مبادرة محسوب.. والتأكيد على عبادة الأصنام!!
باحث في التاريخ والحضارة الإسلامية، متابع للشأن السياسي.
مبادرة محسوب.. التي نشرها ليست إلا تأكيدا جديدا على "عبادة الأصنام".. مع الاهتمام البالغ بصنمي "مؤسسات الدولة" و"الاصطفاف الوطني"!
Ø نص المبادرة في هذا الرابط: https://goo.gl/hHnRCX
ويبدو أن الفراغ الذي يحياه المهزومون المطرودون لا يهديهم إلا إلى طرح مبادرات تلو المبادرات، وهي المبادرات التي لا يعيرها أحد اهتماما، ولا تأتي كل مبادرة إلا لتتنازل خطوة أو خطوات عن مبادرة سابقة في ظل احتقار وإهمال من العسكر ومن أسيادهم في الخارج على حد سواء!
بل ولا يستطيع أحد تنفيذ مبادراتهم، لأنه لا أحد يملك أن يفعل شيئا على الحقيقة، إلا التنازل.. التنازل هو الفعل الوحيد الممكن للجميع! فمن لم يشأ التنازل عدَّه أصحاب المبادرة من "المتطرفين" الذين يجب إقصاؤهم!
بغض النظر عن كل ما يجري من خلاف بين أطراف في المجلس الثوري، إلا أن مبادرة محسوب هذه لا يمكن فصلها عن "مسرحية الاستقالات الجماعية" من عضوية المجلس الثوري! ذلك أن المشاركين في هذه المسرحية كثير منهم استقال منذ زمن، وقُبِلت استقالته بالفعل، كما أن بعضهم خطط حرفيا لقلب المجلس الثوري، فلما فشل في معركته داخله أعلن الانسحاب منه!
تأتي مبادرة محسوب إذن لتكون الخطوة التالية لجمع هؤلاء المنسحبين مع غيرهم من التوافقيين والعلمانيين ومن شاء ممن ركله العسكر بعدما ركبوه لتكوين شيء جديد اسمه "جمعية وطنية"، وهذه الجمعية الوطنية يوكل إليها كل شيء!
وإذن فقد جاء "المجلس الثوري" أصلا لإنهاء كيان "التحالف الشرعي"، ثم جاءت كيان "الجمعية الوطنية" لإنهاء كيان "المجلس الثوري".. وسنظل نتنازل ونضم من العلمانيين وأحباب العسكر حتى يرضى العسكر والخارج!
شخصيا لم أكن لأهتم بأي كيان جديد ولا حتى بمبادرة محسوب لولا أنه ضمَّن بيانه هذا البند الحقير:
(4- عزل المتطرفين من كافة الأطراف، فإذا كان السيسي وفريقه هم على رأس المتطرفين في مؤسسات الدولة، فإن الداعين لهدم الدولة أو تفكيك الجيش ومؤسسات الشعب تحت أي ادعاء لا يقلون عنه تطرفا وخطرا على الوطن).
هذا البند يشعل معركة داخلية جديدة في معسكر رافضي الانقلاب، بدعوى أن فيه متطرفين يجب عزلهم وإقصاؤهم لأنهم لا يقلون عن العسكر خطورة على الوطن! (تخيل!)
ثم إن هذا البند يأتي في سياق مبادرة تريد تجميع "كل الناس" بغض النظر عن مواقفهم التي صدرت عنهم أيام الثورة وأيام حكم الرئيس مرسي! أي أن الذي اتسع قلبه للمغفلين والمجرمين وقرر أن ينسى كل ما فعلوه لم يتسع قلبه لمن لا زال واقفا في جانب الثورة وقد دفع في سبيل وقفته هذه دماءً وأبناءً وأموالا ومطاردة!
وهو فوق كل هذا، وقبل كل هذا، ليس إلا نموذجا لعبادة الأصنام، صنم الدولة الحديثة ومؤسساتها، حتى ولو كانت هذه المؤسسات -وفي القلب منها عسكر كامب ديفيد- قد فعلوا كل ما فعلوا بالثورة وبالناس!! هذا المنطق لا يمكن أن يفهم في سياق أي تفكير ثوري، بل ولا في سياق أي تفكير منطقي! إنما يفهم فقط في سياق عبادة الأصنام.. وهنا يمكنك أن تتفهم أكثر نفسية العربي الجاهلي الذي كان يعبد صنما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنه شيئا!
لماذا يقدم محسوب أبناء الثورة الذين كفروا بالدولة ومؤسساتها المجرمة بعدما أراقت دماءهم ودمرت حياتهم، لماذا يقدمهم قربانا على مذبح صنم هذه الدولة ومؤسساتها؟!!
إن أي تفكير ثوري يعرف أن الثورات كسرت أنظمة الحكم قبلها، بما فيها هذه المؤسسات.. وهنا ندعو السيد الدكتور أستاذ القانون إلى أن يفتح أي كتاب في تاريخ الثورات وينظر في سياسة الثورة الناجحة مع مؤسسات نظام الحكم الذي ثارت عليه!
بل إن أي تفكير منطقي فطري بسيط لا ينظر إلى هذه المؤسسات إلا على أنها وسائل، إن لم تقم بوظيفتها كان زوالها خير من بقائها.. وفي هذا المقال أتيت بعشر وثائق مصورة تثبت أن زوال عسكر مصر خير من بقائهم، لأنهم صاروا عملاء صرحاء (باعترافاتهم واعترافات أسيادهم) للعدو الخارجي، ولم يكن لهم انتصار واحد، ولا تجرؤوا فرفعوا سلاحا إلا في وجه عربي أو مسلم على امتداد تاريخهم..
فهل سنكذب أسماعنا وأبصارنا بل ودماء إخواننا وأحبابنا ليرضى محسوب أو لترضى أصنامه؟!! ما نفع الجيوش وما نفع كل المؤسسات إذا انقلبت وظيفتها فصارت عدوا للشعب لا يمل من نهش لحمه وشرب دمائه!
إن محاولة تصدير الأزمة على أنها متمثلة في شخص السيسي محاولة ساذجة بلهاء، تضر بصاحبها ومن وافق عليها لا غيرهم.
إلا أن المأساة الحقيقية أن تكون هذه النخب التي شردها نفس الانقلاب لا تزال مؤمنة بهذه المؤسسات، فلا يدري المرء هل هذا من الفراغ والتيه والضياع الفكري، أم هذا من الجبن والرعب من مناقشة ما كان يعده المرء في الزمن القديم من "الثوابت"!
مبادرة محسوب لم تفعل شيئًا ولم تقدم جديدًا إلا أمرين فحسب، هي:
1. التنازل عن شرعية مرسي والمؤسسات المنتخبة لحساب "مرحلة تشاركية طويلة يجري فيها تثبيت دولة القانون وقيم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية".
2. المجاهرة بعزل وإقصاء "المتطرفين" من المناهضين للانقلاب العسكري!
وباقي المشكلات صدَّرته إلى هذا الكيان الجديد "الجمعية الوطنية" الذي سيضم "المعتدلين" والذي سيزعم أنه تمثيل للثورة وللشعب بكافة أطيافه (ما عدا المتطرفين.. أرجوك لا تنسى)!.. وساعتها سيفكر هو ويقرر ماذا نفعل في كل الملفات!
أقرأ
ردحذفWaleed Sharaby
February 11 at 4:54pm ·
الحكاية باختصار أن العسكر بعد الانقلاب طالبوا الثوار ب
* التخلي عن الشرعية
* القبول بمسار سياسي جديد
* الاعتراف بشرعية الانقلاب !!!
فسار على إرادة العسكر #جبهة_الإنقاذ_القديمة
فرفض الرئيس مرسي وقال (( الشرعية تمنها حياتي ))
وصاح البلتاجي في الثوار (( الانقلاب بااااااطل ))
وسار على هديهما الملايين من أبناء الشعب المصري منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.
إن كل المبادرات المطروحة مؤخرا رضخت لارادة العسكر بصورة كاملة ولم تخرج عن خارطة الطريق التي رسمها الانقلاب .