الزعيم الملهم لدولة الخرافة
يقول الخبر إن العمال احتفلوا بظهور المياه في مشروع حفر قناة السويس الجديدة، على اعتبار أن هذا نجاح أو إعجاز.
من المفترض أنهم يحفرون مجرى جديداً لممر مائي موجود بالفعل، وليس بئراً للمياه الجوفية، أو ينقبون في الصخر عن عيون ماء، لذا تبدو صيحات التهليل والتكبير هنا نوعاً من ممارسة الدجل في دولة السيسي .
لا يحكم السيسي مصر إذن بالحديد و النار فقط، بل يحكمها أيضاً "بالبيضة و الحجر"، هذه الثنائية الخالدة في أدبيات الشعوذة، الممتدة عبر قرون من الجهل واحتراف الاستثمار في اللاوعي.
ليس بعيداً عن هذا الجو المعبأ بأبخرة أعمال وطقوس السحر والشعوذة أن تزف آلة الجنرال الإعلامية نبأ طرح أسهم بقناة السويس الجديدة للأطفال بأسعار خاصة مخفضة، لتخرج الصحف والمنابر ذاتها مهللة مكبرة، على هذا الفتح الجديد في عالم الاستثمار ودنيا الأسهم.
قبل ذلك خرج رئيس جامعة القاهرة، وهو أستاذ للقانون، بتصريحات في ذكرى مجزرة فض الاعتصامات الرافضة للانقلاب، لا شئ يمكن فهمه منها سوى أن الرجل يخاطب مجموعة من البلهاء المسحورين، ومن ثم لا داعي لاستخدام لغة تليق بالعقلاء، إذ يكفي هنا أن تغرقهم في مزيد من أبخرة المشعوذين.
الرجل برر مذبحة اعتصام ميدان نهضة مصر، القريب من كلية الهندسة في جامعة القاهرة، بالقول " كان مقصوداً من الاعتصام تخريب العقل الهندسى لمصر، من خلال الاعتصام لأن المركز فى كلية الهندسة يضم بحوث ودراسات عن التربة والإسكان وحالة مصر السكنية منذ عام 1805، إلا أن الجامعة تتحفظ على تلك الرسومات والدراسات على أقراص مدمجة"
هي مرحلة حكم مصر بالخرافة، بدأت منذ ما قبل الثلاثين من يونيو 2013، حيث نشطت جرافات الوعي و حفارات الضمير في شق قنوات للكذب و الوهم، مرت فيها كل أنواع الأكاذيب، بمشاركة جيش هائل من مثقفين، زعمواً طويلا أنهم فرسان الاستنارة، فلما أفلت شمس 30 يونيو تبين أنهم مقاتلون في جيوش الخرافة.
تجدهم ناشطين في استنساخ ستينيات عبد الناصر بركاكة، يستخدمون الأغنيات الوطنية في غير مواضعها، ويتصنعون "ناصرا" صغيرا، دون وعي بأن علم الهندسة الوراثية لم يأخذ طريقه لعالم السياسة بعد، وبالتالي لا يصلح ما كتب و تحول لأغنيات فيما بعد عن "مصر القاهر و الظافر" للاستعمال في مرحلة "مصر البيضة و الحجر".
إن تعليق صور مسروقة من الصالونات العريقة على حوائط منازل من الصفيح و الكرتون، لا يمنح مثل هذه الأبنية العشوائية أصالة أو فخامة.
لقد نسوا أنه "لايمكنك أن تنزل النهر ذاته مرتين لأن المياه تتجدد باستمرار" فما بالك بمن يكتب في روعة المستنقعات الآسنة وكأنها الأنهار!
من هؤلاء عبد الرحمن الأبنودي الذي أرغى وأزبد ضد أوهام الرخاء الساداتي الكاذب، متحدثاً في قصيدته "المد والجزر" عن :
الحلم الأفيون الوهم..
اللى بلا شحم ولحم
كلمها عن أموال جايّه..
وبنوك وبيوت
وصحارى خضرااااا
وازرع شجرة تطلع فى الكاميرا
وقبل ما تمشى.. تموت.
واتصور ماسك بيضة
أو بتبوس بقرة أو تصطاد حوت
واقفل بابك..
كان ذلك أبنودي أوسط العمر، أما أبنودي أرذله فهو في الإسماعيلية الآن،يشارك في حفر قناة للشعوذة والدجل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق