السبت، 20 أبريل 2013

تهديدات التدويل


تهديدات التدويل

فراج إسماعيل

الذين يهددون بتدويل القضايا الداخلية المتوترة واهمون. زادت هذه التهديدات في الفترة الأخيرة لدرجة أن أحد المحامين الكويتيين في فريق الدفاع عن الرئيس المخلوع انتفض بمجرد سماعه خبر نقل مبارك إلى سجن طرة وقال إنه سيقوم بتدويل القضية.
حتى بعض القضاة يهددون بالتدويل إذا أجريت تعديلات على قانون السلطة القضائية لا سيما فيما يتعلق بتخفيض سن التقاعد إلى 60 أو 65 عامًا، وهو القانون الذي قدمه حزب الوسط لمجلس الشورى.
لجنة شباب القضاة والنيابة العامة هددت من جانبها باتخاذ إجراءات قانونية ضد البلاد على الصعيد المحلي ردًا على جمعة "تطهير القضاة".
والحق أن مصر تعيش حالة ثورية متوهجة وملتهبة.
 لابد من خسائر وتضحيات يدركها المجتمع الدولي ويعرف أبعادها ويطمئن إلى أنها ستصل في نهاية المطاف إلى نسف كامل للحمام القديم وتثوير شامل لمؤسسات الدولة على أساس دستوري.
أي تدويل في ظل هذه الحالة الثورية محظور، فمثلما سيتم نسف الحمام القديم، أي المؤسسات المرتبطة بنظام مبارك وهي وريثة دولة المخابرات في عهد عبد الناصر، ودولة أمن الدولة في عهدي السادات ومبارك، هناك بالتوازي تجديد يلحق بقوى الثورة..
فالمعارضة الليبرالية ستتطور إلى الأفضل بعد تخلصها من معارضين كانوا بمثابة ديكور للنظام السابق وكومبارس للحزب الوطني الممثل الحقيقي.
التيار الإسلامي نفسه يلحقه التطوير بصورة قد يراها البعض درامية، لكنها في النهاية نتيجة جيدة لإدماج الإسلاميين في العمل السياسي.
 مثلًا حزب النور السلفي الذي كان يوصف بالتشدد في التطبيق الإسلامي، ولعب دورًا كبيرًا في بعض مواد الدستور التي قوبلت بالرفض من العلمانيين كالمادة التفسيرية لمادة الشريعة، من كان يصدق أنه سيقوم بدور الوسيط بين التيارين المدني والإسلامي محاولًا الوصول إلى حلول وسط للتقريب بين الجانبين حتى ما يتعلق ببعض مواد الدستور التي كان سببًا فيها.
ورغم أني شخصيًا لا أتفق مع بعض مواقف حزب النور وتصريحات قياداته، إلا أنني في النهاية أراه تطورًا محمودًا يطمئن الغير بأن الإسلاميين يستطيعون ممارسة السياسة والتواؤم معها، بل وعند الحاجة الوفاء بشروطها وأولها القدرة على المناورة والتفاوض وتقديم التنازلات لخدمة مصالحه السياسية كحزب معارض يسعى لتولي السلطة وهذا حقه في ظل النظام ديمقراطي.
لا يقف التطور عند حزب النور فقط، بل يراقب العالم الإمكانيات السياسية الكبيرة التي يظهرها حزب الوسط الذي قد يكون الحصان الأسود للانتخابات القادمة.
قيمة الحزب تتمثل في صناعة كوادر قادرة على الحكم، وهذا يحققه حزب الوسط، فلديه قائمة محترفة من السياسيين والقانونيين، ويعبر عن مواقف سياسية قوية غير متطرفة لجانب أو لآخر.
حزب الوسط إنه حزب منتج سياسيًا وتشريعيًا ويقوم على برنامج واضح وأفكار مبدعة تصنع البدائل، فعندما سقط قانون الانتخابات والحريات السياسية بحكم القضاء الإداري، أعد مطبخه القانوني قانونًا بديلًا.
ويقوم حاليًا بدور بارز لإصلاح منظومة القضاء عبر وضعه مشروع قانون السلطة القضائية.
ويثير حزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، الإعجاب بتنامي شعبيته، وهي كاسحة على مستوى الصعيد، رأينا تأثيرها في الانتخابات الرئاسية وفي كل المواقف التي استدعت الحشد لمقاومة الثورة المضادة.
 نتذكر عندما كاد أفراد الشرطة ينجحون في تفريغ البلاد أمنيًا عبر الاعتصامات وإغلاق الأقسام، لولا استعرض اللجان الشعبية الذي قامت به الجماعة في أسيوط.
 وأول أمس اتسمت مظاهرات أسيوط لتطهير القضاء بحجمها الكبير رغم إعلان الجماعة الإسلامية المشاركة الرمزية فقط.
التقارير الغربية تتوقع أن تنافس تلك الجماعة الإخوان في التنظيم والحشد الانتخابي، وعلى ذلك ستكون رقمًا صعبًا، خصوصًا أنها تتواجد أيضًا في الشوارع والحارات والقرى والأرياف ولها نفوذها الشعبي الكبير في أجزاء كثيرة من الصعيد، وتنشط في المجالات الخدمية مستغلة خبراتها السابقة قبل سنوات الاعتقال والمحنة.
المحصلة أن أحزاب التيار الإسلامي تقدم صورة مغايرة للغرب عن قدراتها في الاندماج داخل النظام الديمقراطي، تفوقت في ذلك على أحزاب ليبرالية عريقة اقتصر عملها على توفير غطاء سياسي للعنف خلال المرحلة الماضية واتجهت لتعطيل الانتخابات بعد أن انقلبت على الصندوق.
أصيبت قياداتها وبعض إعلامييها بحالة غريبة من الشيزوفيرينيا، بتأييد النظام المخلوع والتحالف معه وتشبيه أحدهم لمبارك بالصحابة مع أن ذلك الإعلامي كان أعدى أعدائه سابقًا.
نحن أمام ثورة فوارة لتدمير قواعد نظام قديم، وبالتالي فإن التهديد بالتدويل مسرحية إعلامية سمجة وهزلية.
farrag.ismail@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق