السبت، 30 يناير 2016

الصبر على السلمية أولى من السقوط في أتون حرب أهلية

الصبر على السلمية أولى من السقوط في أتون حرب أهلية

عـزام التـميمي



  الفرضيات الخاطئة كما المقارنات الخاطئة تقود إلى استنتاجات        خاطئة.                                                                             
في معرض نقد منهج السلمية الذي يلزم الإخوان المسلمون به أنفسهم في مصر، تجد من يستشهد بمقاومة أهل ‏فلسطين للاحتلال الصهيوني لإثبات نجاعة الرد على العنف بالعنف. 
وهي مقارنة غير صحيحة، فلو أردنا أن نقارن مقارنة صحيحة، فإن النظام الانقلابي في مصر تعادله في فلسطين سلطة أوسلو وليس سلطة الاحتلال، وهذا ينطبق على كافة الأنظمة العربية الأخرى بما هي عليه من استبداد وفساد وقهر للشعوب.
ليكن معلوماً أن قتال الغازي الأجنبي المحتل للأوطان مبرر بكافة الوسائل وفي كل الأوقات، وعلى أيدي الأفراد كما على أيدي الجماعات. 

أما قتال أبناء المجتمع الواحد والوطن الواحد مهما كان الخلاف ومهما كانت المظالم والتجاوزات، فحساباته مختلفة لأن تداعياته يمكن أن تكون كارثية. والحكم على فشل سلمية الإخوان حكم جائر خاطئ. فها هي عسكرة الثورات في البلدان العربية من ‏ليبيا إلى ‏اليمن، مروراً ب‏سوريا، لم تأت بخير، بل جلبت دماراً يجر دماراً، وحولت هذه البلدان إلى ساحات معارك دولية بالوكالة.

يمكن للمجتمعات العربية أن تفرز أغلبية وأقلية أمام صناديق الاقتراع، أما أمام صناديق الرصاص وفي مواجهة المجنزرات والمدرعات، فالناس تغرق في بحار من الحيرة كما تغرق في بحار من الدم، تمزق صفوفها التحزبات، وتنهكها معارك الاستنزاف.
ولا تكاد تجد بيتاً واحداً يسلم من تدابر وتباغض وتشاحن. فيمسي الأخ يقتل أخاه، والجار يفتك بجاره، وأبناء العشيرة الواحدة ينتهك واحدهم حرمات الآخر.
ولو كان حمل السلاح في وجه الظالمين مجديا لما نهى الله عنه جماعة المؤمنين طوال ثلاثة عشر عاماً قضوها في مكة يدعون إلى الله بالحسنى بينما يقابلهم خصومهم بالتنكيل والتشريد والقتل والتجويع.
ولم يرفع حظر استخدام السلاح رداً على المعتدين إلا بعد الهجرة إلى أرض تحقق للجماعة المؤمنة فيها التمكين، وبات مبرراً رد العدوان بالمثل، بل وأمر المؤمنون بإعداد القوة لردع كل من تسول له نفسه العدوان.
ما لا يفطن إليه المنادون باستخدام العنف سبيلاً للرد على الانقلابيين، أن مثل هذا العنف يصبح مع مرور الوقت سلاحاً في أيديهم، يبررون من خلاله مزيداً من العنف والقهر، حتى إنهم إذا لم يجدوه افتعلوه، وسخروا كل أدوات السحر والشعوذة (وسائل الإعلام التابعة لهم) لتبرير الاستمرار في سفك الدماء وانتهاك الحرمات.
وقد تمنى بشار الأسد في الأيام الأولى من ثورة الشعب السوري، حين كانت سلمية بحتة، أن تتحول السلمية إلى عنفية، ليبرر كل وسائل البطش والاستعانة على ذلك بأوليائه في الشرق والغرب، وهو الأمر الذي يتمناه السيسي وكل طغاة الأرض في وطننا العربي الممتد من المحيط إلى الخليج.

والعصر، إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق