عندما كنت (ضالا) فى الدرب الناصرى
صلاح الإمام
زمان ..
عندما كنت (ضالا) فى الدرب الناصرى أدافع عن الزعيم الأسطورة بالحق والباطل، كنت فى هذا الدرب أختلط بالسادة اليسارجية، فهم والناصريون أبناء عمومة ..
كنت معهم ضد القيم المجتمعية وضد عاداتنا وموروثاتنا وأخلاقياتنا بل وديننا ..!!
طالما جالستهم فى أماكنهم المقدسة وهى أربعة أماكن بالقاهرة ..
الطبقة الفقيرة منهم قبلتهم كانت قهوة التكعيبة بشارع شامبليون ..
والطبقة شبه المتوسطة كانت قبلتهم قهوة زهرة البستان ..
والطبقة المتوسطة كانت قبلتهم مقهى وبار ريش ..
أما أغنياؤهم فكان مجلسهم فى “الجوريون” وهو مطعم وبار وكافيه ..
جلست معهم فى كل هذه الأماكن، وكل مكان من هذه له ناسه، والجوريون بصفة خاصة كنت تجد فيه كثيرا من الفنانين المشاهير ..
على مقهى زهرة البستان تعرفت بطبيب يسارجى بدا لى مثقفا واعيا ..
دعانى ذات يوم للعشاء فى مكان جميل على النيل، وكان معه شلة من قرنائه اليسارجيين أغلبهم إناث ..
ونحن جلوس فى انتظار العشاء سمعنا آذان العشاء .. فوجدته يقول بكل ضيق: إيه الجليطة دى؟ .. ليه يقطعوا علينا هدوءنا عشان يقولوا محمد رسول الله ؟!! .. أنا كان معايا سايح أجنبى قالى إنه كره البلد دى بسبب ان كل شوية تنطلق من مكبرات الصوت بكلمات غريبة ويقولوا محمد محمد .. مين محمد ده؟!! ..
قلت له انت بتتكلم جد؟ فقال طبعا أنا ضد هذا التلوث السمعى لأن فيه اعتداء على (حريتنا) ..!!
قلت له: لكن انت اسمك محمد .. ليه مابتغيروش؟ ..
قال: ماهو أهلى ناس من العوام وسمونى كدا ………..!!
وقفت وقلت له: أنا منصرف ومش هنتظر عشاءك .. مايلزمنيش لاعشاؤك ولا مجلسك وأنت كمان لا تلزمنى ..
كانت صدمة كبيرة بالنسبة لى أن أجد شخصا المفروض أنه مسلم قد بدت البغضاء فى فاهه ومايخفى قلبه أعظم ..
بعدها بأيام التقيت صديق من هؤلاء كان وزوجته ممن يداومون على الجلوس معنا على زهرة البستان .. لكنى وجدته من غير زوجته، فسألته عنها، فقال لى أصل عندى ضيف وسبتها معاه .. تصورت أن أحد أشقائها أو أحد أعمامها أو أحد أخوالها زارهم .. فسألته بفضول: ضيف مين اللى عندكم؟ .. فقال لى: ابن عمى ..!!!
تخيلوا ترك زوجته التى كانت فى العشرينات من عمرها مع ابن عمه بمفردهما وخرج يهيم كالبهيم ..!!!
ورأيت حالات أعف عن ذكرها من عينة أن فلان هذا على علاقة غير محترمة بزوجة صديقه فلان هذا .. وقصص مرعبة
بدأت أتأمل هذا الصنف من البشر .. لماذا مظهرهم رث وشعورهم منكوشة ويدخنون بشراهة، ويحششون ويحتسون الخمور ويدفعون فيها آخر جنيها فى جيوبهم قد تكون بيوتهم فى حاجة إليه؟ ..
بدأت أركز جيدا فى هذه النوعية من البشر .. فهم يتمتعون بقدر من الثقافة والمعرفة، ومفوهون، ومنهم أدباء وشعراء وفنانين ومبدعين، لكنهم فى طريق مضاد للفطرة الإنسانية الصحيحة .. ويعادون بشدة فكرة قال الله وقال الرسول .. ويقدسون مايسمونه (الحرية الشخصية) حتى لو اصطدمت بثوابت الدين والأخلاقيات والأعراف ..
كان الحوار معهم يصيبنى بالتوتر والعصبية .. حتى أننى قلت ذات مرة:
[لاتجادل اليسارى إلا والبلغة معك ..
إن اليسارجيين أنجاسٌ مناكيدُ]
وبدأت أبتعد عن هذه الأشكال، وقاطعت الأماكن التى يتجمعون عليها .. ثم تخلصت منهم وأخرجتهم من حياتى ..
لكنى أخذت وقتا أطول حتى تحررت من ناصريتى وكأنى كنت أعمى فأبصرت ..


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق