تُرَى لو علم الغلام ..!
على سبيل الترويح عن النفس يلجأ الإنسان أحيانا إلى قراءة قصص الصالحين في كتب التراث القديم، وفي هذه المرة كنت أقرأ كتاب رياض الرياحين في حكايات الصالحين لأبى السعادات عبد الله بن أسعد اليافعي اليمني ، وهو كتاب حافل بقصص الكثير من الناس الذين أُترفوا في هذه الحياة الدنيا فطغوا وبغوا وأفسدوا ثم أفاقوا من غيّهم وتابوا وأنابوا ، وزهدوا في متاع الدنيا فانطلقوا إلى الصحارى والكهوف، وانقطعوا عن دنيا الناس مستغرقين في العبادة والتبتّل والبكاء حتى وافتهم المنية .
وتكاد نهاية قصص حياتهم جميعا أن تكون واحدة أو متشابهة؛ يبكى الواحد منهم بحُرقة شديدة ثم يشهق شهقة واحدة ويسقط ميّتًا على الأرض ، وقد ينكر القارئ من هؤلاء الناس هذا السلوك المتطرف بين حالتين على طرفي نقيض ، تتمزق بينهما النفس الإنسانية بين أقصى الإفراط وأقصى التفريط ، ولكن لا يملك القارئ المدرك لأبعاد النفس الإنسانية وتقلّباتها إلا أن يشعر بالإعجاب الشديد لقوة الإرادة التي جعلت هؤلاء الناس ينتقلون من حالة الترف المطلق إلى حالة الزهد المطلق ، ويستمرون على هذه الحال الأخيرة حتى ينتهي أجلهم على النحو الذي ذكرناه .
أعترف أن قصصا معينة في هذا الكتاب أسرتني فترة من الزمن كنت أعانى فيها من محنة نفسية شديدة الوطأة؛ فقدْتُ فيها بالموت بعض من أحببتهم أشد الحب ، و بكيتهم أحرَّ البكاء وأنا أردِّد لنفسي بعض أبيات من الشعر وردت في هذه القصص وكأنها تصف حالهم وحالي معهم ..
ووجدت في ذلك بعض السلوى . إلا أن هناك بعض قصص أخرى قليلة في الكتاب لا تجرى على نفس المنوال ولا تنتهي نفس النهايات الفاجعة ، بل لا تخلو من روح المتعة والفكاهة ، منها (الحكاية الخامسة والعشرون) التي وردت على لسان أبى القصّاب الصوفيّ .. قال:
دخلنا جماعةً إلى المارستان [مستشفي الأمراض العقلية] فرأينا فيه فتًى مصابا شديد الهوَسْ .. فوَلعْنا به .. وزدْنا في الوَلَعِ فاتّبعْناه .. فصاح وقال [ساخرا وهو يشير إلينا]:
"انظروا إلى ثياب مطرّزة وأجساد معطّرة .. قد جعلوا الولَع بضاعة .. والسّخف صناعة وجانبوا العلم رأسا .. ليسوا من الناس ناسًا ..!" ..
دخلنا جماعةً إلى المارستان [مستشفي الأمراض العقلية] فرأينا فيه فتًى مصابا شديد الهوَسْ .. فوَلعْنا به .. وزدْنا في الوَلَعِ فاتّبعْناه .. فصاح وقال [ساخرا وهو يشير إلينا]:
"انظروا إلى ثياب مطرّزة وأجساد معطّرة .. قد جعلوا الولَع بضاعة .. والسّخف صناعة وجانبوا العلم رأسا .. ليسوا من الناس ناسًا ..!" ..
فقلنا له: أفتحْسن العلم فنسألك ..؟
فقال : إي والله إني لأُحسن علما جمّا فاسْألوني ..
فسألْنا: مَنْ السّخيّ في الحقيقة ..؟
فقال: الذّي رزق أمثالكم وأنتم لا تساوون قوت يوم ..! فضحكنا وقلنا: مَنْ أقل الناس شكرًا..؟
فقال: الذّي رزق أمثالكم وأنتم لا تساوون قوت يوم ..! فضحكنا وقلنا: مَنْ أقل الناس شكرًا..؟
فقال: من عُوفي من بلية ثم رآها في غيره فترك العبرة والشكر واشتغل بالبطالة واللهو..! قال: فكسر قلوبنا ..
وسألناه عن بعض الخصال المحمودة ..
فقال: هي خلاف ما أنتم عليه..!
ثم بكى وقال: يا رب إن لم تردّ عليّ عقلي فرُدّ عليّ يدي لعلّى أصفع كل واحد من هِؤلاء صفعة .. فتركناه وانصرفنا.."
تُرَى ما الذي رآه هذا الفتى المجنون في هؤلاء الناس لكي يستحقوا منه هذه الإهانات..؟
تُرَى ما الذي رآه هذا الفتى المجنون في هؤلاء الناس لكي يستحقوا منه هذه الإهانات..؟
أم أنه لم يكن ينظر إليهم كأفراد ، وإنما رأى فيهم المجتمع الذي قسَا عليه ولم يحتمله ، فانتزعه من أحضان أسرته وعزله في المارستان بعيدا عن تيار حياته وبيئته الطبيعية..؟
ومن ناحية أخرى ما الذي لفت نظر هؤلاء الزوار في شخصية هذا الفتى غريب الأطوار، الذي تكشّف عن حكمة نادرةٍ مع جرْأة لا تخلو من روح فكهة ..؟
ومن ناحية أخرى ما الذي لفت نظر هؤلاء الزوار في شخصية هذا الفتى غريب الأطوار، الذي تكشّف عن حكمة نادرةٍ مع جرْأة لا تخلو من روح فكهة ..؟
وهل يمكن أن تكون قصة هذا الغلام هي التي أوحت بفكرة المثل الشائع الذي يقول: خذوا الحكمة من أفواه المجانين ..؟
أقول: إذا كان هذا النوع الحكيم من الجنون هو إفراز مجتمعٍ مّا ذي خصائص معينة ، فلا بد أنه كان مجتمعا على مستوى رفيع من الفكر والحكمة ، لا بمقياس عصره فحسب بل بمقياس كل العصور.. لأن مجتمعا كالذي نشهده اليوم ، ونعاني من فساده وشروره وإحباطاته .. والجرائم البشعة التى تُرتكب فيه ويصوغها الإعلام فى سياق الأعمال الجليلة- مجتمع كهذا يستحيل على العقلاء احتماله ثم يبقون فيه عقلاء أسوياء..
تُرَى لو كان هذا الغلام يعيش اليوم بين ظهرانينا ورأي رئيس دولة يبعث بجنوده سرًّا ليحاربوا مع انقلابي متآمر مثله عميل لأمريكا ضد قوات ثورية تحاول أن تلملم شمل شعبها الذى أرهقته حرب أهلية أشعلها طاغية مجنون كان يسمى القذافى .. فلما فشلت بعثته السرية .. يهدد الآن بالتدخل العسكري المباشر ليقتل جيرانًا مسلمين بحجج مفتعلة..!!
تُرَى لو علم الغلام أن هذا الرجل نفسه رأي جيرانا آخرين مسلمين يستنجدون به لينقذهم من حرب إبادة وقعت على شعبهم من عدو جاءهم من أقصى الأرض؛ فسطا على جزءٍ من أرض العرب كمركز للانطلاق منها لابتلاع بقية هذه الأرض، وِفْقَ خطةٍ للتوسع قدّرها ولم يجعلها سرًّا بل أعلنها على رؤوس الأشهاد (من النيل إلى الفرات)..
أقول: إذا كان هذا النوع الحكيم من الجنون هو إفراز مجتمعٍ مّا ذي خصائص معينة ، فلا بد أنه كان مجتمعا على مستوى رفيع من الفكر والحكمة ، لا بمقياس عصره فحسب بل بمقياس كل العصور.. لأن مجتمعا كالذي نشهده اليوم ، ونعاني من فساده وشروره وإحباطاته .. والجرائم البشعة التى تُرتكب فيه ويصوغها الإعلام فى سياق الأعمال الجليلة- مجتمع كهذا يستحيل على العقلاء احتماله ثم يبقون فيه عقلاء أسوياء..
تُرَى لو كان هذا الغلام يعيش اليوم بين ظهرانينا ورأي رئيس دولة يبعث بجنوده سرًّا ليحاربوا مع انقلابي متآمر مثله عميل لأمريكا ضد قوات ثورية تحاول أن تلملم شمل شعبها الذى أرهقته حرب أهلية أشعلها طاغية مجنون كان يسمى القذافى .. فلما فشلت بعثته السرية .. يهدد الآن بالتدخل العسكري المباشر ليقتل جيرانًا مسلمين بحجج مفتعلة..!!
تُرَى لو علم الغلام أن هذا الرجل نفسه رأي جيرانا آخرين مسلمين يستنجدون به لينقذهم من حرب إبادة وقعت على شعبهم من عدو جاءهم من أقصى الأرض؛ فسطا على جزءٍ من أرض العرب كمركز للانطلاق منها لابتلاع بقية هذه الأرض، وِفْقَ خطةٍ للتوسع قدّرها ولم يجعلها سرًّا بل أعلنها على رؤوس الأشهاد (من النيل إلى الفرات)..
وفى خطوة مبكرة استولى على سيناء التى تساوى مساحتها مرة ونصف مرة مساحة كل المناطق المأهولة بالسكان فى الدلتا والوادى .. ومن أجل هذا خاضت الأمة أربعة حروب سالت فيها دماء الشهداء دفاعًا عن بلادهم من الزحف الصهيوني ..!
تُرى لو علم الغلام أن هذا الرجل أدار للمسلمين الذين يستجدون به من هذا العدو- ظهره وراح يهددهم بالحرب والإبادة إذا استمروا فى مقاومة العدو المشترك .. بل زاد على ذلك؛ فراح يعزز حدود العدو الصهيوني بالحماية ويسهم معه فى حصار المسلمين المقاومين وتجويعهم .. و يغلق المعابر ويهدم الأنفاق التى تصلهم بالعالم الخارجي .. ويسلط عليهم أجهزته الإعلامية وصحافته لسبهم والتحريض عليهم وتلفيق التهم والأكاذيب ضدهم ..!
تُرَى لو علم الغلام أن الرجل قد سبق أن غدر برئيسه المنتخب وانقلب عليه وانتزع منه السلطة بقوة العسكر والشرطة .. متعاونًا فى ذلك مع قوى أجنبية متآمرة تقوم بالتمويل والدعم لتحقيق مصالحها الخاصة التى تتناقض مع التطورات الثورية والديمقراطية واستقلال الإرادة الوطنية التى كانت تكتسح دول المنطقة تحت إسم الربيع العربي..!
تُرَى لو علم الغلام ان الرجل خدع فريقًا من شعبه فقال: لهم سأخلّصكم من حاكم يريد أن يفرق الأمة ويفرض عليكم دكتاتورية حزبه وإرهاب جماعته .. اجتالهم فأطاعوه وأيَّدوه وفوّضوه.. فلما تمكّن قام هو بتمزيق الأمة وشقَّها إلى شعبين متخاصمين وزج بأحرارها وأخلص أبنائها إلى السجون والمعتقلات..
تُرى لو علم الغلام أن هذا الرجل أدار للمسلمين الذين يستجدون به من هذا العدو- ظهره وراح يهددهم بالحرب والإبادة إذا استمروا فى مقاومة العدو المشترك .. بل زاد على ذلك؛ فراح يعزز حدود العدو الصهيوني بالحماية ويسهم معه فى حصار المسلمين المقاومين وتجويعهم .. و يغلق المعابر ويهدم الأنفاق التى تصلهم بالعالم الخارجي .. ويسلط عليهم أجهزته الإعلامية وصحافته لسبهم والتحريض عليهم وتلفيق التهم والأكاذيب ضدهم ..!
تُرَى لو علم الغلام أن الرجل قد سبق أن غدر برئيسه المنتخب وانقلب عليه وانتزع منه السلطة بقوة العسكر والشرطة .. متعاونًا فى ذلك مع قوى أجنبية متآمرة تقوم بالتمويل والدعم لتحقيق مصالحها الخاصة التى تتناقض مع التطورات الثورية والديمقراطية واستقلال الإرادة الوطنية التى كانت تكتسح دول المنطقة تحت إسم الربيع العربي..!
تُرَى لو علم الغلام ان الرجل خدع فريقًا من شعبه فقال: لهم سأخلّصكم من حاكم يريد أن يفرق الأمة ويفرض عليكم دكتاتورية حزبه وإرهاب جماعته .. اجتالهم فأطاعوه وأيَّدوه وفوّضوه.. فلما تمكّن قام هو بتمزيق الأمة وشقَّها إلى شعبين متخاصمين وزج بأحرارها وأخلص أبنائها إلى السجون والمعتقلات..
ومن قام معترضا على هذا الانقلاب بمظاهرات سلمية اغتالهم فى الميادين والشوارع .. بالقتل والحرق والتجريف: وشهد العالم مجازر للمسلمين لم يشهدها التاريخ قديما؛ إلا فى زمن المغول والتتر والصليبيين.. وحديثًا؛ على أيدى اليهود فى فلسطين والصرب فى البلقان..!
تُرى لو علم الغلام أن الرجل جلب لمنصّات محاكمه قضاةً من قُطاع الطريق ليحكموا بالبراءة على القتلة الذين سفكوا دماء الثوار .. و البراءة لكل من أفسدوا البلاد ونهبوا ثروتها وحكموها عقودًا ضد إرادة الشعب.. وليحكموا على الأحرار الأبرياء المعارضين للانقلاب بالإعدام فى محاكمات هزلية: هزلية فى التهم الموجّهة .. هزلية فى إجراءاتها وأساليبها .. هزلية فى أحكامها التى تصدر بالإعدام فى المئات (اتهموا زورًا) بقتل فرد واحد لم يثبت بأي دليل علاقتهم بقتله .. !
تُرى لو علم الغلام أن الرجل استدْعَى جيشه من حراسة حدود البلاد والدفاع عنها ضد الأعداء إلى شوارع المدن والقرى وميادينها لمواجهة المظاهرات السلمية بالرصاص الحيّ .. واستخدم الدبابات والمدرعات والطائرات الحربية كأنه يخوض معركة حربية ضد شعبه الأعزل .. استباح فيها -لأول مرة فى التاريخ- ساحات المدارس والجامعات ومساكن الطلبة والطالبات .. وقتلهم جنوده وشرطته فى داخل هذه المواقع بالرصاص والقذائف المحرمة دوليًّا..!
تُرى لو علم الغلام أن هذه القذائف هي نفسها القذائف التى صنعها الصهاينة أعداء الأمة واستخدموها فى قتل أبناء غزة .. بعد استخدامها فى مصر: قذائف تفجّر جماجم الشباب والأطفال وصدورهم فتتمزق وتتدلّى محتوياتها إلى الخارج.. فى مشاهد من أبشع ما يمكن أن يتصوّره عقل إنسان..!
تُرَى لو علم الغلام أن حرائر مصر: بناتها ونساءها -لأول مرة- يُقتلْن بالرصاص الحي.. وتُنتهك أعراضهن فى السجون والمعتقلات وأقسام الشرطة .. بعد تصريحات الرجل أنه لامحاسبة ولا محاكمات لأخطاء تصدر من أفراد قوات الأمن والعسكر فى مواجهات مع (الإرهابيين) [وهو يقصد المعارضين للانقلاب المطالبين بعودة الشرعية] .. واعتبر الجنود وأفراد الشرطة أن هذا تصريح باستباحة كل شيء وأن أي شيء يمكن أن يقع فى دائرة الأخطاء المعفيّ عنها..!
تُرى لو عرف الغلام المسكين كل هذه الحقائق المزلزلة .. هل يبقى في جمجمة رأسه ذرّة من عقل..؟ أم أن رأسه سينفجر ويسقط هو ميتا من الهلع ...؟!
تُرى لو علم الغلام أن الرجل جلب لمنصّات محاكمه قضاةً من قُطاع الطريق ليحكموا بالبراءة على القتلة الذين سفكوا دماء الثوار .. و البراءة لكل من أفسدوا البلاد ونهبوا ثروتها وحكموها عقودًا ضد إرادة الشعب.. وليحكموا على الأحرار الأبرياء المعارضين للانقلاب بالإعدام فى محاكمات هزلية: هزلية فى التهم الموجّهة .. هزلية فى إجراءاتها وأساليبها .. هزلية فى أحكامها التى تصدر بالإعدام فى المئات (اتهموا زورًا) بقتل فرد واحد لم يثبت بأي دليل علاقتهم بقتله .. !
تُرى لو علم الغلام أن الرجل استدْعَى جيشه من حراسة حدود البلاد والدفاع عنها ضد الأعداء إلى شوارع المدن والقرى وميادينها لمواجهة المظاهرات السلمية بالرصاص الحيّ .. واستخدم الدبابات والمدرعات والطائرات الحربية كأنه يخوض معركة حربية ضد شعبه الأعزل .. استباح فيها -لأول مرة فى التاريخ- ساحات المدارس والجامعات ومساكن الطلبة والطالبات .. وقتلهم جنوده وشرطته فى داخل هذه المواقع بالرصاص والقذائف المحرمة دوليًّا..!
تُرى لو علم الغلام أن هذه القذائف هي نفسها القذائف التى صنعها الصهاينة أعداء الأمة واستخدموها فى قتل أبناء غزة .. بعد استخدامها فى مصر: قذائف تفجّر جماجم الشباب والأطفال وصدورهم فتتمزق وتتدلّى محتوياتها إلى الخارج.. فى مشاهد من أبشع ما يمكن أن يتصوّره عقل إنسان..!
تُرَى لو علم الغلام أن حرائر مصر: بناتها ونساءها -لأول مرة- يُقتلْن بالرصاص الحي.. وتُنتهك أعراضهن فى السجون والمعتقلات وأقسام الشرطة .. بعد تصريحات الرجل أنه لامحاسبة ولا محاكمات لأخطاء تصدر من أفراد قوات الأمن والعسكر فى مواجهات مع (الإرهابيين) [وهو يقصد المعارضين للانقلاب المطالبين بعودة الشرعية] .. واعتبر الجنود وأفراد الشرطة أن هذا تصريح باستباحة كل شيء وأن أي شيء يمكن أن يقع فى دائرة الأخطاء المعفيّ عنها..!
تُرى لو عرف الغلام المسكين كل هذه الحقائق المزلزلة .. هل يبقى في جمجمة رأسه ذرّة من عقل..؟ أم أن رأسه سينفجر ويسقط هو ميتا من الهلع ...؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق