وعلى قدر سلمان تأتي العزائم
علي الظفيري
يستغرب المرء من تغير الأحوال، وبعد أن كانت اللغة التي تتعلق بالمملكة في وسائل الإعلام المصرية، لغة المحبة والود والتبجيل غير المحدود، تغيرت، وأصبحنا أمام نبرة تهديد مبطن، وقل ود ظاهر، في تحول لا تخطئه العين المجردة، سبق تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز الحكم، واستمر حتى اليوم، فماذا جرى واستدعى هذا الانقلاب في الخطاب الإعلامي، والذي أكدت التسريبات الأخيرة أن ما نسمعه ونقرأه ما هو إلا تعليمات تنزلت على معشر الصحفيين، كتبها «أحمد» بيده، وانتقلت إلى الأولاد في برامجهم اليومية.
في تقديري، أن المملكة تقف مع مصر بكل قوتها، قبل الملك سلمان، وفي عهده بكل تأكيد، ونظرا لطبيعة النظام الملكي المحافظ، فلن نتوقع بيانا من الرياض يدعم ثورة الخامس والعشرين من يناير، والدعم المالي لن يتوقف عن مصر في أزمتها، لكنه سيكون أكثر انضباطا، ويتوقف تدفقه على كيفية استثماره من قبل جمهورية العسكر، لم يعد مسموحا العبث بمقدرات الشعب السعودي والمصري من قبل المتنفذين الانتهازيين في القاهرة، وهناك قناعة لدى السعوديين أن المصريين شركاء في ثروتهم النفطية، شرط أن يكون ذلك بحدود المنطق، وأن تكون نتائج المساعدة واضحة على حياة المصريين واستقرارهم، إذا، لماذا هذه الهجمة المصرية الإعلامية على العهد الجديد في السعودية، طالما أن الأشياء لن تتغير بشكل جذري؟
يظن الفريق الحاكم في مصر، أن سياسة التخويف المعتمدة، بشماعة الإرهاب والإخوان والثورات وغير ذلك، يمكن أن تجعل قصر الحكم في الرياض أسيرا لرغباتهم، وهم مخطئون بكل تأكيد، ويعتقدون أن السياسة الخارجية للمملكة ستكون مضبوطة بالرغبات الانقلابية، وهذا أقرب للجنون منه إلى الواقع، لا يمكن لأحد مهما كان أن يحدد للرياض كيف تتعامل في محيطها، ومع من تتحالف، وما هي الشروط التي تضعها كقاعدة للعلاقات الدولية بمن تريد، اختلفت المملكة مع الولايات المتحدة وهي الحليف الأكبر لها في أكثر من ملف، منها البحرين وما جرى في مصر قبل ثلاثة أعوام، وبالتالي لا يتوقع السيسي وفريقه أو يتوهمون أنهم يستطيعون الضغط في هذا الجانب، اطلاقا.
ماذا سيفعل سلمان بن عبدالعزيز، الحاكم الذي يستمد شرعيته من أبناء بلده وتوافقهم على أسرته التي حكمت البلاد على مدى قرون؟
لن أتنبأ هنا، ولكن من حقي كمواطن سعودي أن أتمنى، وهذا التمني بقدر المحبة والتوقع، ولن أتحدث عن الشأن الداخلي، فلا أحد يجرؤ أن يحدث أبوفهد عن شعبه وبلاده، معرفة الملك بالداخل تدفعك للخجل من الخوض في تفاصيله، لكن ما يجري في المحيط يدفعنا لتناول مستقبل بلادنا بصراحة كبيرة، التهديدات المحيطة أصبحت واضحة للجميع، من اليمن إلى العراق وسوريا ولبنان، وإيران، هذا الوحش الثوري الطائفي الذي لم يترك شاغرا في محيطنا إلا وشغله، وهذه أكبر دلالة على غيابنا وضعفنا وتراجعنا، لا نلوم إيران على مكاسبها، بل نلوم أنفسنا على السماح لها بتحقيق هذه المكاسب على حسابنا.
ثمة من عملنا معهم، وأدى هذا العمل إلى ما نحن عليه اليوم، وثمة من خاصمناهم وحاربناهم واكتشفنا صداقتهم الحقيقية في النهاية، وهذا يدفعنا إلى مراجعة أمورنا بشكل جدي، وليس في هذا أي عيب على الاطلاق، فالدول الكبيرة أبوابها مفتوحة على الدوام، ومراجعتها قائمة كل لحظة، وحساباتها تنطلق من مكانتها وأهميتها ومصلحتها، ونحن جميعا يا خادم الحرمين معك، أبناء بلادك، من الاسلاميين والليبراليين والمحافظين، معك دون تردد، ودون منهج التصفية الذي أراد البعض أن يسود، وأن يقسم الناس في البلاد إلى مريدين وأعداء.
من اليوم الأول للثورات العربية قلنا إن بلادنا تختلف، وظروفها لا تشبه ظروف من ثارت شعوبهم عليهم، وأن من ينشد الإصلاح والمشاركة الشعبية وتحسين الأداء ومحاربة الفساد ليس عدوا لبلاد، ولا للنظام الحاكم، بل محب ووفي يعمل على حماية الاستقرار والثروة والتلاحم الوطني، وقد آن الأوان للجم مؤسسة التحريض والتخوين وفتح الأبواب للجميع دون استثناء.
إن المملكة العربية السعودية، لا تكون إلا وهي بلاد المسلمين والعرب، قبلة الجميع، الداعمة لفلسطين ومقاومتها، والدولة التي تقف في وجه الطامعين في بلادنا العربية، ومن غير أبي فهد لتحقيق هذه التطلعات.؟
• ? @alialdafiri
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق