الخميس، 19 ديسمبر 2024

المقارنات... أفسدت الحياة

ربيع الكلمات

المقارنات... أفسدت الحياة







نعيش في عصر التكنولوجيا والتواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي، وأصبحت هذه الوسائل والبرامج جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، حيث العديد من الناس بدأ يقارن حياته بما يشاهده من مقاطع وصور عن طريقة العيش والصرف والبذخ، لدرجة أن المقارنة وصلت حتى للحياة الأسرية والزواج وتقديم الهدايا بشكل مُبالغ فيه في الخِطبة، ما جعل الكثير من الشباب يعزف عن الزواج مما يراح من الصرف، وغالباً ما تكون هذه الحياة المعروضة في الصور و«السوشال ميديا» بصورة مثالية وغير واقعية، لذلك أفسدت هذه الصور الحياة الأسرية بسبب المقارنات.

وقد تسبّب المقارنات في التواصل الاجتماعي إلى اضطرابات مثل القلق وعدم الرضا عن الواقع، وكل ما يقدّم له من الوالدين غير مُرضٍ بسبب هذه المقارنات، إضافة إلى الانفعال على أبسط الأشياء والمواقف اليومية ما تسبب هشاشة نفسية للأبناء.

كذلك، هناك خطأ فادح يقع فيه بعض الآباء عندما يريدون أبناءهم بصورة مثالية، وعندما يقارن الآباء أبناءهم بأقرانهم الذين يظهرون على وسائل التواصل الاجتماعي، فإنهم يعرّضون أبناءهم لضغوط نفسية كبيرة، وغالباً ما تكون الصورة مثالية منتقاة بعناية من حياة الآخرين ما يشعر الأبناء بأنهم أقل من أصدقائهم وأقرانهم، وبالتالي يؤدي إلى انخفاض تقدير الذات لدى الأبناء والشعور بالفشل.

والمقارنات المتكرّرة من قبل الآباء للأبناء تخلق فجوة عاطفية وحاجزاً كبيراً قد يصعب علاجه، لذلك يشعر الأبناء أنهم غير مفهومين وأن حب والديهم مشروط بتحقيقهم مستوى معيناً من الإنجاز أو النجاح مثل أقرانهم وإلا فهم غير ناجحين، وقد تدفعهم إلى الشعور بالحسد تجاه الآخرين أو الدخول في منافسات غير صحية، ما يعوق قدرتهم على بناء علاقات إيجابية.

على الآباء أن يتوقفوا فوراً من مقارنة أبنائهم بالآخرين، ومن الضروري أن يدرك الآباء أن كل طفل مميز وله مواهبه وسماته تختلف عن غيره بدلاً من المقارنة غير المنصفة، ويجب تعزيز بيئة مشجعة ومحبة تدعم النمو الشخصي بدلاً من الانشغال بالمقارنات التي تفسد حياة الأطفال.

وينبغي على الآباء دعم أبنائهم وتشجيعهم على تقدير إنجازاتهم ولو كانت صغيرة، لأن هناك فروقات فردية بين الأبناء وغيرهم، والتركيز على نقاط قوتهم وتعزيزها بدلاً من التركيز على نقاط ضعفهم أو مقارنة أنفسهم بالآخرين، مع توجيههم إلى الأنشطة التي تعزّز الإبداع والتفاعل الإيجابي مثل الرياضة أو القراءة أو العمل التطوعي.

يذكر أن دراسة كندية قام بها باحثون من جامعة تورنتو وجامعة ماكستر، ونشرت في مجلة تنمية الطفل، أشارت إلى أن معاملة أحد الأطفال بشكل سلبي وتمييز طفل عن آخر لا ينعكس بالسلب على الطفل الذي يعامل بشكل سيئ فقط، ولكن تمتد آثاره لبقية الأطفال في العائلة، ورصدت هذه الدراسة أيضاً أن الآباء الذين يتعرّضون لضغوط نفسية هم في الغالبية يميلون إلى معاملة الأطفال بشكل مختلف بعضهم عن بعض.

ويشير موقع «سيكولوجي توداي» إلى أن الصحة العقلية للأطفال المعرضين للمقارنة السلبية قد تتعرّض للخطر الشديد.

يذكر عالم النفس في جامعة كارولينا الشمالية ميتش برينشتاين «عندما نعتمد على الآخرين في إحساسنا بأنفسنا، ولا نشعر بالرضا إلا إذا حصلنا على ردود فعل إيجابية، أو سعينا لأن نكون الأحسن أو الأفضل أو الأجمل، فإننا نتعرض لخطر الاكتئاب».

وفقا لموقع «فيري ويل فاميلي»، هناك بعض الأمور التي يجب أن تعلمها لابنك، أولها هو تحقيق التوازن بين قبول الذات وتحسينها، وأنه بإمكانه أن يحب نفسه كما هي، بينما يسعى أيضاً إلى أن يصبح أفضل. وبهذه الطريقة نستطيع أن نخرج أبناء أسوياء للمجتمع من غير أي عُقد قد تسبب لهم مشاكل في المستقبل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق