السبت، 28 يناير 2017

في القرن الماضي هم صعدوا إلى القمة

في القرن الماضي هم صعدوا إلى القمة في وقت كنا ننحدر فيه أمّا اليوم فنحن نصعد ونرتقي وهم يتجّهون إلى الانحطاط

إبراهيم قراغول
جاء وقت الانطلاق إلى الخارج بدلًا من الداخل. مثلما نراقب ونتابع تركيا والمنطقة المجاورة علينا من الآن الالتفات إلى ما بعد حدودنا، إلى الدول والمناطق الأخرى. إنّ مسألة علينا بعد انفتاحنا وتوسيع أفقنا فرضٌ وواجب علينا. فنحن الآن أكبر من أن نكون دولة لمنطقة ضيقة أو دولة متوسطة خاصة بعد ان انزلقت الأزمات والصراعات والفوضى إلى البعيد من منطقتنا.

عانت تركيا تحديات كثيرة خلال السنوات العشرة الأخيرات. 

هدفوا إلى تضييق مجال تركيا وحصرها في ساحة ضيقة. وجرّبوا كافة الأساليب لتنفيذ ذلك. هدفهم كان هو السيطرة عليها وحصرها ضمن مجال معين. وهذا ما دفعهم إلى استعمال أقبح الأساليب الغير أخلاقية في سبيل فرض قوتهم. وكان كل ذلك فقط لقيام دولة تركيا بتحدّي مفاهيم القرن العشرين.

فهي أعلنت رفضها بأن تكون مجرد دولة جبهة أو تحت نظام وصاية أو تحت رحمة العلاقات التحالفية أو أي علاقة من طرف واحد. كان هذا الاعتراض موقف غير مألوف بالنسبة للدول الحاكمة والمسيطرة على بلدنا. رغم أنهم كانوا ينتظرون منا هذا الموقف وتوقعوه من قبل، ولكن كل هذه الشجاعة وهذا التحدي الصارم والناجح كانت أمور غير متوقعة لديهم.

وبدأت عملياتهم الاعتدائية بعد أن تم إعلان هذا التحدي الصارم. لقد جرّبوا كافة الأساليب من أساليب إرهابية وانقلابية وتدخلات اقتصادية وصولًا إلى مؤامرات تحريض الصراعات الاجتماعية. لقد سوّقوا مشاعر الخوف واليأس ونفّذوا مشاريعًا متعددة في سبيل إنهاء ثقة الشعب بدولته.

قاموا بتحريض كل معارض في تركيا ضد دولته وبلده وشعبه وضد هذه المسيرة التاريخية. وقليل من الدول استطاعت أن تتحمل وتقاوم كافة هذه الضغوطات وتجتازها. كافة الدول التي حولنا قد هُزمت بعد هذه الاعتداءات. ولكن تركيا ليست بمجرد دولة ولا تعتبر مجرد منطقة الأنضول أو مجرد تاريخ جمهورية. تركيا تقع في المركز القوي للتاريخ السياسي العالمي فهي من إحدى صناع التاريخ وليس من السهل السيطرة عليها.

وإن هذه التغييرات التاريخية ولّدت قادة عظماء وتضامن شعبي قوي وتحركات سياسية متينة. وهذا ما حصل بدولة بتركيا. هذا هو دور أردوغان في التاريخ وهذا هو قدره. هذه هي المقاومة السياسية التي يتم بذلها خلال السنوات العشرة الأخيرات وهذا هو قدر شعبنا. ولا شك أن مرحلة عودة التاريخ تعتبر مرحلة مؤلمة وهذا ما يحصل الآن. ولكن هذه التغييرات ليست بتغييرات قصيرة المدى بل هي تغييرات ستحدد مئات السنين القادمة.

تركيا تخطط وتؤسس للقرون الثلاث القادمة. فهذا الصراع صراع عظيم لهذه الدرجة. وكل من روّاد هذا الصراع والمضحّين بأرواحهم في سبيل هذا الصراع وكل من يدفع ثمن هذا الصراع هو عظيم أيضًا.

ونحن قد وصلنا إلى آخر مرحلة من هذا الصراع. والآن نحن أمام العتبة الحرجة. ومن يعلم، قد نكون على وشك اجتياز هذه العتبة. وبعد أن وصلنا إلى هذه النقطة بدأت صرخات الكوارث تأتي من شتى أرجاء العالم. أمريكا خاضت في الصراعات الداخلية والاتحاد الأوربي على وشك الانحلال واشتباكات أمريكا وروسيا أدّت إلى تمديد التعزيزات تجاه أوربا الشرقية ، كما بدأت مصطلحات "الحرب" تتداول بين الأطلنطي والصين في تحديات الهادي.

ومن يعلم قد تكون مرحلة عودة التاريخ ليست محصورة بتحديات ومقاومات تركيا فقط.
حينما ترتقي وتزدهر دولة تركيا وتستطع شمسها من جديد نرى أن الحواجز التي أمامها تختفي والعالم ينزلق إلى صراعات متنوعة باتجاه الانحطاط.

في الحرب العالمية الأولى كنا نحن في طرف الانهيار في حين كان فيه هؤلاء يتجهون إلى الارتقاء، وبعد مئة عام من ذلك اليوم نرى هؤلاء في طرف الانهيار و نحن نتجه إلى نور الارتقاء والازدهار..
ومن يعلم قد يكون هذا هو قدرنا أيضًا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق