الثلاثاء، 23 أبريل 2013

استحلال الكذب.. وشرعنة التزييف


استحلال الكذب.. وشرعنة التزييف

وائل قنديل

أسفى على رموز كنا نحترمها قررت المشاركة فى رقصة انتحار مهنى وأخلاقى، جعلتها تعتنق عقيدة فاسدة جديدة، تقوم على إباحة الكذب واستحلال التزييف، باعتبارهما سلاحين فى حرب لإسقاط النظام، وإبادة فصيل سياسى واجتثاثه من التربة المصرية.

أعلم أن فريقا من المحسوبين على الإعلام يعمل وفق نظرية ساقطة مضمونها أنه فى الحرب كل شىء مباح وحلال ومشروع، وعليه فإن إنتاج الأكاذيب واستخدامها والبناء عليها عمل لا غضاضة فيه، مادام سيسهل عملية إزاحة الرئيس وإسقاطه.

وآخر منتجات ماكينة الكذب يفترض فى المستهلك أنه بلا عقل أو ضمير، فيحشوه وعيه بسيناريو كاذب وملفق عما دار بين رئيس الجمهورية وعدد من السياسيين التقوا به يوم السبت الماضى، فتقرأ بيانا منسوبا لأعضاء جبهة الضمير، لم تصدره الجبهة، ومعه تصريحات على لسان مصادر مجهلة باعتبارها تصريحات رسمية عن الجبهة، مؤداها أن الرئيس قال لضيوفه إنهم وحدهم يمثلون المعارضة الشريفة والمحترمة، وأن الجبهة حرضت الرئيس على الفتك بالقضاء باعتباره «من أوكار الثورة المضادة».

إن عدد الذين حضروا اللقاء لم يتجاوز العشرة أفراد، لم يصدر عن أحدهم، لا أثناء اللقاء أو بعده، وصف لمؤسسة القضاء بأنها «وكر» للثورة المضادة، ولم يحرض أحد منهم الرئيس على ارتكاب مذبحة بحق القضاء، فضلا عن أنه لم يرد على ذكر الرئيس مطلقا أن من حضروا اللقاء هم المعارضة المحترمة، وأن الآخرين غير ذلك.

ولا معنى لهذه الثقة التى يروج بها الكذابون كذبهم إلا أنهم يؤكدون بالدليل العملى صدق اعتناقهم عقيدة «استحلال وشرعنة الكذب» من أجل الوصول إلى غايتهم،
 ولا تفسير لهذه الجرأة فى إطلاق التخرصات الفاسدة إلا أن أصحابها يمتلكون القدرة على الاطلاع على خائنة الأعين وما تخفى الصدور، أو أنهم حضروا اللقاء وسمعوا وسجلوا ودونوا، تماما كما كان يفعل أسلافهم وأقرانهم الراسخون فى الكذب من الانفراد بمحاضر اجتماعات سرية لم يعلن عنها تحت الأرض بين الرئيس الأمريكى ومسئول الأمن القومى أو وزير الدفاع فى بلاده، ويصفونها تفصيليا كما لو كانوا مختبئين كالجرذان تحت مائدة الحوار.

لقد أصدرت جبهة الضمير ممثلة فى المنسق العام لها المهندس حاتم عزام تكذيبا لما جرى ترويجه فور انتهاء اللقاء متضمنا محض تخيلات وأوهام، ثم أصدرت الجبهة بيانا رسميا يتضمن تفاصيل اللقاء، غير أن الإصرار على مواصلة التدليس جعل معظم بالوعات الأكاذيب تتعامى عنه وتتجاهله، وتنشر ما أضمرته فى مخيلتها المريضة، من تفاصيل لم تحدث من الأساس.

وبعد الإلحاح على الكذبة وتثبيتها كحقيقة جاءت مرحلة استدعاء ردود الأفعال وفتح صنابير التحليلات والتعليقات، ولأن المقدمات فاسدة وكاذبة من الطبيعى أن تأتى النتائج هذلية ومضحكة وكاشفة عن استعداد شرير لابتلاع الأكاذيب ومضغها ثم إعادة بصقها فى وجوه الجميع باعتبارها ترياق الحكمة وعين العقل.

ما أتعس الكاذب والمكذوب عليه الذى قبل وبلا أية رغبة فى تحرى الصدق أن يستخدم لترويج بضاعة فاسدة من ساقط الكلام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق