السبت، 14 ديسمبر 2024

استدعاء داعش من أجل عيون قسد

 

 استدعاء داعش من أجل عيون قسد


د عزالدين الكومي




يعلم العالم كله أن أمريكا دعمت تنظيم “قسد” وسلّحته لتهيمن على منابع النفط في المناطق الشرقية من سوريا ، وكذلك يعلم العالم كله أنها “ادَّعت” محاربة تنظيم داعش – رغم أنها هي التي أوجدته في الحقيقة ، وهو ما صرح به المرشح الرئاسي الأمريكي (كيندي جونيور) – فلماذا نجدها الآن تحاول إحياء تنظيم داعش !!! .

وقبل أن أسترسل في الحديث فإني أحب أن أقول هنا كما قال غيري : إن روسيا ليست هي العدو الأخطر للشعب السوري ، ولكن العدو الأخطر لسوريا والمنطقة كلها بل والعالم أجمع هي أمريكا أم الخبائث !! .

فما إن تمّ دخول الثوار السوريين إلى دمشق حتى رأينا  الكيان الصهيوني “صنيعة أمريكا وكلبها المدلل” يقوم بقضم مناطق من سوريا بزعم تأمين حدود الكيان الصهيوني – الذي لا يستحق أي حدود – وتدمير كلّ أسلحة الجيش السوري حتى تكون سوريا في ظل الحكومة الجديدة بلا غطاء .

وبالتوازي رأينا أمريكا تستدعي شماعة “داعش” خوفاً من تمدد الثوار جهة الشرق وطرد قسد التي لا يمكنها الصمود أمام الثوار سوى ساعات معدودة ، خاصة بعد تحرير تل رفعت ومنبج ، وكأنّ أمريكا بلسان الحال والمقال تقول : إنها لن تسمح بوصول الثوار أو تركيا إلى شرق الفرات ، لذا  تحاول الولايات المتحدة وتنظم قسد بعث تنظيم داعش من  مرقده عبر التهديد بإطلاق ما تبقى من مساجين داعش في سجون تنظيم قسد بزعم  ضرورة وقف العمليات ضد تنظيم قسد ، لأن ذلك سوف يساعد على إحياء تنظيم داعش من جديد !! .

ولكن بعد تحرير منطقة دير الزور التي تحررت من نظام الأسد الساقط ومن  تنظيم قسد الإرهابي .. تبقى منطقة عين العرب .
وقد بدأت قسد تقدم بعض التنازلات فعلا لمنع ذلك .

فقد جاء في تصريحاتٍ لقائد التنظيم “مظلوم عبدي” : “إنهم مستعدون لإعادة جثمان سليمان شاه إلى مكانه الأصلي جنوب مدينة عين العرب ، ولكن تركيا تصرُّ على طرد التنظيم الإرهابي من عين العرب كلها .
وبعد سيطرة عملية ردع العدوان وفجر الحرية على معظم البلاد لم يبق إلا محافظتي الرقة والحسكة تحت سيطرة ميليشيا قسد وهو ما يعزز مطالب تركيا بإبعاد تنظيم قسد الإرهابي عن حدودها .
لذلك يمكن أن يحدث توتر في العلاقات بين تركيا وأمريكا في الأيام القادمة .

فتركيا لا يمكن أن تقبل بوجود قسد بأي حال من الأحوال ، وأمريكا ترغب في إقامة دولة كردية أو حتى حكم ذاتي لإنتاج  كردستان جديد في شمال سوريا على غرار كردستان شمال العراق للسيطرة على منابع النفط في البلدين ؛ ليتمّ لاحقا ربط هذه المناطق بمناطق الحكم الذاتي للأكراد في العراق إضافة لحسابات أخرى .

فكلّ من أمريكا والكيان الصهيوني يراهنان على قسد ؛ فأما أمريكا فإنها تريد السيطرة على منابع النفط وامتلاك أوراق ضغط على تركيا ، وأمّا الكيان الصهيوني فإنه يحلم بممر داوود للوصول لنهر الفرات لتحقيق الحلم المزعوم من النيل إلى الفرات ، ولكن بعد أن تمّ تحرير دير الزور أصبح  الكيان الصهيوني يبحث عن وسائل أخرى للعودة للحلم القديم .
وعندما بدأت أمريكا بتحريك الملف الداعشي بدأ تنظيم قسد يروّج للعالم أنَّ وجوده من أهمِّ الضرورات التي تبيح المحظورات لقتال داعش التي هي بالأساس صناعة أمريكية كما أسلفنا !! .
وقبل أن تغادر إدارة بايدن البيت “الأسود” وجهت تهديداً لتركيا تحذرها من مغبة استمرار الهجوم على قسد .

وقبل يومين قام قائد القيادة المركزية الأمريكية “كوريلا” بزيارة قادة تنظيم قسد لترتيب الأوضاع وإعادة التموضع شرق الفرات.
وكأن تنظيم قسد يجعل شرعيةً لوجوده من خلال قتال تنظيم الدولة “داعش” !! 
وهي الحجة التي من خلالها تبسط سيطرتها على مناطق واسعة من الشمال الشرقي السوري وتأمين الدعم السياسي والعسكري الغربي .

وبعد عملية تحرير حلب وحماة وحمص ودمشق اقترحت تركيا على الولايات المتحدة الأمريكية في  نوفمبر الماضي 2024 أن يتولى الجيش التركي مسؤولية قتال داعش في سوريا إذا ما قامت الولايات المتحدة بسحب قواتها وقطعت دعمها العسكري عن قسد ، فضلاً عن تعهد تركيا بتولي مسؤولية آلاف المقاتلين التابعين لتنظيم الدولة والمحتجزين مع أقربائهم لدى قسد في مخيم الهول .
لكن هذا المطلب التركي لم يلق تجاوباً من واشنطن بالرغم من أن ترامب كان قد أعلن استعداد أمريكا لسحب قواتها من سوريا خلال فترة رئاسته الأولى ! .
فرفَضتْ إدارة بايدن العرض التركي لأنّه سيؤدي إلى إفناء تنظيم قسد نهائياً ، وهو ما لا تحبذه أمريكا ، لأنّ قسد هي إحدى أهم أوراق الضغط ضد تركيا !! .
لكن على ما يبدو أن هناك تفاؤل تركي بعد فوز ترامب ، فقد حملت تصريحات مسؤولين أتراك كثيرا من التفاؤل بخصوص سحب القوات الأميركية من شمال شرقي سوريا .

فعلى سبيل المثال قال وزير الدفاع التركي “يشارغولر” بعد فوز ترامب : 
“قد يركز ترامب على هذه القضية بشكل كبير خلال هذه الفترة، وربما قد يسحب الجنود الأميركيين من سوريا ومن المنطقة كلّها بما أنّه أصبح لدى الولايات المتحدة قضايا أكبر” .
وقبل تصريحات وزير الدفاع التركي كان التفاؤل واضحاً في تهنئة الرئيس التركي أردوغان لترامب بعد فوزه بالرئاسة بقوله “أهنئ صديقي دونالد ترامب الذي فاز بالانتخابات الرئاسية وانتخب مرة أخرى رئيسا للولايات المتحدة الأميركية” .
هذه التصريحات التركية المتفائلة بعودة ترامب انعكس أثرها على قادة قسد فقد قالت “سينام محمد” لصحيفة نيوزويك : “كانت لدينا تجربة مؤلمة مع الرئيس ترامب، ولا أنكر أننا شعرنا بالإحباط عندما قررت واشنطن الانسحاب من سوريا وتركت حلفاءها تحت رحمة التهديدات التركية ، التي احتلت مناطق في شمالي سوريا ، ولديها شهية لاحتلال مزيد من الأراضي” .
على كل حال فإن الأيام القادمة حُبْلى بالأحداث التي نرجو أن يكون فيها كل الخير للسوريين والأتراك وكل المسلمين .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق