توني بلير.. "مجرم حرب" العراق الطامع في حكم غزة
ويبدو أن ما أطلق عليه مرارًا، خلال العامين الماضيين، تسمية "اليوم التالي للحرب"، سيكون من نصيب "معهد توني بلير للتغيير العالمي" بحسب تقارير عديدة، وهو المعهد الذي أسسه بلير بعد استقالته من رئاسة الوزراء البريطانية التي قضى فيها عشر سنوات.
برز بلير زعيمًا لحزب العمال البريطاني منذ منتصف التسعينيات، واستطاع أن يُحدث نقلة نوعية في صورة الحزب عبر مشروعه المعروف بـ"الطريق الثالث"، الذي جمع بين سياسات السوق الحرة والمبادئ الاجتماعية للحزب.
بفضل هذا التوجه، قاد حزب العمال إلى فوز تاريخي في انتخابات عام 1997، منهيًا 18 عامًا من حكم المحافظين، ليصبح أصغر رئيس وزراء بريطاني منذ أوائل القرن التاسع عشر.
بروفايل: توني بلير.. عرّاب الأزمات العائد إلى غزة بعد ثلاثة عقود
سهيل علي
بعد أكثر من ثلاثين عامًا من حضوره المتكرر في ملفات الشرق الأوسط، يعود رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير ليطل مجددًا في قلب أزمة غزة، وهذه المرة كأحد أبرز الأسماء المطروحة ضمن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب الدائرة في القطاع.
الخطة التي كشف عنها البيت الأبيض مؤخرًا، تنص على تشكيل مجلس إدارة للسلام يترأسه ترامب، ويضم شخصيات دولية بارزة بينها بلير، للإشراف على مرحلة انتقالية في غزة. وبحسب مصادر أمريكية وإسرائيلية، قد يتولى بلير نفسه منصب أول قائد للسلطة الانتقالية الدولية، ليشرف على إدارة القطاع الفلسطيني إلى جانب لجنة تكنوقراط فلسطينية، مع استبعاد حركة حماس من المعادلة.
رجل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي
منذ توليه رئاسة الحكومة البريطانية عام 1997، ارتبط اسم بلير بالملف الفلسطيني–الإسرائيلي. فقد كان حاضرا في محاولات التسوية، ومبعوثًا دوليًا، ومستشارًا، ووسيطًا غير رسمي، وظل طوال تلك العقود متمسكًا بفكرة أن بإمكانه إحداث فرق في نزاع مزمن استعصى على رؤساء دول ودبلوماسيين كثر.
رغم ذلك، فإن صورته بين الفلسطينيين تبقى متناقضة. فبينما يعتبره بعض الإسرائيليين مثل إيهود باراك وسيطًا قادرًا على تمرير تنازلات صعبة، يرى كثير من الفلسطينيين أنه مال باستمرار إلى جانب إسرائيل، ولم يقدم دعمًا عمليًا لحل الدولتين، بل تجنب الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين على عكس ما فعله رئيس الوزراء البريطاني الحالي كير ستارمر.
مسيرة دولية حافلة
لم يكن دخول بلير مجددًا إلى مشهد غزة مفاجئًا لمن يتابع مسيرته. فقد ارتبط اسمه منذ بداية حكمه بدور بارز في اتفاق الجمعة العظيمة عام 1998، الذي أنهى العنف الطائفي في إيرلندا الشمالية، كما قاد تدخل الناتو في كوسوفو بعد عام واحد فقط.
وفي عام 2007، غادر منصبه لينضم إلى اللجنة الرباعية الدولية المعنية بالشرق الأوسط، ثم أسس شركته الاستشارية الخاصة، وعمل مستشارًا لبنك جي بي مورغان، فيما ظل معهده نشطًا في مشاريع سياسية وتنموية عبر الشرق الأوسط.
الكاتب البريطاني جون رينتول، الذي ألّف سيرة حياة بلير، وصفه بأنه يمتلك “ثقة هائلة بقدرته على حل أصعب مشكلات العالم”، مضيفًا أن من نقاط قوته “استعداده للتحدث مع أي شخص، حتى أولئك الذين يعتبرهم أصدقاؤه الليبراليون شخصيات مثيرة للجدل مثل ترامب ونتنياهو”.
هل يكون بلير قائد غزة المؤقت؟
اليوم، يعود السؤال حول ما إذا كان توني بلير، البالغ من العمر 72 عامًا، سيصبح أول قائد لسلطة انتقالية دولية في غزة. وإذا تحقق ذلك، فسيكون مسؤولًا عن اتخاذ قرارات استراتيجية كبرى، والتنسيق مع الدول الممولة لإعادة إعمار القطاع، وسط بيئة سياسية متفجرة يصفها النخالة أمين عام حركة الجهاد الإسلامي بأنها “وصفة لتفجير المنطقة”.
وبينما يرى بعض القادة الإسرائيليين أن خبرة بلير الدبلوماسية قد تساهم في تمرير حلول وسط، تتمسك السلطة الفلسطينية بموقفها الرافض لأي ترتيبات خارجية، مؤكدة أن “الجهة الوحيدة المخوّلة بإدارة غزة هي حكومة فلسطينية”.
بلير والشرق الأوسط.. فصل جديد
يبقى توني بلير حالة خاصة بين القادة الغربيين الذين انخرطوا في ملفات الشرق الأوسط. لم يغادر المشهد أبدًا، بل ظل حاضرًا بين الأدوار الرسمية والوساطات غير المعلنة. واليوم، وبينما تعصف الحرب بغزة، يعود الرجل ليكتب فصلًا جديدًا في علاقة معقدة تربطه بالمنطقة منذ أكثر من ثلاثة عقود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق