الثلاثاء، 30 أبريل 2013

لغز الحياة السرية لجنرالات الجيش الأمريكي

لغز الحياة السرية لجنرالات الجيش الأمريكي
كتب Laura Gottesdiener ترجمة أحمد عباس
"قاوم" خاص - مما لا شك فيه أن تداعيات الفضيحة الشهيرة للجنرال ديفيد بترايوس، المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ستظل تلقي بتداعياتها الخطيرة لفترة من الزمن، وستكون لذلك تأثيرات على أجواء الأمن القومي الأمريكي بكل نطاقاته. ومن أبرز الجوانب التي يمكن تسليط الضوء عليها، في ظل هذه الفضيحة الأخيرة لبترايوس، هو نمط الحياة السري، والذي يتسم بالبذخ الهائل في حياة كبار القادة العسكريين والأمنيين الأمريكيين، لاسيما وأن وسائل الإعلام وأجهزة البحث والاستقصاء الصحافي لم تتمكن حتى الآن من سبر أغوار هذا العالم الخفي لجنرالات الجيش الأمريكي الكبار.

ويمكن الوقوف على عدة مجالات خطيرة يتم من خلالها إهدار المال العالم الأمريكي تحت ستار حماية الأمن القومي وتدعيم الجيش وتعزيز القدرات الدفاعية والتسلحية، بينما هي في الحقيقة نهب مباح لكبار الجنرالات في الجيش، ولا يمكن الربط بين هذه النفقات الضخمة وبين مصالح الشعب الأمريكي وقضايا الدفاع الوطني.

1)  عندما يحصل ضابط أمريكي على سلسلة من الترقيات ويصل إلى مرتبة الجنرال أو الأدميرال؛ فإن هذا لا يعني فقط مجرد الحصول على منصب عسكري رفيع، وإنما هذا يتضمن بالتأكيد أن هذا الضابط دخل عالمًا جديدًا لا يدخله إلا المحظوظون الذين يتمتعون بصفة حماية الأمن القومي الأمريكي وقيادة واحد من الجيوش التي تحمل سمعة شهيرة قد تكون مخالفة للواقع والحقيقة، المهم أنه يوجد ما يقرب من ألف ضابط أمريكي فقط يحمل هذه الرتب الحساسة في القوات المسلحة الأمريكية، وكل واحد من هؤلاء الضباط الألف الكبار له حياته الخاصة وحاشيته الخاصة التي تجعله يعيش حياة من نوع مختلف؛ أشبه بحياة نجوم سينما هوليود.

فطبقًا لتقارير وزارة الدفاع الأمريكية؛ يوجد حوالي  963 جنرالًا وأدميرالاً في القوات المسلحة الأمريكية عام 2010، وهذا الرقم ازداد بمائة إضافيين منذ وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر وازدياد أهمية قادة الجيش في الترويج لمقولة حماية أمن الشعب الأمريكي ضد خطر الإرهاب، وأصبحت الأولوية الأساسية في واشنطن هي كيفية ضمان ولاء هذه القيادات العسكرية وفتح كثير من الأبواب التي كانت موصدة في وجوههم في السابق.

ويقول المحلل العسكري جاك جاكوبس، وهو عقيد متقاعد من الجيش الأمريكي، إن القوات المسلحة الأمريكية لا تحتاج من الناحية العملية إلى كل هذا العدد من حملة الرتب الكبيرة، وإنما تحتاج إلى ثلث هذا العدد فقط، لكن وزارة الدفاع الأمريكية تحرص على ألا يقل هذا العدد أبدًا لضمان الدفع المستمر لفواتير النفقات التي تحصل عليها من الميزانية، وبالتالي فهي تدفع بالضباط إلى هذه المكانة الرفيعة المستوى، ليقوموا بدور المروج الفعلي لإرادة وزارة الدفاع،  في مقابل مزايا ومنافع ونفوذ واسع النطاق.

2)  فرق الخدمة والتشغيل والدعم التي يتمتع بها كل جنرال في الجيش الأمريكي، حيث كشفت صحيفة واشنطن بوست في تحقيق لها أن كل قائد عسكري كبير في الجيش يتمتع بطائرة خاصة من طراز سي 40، وأطقم من الطباخين والسائقين والموظفين الذين يشملون حراس الأمن وأطقم السكرتارية والخدم، وفي حالة قيام أحد هؤء الجنرالات برحلة ما فإن مواكب ضخمة من سيارات الشرطة والحماية تخصص لمرافقته طوال هذه الرحلة، فضلاً عن توفير وسائل الراحة والترفيه على نفقة ميزانية وزارة الدفاع.

وكشفت صحيفة نيويورك تايمز عن حقيقة أن أطقم الموظفين التابعين لكل من هؤلاء الجنرالات، تخصص لهم ميزانية بقيمة مليون دولار، بخلاف رواتبهم الخاصة، وحصولهم على امتيازات تشمل السكن وغير ذلك.

3)  الفضائح المالية، وتشمل الإنفاق ببذخ غير مبرر، فعلى سبيل المثال قام الجنرال وليام كيب باستخدام ميزانية مخصصة لنفقات دفاعية في تمويل رحلته مع زوجته لأفخر وأرقى الفنادق العالمية بصحبة مجموعة تتألف من 13 من الموظفين والمرافقين، بالإضافة إلى قيام العديد من هؤلاء الجنرالات بتخصيص ميزانية مالية ضخمة لأقاربهم وذويهم بدون أن تكون هناك أية رقابة حقيقية على أوجه إنفاق هذه الأموال.

4)  تشويه الحقائق؛ فقد كان من العجيب أن يتصور الجنرال بيترايوس أنه وهو يرأس واحد من أخطر أجهزة المخابرات في العالم يمكن أن يتخلص من فضيحته بشكل سري وبدون أن يعرف أحد، لكن هذه الفضيحة أكدت أن كبار جنرالات القوات المسلحة ينغسمون في فضائح يمكن أن تهز المجتمع الأمريكي بالكامل، بالاعتماد على الحصانة والنفوذ الواسع النطاق.

ويقول الجنرال المتقاعد فرانك باكو من الاستخبارات البحرية الأمريكية؛ إن كبار القادة العسكريين يعيشون حياة الأمراء والملوك، وفي كثير من الأحيان لا يفرقون بين الشعور بالمسئولية والاستمتع بالحياة الخاصة، ويقعون في مهازل وفضائح أخلاقية لا يمكن قبولها أو التغطية عليها.

5)  وعلى الرغم من أن كم الفساد الذي يستشري في حياة كبار الجنرالات الأمريكيين ما بين طائرات خاصة وإنفاق ببذخ لا مثيل له وملاعب الجولف التي تقام من أجلهم وعددها بالمئات، رغم أن هذا الفساد مخيف بدرجة لا يمكن تقبلها، إلا أن الخطورة الحقيقية تكمن في أن هؤلاء الجنرالات بعد أن يصلوا إلى مرحلة التقاعد، تظل هذه الامتيازات ممتدة لهم ومبسوطة أمامهم وأمام ذويهم، بل ربما تزداد اتساعًا، فقد تعودوا على حياة الترف، ويتمكنون من خلال ما يمتلكونه من أسرار وعلاقات بكبار رجال المال والأعمال من بدء مشروعات دفاعية وفي مجال التسليح لتدر عليهم مئات الملايين من الدولارات.

وطبقًا لما كشف عنه وليام هارتنج، المحلّل الدفاعي في مركز السياسة الدولية في واشنطن، أن حوالي 70 بالمائة من الجنرالات المتقاعدين توجهوا مباشرة للعمل مع عملاق صناعة الأسلحة شركة لوكهيد مارتن.

وأوضح هارتنج أن دخول الجنرالات المتقاعدين في مجال تصنيع الأسلحة، يستنزف في نهاية المطاف دافع الضرائب الأمريكي، كما أنه يقود إلى المزيد والمزيد من النزاعات والحروب، بسبب ما يحمله هؤلاء الجنرالات من أسرار وخفايا عسكرية ومخابراتية تؤدي إلى اشتعال يؤر الصراع على مستوى العالم.



كاتب ومترجم مصري.
"حقوق النشر محفوظة لموقع "قاوم"، ويسمح بالنسخ بشرط ذكر المصدر"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق