إلى هذا الحد .. دعني يا خالد - وما ناديتك باسمك المجرد قبل ذلك حتى في خيالي – استشهد ببيت شعر ركيك كما استشهدت
إن كنت لا تدرى فتلك مصيبة .. وإن كنت تدرى فالمصيبة أعظم .
كيف لم تذكر أولئك الرهط الذين اضطروا تحت وطأة قسوة تعذيب دونه الموت أن يفضلوا حكما بالإعدام باعترافهم كذبا أنهم هم الذين شرعوا في قتل اللواء حسن أبو باشا .
ولأنك يا سيدي لم تذكرهم – لا أعفيك من ظن السوء – عمدا فدعني أذكرك بهم فإن كنت قد أنسيت فاذكر وإن كنت قد تناسيت فاتق، حفظك الله ووقاك، واعلم أن أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه، فاتق الله يا سيدي واذكر مجدي غريب ومحمد البحيري وفاروق عاشور فهم الذين ألقى القبض عليهم بعد محاولة اغتيال أبو باشا، واعترفوا تحت وطأة التعذيب اعترافات تفصيلية بالجريمة، وأعلن وزير الداخلية عندئذ نجاح أجهزته في القبض على الجناة، وذكر أسماء الثلاثة أمام مجلس الشعب، لكنه عاد بعد ذلك بنفس اللسان الذي أذاع تفاصيل الاعترافات وتطابق البصمات وتقارير الطلقات وشهادة الشهود وفوق كل ذلك إقرار المجرمين أمام البوليس والنيابة، عاد ليقول بنفس اللسان، الذي لم يتلعثم أن ذلك كله لم يحدث وأن القتلة آخرون .
فهل يمكن لك يا خالد أن تتوقع ماذا يحدث هناك ؟؟ أم أن وقتك مشغول بمجالسة سادة تتوسم فيهم أنهم إذا أرادوا أراد الله ؟؟؟ 
وما خفت عليك يا سيدي ولا على بقية كتابنا من مجالسة السادة خشية أن يهينوكم لكنني والله خشيت من إكرامهم لكم فتميل قلوبكم إليهم، وأنتم تعرفون أن الشيطان يجرى من ابن أدم مجرى الدم حتى لأخشى أن يكون قد قذف في قلوبكم شرا، وأخشى عليكم أن تنسوا الله فينسيكم أنفسكم، وإلا فكيف استطعت يا سيدي أن تتجاهل ما يحدث هناك حتى لأجدنى مضطرا لأن آتيك منه بطرف، عسى الله يضع فيه هداه.
فما يحدث هناك أيها السيد المرهف الإحساس يفوق أعتى الجرائم ويزرى بأبشعها، إن المجرمين العاديين في المجتمع بالنسبة للمجرمين هناك أطفال أبرياء شئ رهيب ومفزع، فحتى الحيوانات الضارية في الغابة لا تفعل مثلهم، هل تعلم يا سيدي ماذا فعلوا بأولئك الرهط الذي نسيته وبمئات وآلاف غيرهم:
يدخل السجين فيخلعون ملابسه تماما، يضربونه بالسياط والعصي والشوم حتى يدمى جسده ثم يرشون الملح على جسمه ويضربونه من جديد حتى يغمى عليه ثم يلقونه في زنزانة كومة من العظام واللحم، وفى الليل يستدعونه للتحقيق . في معظم الأحوال يكون لا يعرف شيئا وليس عضوا في أي تنظيم ولا مشتركا في أية جناية ويكون . فضلا عن ذلك مستعدا للتوقيع على أي أقوال واعترافات يريدون نسبتها إليه لكنهم يواصلون تعذيبه..
يقول محمد البحيري : منذ الساعات الأولى طلبت منهم أن يكتبوا ما يريدونه لأوقع عليه إلا أنهم اعتبروها إهانة .
وقالوا … إحنا بنلفق يابن الــ … ولا إيه … وبالفعل لم تمر إلا أيام قليلة وتأكدت من الخطأ الذي وقعت فيه، فالتلفيق يقف قزما بجوار ما يفعلونه وأساتذة التعذيب يقفون تلاميذ أبرياء أمام ما يتفننون فيه ويبدعونه.
سوف ندع خصوصية حالة البحيري يا أستاذ خالد لنعود إلى ما يحدث للغالبية العظمى … ما حدث وما يحدث وما سيحدث .. ما شارك فيه ولو بالصمت رجلك الذي جعلته عبدا لله إذا أراد الله … فلتكمل معي إذن:
لا يتم التعذيب بقصد الحصول على الاعترافات .. بل لأن حيوانات بشرية مجرمة شيطانية لم تعد من البشر وأصبحت متعتها في التعذيب … يربطون يد الضحية بقضبان نافذة حديدية ويربطون اليد الأخرى بمقبض باب يفتحونه تدريجيا بحيث تتمزق معه عضلات اليدين والكتفين ويصرخ الضحية ويصرخ حتى يصاب بالإغماء .. مرة أخرى يتركونه حتى يفيق … يأمرونه بالانصراف فيقوم منهكا يتساند على المقاعد والجدران وبمجرد أن يضع يده على إطار الباب يغلقون الباب على أصابعه بعنف مدرب حتى تتحطم عظام يده، يسقط مغشيا عليه مرة أخرى، يحملونه إلى الزنزانة كومة من العظام واللحم، ويأتون به في ليلة أخرى، ثم يطلقون الكلاب عليه، الكلاب مجازا لأنها في الواقع في حجم الأسد المتوسط، تهجم الكلاب عليه تمزق جسده، كل هذا والجنود يمسكون بالسياط ويضربونه بها كلما أسقطته الكلاب أرضا كي ينهض من جديد .
ماذا تفعل الآن في مقعدك الوثير يا أستاذ خالد محمد خالد …؟؟
هل تتخيل كم سوطا يمكن أن تكون قد هوت على جسد الضحية ريثما تعدل وضعك لإكمال المقال ؟..
أي شعور رهيب يكتنفك لحظة قراءتك هذه الكلمات ..
أأدركتك رحمة الله فاعترفت بخطيئتك وتبت عنها ونويت ألا تعود إليها أبدا .. أم سادر فيما أنت فيه تفكر كيف ستجلدني بلسانك وأنا أعترف أن الله لا يقل عن السياط قسوة .. لكن فلتؤجل ذلك قليلا لأن ضروب التعذيب لم تنته بعد … ولنعد إلى ما كنا فيه .
في يوم آخر يأتون بالضحية، يتفننون في طرق تعليقها كالذبائح في متجر القصاب، فمرة يعلقونه من يديه والقيود في قدميه ومرة أخرى يعلقونه من قدميه والقيود في يديه، وفى كل مرة يضعون أثقالا في الطرف المنخفض، بحيث تتمزق عضلات الجسد .. وعندما ينزلونه بعد أن يفقد الوعي لا يلقونه حتى على الأرض، وإنما على نوع من السجاجيد المطاطية المحشوة بالمسامير، وعندما يفيق يطفئون سجائرهم في جروحه المتقيحة، ويوصلون أسلاك الكهرباء إلى أذنيه وأنفه وصدره وقضيبه وخصيتيه وشرجه … يطلقون الكهرباء فيتشنج المعذب وهو يطلق صرخات ألم لا يوصف، ثم يذهبون به إلى زنزانته كومة من العظام واللحم، لكنهم يأتون به في يوم آخر، يقيدون يديه وقدميه وهو منبطح على بطنه يدخلون قطعة من الخشب في شرجه ثم يقلبونه على ظهره ويأتون بأنبوبة من البلاستيك تكون في العادة أنبوبة لقلم حبر بلاستيكي جاف، فيضعونها في الجزء الأمامي من مجرى البول، ثم يشعلون النار في طرفها البعيد ويتركون النار تسرى في الأنبوبة والضحية المسكينة تحاول أن تطفئ النار بالفخذين العاريين فتلسعهما النار فيبعدهما ثم يحاول من جديد وتظل النار تسرى ببطيء حتى تحرق مجرى بوله .
يا أستاذ خالد … أكاد أسمع رنين صرختك في أذني كفى .
كفى.. كفى.. كفى..
وأنا والله مستعد أن أكف حتى لا أوذي مشاعرك لكنهم لا يكفون ..
فلتواصل معي إذن، ولنقبض بأيدينا على جمر لن نثاب عليه، لأننا لم نقل بكل ما نملك: لا، لم نقلها عالية واضحة مستعدين أن نبذل أرواحنا في سبيل موقفنا ومبدئنا:
عندما يتحول المعتقل إلى حطام بشرى يأتون إليه بأقاربه، بزوجته وأمه وأبيه، يهددونه بأنهم سيفعلون بهم مثلما فعلوا به..
هل تتخيل يا أستاذ خالد منظرهم حينئذ : بم يشعرون وبم يشعر .
على أن الأمر لا يقتصر على التهديد، بل إنه أحيانا يحدث فعلا .
لعلك يا أستاذ جيلنا تنفض يدك من الأمر كله فتخدع نفسك بأن ذلك لا يحدث فعلا، لكنك باليقين إن خدعت نفسك لن تخدعنا، لقد كتبت في جمال عبد الناصر أعظم رثاء ثم كتبت على لسانه رسالة من أعماق الجحيم . أنت اكتشفت إذن أنه حدث في عهده مثل ذلك .
ويعلم الله أننا أدنّاه في حياته عندما كنت أنت تكيل له المديح : فما هو الضمان يا سيدي مد الله في عمرك ألا تفاجئنا بعد أعوام برسالة من نفس المكان – أعماق الجحيم – على لسان السادات ومبارك وأبو باشا، فإن كنت ستقولها، إن كنت ستقولها، إن كنت ستدين ما يحدث فأدنه اليوم تتشفع لك بها أمه محمد صلى الله عليه وسلم عند الله يوم القيامة .
إن الكلمات يا سيدي تتساقط صرعى إزاء ما يحدث ..
ويحك وويحى … ما قيمة أن نقول :
"أطفئوا في جسدهم السجائر" ..
سطر من أربع كلمات.. لكن ماذا يعنى وكيف يصور حال ذلك المسكين .. كيف ينقل إلى الناس صرخاته وألمه وعذابه ..
" انهم يعتدون عليهم جنسيا "..
سطر آخر باهت .. قد يسقط سهوا أثناء الجيع في المطبعة، وقد تتجعد صفحة الصحيفة عليه فتطمسه .. وحتى إذا لم يسقط أو لم ينطمس .. فماذا سينقل هذا السطر لقارئه .. هل سينقل ذلك الانسحاق البشرى، وهل سيصور حيوانية من يفعلون ذلك ..
إنني أستعمل كلمة " حيوانية" لأننا اصطلحنا على أن الحيوانات هي أحط المخلوقات، ولو وجد شئ أحط من ذلك لشبهتهم به .
يا أستاذ خالد ..
أقسم أنني أشفق عليك أيها الشيخ وأشفق على السنين التى ينوء بها عمرك .. لكنني مكلف من ربى ومن رسولي صلى الله عليه وسلم ألا أسكت عن حق..
فاسمع :
بعد كل هذا التعذيب أو أثناءه أو حتى قبله، يوقع لهم المعتقل على أي شئ يريدون التوقيع عليه، بل لا ينسون أن يحصلوا منه على توقيع على أوراق بيضاء يمكن لهم أن يستعملوها في أي وقت بعد ذلك .
هل تدرك يا أستاذ خالد، هل سمعت وهل قرأت ما نشرته الصحف في الخارج وفى مصر كما نشرته تقارير منظمة حقوق الإنسان عن سبب التمرد في سجن مصري منذ عامين :
" في المساء أغرقت إدارة السجن زنازين المساجين بمياه المجارى، وكان معظم المساجين يعانون من جروح متقيحة بسبب التعذيب، كوت المياه العفنة جروحهم فتصاعدت صرخاتهم طول الليل . في الصباح ثار المعتقلون فأتت كتيبة الأمن بقيادة العميد الشافعي محمد والعميد محمد ربيع . انطلق الجنود بالهراوات والسياط على المساجين واختاروا عددا منهم لإرهاب الباقين فسحلوهم في السجن وأوقفوا المساجين جميعا طابور ذنب بعد أن قيدت أيديهم وأرجلهم وفتحوا عليهم خراطيم مياه المجارى، مرة أخرى تصاعدت منهم همهمات اعتراض فتصاعد غضب العميد محمد ربيع . واقسم أن يتم اغتصابهم .."
آه يا خالد محمد خالد
آه يا خالد محمد خالد ..
كيف أستطيع أنا أن أواصل وكيف تستطيع أنت أن تقرأ..
لقد بدأت هذه المقالة وأنا في غاية الغضب عليك والحنق منك .. لكنني الآن أحس بأن صرخات هؤلاء المعذبين هي صرخاتي وصرخاتك .. لم يبق الألم في قلبي حتى قدرة على الغيظ منك … فالألم أعنف من أن يشاركه شريك .. إننا أبناء دين يعلمنا أنه إذا بات في البلدة جوعان فلا مال لأحد .. فما بالك يا خالد محمد خالد إن لم يكن جوعان فقط بل جوعان عريان، السياط تكوي جسده، وأعقاب السجائر المشتعلة تحرق جلده، والكلاب الكلاب الكلاب تنهش لحمه ..
دعك من أنهم يفعلون به ذلك كله لأنه رجل يقول ربى الله .. فحتى لو كان غير ذلك، أيسمح ديني ودينك أن يفعل به هذا؟ إنني وحق جلال الله الواحد القهار، الله الذي لا إله إلا هو، أشعر أنه لا حق لي في طعام أزدرده، ولا في شراب أرتشفه، ولا في سرير افترشه، ولا لحظة راحة من الهم والكد، طالما كان أولئك الذين لا أعرفهم يعانون هذا الذي أعرفه وتعرفه .
هل تسمح لي يا سيدي أن أتوقف عن الكتابة برهة ..
لأنني بسر اسم الله الأعظم أبكى الآن ..
لكنني أرجوك ..
أتوسل إليك ..
أن تبكى أنت أيضا..
فلعل الدموع تذيب من نفسك درنا .. وتنزع من أمام عينيك غشاوة .. ولعلك تعود إلى المصادر الطاهرة التى عببت منها .. وسقيتنا معك شرابا طهورا فتقول كلمتك .. فصوتك عال وقولك مسموع ..
فقلها قبل أن تلقى الله ولم تقلها .. قلها .. فإنه ليس ذنب جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسنى مبارك وحسن أبو باشا وعبد الحليم موسى فقط إنما هو ذنبنا جميعا .. كلنا ملوث، وكلنا مدان، وكلنا شيطان أخرس ..
إني اقسم أنني أخشى يوم الموقف العظيم يوم يسألني ربى عما فعلت لأزيل هذا المنكر ..
فبم أجيب ..
أأقول بكيت يا ربى ؟؟ أيعصمني من غضبة الرحمن ذلك ؟
فقلها إذن .. ولا تكتف بذلك بل ادع كل كاتب ومثقف ورجل دين أن يقف معك كي نتكاتف معا ونمحو وصمة عار تطاردنا أبد الدهر .. 
قل لهم إن وصف الكاتب والأديب والمفكر بل الإنسان – وصف لا نستحقه، إذ يحدث ذلك ونحن لا نزال أحياء لم نمت دونه ..
قل لهم إن لم يقولوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ..
قل لهم إنك تخشى أن تكون من أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عنهم : دعاة من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا يقفون على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها "
وقل لهم أنك تخشى أن نكون نحن من قصدهم الله بقوله في حديث قدسي " لقد خلقت خلقا ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم أمر من الصبر فبى حلفت لأتبعنهم فتنة تدع الحليم منهم حيران"
قلها .. وادعنا جميعا كي نقولها معك نعصم أنفسنا بها من النار،
 قلها فالقول أضعف الإيمان فلا تقف دونه، وقبل أن يجول بخاطرك أن باعث ما يخطه لك يراعى عذاب حاق بي .. أبادر لأعلمك أنني لم اعتقل بعد .. ولم يعتقل أبى ولا أخي ولا ابني … ولم يغتصبوا زوجتي أمام عيني .. لكنني والله أشعر كما لو كان ذلك جميعا قد حدث لي .. ألسنا جسدا واحدا إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى … ها أنذا أتداعى يا سيدي فتداعى معي … وادع الآخرين كي يتداعوا ..
إنني أشعر بهذا يا سيدي فبم تشعر أنت …
بم تشعر وكيف تشعر …
قل لي … ألم تحس أبدا بأن هذا اللحم المجلود لحمك .. وبأن هذا الدم المسفوك دمك .. وأن النار تشعل جسدك أنت .. والشوم تنهال على عظام جمجمتك وتهشم أطرافك أنت .. ألم تشعر يا سيدي بأن العرض المثلوم هو عرضك..أم أن الكارثة أفدح من ذلك كله، وما زلت يا سيدي لا تصدق شيئا مما يقال . فإن كنت لا تصدق .. فهل لا تصدق حقا .. وإلا فأي درجة من درجات الخداع تمارسها مع نفسك … ألم يتسن لك قط أن تعرف من أي مصدر صدق ما أقوله … وحتى إن لم يتسن .. أين بصيرتك ..؟ أين النور الذي اغترفت منه لتنقل لنا سيرة خلفاء محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه . أم أقتصر دورك على حمل أسفار هذا النور ولم يمسسك منه قبس .
فإن كنت ما زلت في ريب مما أقول لك فلماذا لا تصطحب خليلك حسن أبو باشا ليريك ما يحدث هناك في معهد أمناء الشرطة، والأماكن الأخرى التى يعلمها ولا نعلمها .. لماذا لم تصطحبه حتى ترى بأم عينك لأي شيطان مريد يقدمون قرابينهم البشرية هناك . ألم تسأل مثلا ما أهداف محاولى قتله ..؟ ما الذي دفعهم إلي المغامرة بحياة فقدوها بعد ذلك فعلا كي يقتلوه .. أي شعور رهيب هائل دفعهم إلى ذلك ..؟ ألم تسأل مثلا كيف اعترف مجدي غريب ومحمد البحيري وفاروق عاشور بما لم يرتكبوه وتحت أي وطأة اعترفوا … أم أن ابن الخطاب فقط هو الذي سيسأل عن شاه بالعراق عثرت لكن ابن أبو باشا لن يحاسب إلا على ما حدث داخل مكتبه الفخيم وما تظهره الأوراق الرسمية الممهورة بخاتم النسر أو الصقر . ألن يسأل عن نظام للسجون والمعتقلات في طول البلاد وعرضها قضى في إرسائه طول عمره وعرضه وعمقه..
هو لم يمزق المصحف ولم يدسه يا خالد محمد خالد …
قد أقرك على ذلك ..
ولكن .. أمزق المصحف وديس أم لا …؟؟؟
أعذب الناس وأزهقت الأرواح وانتهكت الأعراض أم لا …
أحدث ذلك كله في مؤسسة في جهنم أم المريخ أم في مؤسسة تدرج فيها خليلك وربيبك وصفيك من أدنى المناصب إلى قمتها ؟.. وكان يعلم دائما – إلا إذا قررنا التخلي التام عن عقولنا – بكل تفاصيل ما يحدث ..
ليس مهما إذن يا سيدي أن يكون فعله بيديه .. على الأقل لقد عرف .. ومنذ عرف سيسأل سؤال الشريك .. وستسأل أنت أيضا يا خالد محمد خالد سؤال المتستر، ولعلى معك يا سيدي إن لله عبادا إذا أرادوا أراد، لكنني لا أظنك أنت ولا أنا ولا هو منهم فلعلك توافقني أنت أيضا أن للشيطان عبيدا إذا أراد أرادوا ..
فإن كنت تعترف أن هذا التعذيب حدث ويحدث .. فكيف هان عليك إذن أن تصف أحد شهوده – إن لم يكن سدنته – بذات الألفاظ التى وصفت بها الرسول صلى الله عليه وسلم وأن تمتدحه بذات الكلمات التى امتدحت بها صحابته الذين شادوا بقرآن الله وكلماته عالما جديدا يفيض نضرة ويتألق عظمة ويتفوق اقتدارا .. كيف هان عليك .. كيف هانوا عليك .. كيف هُنّا عليك .. وكيف هانت عليك نفسك.. أم أنك ارتضيت يا سيدي من الحكمة بأهون أسبابها .. كشعراء السلاطين وأدبائهم، ما بلغ قصارى جهدك سوى القدرة على مدح وذم دون أن يغير ذلك من دخيلة نفسك شيئا.. لا يزيد ولا ينقص منها شيئا ..
أعوذ بالله من أن تكون كذلك ..
فلكي لا تحرث في البحر عليك من هنا أن تبدأ ..
فتب إلى الله توبة نصوحة .. وأعلن .
أما أنت يا حسن أبو باشا فأنى والله لا أعلم إلا طرفا مما فعلت، أقله ما قلته أنت على نفسك وأغلبه مما سمعت عنك .. الباقي أنت تعلمه والله يعلمه .. وعنه ستحاسب .. ستحاسب .. ستحاسب … والله لو أنك مت ثم بعثت حيا ثم مت مائة مرة لما بلغت أقصى أماني محبيك لك إلا أن تسبق رحمة الله عليك عدله فيك .. واعلم أن هناك من استشهد في سبيل الله تحت لواء الرسول صلى الله عليه وسلم ثم دخل النار لأنه مات وللخلق في عنقه حق … وإنني لأرجو ألا تكون ممن سيستغيثون برسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة فيعرض عنك وهو يقول بعد أن يرى ذنوبك معلقة على أم رأسك : لا أملك لك شيئا .. وإني والله لأظن المادح لك واقفا بجانب باب بجهنم يقذفك فيها، وأنه يضيع عليك فرصة لا يزال أوانها أمامك بأن تقضى باقي عمرك تائبا عما اقترفت يداك ومقرا به، بدلا ن أن تضيع باقي عمرك في تبرير الخطأ والدفاع عنه، ودعني أصارحك بانطباعي بعد قراءة ما خطت يداك، وهو أن ما فعلته – وما كتبه خالد فيك – لا يمكن أن يكون صحيحا إلا إذا كان جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسنى مبارك آلهة من دون الله وأنك بكتابك هذا تحاول إقناعنا بأنك كنت لهم التواب الأواب وأن مقياس الصواب والخطأ في حياتنا مرهون بطاعتهم لا بطاعة الله الواحد القهار .
فكتابك في مجمله يكاد يكون مسوغات رسمية لطلب تقدير أكبر من السلطة الحالية، لقد أخلصت لكم، فاخلصوا لي، أحببتكم فأحبوني، قدرتكم وخدمتكم قويا فراعوني ضعيفا، والكتاب جدير بذلك فعلا .. جدير أن يكون مسوغات إعفائك من النار بشرط أن يكون حمزة البسيونى والنبوي إسماعيل وإبراهيم سعدة هم حراسها وجدير بأن يدخلك الجنة، على أن يكون يوسف والى وكمال الشاذلي وأنيس منصور هم خزنتها.
جريدة الشعب ترفض نشر رد أبو باشا
على مقال هاجمه وتناوله بالتجريح[10]
تلقت الأخبار هذا البيان من حسن أبو باشا وزير الداخلية الأسبق ردا على مقال تناوله بالتجريح نشر في جريدة الشعب . ونظرا لرفض جريدة الشعب نشر الرد رغم أنه حق قانوني .. فقد لجأ أبو باشا إلى " الأخبار" يقول الرد :
نشرت جريدة الشعب بعددها الصادر في 2 إبريل سنة 1991 مقالا بقلم د. محمد عباس بعنوان رسالة إلى خالد محمد خالد – وقد نشر المقال على صفحة كاملة متضمنا تعقيبا على التقديم الذي قدم به الأستاذ الكبير خالد محمد خالد لكتابي الذي صدر أخيرا عن دار الهلال بعنوان " في الأمن والسياسة" ولقد رأيت أن يقتصر ردى على النقاط التالية – لعلها تكفى لكي يدرك القارئ الكريم أين الحقيقة وأين الزيف – وأين الحق وأين الباطل .
أولا : عمد كاتب المقال المشار إليه أن يكرر ثانيا ذلك الادعاء الخبيث والكاذب الذي ردده البعض ممن ينتمون إلى تيار إرهابي بعينه – بعد أن نشرته جريدة الشعب على لسان شاب غرير كان من بين المتهمين في قضية تنظيم الجهاد الذي قام بمؤامرة أكتوبر 1981 – ويلاحظ هنا أن النشر في جريدة الشعب تم بعد أحداث المؤامرة بأربع سنوات أو يزيد خلال عام 1986 وكان مضمونه أن هذا الشاب قد استحضر لمكتبي وقت أن كنت وزيرا للداخلية أثناء التحقيق معه عن دوره في أحداث 1981 وأنني انفعلت عليه ثم أمسكت بالمصحف الشريف ومزقت صفحاته وألقيته علىالأرض " والعياذ بالله " . وبالرغم من أنني نشرت تكذيبا لهذا الإدعاء المجنون بجريدة الشعب في حينه، ثم كذبته ثانيا أمام المحكمة التى حاكمت المتهمين بمحاولة اغتيالي والذين أطلقوا على أنفسهم مسمى " الناجون من النار" بعد أن تردد أن أحد دوافعهم للإقدام على تلك المحاولة هو ما نشرته جريدة الشعب على لسان ذلك الشاب الغرير، ها هي نفس القصة تتكرر مرة ثانية .. وفى جريدة الشعب أيضا .. " هل أضع علامة استفهام أم علامة تعجب " أم أضع العلامتين معا وهل صدفة أم أن التكرار ينفى عنها صفة الصدفة …
الأخ الأستاذ عادل حسين
دعونا نعمل شيئا من العقل والتدبر كما وجهنا ديننا الحنيف – فيما اشتمل عليه هذا الادعاء المجنون من افتراء خبيث ومقيت - ولعله من المناسب في البداية – لمجرد التذكرة – والذكرى تنفع المؤمنين – أن نتلو الآية الكريمة التى تقول " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين " صدق الله العظيم
1- ماذا كان شأن مصدر هذا الادعاء المجنون في قضية الجهاد ؟ فقد كان من بين المتهمين الهامشيين الذين وردوا في ذيل قائمة الاتهام .
أفهم ويفهم معي كل صاحب منطق ولو بسيط – وكل من تجرد من الهوى – أن من يستقدم ليقابل قيادة عليا على مستوى وزير الداخلية وتهتم هذه القيادة بمقابلته في مثل تلك الظروف – أن يكون هذا الشخص زعيما للتنظيم أو على الأقل قيادة مؤثرة في توجيهه وحركته - فإذا كانت الحقيقة كما يعرفها الجميع تؤكد أنني لم أقابل أي متهم في هذا القضية سواء كان قياديا أو غير قيادي . ويلاحظ هنا أن أي متهم آخر لم يذكر أنه قابل وزير الداخلية في جميع مراحل التحقيق وبعده – فلماذا إذن هذا الشخص بالذات مع تفاهة دوره كمتهم في تلك القضية ؟ ألا يقودنا قليل من التفكير والتدبر كقيم إسلامية رشيدة – إلى سذاجة هذا الإدعاء وكذبه .. بل ألا يؤكد أنه كان مجرد ادعاء خبيث لمجرد التشهير .. وإذا كان نشره قد تم بعد تحقيقات تلك القضية بما لا يقل عن أربع سنوات – ألا يمكن أن يقودنا ذلك إلى أن مثل هذا الادعاء في ذلك التوقيت المتأخر – وقبل محاولة اغتيالي بشهور قلائل، له ارتباط وثيق بتحريض أي مجموعة غير مسئولة للقيام بمثل تلك المحاولة ؟ ومن هنا فإنني أكرر ثانيا " هل نضع علامة استفهام، أم تعجب أم الاثنان معا ".
2- وإذا افترضنا جدلا – وهو ما لم يحدث - أن هذا الشخص والذي ورد اسمه في ذيل قائمة الاتهام كمتهم هامشي – قد استحضر أمامي كوزير للداخلية – فما هو المبرر أو الدافع الذي يدفع وزير الداخلية .. وهو بكامل سلطاته أن ينفعل من شاب مراهق إلى الدرجة التى تدفعه للإمساك بالمصحف الشريف وتمزيقه ولماذا ؟ وما الهدف والنتيجة المطلوبة ؟ ومرة ثانية أين التفكير وأين التدبير كقيم إسلامية رشيدة .
ثانيا ما تضمنه مقال د. محمد عباس عن دوري السياسي من ادعاءات وتشهير.. فإنني أفضل هنا أن أترك المكان ليرد عليه أحد أقطاب المعارضة السياسية وأبرزهم شأنا – وهو المرحوم مصطفى شردي رئيس تجريد جريدة الوفد السابق – وقد نشر رحمه الله في جريدة الوفد يوم 7 مايو 1987 ما نصه الآتي "لقد كنت أحد الذين اختلفوا مع حسن أبو باشا وبلغ الخلاف أقصى درجات الحدة – غير أن الإنصاف يلزمني بذكر حقيقة أعرفها عن الرجل الذي لم يعد صاحب مقعد أو سلطان، وهى أنه كان أول من رفع شعار الحوار مع الجماعات الإسلامية، وأول من قال أن القوة لن تقمع الرأي، وأن العصا لا تصلح أبدا للحوار، وإنما يقارع الرأي بالرأي وتواجه الحجة بالحجة، وهذا هو السبيل الوحيد للإقناع وقد احتضن أبو باشا هذا الشعار الجديد الذي اختفى تماما من حياتنا السياسية منذ قيام ثورة يوليو قبل ثلاثين سنة ".
ثالثا : إذا كان الله سبحانه قد أراد برحمته الواسعة ما أردته لنفسي تضرعا إليه في محنتي الصحية بعد محاولة اغتيالي .. فما وجه التهكم على هذا المعنى الذي صال وجال حوله كاتب المقال المشار إليه منتقدا الأستاذ الفاضل خالد محمد خالد- يكفيك يا سيدي أن تعرف بجانب ما ذكرته أنت بقلمك عن تلك الصفات العظيمة والتاريخ الناصح اللذين يتمتع بهما خالد محمد خالد أنه لم يكن في حياته متخاذلا أو متراجعا عن رأى حر يبديه أو متأثرا بهوى أو مصلحة فيما يقوله ويعلنه – ولعلك تعرف أنه كان في مقدمة من تصدوا علنا في مؤتمر عام لجمال عبد الناصر – وهو في أوج قوته وسلطانه – مدافعا عن الديمقراطية ومنتقدا كل انتقاص منها.
وفى النهاية فإن بيني وبينك يا سيدي من يعلم السر وأخفى وحسبي الله ونعم الوكيل .
حسن أبو باشا وزير الداخلية والحكم المحلى الأسبق[11]



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق