الأحد، 28 سبتمبر 2025

مسلمون خلف الذاكرة الوثنية الجديدة.. وملحمة الانتصار على جورجيا

 مسلمون خلف الذاكرة 

الوثنية الجديدة.. وملحمة الانتصار على جورجيا

شعبان عبدالرحمن


الوضع الديني والسياسي الراهن في أبخازيا


باتت غالبية السكان اليوم في أبخازيا من معتنقي الديانة المسيحية الأرثوذكسية، بينما برزت ظاهرة

 جديدة وهي تزايد أعداد معتنقي ما يسمى «الوثنية

 الأبخازية الجديدة»؛ وهي عبارة جامعة لحركات

 دينية متأثرة بالعقائد الوثنيّة في أوروبا القديمة،

 شهدت إحياء في تسعينيات القرن الماضي ولا يزال

 تأثيرها قوياً.

من الناحية السياسية، لم تتمكن أبخازيا من الحصول

 على الاعتراف الدولي الكامل باستقلالها بسبب عدم

 امتلاكها مقومات الدولة حتى اليوم، ولم يعترف

 باستقلالها سوى 5 دول فقط، هي: روسيا، وفنزويلا،

 ونيكاراجوا، وناورو، وسورية، هذه هي الدول التي

 يمكن السفر إليها والعودة منها بجواز سفر أبخازي،

 أما الوجهات الأخرى فيتم السفر إليها بجواز سفر

 روسي.

وتسيطر روسيا عملياً على حدود واقتصاد وجيش

 أبخازيا بشكل كامل، وتُغطي المساعدات المالية

 الروسية ما يقرب من 80% من ميزانيتها؛ ما يحد

 من قدرة أبخازيا على العمل باستقلالية كاملة.


أبخازيا.. فرصة نادرة للاجئين السوريين


تُعد أبخازيا بهذا الوضع حالة نادرة بين الدول؛ فهي

 شبه دولة مستقلة تسعى لزيادة عدد سكانها عبر تقديم

 العديد من الامتيازات، ولعل السوريين هم الأكثر

 استفادة من هذه الامتيازات، ففي الوقت الذي كانت

 فيه العديد من الدول ترفض أو تقيد انتقال اللاجئين

 السوريين إليها، رحبت بهم أبخازيا.

ويمكن أن يساعد توطين الأسر السورية في البلاد

 على ارتفاع تعداد سكان الدولة، وقد مثّل هذا الوضع

 فرصة كبيرة لآلاف السوريين ليعيشوا في أبخازيا

 بأمان وسلام، حيث يمتلكون حقوق العيش فيها كأي

 مواطن عادي، بما فيها التأمين الصحي والتعليم

 المجاني وحتى الحق في التصويت في الانتخابات.


الأهمية الإستراتيجية رغم صغر الحجم


على الرغم من مساحتها الصغيرة، فإن أبخازيا تتبوأ

 موقعاً إستراتيجياً على الساحل الشمالي للبحر

 الأسود، حيث تهيمن على نصف سواحل جورجيا

 القديمة، ويعتمد اقتصادها على السياحة والزراعة،

 وقد أثرت علاقاتها المتوترة مع الولايات المتحدة

 وأوروبا سلباً على اقتصادها الهش.

وتعد أبخازيا نقطة ربط محتملة بين أوروبا والصين

 عبر طريق الحرير التاريخي؛ ما يجعلها ممراً مهماً

 للتبادل التجاري.


انهيار الاتحاد السوفييتي وإعلان الاستقلال


عندما انهار الاتحاد السوفييتي عام 1990م، شهدت

 جورجيا فراغاً سياسياً واضطراباً كبيراً، مثّل هذا

 الوضع فرصة نادرة للأبخاز لإعلان دولتهم المستقلة

 من جانب واحد عام 1992م، معلنين العودة للعمل

 بدستور عام 1925م، وهو آخر دستور للدولة

 الأبخازية قبل أن يضمها ستالين إلى جورجيا.

جاء إعلان استقلال أبخازيا بمثابة صدمة للمجلس

 العسكري الحاكم في جورجيا، الذي كان يسيطر عليه

 تيار التطرف القومي الرافض لفكرة استقلال أبخازيا.


عوامل انتصار أبخازيا على جورجيا


قدّر المجلس العسكري الجورجي أن القضاء على

 الأبخاز لن يتجاوز أياماً معدودة، فأعلن الحرب

 الشاملة في أغسطس 1992م، ورغم الانتصارات

 الأولية لجورجيا، واصل الأبخاز المقاومة ببسالة

 نادرة حتى قلبوا الميزان العسكري لصالحهم وحققوا

 نصراً ساحقاً، وقد تضافرت عوامل عديدة في تحقيق

 هذا النصر، يمكن إجمالها فيما يلي:

  • قوة المقاتلين الأبخاز: ساهمت قوة شكيمة الأبخاز ومهاراتهم القتالية في تعويض قلة عددهم، بالإضافة إلى الدعم الكبير الذي تلقوه من أشقائهم المسلمين في دول القوقاز المجاورة (الشيشان والشركس) ومن المهاجرين في تركيا والأردن.
  • الدور الروسي المتقلب: في بداية الحرب، انحازت روسيا ضمنياً إلى جانب الأبخاز انتقاماً من جورجيا لرفضها الانضمام إلى «رابطة الدول المستقلة»، لكن الموقف الروسي تغير لاحقاً بعد انضمام جورجيا للرابطة، ليتأرجح بين الطرفين بحذر شديد، خوفاً من تشجيع نزعات استقلالية أخرى تهدد نفوذها.
  • الضعف الداخلي لجورجيا: عانت الحكومة الجورجية من انقسامات داخلية واقتصاد منهك بسبب الحروب؛ ما أضعف موقفها العسكري والسياسي.

مستقبل غامض وموقف دولي مثير للجدل


قرر الأبخاز أنه من المستحيل التنازل عن دولتهم

 المستقلة التي ناضلوا من أجلها لأكثر من 60 عاماً،

 ضاربين عرض الحائط برفض مجلس الأمن

 والاعتراف الدولي المحدود.

من المثير للدهشة أن الموقف الدولي الذي يصر على

 رفض استقلال أبخازيا والكيانات الإسلامية الصغيرة

 الأخرى (مثل الشيشان وكوسوفا) بحجة الحفاظ على

 وحدة الأراضي، هو نفسه الذي دعم بقوة تفتيت

 البوسنة، وانسلاخ تيمور الشرقية عن إندونيسيا.

يبدو واضحاً أن الموقف الدولي يقف بقوة ضد مساعي

 الاستقلال إذا جاءت من كيانات إسلامية، بينما

 يساعدها إذا صدرت من كيانات غير مسلمة داخل

 دول مسلمة، لهذا السبب لا يُتوقع حدوث تغير في

 الموقف الدولي الرافض لاستقلال أبخازيا.



مسلمون خلف الذاكرة المسلمون الصينيون .. ملحمة التشبث بالعقيدة ومقاومة الانصهار في الشيوعية !

مسلمو "القرم".. أيتام على موائد اللئام الروس والأوكران!

مسلمون خلف الذاكرة مسلمو تركستان الشرقية.. صراع الهوية والاستقلال

مسلمون خلف الذاكرة. أبخازيا.. أرض الروح.. لؤلؤة البحر الأسود

مسلمون خلف الذاكرة تايوان نموذج فريد في احترام حقوق الأقليات وحرياتهم الدينية.. شهادة الأقلية المسلمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق