القتيل الإيطالي وشعب لا بواكي له
أحمد منصور
قامت إيطاليا ولم تقعد بكل أركان حكمها بعد العثور علي جثة الطالب الأيطالي جوليو ريجيني «28 عاما» ملقاة بجوار طريق القاهرة الاسكندرية السريع وعليها آثار تعذيب بعد اختفائه في الخامس والعشرين من يناير الماضي، وكان ريجيني طالب الدراسات العليا في جامعة كمبردج في بريطانيا يحضر أطروحته حول النقابات المستقلة في مصر، وعرف بانتقاده لنظام عبد الفتاح السيسي كما قالت الصحف الإيطالية التي تناولت الخبر، هذا على عكس الحكومة الإيطالية التي تعاونت مع النظام الاستبدادي الإرهابي في مصر ودعمته حتى شربت من كأس الظلم الذي يعيش فيه المصريون منذ استيلاء العسكر على السلطة في الثالث من يوليو عام 2013.
اختفاء الطالب الإيطالي والعثور على جثته بعد أيام وعليها آثار تعذيب هو الأسلوب الذي أصبح ممنهجا للأمن المصري مع الشعب المصري بكل فئاته منذ الانقلاب العسكري، ولنا أن نتخيل أنه خلال العام الماضي وحده 2015 سجلت أكثر من 2000 حالة اختفاء قسري لشباب وفتيات بينهم أطباء ومهندسون ومهنيون وطلبة جامعات ووجدت جثث كثير منهم ملقاة في الشوارع الجانبية أو على الطرق السريعة تماما مثل جثة الطالب الايطالي دون أن يحظوا بأي اهتمام إعلامي أو إنساني، لأنهم أيتام وليس لهم حكومات مثل الحكومة الإيطالية تثير قضيتهم وتحرك المجتمع الدولي من أجلهم وتستدعي السفير المصري وتحتج لدي الخارجية لأن هؤلاء يقتلون على يد النظام الذي من المفترض أن يحميهم، والاختفاء القسري والتعذيب يعني أن هناك سجونا سرية في مصر تماما مثل السجون السرية التي أسقطت حكومات في أوروبا بعد اكتشافها خلال السنوات العشر الماضية، ولنا أن نتخيل آلاف الأسر المصرية وهي تجول مصر بطولها وعرضها بين المستشفيات والمشارح وأقسام شرطة ومقار أمن الدولة والمخابرات العسكرية وهي تبحث عن ذويها دون جدوى ودون أن يعطيها أحد خبرا أو حتى يتعاون معها، فالنظام الذي يختطف والذي يحقق ويعذب ويقتل يعتبر نفسه ليس مسؤولا عن أحد، الأمر الأخطر من كل هذا أن كثيرا من الضباط ومخبري الأمن وأمناء الشرطة احترفوا ابتزاز الأسر بعشرات الآلاف من الجنيهات مقابل الإدلاء بمعلومات أو نقل رسائل بين الأسر والمعتقلين المختفين قسريا، وكثير من الأسر دفعت عشرات الآلاف من الجنيهات دون حتى أن تعرف أين أبناؤها وهل هم أحياء أم أن مصيرهم أصبح نفس مصير الطالب الإيطالي ولكنهم دفنوا بعد قتلهم تحت التعذيب في الصحاري التي تحيط بالسجون المصرية تماما كما كان يفعل القذافي وحافظ الأسد.
الطالب الإيطالي القتيل أكد على حقيقة كبرى أن الشعب المصري برمته لا يعني شيئا للنظام ولا قيمة له وللأسف لا بواكي له.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق