الاثنين، 2 يناير 2017

الحرب خدعة والحب خدعة أيضا


الحرب خدعة والحب خدعة أيضا
أحمد عمر


لقد كانت المرأة إحدى أهم أدوات الخداع في الحرب، وكانت سببا في أشهر حرب في العالم، هي حرب طروادة، التي يمكن أن نسميها حرب "امرأة طروادة". 
النساء يحببن المخادعين، أكثر من المخلصين ، الشاطر هو المغوي، الغاوون يحبون المرأة المغوية. كل الحروب الاقتصادية تستعمل المرأة العارية وسيلة إعلانية، أشهر مشروب تجاري هو الكولا، لقارورته شكل امرأة!

هناك مثال في التاريخ الإسلامي، و كان الإعلان التجاري فيها لامرأة ، كانت في الخمار الأسود، وكانت بالكلمة، بالشعر، وليس بالصورة!

أمس قرأت أن المترجم الفلسطيني لمجمل أعمال ماركيز، اللاجئ إلى إسبانيا، قال لصديق عابه على موقفه المشين من الثورة السورية، وسأله عن السبب فقال: لم أكن أعلم أن الثوار سيحجّبون المرأة! 
وبالأمس أيضا تحدث فنان سوري "معارض" عن سبب إقامته لمعرض في دمشق، والشعب يقتل بالبراميل: فقال: إنه يحارب القبح بجمال المرأة، وليس أجمل من جسدها! 
وديمستورا ليس سورياً، ولا من فلسطين، لكنه مؤسس نادي نساء ديمستورا، لملكات جمال السياسة "السورية" المتسلطة.
ولم يكن من بينهن واحدة تشبه الأمهات السوريات، فجميعهن من النساء الباسمات، نساء الأقليات، فنساء الأمّة أقل إغراءً، و تجملا، فهنّ أمهات شهداء! كان في الثورة السورية التي تسلحت مقاتلات محجبات، لكن الإعلام العالمي أعرض عنهن. 
الواقع أن محاربي النظام الكبار وقواده وقادته كانوا محجبين، ومبرقعين، لا يكاد المرء يعثر على صورة لعلي مملوك أو سهيل الحسن، أمّا إناث النظام فهن مبذولات وسافرات!

المحجبة قدوة غير حسنة!


الحب يعني التضحية، ولم يكن الأسد لديه الوقت ليضحي من أجل شعبه، فسعى إلى الطريق الثاني، وهو الرعب، فأحبّه الشعب السوري خوفاً على حياته.

الحب صار شعاراً في عصر الوريث الجمهوري، الأب المؤسس لدولة الحرب على الشعب، اكتفى بكلمة نعم، أو مليون نعم، أما الابن العاطفي، فانتشرت في عهده كلمة "منحبك" في الشوارع، وأمست شعارا مثل شعار وأهداف حزب البعث العربي الاشتراكي: منحبك، منحبك منحبك.. كتبت على الحيطان، وغدا الشعب مراهقا، وراء عشيقه في القصر الجمهوري!

الحب كان من طرف واحد، مثل قصص الحب المعروفة في القرن الماضي في السينما. يرسل الشعب رسائل الحب إلى الرئيس، لكن الرئيس كان يحبًّ شعوبا أخرى، بدلا من شعبه، ويمنحها الأمن والاستقرار، وهو يمنحها الآن الجنسية والحظوة. أما في مصر، فالأمر مختلف قليلا، فقد كان الحب هو خدعة الحرب، وكان الحكم في البلاد العربية حربا صامتة، "والحرب خدعة"، الحب كان حمار طروادة الذي استخدمه العسكر، فقد اشتهر السيسي بجمل الغزل الرديئة الهابطة: مثل "انتو نور عينينا "، و"تحيا مصر"، وما "بينامش الليل"، فهو لا ينام إلا أربع ساعات، والباقي من الساعات كان يقضيها في الحنين والسُهاد، "مضناك جفاك مرقده".

السياسة هي فن الممكن، حسب تعبير شائع، أو فن الخداع، أو فن الحكم. ثم ظهر لنا أنه فن النكاح السياسي.

ورواية زوبك ، لعزيز نسين، تروي قصة محتال، صارت مسلسلا باسم "الدوغري" أخرجه "هيثم حقي". خدع زوبك كل أهل قريته احتيالاً ونصباً، التي عاد إليها من أنقرة منبوذاً، ثم فجأة صار محبوب المواطنين، الذي كانوا ضحاياه!

هناك فصل في الرواية عنوانه " الحكومة ما غيرها"، فيه يتجسس أهل القرية على زوبك، وقد حوّل منزله إلى بيت دعارة، فيقررون أن يشكوه لأنه شوّه قريتهم، ثم يتراجعون، لأن الحكومة كلها كانت في بيته، تمارس الدعارة والفسق والفجور. لا أحد يجرؤ على ممارسة هذا الفسق إلا الحكومة!

السيد الرئيس زوبك زاد القرداحي، سيعيد بناء حلب أجمل، سيبني بدلا من قلعة حلب، قلعة للعلمانية الإيرانية والروسية، وسيحضر إليها شعباً أجمل من شعبها الأول، يلطم في السلم والحرب، ويحبُّ البكاء على قتيل في الماضي الغابر، وليس على نصف مليون قتيل معاصر، لا يزال دمهم ساخناً. بل يحتفل بقتلهم.

أشيع على صفحات "الفيسبوك" الزرقاء أن سيدة من معارضة الاستعراض والفالنتاين والأحضان، ستتولى الرئاسة الشكلية في سورية، فانتشرت على الفيسبوك عبارات التأوه، والقلوب الحمراء، وكلمة "منحبك"، بإخلاص هذه المرة، وسنعود إلى "حضن الوطن".. سنحب هذه المرة رئيستنا من أعماق القلب، وسترافقنا إلى وثير أحلامنا.

عاد الشباب بتلك الإشاعة إلى جادة الصواب، وأوتوستراد الفضيلة، وغيّروا الأغنية من: أنا لن أعود إليه، إلى أغنية: حضن الوطن..

يشرح عزيز نسين في الفصل الأخير من رواية "زُوبك": ما الزُوبكية؟ عند عودته الأخيرة، خرج زوبك بنغمة سياسية، وهي تحويل القرية إلى محافظة، فتحوّل الناس من جميع الأحزاب إليه، فاستغرب المؤلف الذي كان يراقبه، ويكتب قصته، وكان أحد ضحاياه، وسأل ما السبب؟ ثم وصل إلى التالي: "نحن جميعا زوبكات، فنحن نخدع أنفسنا أولا، ثم نرغم الخادعين على خداعنا، الأصح أننا نحن نخدع أنفسنا أولا، ثم نرغمهم على خداعنا إرغاماً، إننا نجمع الزوبكات في دواخلنا، ونصنع منها زوبكا بالقوة، نحن زوبك".

تغلب الوريث الجمهوري على الإرهاب، هناك مقطع من خطاب صريح وخطير للرئيس بشار الأسد، يعترف فيه بأنه يحارب الشعب، في لقاء له مع السادة العلماء، من رجال الدين وأئمة وخطباء المساجد، والداعيات، وبينهم علماء أتوا من حلب منشور على الـ "يوتيوب"، وتكرر فضائية الجزيرة الفيلم بين الأخبار: "بالمحصّلة، إذا انطلقنا من حقيقة واحدة، بأننا أمام عشرات الآلاف من الإرهابيين السوريين أنا لا أتحدث الآن عن أي إرهابي أتى من الخارج، إرهابيين سوريين أبناء هذا المجتمع، وعندما نتحدث عن عشرات الآلاف من الإرهابيين، فيعني خلف هؤلاء الإرهابيين، هناك حاضنة اجتماعية، هنالك عائلة، هناك قريب، هناك جار، هناك صديق، هناك أشخاص آخرين، يعني نحن نتحدث عن مئات الآلاف، وربما الملايين من السوريين، نقول ملايين .." الحب صارت حرباً، و"منحبك" كانت من نوع: ومن الحب ما قتل.

سقطنا في امتحانات الحرب والسلام بسبب الحب المزور. نساء السيد الرئيس زوبك زادة أحلى من نسائنا المحجبات، وسلاحه أقوى، معه قوى عظمى وإقليمية مثل وروسيا والصين الشعبية وأمريكا غير الشعبية وإيران الإسلامية.... الحب، بين المتزوجين، أو بين العشاق، يحتاج إلى غير قليل من الحب للاستمرار والاستقرار.

ذكرنا في المقال السابق، أن فقهاء المسلمين أجازوا الكذب في مسألتين، هما: الإصلاح بين المتخاصمين، والإطراء على جمال الزوجة بغير حق، ولا باطل في الإطراء والمطايبة، أما فقهاء السلطان، فقد جعلوا دأبهم المبالغة في إظهار حب الشعب للرئيس الحبيب الفحل، الذي لم ترد قصة عشقه في كتاب مسطور ، ولا في جواب منثور.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق