الثلاثاء، 5 أغسطس 2014

لماذا نكره مصر؟



لماذا نكره مصر؟



علي الظفيري

يبدو أن بعض الإخوة في مصر، يحاول، كلما انقطعت به السبل للدفاع عن النظام المصري، استعادة الحيل الدفاعية القديمة، وأهمها، اتهام الآخرين بكراهية مصر ومناصبتها العداء، كرهاً أو غيرةً أو تنافساً وغير ذلك، وهؤلاء يلجؤون لوسيلة استغلها نظام مبارك أبشع استغلال، ولم تعد تنطلي على أحد، لا في داخل مصر ولا خارجها، بل إن اجترارها اليوم يثير السخرية عند الآخرين، نتيجة انكشاف هذه الألاعيب الإعلامية السخيفة، وانعدام الحجج التي تعززها، فلا أحد يكره مصر غير النظام المصري، ولا أحد يحجّم دورها ســواه، ولهذا الفعل تاريخ طويل، بــدأ مع ســلام أنــور الــســادات الــذي ضرب بخيارات مصر كلها عرض الحائط، وراهن على إسرائيل وما يمكن أن تحققه العلاقة معها من مكاسب، وهـا هي النتائج ماثلة أمامنا اليوم، ولا حاجة لتفصيلها.

عليكم أيها السادة أن توجهوا الأسئلة الصحيحة، وأول هذه الأسئلة، لماذا أحَــبَّ الـعـربُ مصرَ ، أو معظمهم على الأقــل، في الخامس والعشرين من يناير عام 2011، هل لأنها جاءت بالإخوان؟
وماذا عن السنوات التي حكم فيها عبدالناصر، هل كان ناصر من الإخــوان أيضا، ألم يكن الإخــوان في السجون وأحكام الإعــدام والمؤبد تلاحق قياداتهم وأعضاءهم، لماذا تمارسون الدجل والتزييف على الناس، وبطريقة مبتذلة جـدا، لمـاذا تصرون دائما على الزج بسمعة مصر ومكانتها في صراعاتكم وحساباتكم الضيقة، لماذا تتجاهلون الوقائع الحالية والسابقة، وتنخرطون في معركة ردح رخيصة كلها أكاذيب وسخافات لا معنى لها.

إن العرب، كل العرب، يفرقون دائما بين مصر والنظام المصري، ويعرفون جيدا من يعمل لمصر ومن يعمل ضدها، وقد أحبوا مصر الناصرية، ومصر السادات في بدايات عهده وأيام حرب أكتوبر، ومصر الثورة المجيدة في يناير، يوم خرج شباب مصر وشيبها لإسقاط من أسقط مصر وألحقها بالأجنبي، وأحبوا مصر الثلاثين من يونيو عام 2012 يوم انتخب الشعب المصري جماعة الإخوان المسلمين كحزب سياسي يحكمه، أحبوا هذا لأنه خيار المصريين فقط، وليس لأنهم يحبون الجماعة أو يوافقونها الرأي والمصلحة، وانتهى هذا الحب كله في الثالث من يوليو عام 2013، يوم انتكست مرحلة التحول الديمقراطي في مصر، وعاد العسكر والأجنبي يحكمان البلاد من جديد، وعاد فريق الإعلام الموتور ليبث الصورة المهزوزة المشوشة المزيفة عن البلاد التي يعول الجميع عليها، وعادت كل المصطلحات والأكاذيب القديمة، وعاد عكاشة نجم النظام المصري ليتقيأ عبر الشاشات ضد المقاومة وغيرها، عليكم أيها السادة أن تكونوا صادقين مع شعب مصر، وأن تتصدوا لمسؤوليتكم الحقيقية في نهضة مصر، بدل الانهماك في «إعلام» يتلقى توجيهاته اليومية من إدارة التوجيه المعنوي!

من يكره مصر؟ ولماذا؟ أحب الناس مصر في عهود متباينة العناوين، مصر الاستبداد في عهدي عبدالناصر والـسـادات، ومصر الثورة الديمقراطية في الخامس والعشرين من يناير، ومصر الإخوان مع انتخاب الدكتور محمد مرسي للرئاسة، والرابط الوحيد في هذا كله هو مصر الحقيقية، مصر الدور والمركز والتأثير، مصر التي تشبه شعبها ومحيطها، لا مصر مبارك والسيسي اللذين يرتكز كل مشروعهما على إغلاق معبر رفح ومحاربة المقاومة، هل هذا مشروع يمكن أن يُحترَم؟ حتى العدو في قرارة نفسه لا يحترم هذين النظامين الخادمين له، وكل مديح يُكال له هو ذم وانتقاص من قيمة وكرامة كل منهما.

إن الرسالة لإخوتنا في مصر، تناشدهم عدم العبث بهذا الأمر الذي يربطهم بنا، وعدم المزايدة على من أحب مصر وأهلها، ووجد من الضروري والواجب انتقاد الأنظمة التي تنتقص من قيمة هذه البلاد العظيمة، وتخيلوا التالي معي، ماذا لو أن السيسي انحاز لشعبه مرة واحدة وأوقف حصاره على الشعب الفلسطيني، وفرّق سياسيا بين جماعة سياسية وبين أمن مصر ومكانتها، ووقف على الحياد على الأقل في هذه المعركة، ماذا لو؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق