السودان.. رقعة شطرنج دولية.. من يتحكم
بلعبة السلام والحرب؟
بعد 29 شهراً من الدماء والدموع والدمار، تتدافع المبادرات الدولية والإقليمية لإنهاء الحرب في السودان، لكن السؤال الذي يفرض نفسه:
هل تبحث هذه المسارات عن التكامل أم التنافس؟ بين الرباعية بقيادة واشنطن، والاتحاد الأفريقي، والأمم المتحدة، وهيئة الإيغاد، تتهافت الجهود في وقت يحتاج فيه السودان إلى خريطة طريق واحدة توحد الجهود لا أن تفتتها.
المسار الرباعي.. واشنطن تقود اللعبة
تقود الولايات المتحدة مجموعة الرباعية (السعودية، مصر، الإمارات) في طرح خطة جديدة لوقف إطلاق النار، تسعى من خلالها لتجنب تقاطع المواقف الدولية الذي يعطل عملية السلام. وواشنطن تريد الربط بين جهود الرباعية وتحريك الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، في محاولة لخلق تنسيق دولي غير مسبوق.
المسار الأممي.. لعمامرة يدق أبواب الأطراف
مبعوث الأمم المتحدة رمطان لعمامرة ينطلق في جولة مكوكية شملت نيروبي وبورتسودان، حيث التقى تحالف “صمود” بقيادة حمدوك، و”حركة تحرير السودان” مع عبد الواحد نور، وتحالف “تأسيس” الموالى للدعم السريع، بالإضافة إلى شخصيات سياسية أخرى. لعمامرة يحاول وضع أسرار للقاء مباشر بين الأطراف المتنازعة في أكتوبر المقبل تحت مظلة الاتحاد الأفريقي.
مواقف الأطراف السودانية.. تباين واضح
تحالف “صمود” يطالب بفصل مسألة الشرعية عن عملية إيقاف الحرب، بينما تؤكد قوى الحرية والتغيير على ضرورة حيادية الجهود الدولية وعدم تدخلها في الشؤون الداخلية. والحكومة السودانية في بورتسودان ترفع شعار “خارطة الطريق” التي سلمتها للأمم المتحدة كمرجع رئيسي للحل، مع تأكيدها على شرعيتها الدولية.
التعبئة الأممية.. وقت الضغط الدولي
لعمامرة يعلن أن الأمم المتحدة ستعمل جاهداً للتأثير على المواقف الدولية ذات العلاقة بالسودان، مؤكداً أن العام الثالث للحرب لا يجب أن يمر دون إحداث نقلة نوعية على الأرض. المتحدث الأممي يصف اللقاءات بأنها “بناءة للغاية” وتشكل أساساً لعملية سلام شاملة.
مسارات موازية.. تعددية قد تفضي إلى فشل
بالتوازي مع المسار الأممي، يجري مستشار الرئيس الأمريكي للشؤون الأفريقية مسعد بولس محادثات مع مفوضية الاتحاد الأفريقي، مؤكداً أن الرباعية “منصة داعمة وليست بديلة”. من جهته، يؤكد الاتحاد الأفريقي استمراره في مساره الموازي، مع التنسيق مع الرباعية وشركاء آخرين.
التحدي الأكبر.. غياب المشروع الوطني
الباحثون يرون أن التحدي الحقيقي لا يكمن في تعدد المسارات الدولية، بل في غياب مشروع وطني شامل يجمع الأطراف السودانية. هذا الغياب هو الذي يفتح الباب للتدخلات الخارجية ويجعل المبادرات الدولية بديلاً عن الإرادة الوطنية.
تنافس خفي.. صراع النفوذ الدولي
ثمة مؤشرات على تنافس خفي بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي من جهة، والمجموعة الرباعية من جهة أخرى. الاتحاد الأفريقي الذي يعتمد على التمويل الأوروبي يشعر بالتهميش بعد قيادة واشنطن للملف مع دول عربية، متجاوزةً الجانب الأفريقي.
السودان بين المطرقة والسندان
تبقى الحقيقة الأكثر قسوة أن السودان أصبح ساحة لصراع النفوذ الدولي والإقليمي، بينما يدفع الشعب السوداني الثمن من دمائه ومستقبله. تعدد المسارات قد يكون نعمة إذا أدى إلى تكامل الجهود، أو نقمة إذا تحول إلى تنافس يطيل أمد الحرب. الخطر الأكبر أن تتحول هذه المسارات إلى حديثٍ في المؤتمرات بينما النار تأكل الأخضر واليابس في السودان.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق