الأربعاء، 3 فبراير 2016

ضحايا القصف الأمريكي: "تعمرون بلادكم وتخربون بلادنا، بدعوى محاربة "داعش"؟

The US is killing more civilians in Iraq and Syria than it acknowledges

ضحايا القصف الأمريكي: "تعمرون بلادكم وتخربون بلادنا، بدعوى محاربة "داعش"؟

ضحايا القصف الأمريكي:

الترجمة:خدمة العصر
في تحقيق طويل نشره موقع "غلوبال بوست" وأعده كل من مراسل هيئة الإذاعة البريطانية، بول وود وريتشارد هول، قالا فيه إن الولايات المتحدة تقتل مدنيين في العراق وسوريا أكثر مما تعترف به.
 وفي البداية، أشار الصحافيان إلى بلدة "الغرة" بمحافظة الحسكة القريبة من جبل عبد العزيز، الذي يحمل اسم أحد قادة صلاح الدين وبُنيت فوقه قلعة تطل على المنطقة الصحراوية.
ولا يوجد في القرية ما يميزها سوى بيوتها المكونة من طابق وأرضها القفر التي تتخللها بقع خضراء يزرع فيها التنباك والقطن.
وقبل الحرب لم يتلق السكان أي شيء من الحكومة لمساعدتهم على استصلاح الأرض. وأقام النظام السوري قاعدة عسكرية قرب القرية، سيطر عليها سابقا "الجيش السوري الحر" ثم انتقلت إلى "تنظيم الدولة"، وأخيرا الأكراد. وتحدث الصحافيان مع أحد أبناء القرية، واسمه عبد العزيز الحسن، الذي قال إنه فر منها ليس خوفا من تنظيم الدولة ولكن لخوفه من القصف الأمريكي.
وقصة عائلته هي عن قنبلة واحدة سقطت على المنطقة من بين 35.000 قذيفة رمتها طائرات قامت بـ 10.000 طلعة جوية ضد تنظيم الدولة في العراق وسوريا.
ويتذكر الحسن وصول تنظيم الدولة أول مرة حيث جمع أهل القرية وقال: "نحن الدولة الإسلامية ونحن هنا لإقامة إمارة تطبق الشريعة". ومنذ تلك اللحظة أمر الرجال بارتياد المسجد، أما النساء فطلب منهن البقاء في بيوتهن وعدم الخروج إلا بمحرم "ليس لأننا لم نكن نعرف الإسلام ولكن لم تعجبهم طريقتنا في الصلاة".
ويقول الحسن إن "تنظيم الدولة" لم يتدخل كثيرا في شؤون الناس، فقد ظل أفراده في القاعدة. وعليه كان بإمكان الناس ممارسة حياتهم العادية وزيارة بعضهم البعض.
وفي بعض الأحيان، كان الطيران الأمريكي يشن غارات بعيدة تهتز لها الأرض. ونظرا للفقر والفاقة، قرر الحسن السفر مع عائلته إلى تركيا، تاركا البيت في عهدة والده خشية أن يسيطر عليه "تنظيم الدولة"، فقد كان يستولي على أي بيت فارغ. وبعدها تحرك الأكراد من الجبال وبدعم من الطيران الأمريكي للسيطرة على بلدة الغرة.
وعندما شاهد السكان الطيران الأمريكي هربوا من بيوتهم لكن والده تأخر وقتلته قذيفة أمريكية. واتصل به أحد أعمامه ليخبره بمقتل والده، فسارع للعودة من تركيا. وكانت المعركة بين الأكراد و"تنظيم الدولة" على أشدها عندما عاد. ويتذكر أن معظم السكان هربوا من البلدة، فيما استمرت الطائرات من دون طيار في طلعاتها حيث كانت تقوم بغارات كل ربع أو نصف ساعة. "وظل القصف يتواصل أثناء تقدم الأكراد"، مشيرا إلى أن الغطاء الجوي لا يتوقف حتى يتمكن الأكراد من تعزيز موقعهم داخل القرية.
وزعم الأكراد أن آلافا من مقاتلي "تنظيم الدولة" كانوا في القرية، لكن الحسن يرد بالقول إن أيا منهم لم يكن في داخلها عندما قتل والده: "لم تكن الدولة الإسلامية موجودة في وقت القصف..فهم يغادرون القرى عندما يتوقعون القصف".
وأوضح الحسن قائلا: "أثناء القصف لم يكن هناك أحد، ولا حاجة للكذب، لا أدعم أي طرف في الحرب وكل ما يهمني هو تأمين عائلتي". ويقول الكاتبان إنه لا توجد جهات مستقلة لتأكيد هذا الكلام، في الوقت الذي يرى قادة الحماية الشعبية غير ذلك، فهم لا يفرقون بين مقاتلي التنظيم وسكان القرية العرب المتهمين دائما بدعم الجهاديين.
ولأن الأكراد يقاتلون لتوسيع مناطقهم، فهم يتعاملون مع العرب كغرباء على الأراضي التي يسيطرون عليها. واضطر الحسن للخروج من قريته مرة ثانية قبل دخول الأكراد إليها: "عندما وصل الأكراد طردوا كل شخص بذريعة أن داعش زرع البلدة بالمفخخات"، ولهذا غادر كل السكان ودمر نصفها. وقبل مغادرتهم دفنوا والده إسماعيل (55 عاما) في قبر بسيط. وكان المعيل الوحيد للعائلة ولم يبق لها أي شيء، حيث دمر البيت وتحول إلى ركام: "حتى لو عدنا.. أين سنعيش.. في بيتنا المدمر؟" وأصبح هو وبقية عائلته لاجئين في تركيا.
ولم يقدم الجيش الأمريكي إلا ردا مقتضبا وغامضا حول عملياته في الحسكة يومي 6 و 7 مايو العام الماضي. وبناء على شهادة الحسن لـ"غلوبال بوست"، قالت القيادة المركزية إنها ستعيد النظر بالقنبلة التي سقطت على القرية.
وفي الوقت الحالي ليس لدى الجيش الأمريكي سجل بما حدث في "الغرة". إلا أن التقرير يقدم عددا من الحوادث قتلت فيها المقذوفات الأمريكية عددا من المدنيين.
فخلال العامين الماضيين اعترفت الولايات المتحدة بأنها قتلت 22 مدنيا. ولكن منظمة مستقلة تراقب أثر الغارات على المدنيين تقول إن الرقم قد يصل إلى الآلاف.
ورغم تأكيد القيادة المركزية أنها تقوم بالتحقيق في أي ضحية مدنية حتى تلك التي جاءت من رواية عرضية، إلا أن الكاتبين يشيران إلى عيوب في طريقة التحقيق الأمريكي، والتي تتسم أحيانا بالتعامي عن الواقع وعدم معرفة بأسماء القرى السورية.
ومع أن الأمر الذي تلقاه القادة في عملية "العزيمة الصلبة" (وهو اسم الحملة ضد تنظيم الدولة) يؤكد على: "صفر مدنيين، أي تجنب قتل المدنيين، إلا أن القصف المكثف على العراق وسوريا يجعل قتلهم سهلا. وفي أكثر من مرة قال شهود إن القادة العسكريين الذين يعتمدون على الأكراد في توجيه الطيارين للأهداف كانوا يوجهون الطائرات نحو أهداف فيها مدنيين اعتقدوا أنهم مقاتلون من التنظيم.
وفي معظم الحالات التي حققت فيها الولايات المتحدة كان التفسير دائما: دخل المدنيون إلى المنطقة في الوقت نفسه الذي داس فيه الطيار على الزر. ويعترف الكاتبان بأن زيارة مناطق تنظيم الدولة صعبة، لكن شهادات الهاربين منها ومنظمات حقوق الإنسان وصور الفيديو وشهادات على الفيسبوك تؤكد مقتل الكثيرين جراء الغارات الجوية.
ويعتقد الكاتبان أن "تنظيم الدولة" يصور الحرب على أنها ضد السنة والمسلمين، خاصة عندما يضرب التحالف مدنيين، وهو ما يقدم له مادة دعائية للرأي العام المسلم.
ومن أفظع الحوادث التي حصلت على الجبهة ضد تنظيم الدولة في الحسكة ما جرى شهر ديسمبر في "الخان"، وهي قرية صغيرة هرب معظم سكانها إلى لبنان وتركيا ولم يبق منهم سوى المئات. ويقول السكان إن قريتهم تعرضت لقصف صاروخي في الساعات الأولى من 7 ديسمبر أدت لمقتل 47 مدنيا.
ووفقا لشهادة أبو خليل، الذي تحدث الكاتبان إليه عبر الهاتف: "لم يكن هنا سوى عشرة من المقاتلين مع اثنين من السكان وأقاموا في مكان واحد". وكان أبو خليل موظفا في وزارة التعليم، حيث قال إن السكان لم يدعموا "تنظيم الدولة" وابتعدوا عنه. وحاول السكان طردهم حيث حدثت مناوشات. ورد التنظيم بإرسال تعزيزات، وعندما شاهد الأكراد قافلة السيارات طلبوا دعم الطيران الأمريكي لهم.
ولو صحت الرواية فستكون مفارقة مرة لسكان القرية، حيث كافأهم الطيران الأمريكي على شجاعتهم ضد الجهاديين بالقتل. ولا يزال أبو خليل يتذكر المذبحة: "قتلت أمي وعمتي وقتلت امرأة وابنها قمت بإنقاذها، قتل الجميع". حدث كل هذا في الساعات الأولى، حيث كان الناس نياما واستفاقوا على صوت المتفجرات التي هزت الشبابيك. وتحدث أبو خليل عن طائرات "أباتشي" أطلقت النار من مدافعها.
ويؤكد أبو خليل: "كانوا أمريكيين، ففي العام ونصف العام الماضي كانت الطائرات التي حلقت فوق رؤوسنا أمريكية"، وهو ما ينفيه الأمريكيون، ويؤكدون أنهم لم يقتلوا أحدا في 7 ديسمبر.
ويسجل الكاتبان قتلا للمدنيين في الحرتا، شمال العراق. ومثل الغرة والخان، فقد كان الضحايا هم الناس الذين عارضوا تنظيم الدولة، والقتلى من النساء والأطفال هم الذين كانوا يحاولون الهرب.
ويقدم الكاتبان تفاصيل عن حوادث مشابهة تؤكد أن العدد يتجاوز ما أعلنت عنه القوات الأمريكية. ويؤكد أن الذين يدفعون ثمن القصف الأمريكي هم المدنيون.
وكما يعلق عبد العزيز الحسن من قرية الغرة: "تعمرون بلادكم وتخربون بلادنا، هل هذه هي الطريقة التي تجلبون بها الديمقراطية؟ توقفوا، توقفوا، تعب الناس!"، أما أبو خليل، الناجي من قتل الخان، فيريد من الولايات المتحدة تعويضات، ووصف ابو محمد، من كفر ديرين، الأمريكيين بـ الصهاينة» ولا يريد شيئا منهم.
المصدر: "غلوبال بوست"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق