لأن التاريخ لا يغفل أدوار الثائرين؛ فإنه لا يمكن أبداً أن تسقطَ من ذاكرته امرأةُ عظيمة كالسيدة الأولى الملهمة التي لم تُسلط الأضواء عليها حتى الآن، إما تجاهلاً أو خوفاً من تأثيرها على نفوس أخريات كثيرات، سيجدن فيها مثالاً للأم والزوجة والحبيبة التي حاربت دولا وكيانات وجماعات لكيلا توجد في الأمة المسلمة!
في أجواء يناير الصاخبة، والرياح العاتية التي تمر بالمنطقة، وليس بعيدا عن هدير العاصفة الديموقراطية الأمريكية، وهدية "ميشيل أوباما" إلى "ميلاني ترامب"، والحديث عن سيدة البيت الجديدة، تنازعتني أفكار وخواطر عن سيدة مصر المختطفة، والمختطفة هنا عائدة على مصر لا على سيدَتِها. يقول البعض أن الزوج لم يكن وحده النموذج الجديد لأول رئيس مدني يحكم مصر بعد عقود من الحكم العسكري، بل كان النموذج الأبرز هو هذه السيدة التي غيرت نظرة المصريين إلى سيدة القصر، والتي اختارت لنفسها لقب ( خادمة الوطن).
دحضت السيدة الأولى - وهكذا عرفتها مصر رسمياً- اتهامات الغربيين للإسلاميين بتهميش دور المرأة، والتقليل من أهميتها، وحصر اهتماماتها في طاعة الزوج وتربية الأولاد، بل ظهرت كشريك كفاح، ورفيق دربٍ لا يتخلى عن رفيقه. |
سيدة القصر التي لم تبهرها زينة الحكم ولا أبهة القصور، وفضلت أن تعيش مع زوجها في بيتها الخاص، لترسل رسائل للناس بأنها منهم وليست فوقهم، ولتنأى بنفسها عن التدخل في شؤون الحكم، كما فعلت ساكنات القصور قبلها. كانت في رأي الكارهين خطرا شديداً ينبغي الحذر منه ومحاولة إقصائه عن مشهد الحكم في مصر.
دحضت السيدة الأولى - وهكذا عرفتها مصر رسمياً- اتهامات الغربيين للإسلاميين بتهميش دور المرأة، والتقليل من أهميتها، وحصر اهتماماتها في طاعة الزوج وتربية الأولاد، بل ظهرت كشريك كفاح، ورفيق دربٍ لا يتخلى عن رفيقه، وكيف لا؟ وهي تروي موقف زوجها معها منذ ما يقارب أربعة عقود، وهو يعرض عليها طلب انضمامه لجماعة الإخوان المسلمين، وينتظر رأيها ليقبل أو يرفض لعلمه أنه لا يستطيع السير في هذا الطريق الذي اختاره وحده، بلا عُدة ولا عتاد ولا ظهير يحميه وقت الحاجة، ويحمله إذا عز النصير.
دحضت السيدة الأولى - وهكذا عرفتها مصر رسمياً- اتهامات الغربيين للإسلاميين بتهميش دور المرأة، والتقليل من أهميتها، وحصر اهتماماتها في طاعة الزوج وتربية الأولاد، بل ظهرت كشريك كفاح، ورفيق دربٍ لا يتخلى عن رفيقه، وكيف لا؟ وهي تروي موقف زوجها معها منذ ما يقارب أربعة عقود، وهو يعرض عليها طلب انضمامه لجماعة الإخوان المسلمين، وينتظر رأيها ليقبل أو يرفض لعلمه أنه لا يستطيع السير في هذا الطريق الذي اختاره وحده، بلا عُدة ولا عتاد ولا ظهير يحميه وقت الحاجة، ويحمله إذا عز النصير.
المرأة المثقفة التي تعيش في بلاد العم سام كمترجمة لغير المسلمات لتعريفهن بالرسالة المحمدية، والتي تعمل متطوعة في المجال الخيري في دولة الديموقراطية المنتقاة، لم يغب عن ذهنها تبعات هذه الموافقة، وتقبل راضيةً هذا الاختيار، وتتحمل في سبيله خلال عقود مالا تتحمله زوجة أخرى. ثم تربي أبنائها ووحيدتها على هذه العقيدة الراسخة، لتُخرج نماذج تسير على ذات الدرب الذي سلكته مختارة وواعية.
خرجت السيدة "نجلاء" لتغير من قناعات الكثيرات والكثيرين، ولتضيف بعدا آخر إلى شخصية المرأة المسلمة، وإن كانت في بيئة غير مسلمة! السيدة التي يحكي عنها المقربون منها مواقف إنسانية لا يتسع المقال لذكرها، لم تفقد يوما ابتسامتها الظاهرة للناس وتثبيتها للمؤمنين بعدالة قضيتهم، والمصابين في أبنائهم أو أرزاقهم، تبثهم الأمل وتواسي جراحاتهم وتشد من عزيمتهم وهي تُخفي وجعاً لا تتحمله إلا أولات العزم من النساء، لغياب زوجها الحبيب والقريب والصديق والرفيق، الذي كان لها دنياها، وطريقها للجنة، والذي ولا يكاد يمر يوم ولا ساعة من نهارٍ أو ليل وهي واعية إلا وتناجي ربها مناجاة الأنثى التي زاد بها الشوق إلى حبيبها أن يرده إليها عزيزاً معافى، ثابتا على الحق.
إذا تحدثت وجدت لحديثها أثراً في نفوس المستمعين، وإذا ابتسمت داوت جراحاتٍ للمعذبين، وهم يرون فيها هذا المثال الحي للصبر الجميل، وبالتأكيد هناك الكثيرات من المفوهات والمجاهدات في ميادين الدعوة المختلفة، لكنهن حتى هذه اللحظة لم تكن إحداهن زوجة رئيس لدولة بحجم مصر. |
تُقدم (أم أحمد) نموذجا مبهرا من التسامح والرضا، عندما تتحدث عمن كانوا سببا في غياب زوجها، والعبث بمقدرات وطن يعاني سوء المنقَلب، ولا تجد منها أبدا شماتةً ولا تشفياً ولا حتى تجاهلاً، بل تعذر إلى الله وتدعوه أن يهدي الناس إلى سبيل الرشاد، وأن يرفع البلاء عنهم وأن يبصرهم بالحق لعلهم يرشدون.
تُبدي تماسكاً وقوة في أصعب المواقف والأسئلة، عندما يحدثها الآخرون عن احتمالات المشهد الكئيب، وسط صمتٍ دولي، وعجز عربي، وتآمرٍ داخلي، فتقول "هو الله الرحيم ولن يضيعنا"، وإذا جاءت مشيئته قبلناها بقلوبٍ مؤمنة بقضائه وعدله راجيةً ثوابه وفضله.
إذا تحدثت وجدت لحديثها أثراً في نفوس المستمعين، وإذا ابتسمت داوت جراحاتٍ للمعذبين، وهم يرون فيها هذا المثال الحي للصبر الجميل، وبالتأكيد هناك الكثيرات من المفوهات والمجاهدات في ميادين الدعوة المختلفة، لكنهن حتى هذه اللحظة لم تكن إحداهن زوجة رئيس لدولة بحجم مصر. الزوجة التي كانت سنداً وعوناً، زوجة يغيب عنها زوجها صوتاً وصورة فقط -وليس وجدانا- في ظروف لا يعلمها إلا الله.
يسجن بعض أبنائها، ويضيق عليها، وتحارب من أناسٍ أحسنت إليهم! لا لشيء إلا لأنها قبلت راضية أن تفعل ما تستطيع لخدمة وطنها وأهلها، هي ولا شك سيدة لا يهمها أن تسكن القصر بعد أن سكنَت قلوب الملايين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق