الجمعة، 19 أبريل 2013

أمريكا سجل حافل بالعدوان!


أمريكا سجل حافل بالعدوان!




لعل البعض تنتابه الدهشة، ويتملكه الاستغراب عندما يسمع أنَّ الإدارة الأمريكية ومخابراتها متورطتان مع الموساد في أحداث سبتمبر، ولكن من يعرف حقيقة تكوين هذه الدولة، وتاريخها منذ ظهورها على خريطة العالم، وما قامت به من حروب لبسط النفوذ والسيطرة، ومدى سيطرة اللوبي الصهيوني على المناصب القيادية فيها في الكونجرس والحكومة الأمريكيين، وكذا سيطرته على اقتصادها وإعلامها يدرك أنَّ تدبير هذه الأكذوبة الكبرى، وإلصاقها بالعرب والمسلمين ليست بمستغربة من أناس أقاموا دولتهم على اغتصاب أراضي الآخرين بعد إبادتهم، ووصفهم للعالم أجمع بالبرابرة المتوحشين . 

لمحات من تاريخ الولايات المتحدة: 
الهنود الحمر هم السكان الأصليون لأمريكا، وبعد اكتشافها كانت أوروبا تبعث بالمجرمين، ومن تريد نفيهم إلى هذه القارة الجديدة، ثمَّ توالت هجرات البيض إليها. وأدعوكم ـ أيها القراء الأفاضل ـ لقراءة هذه الأسطر معي من موسوعة " تاريخ العالم " لـ " وليام لانجر". 

الولايات المتحدة من 1862-1886م : ترويض هنود السهول: 
أدى الضغط المستمر لهجرات السكان البيض إلى جانب نقص الوعود المبذولة للهنود إلى قيام ثورات مستمرة من جانب هؤلاء الهنود، وقد قام قانون حق التملك السكني (1862م) بدور بارز في التوطين في الغرب، كما عاون "قانون موريل"(1862م) الذي أعطى للولايات منحاً من الأرض لإنشاء كليات زراعية على فتح مناطق جديدة، وفي عام 1862م رخَّص الكونجرس بإنشاء "اتحاد السكك الحديدية المركزية ". والباسفكية، ومنحه منحة كبيرة من الأرض فأنشأ أول خطوط حديدية عبر القارة ،وفي سنة 1862م هزم الجنرال" سبلي "هنود سيوكس" بمنوستا في وودليك، وفي سنة 1864م سار " شيين" في طريق الحرب بمساعدة قبائل الأراباهو والأباش والكومانش والكيوا، وقد دبرت القوات العسكرية بقيادة الكونيل "شفنجتون" مذبحة للهنود عند "خليج ساند"( نوفمبر 1864م)، وأدت جهود الجنود لبناء طريق للمهاجرين من قلعة " لا رامي" على طول نهر "بودر" إلى مناجم "مونتانا" و" إيداهو" إلى قيام الحرب مع هنود "سهول سيوكس" (1866م)، وقد استطاعت لجنة مخولة من الكونجرس إقناع قبائل " الأباش والكومانش والكيو بالتوطن في مناطق الهنود، وترحيل القبائل الأخرى من السهول إلى مناطق نائية، وفي سنة 1869م أنشأ الكونجرس "مجلس المندوبين الهنود" للإشراف على أوجه الإنفاق الحكومية من أجل الهنود، وفي الوقت نفسه أحدث تقدم المستوطنين البيض، وذبح الجاموس والاندفاع بحثاً عن الذهب إلى التلال السوداء، كل هذا أدى إلى" مذبحة كاستر " ورجاله عند" ليتل بيج هورن" (35 يونيه)، وفي أكتوبر 1877م هزم "هنود نيزبرسيه" بقيادة زعيمهم "جوزيف" وأجُلوا إلى مناطق الهنود، وحدثت آخر وأهم ثورات الهنود في السنوات 1882ـ1886م عندما قاوم "الأوباش" في أريزونا ونيو مكسيكو تحت قيادة " فيكتوريو وجيرونيمو" المحاولات التي بذلت لوضعهم في الأماكن المخصصة لهم، وفي عام 1886م تمَّ ترحيل جميع الهنود إلى المناطق الهندية أو الأماكن المخصصة لهم. )(1)
وهكذا أُسدل الستار عن السكان الأصليين لأمريكا، والمتأمل الآن في أوضاع الفلسطينيين نجد إسرائيل تقوم بنفس الدور الذي قام به المهاجرون البيض في أمريكا بالهنود الحمر!! 

التمييز العنصري وثورة الزنوج في أمريكا: 
لقد اختطف البيض "الأمريكان" الزنوج الأفارقة من بلادهم ليكونوا عبيداً وأرقاء للبيض، وليعملوا في المزارع والمناجم، وقامت ثورات الزنوج احتجاجاً على التمييز العنصري كانت أولها ثورة الزنوج في عهد الرئيس " إبراهام لنكلون "، ومنها ثورة "الحافلات " في الستينيات من القرن العشرين، وثورة عام 1967م إثر قتل " مارتن لوثر كنج". وكُتب التاريخ الأمريكية تتجاهل تماماً الزنوج وثوراتهم ،فهي لا تعدهم من عداد البشر. 
ولا يزال السود في الولايات المتحدة الأمريكية بلد "الحريات السبع" و"المساواة"و"الديمقراطية"و"العلم" يعانون من مآسي الاضطهاد، وعدم الاعتراف للعناصر الملونة بالمرتبة الإنسانية التي يتمتع بها البيض، ومع أنَّ الزنوج يُعتبرون مواطنون في هذه الدولة التي تحمل أعلام الحضارة الحديثة المعاصرة، إلاَّ أنَّهم لا يستطيعون أن يمارسوا عملياً حقوق المواطن كما يمارسها المواطن الأبيض، وفي ذلك يقول أحد رجال السياسة من البيض هناك ( ليس لأي رجل ملوَّن يغمر قلبه الرغبة في المساواة السياسية عمل ما في ولايات الجنوب، إنَّ هذه البلاد ملك للرجل الأبيض، ويجب أن تظل كذلك)(2) . 
وتبدو مظاهر اضطهاد الزنوج في أمريكا في جميع الميادين، فهم يعيشون في فقر مدقع، والأحياء السكنية الراقية والنظيفة والممهدة والمشجرة شوارعها للبيض، أما السود فيسكنون في بيوت متواضعة جداً ذات أزقة ضيقة تفتقر إلى الخضرة، وفي غاية القذارة، وكأنك تعيش في مجاهل أفريقيا، ولست في الولايات المتحدة،وإن سكن أحد الزنوج في عمارة يسكنها البيض، يغادرها البيض، وفي ضاحية فرجينيا التابعة لواشنطن العاصمة ممنوع أن يسكن فيها الزنوج. 
أمَّا المدارس تقوم في معظم الولايات، وخاصة في الولايات الجنوبية على أساس الانفصال الكامل بين الزنوج والبيض، فلا يُسمح لأطفال الزنوج أن يتعلموا مع أطفال البيض، وإنَّما لكل فريق مدارسه الخاصة، وكتبه الخاصة، وقد تحدَّت بعض المدارس أوامر حكومة الولايات المتحدة حين رفضت أن تطبق حكم المحكمة الفيدرالية العليا بإلزامها بالسماح لأبناء الزنوج أن يتعلموا في مدارس البيض، واضطرت الحكومة المركزية إلى أن ترسل الحرس الوطني ليقوم بحراسة أبناء الزنوج الذين سيدخلون هذه المدارس بناءً على حكم القضاء، وكان من أبناء البيض: الإضراب عن تلقي العلم مع هؤلاء (3)
هذا ويُفرض على القطارات الحديدية والسيارات العامة والمستشفيات أن تقيم عربات أو غرفاً خاصة بالزنوج، وقد قام الزنوج بثورة في الستينيات احتجاجاً على هذه التفرقة مطالبين ركوبهم في الحافلات وفي القطارات مع البيض دون تمييز بينهم. 
وتقضي قوانين بعض الولايات بأن لا يسمح للعمال الزنوج أن يقيموا مع العمال البيض في المصانع أو الدخول من الأبواب المخصصة للبيض، أمَّا في ميدان الزواج فإنَّ معظم الولايات تمنع زواج البيضاء من زنجي، وزواج الأبيض من زنجية ،وتنص على بطلان هذا الزواج . 
وحتى ممارسة الشعائر الدينية تقوم على الانفصال أيضاً؛ إذ لا يسمح للزنوج بدخول كنائس البيض، وقد حدث أن دخل زنجي من جمهورية بنما كنيسة كاثوليكية في واشنطن، وفيما هو مستغرق في صلاته سعى إليه أحد القساوسة، وقدم له قصاصة من ورق كتب فيها عنوان كنيسة كاثوليكية زنجية، وحين سئل القس عن سر هذا التصرف أجاب : " إنَّ في المدينة كنائس خاصة بالكاثوليك الزنوج يستطيع هذا المرء الأسود أن يقف فيها بين يدي ربه"(4)

الإدارة الأمريكية وجرائمها الحربية: 
من أكبر جرائم الحروب التي ارتكبتها الولايات المتحدة الأمريكية ضربها جزيرتي " هيروشيميا ونجازاكي" في الحرب العالمية الثانية بقنبلتيْن نوويتين، وهي التي تعاقب العراق بحجة امتلاكها لأسلحة الدمار الشامل، كانت أول من استخدم السلاح النووي في الحروب. والولايات المتحدة منذ قيامها إلى الآن خاضت أكثر من مائتي حرباً. 
وقد كان لها أكثر من 75 تدخلاً عسكرياً في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية منذ عام 1945م إلى الآن، هذا ما صرَّح به وزير العدل الأمريكي الأسبق السيد رمزي كلارك الذي أمضي 25 عاماً وهو يتنقل بين دول العالم التي كانت ضحية حروب أو حصار الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في حديث له في قناة الجزيرة في برنامج " بلا حدود" وقال أيضاً: (إنَّ الولايات المتحدة في حروبها السابقة قد قتلت أكثر من سبعة ملايين من البشر، منهم ثلاثة مليون ونصف في كوريا الشمالية، ومليون في الفلبين،ويقال أنها حرب مع أسبانيا، ولكنَّها كانت مع الفلبينيين، ومليون في فيتنام ومليون ونصف في العراق أكثرهم من الأطفال في سن الخامسة، وقال أيضاً :( لقد أعلنت الإدارة الأمريكية أنَّ القتلى في بنما أقل من مائة بينما كانوا 2500، كذلك القتلى في "جراندا "كان العدد أكبر مما ذكرتهم، فما تقوم به الإدارة الأمريكية هو أعمال انتقامية ضد السكان، وأصبح الآن لا يوجد بلد في العالم يشعر بالأمان، لأنّ الإدارة الأمريكية لا تحترم القوانين)، وأضاف قائلاً : 
( إنَّ الإدارة الأمريكية في تدخلاتها العسكرية دائما تناصر الطغاة والديكتاتوريين على شعوبهم المستضعفة، وقد كشف عن هذه الحقائق السيد رمزي كلارك، وزير العدل الأمريكي الأسبق في حديثة للجزيرة؛ إذ قال "في عام 1953م أعدنا الشاه إلى الحكم، وكانت مأساة عظيمة للشعب الإيراني، وفي الكونغو وجنوب وسط أفريقيا جعلنا موبوتو في الحكم الذي حرم الشعب من ثرواته 37 عاماً،،وفي شيلي أسهمنا في قتل سليفادور، وأمسكنا الحكم للجنرال "بنشي" السلطة، وحكم البلاد بقبضة من حديد وأسميناه معجزة، لأنَّه كان يخدم مصالحنا الاقتصادية،وفي الفلبين أعدنا ماركوس الدكتاتوري للحكم ). 

ضحايا حرب أمريكا لأفغانستان: 
لقد قتلت القوات الأمريكية مع القوات البريطانية في 5 نوفمبر من العام المنصرم في قلعة "جانجي " في مزار شريف في أفغانستان 450أسيراً مكبلين من خلف ظهورهم، وهؤلاء قد سلَّموا أنفسهم للأمم المتحدة وليس للولايات المتحدة، وقد نقلت صورهم القناة الثانية الفرنسية، وشهد هذه المذبحة بعض مراسلي الصحف منهم مراسل"سندي تايميز" الذي وصفها بأنها كانت على قدر كبير من الوحشية، وقد اعتبر هذه المذبحة السيد "رمزي كلارك" وزير العدل الأسبق الأمريكي بأنّها جريمة حرب، وذكر أنَّه لم يحقق في هذه الجريمة لأنّ الكل يخشى أن يوصف بالإرهاب إن دافع عن حقوق هؤلاء الأسرى؟ 
وقتلت الإدارة لأمريكية في حربها لأفغانستان في الفترة من 7 أكتوبر إلى 3 ديسمبر عام 2001م (3767 ) قتيلاً من الأطفال والنساء والشيوخ والعزل من المدنيين، هذا ما ذكره البروفسور الأمريكي "مارك دبليو هيرالود" من جامعة "نيوهامسشير "، إضافة إلى تدمير آلاف القرى، وهدم المنازل، وخروج الملايين من بلادهم بحثاً عن الأمان؟ 
وهذه بلا شك إحصائية متواضعة عن عدد قتلى المسلمين من الحرب الأمريكية لأفغانستان. 
فيا ترى كم من ملايين البشر سيكونون ضحية باقي حروب أمريكا من بني الإسلام، وذلك في سبيل القضاء على عدو مبهم غير معروف؟وكم من المليارات من الدولارات التي سوف تخسرها الشعوب الإسلامية من الدمار الذي سوف تلحقه بها هذه الحروب ؟وكم من ملايين البشر الذين سوف يصابون بأمراض خطيرة كالسرطان من جراء ما ستحدثه هذه الحروب من تلوث بيئي نتيجة آلاف الأطنان من المتفجرات التي سوف تقذف في أراضيها ؟ وكم من ملايين البشر الذين سوف يصابون بأمراض نفسية من جراء ما ستخلفه هذه الحروب من مآسٍ ؟وكم من المليارات من الدولارات التي سيدفعها الشعب الأمريكي من قوت يومه في هذه الحرب، ولن تنجح في القضاء على هذا العدو المبهم، فهي الآن لم تتمكن من زعيم التنظيم، ومن رئيس طالبان، كما سبق وأن فشلت في القضاء على صدام حسين، وهي الآن تبرر ضربها للعراق لإسقاط نظام صدام، مع أنَّ هذا الأمر يعد شأناً داخلياً، ويخالف القوانين الدولية، ولكن الإدارة الأمريكية هي وإسرائيل سواء يعتقدان أنَّهما فوق القانون.


(1) وليام لانجر:موسوعة تاريخ العالم ،أشرف على الترجمة الدكتور محمد مصطفى زيادة ،جزء 6،ص 2031-،2032،نشر الموسوعة مع مؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر ،القاهرة ـ نيويورك،إبريل سنة 1968م 
(2) د.مصطفى السباعي : من روائع حضارتنا، ص 68. 
(3) د. عبد الكريم عثمان:معالم الثقافة الإسلامية ،ص 126،127،ط12 ،سنة 1405هـ ـ 1985م ،مؤسسة الرسالة ،بيروت ـ لبنان. 
(4) د. مصطفى السباعي ،مرجع سابق ،ص 70.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق