الثلاثاء، 7 أبريل 2015

عالم حسن نصر الله!

عالم حسن نصر الله!
أحمد بن راشد بن سعيّد


هل تريد أن ترى مشهداً يجسّد كوميديا سوداء؟إذن فأنصحك بمتابعة المقابلة التي أجرتها قناة الإخبارية الأسدية مع زعيم ما يُسمّى «حزب الله»، حسن نصر الله، يوم الإثنين 6 نيسان (أبريل) الجاري.
لا أدري إن كنت تستطيع متابعة كل المقابلة، لكنها فرصة لتعلم أشياء مثيرة، سأحاول تلخيصها هنا.
 بدا حسن، الذي يحلو لأتباعه تسميته بـ «سيّد المقاومة» مهزوماً مخذولاً متوارياً خلف سحنة شاحبة وابتسامة صفراء وحركات جسد تنبي عن تناقض بين ما يقول وما يعتقد. لو كان الكذب رجلاً، لكان حسن نصر الله. لو خلق الله من النفاق أحداً، لكان هذا المعمم الشيعي الدجال في الضاحية الجنوبية من بيروت.
استهل حسن تصريحاته بالقول إن «سوريا مستهدفة بسبب دعمها للمقاومة»، ولا رد هنا أبلغ من قول أبي الطيب:
وليس يصحّ في الأذهان شيءٌ/إذا احتاج النهارُ إلى دليلِ.
 كان حسن يزعق ذات مساء من وراء شاشة: سأقاوم حتى تبلغ صواريخي حيفا وما وراء حيفا. ثم استيقظ السوريون والعرب على صواريخه وهي تدك درعا، والقلمون، وريف القصير في حمص. من يشتري رواية هذا الأفاك عن المقاومة؟ ذهب حسن إلى أبعد من ذلك في خياله «المقاوم»: «قلنا إننا ذاهبون إلى سوريا للدفاع عن سوريا وعن أنفسنا؛ عن لبنان وفلسطين والقضية الفلسطينية...لأن خسارة سوريا هي خسارة للبنان ولفلسطين...لا بل يمكن القول إنها اليوم دفاع عن الأردن والعراق».
لماذا لم يضف: «السعودية والخليج»، ولو قالها لصدق، إذ لا بد من مقاومة كل من لا يخضع لسلطان الولي الفقيه في طهران.
 أوه، آسف، لقد قالها بالفعل ولكني لم أنتبه: «كيف سيكون مصير دول الخليج والأردن والعراق فيما لو سيطرت القاعدة على سوريا»؟ لا..لا..كل شيء إلا القاعدة! كل شيء إلا داعش! النجدة يا سيّد المقاومة زال ظلك، أدركني يا خامنئي حان ذلّك!
 ويضيف: «الحرب على سوريا فشلت طالما أن الدولة مازالت موجودة والنظام موجوداً...يعني أن هذا الحرب لم تحقق الهدف منها».
 لم يقل إن الشعب السوري موجود، فالمطلوب صفوياً وفارسياً محوه من الوجود، ومادامت مصالح الولي الفقيه مصونة في الشام، فلا بأس بإبادة الملايين من أهله، فكل مصيبة بعد ابن أنيسة جلل. ويرى حسن أن ما وصفه بفشل المؤامرة على سوريا كان سببه «الاحتضان الشعبي الكبير» لبشار الأسد، وأن «الجزء الأكبر من الشعب السوري مايزال مع الدولة». وطبعاً لا حاجة لإثبات هذا الكلام، فالجميع يرى بأم عينيه كيف يحتضن السوريون «رئيسهم» ليل نهار وهم يغنون له أغنية فيروز: «حبيتك تنسيت النوم، يا خوفي تنساني، حابسني برّات النوم، وتاركني سهراني، أنا حبيتك، حبيتك...بشتاقلك لا بقدر أشوفك ولا بقدر أحكيك، بندهلك خلف الطرقات وخلف الشبابيك....»!
يقول حسن إن حزبه «ليس قوة إقليمية ولا جيشاً نظامياً، بل حركة مقاومة». وفي هذه اللحظة يبدو عليه الارتباك، إذ كيف يصر على شعار «المقاومة» وهو يقتل السوريين الذين ضحوا كثيراً من أجل مقاومة الصهيونية؟ يعبث ملياً بلحيته، ثم يردف ونظرات النفاق تطل من عينيه: للحزب «في بعض الميادين تأثير نوعي لا سيما في مواجهة حرب العصابات». لماذا لم يقل صراحة إن حزبه ليس سوى عصابة من الأوغاد وقطاع الطرق الطائفيين، المؤتمرين بأوامر رئيس العصابة الأكبر في طهران؟ لماذا لم يقل إنه ليس سوى مندوب ذلك الرئيس، وإن عمامته منقوعة في دم الأبرياء؟ يحاول حسن عبثاً أن يقلل من الكارثة التي حاقت بأفراد ميليشياته في سوريا، فيقول إن الخسائر «كانت متوقعة، وما يقال في وسائل الإعلام غير دقيق ومضخم». يا حرام! لماذا يكذبون على المقاومة؟ لكن ألا يعرف حسن الفرق بين «غير الدقيق» و «المضخم»؟ أم أن الخطابة لا تستطيع دائماً إخفاء الكذب؟ يقول أبراهام لنكِن: «قد تستطيع خداع كل الناس بعض الوقت، بل قد تستطيع خداع بعض الناس طول الوقت، لكنك لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت».
والأجمل من هذا قول التهامي:
ثوب الرياء يشفّ عما تحته/فإذا التحفتَ به فإنك عاري..
فلا أحد اليوم أشد رياءً وأكثر عُرياً من حسن نصر الله.
يُقال إن الكذب حبله قصير. ولكنه عند سيد المقاومة لا حبل له. يقول في المقابلة مع تلفزيون بشار: «دخلنا الحرب بملء إرادتنا ولتحمّل مسؤولياتنا» و «لم نخبر حلفاءنا في لبنان كي لا نحرج أحداً». ثم يضيف: «المعركة في سوريا هي معركة المقاومة...(و) معركة القلمون هي حاجة سورية لبنانية مشتركة».
شو هالحكي؟ إذا كان «القتال» الذي تخوضه عصابة حسن في سوريا هو حاجة لبنانية، فلماذا لا يقنع حلفاءه اللبنانيين بها، بدلاً من إخفائها عنهم؟ أليست هذه خيانة؟ كيف تصرف اللبنانيين عن حماية وطنهم بحجة عدم إحراجهم؟ ويستمر «السيد» في ضخ الأكاذيب زاعماً أن «الذي صمد وقاتل واستشهد وقدم التضحيات وحقق الإنجازات في سوريا هم السوريون أنفسهم». لكنه قال قبل قليل إن عصابته تقاتل على الأرض في سوريا، و إنه «حيث يجب أن نكون سنكون...(و) حيث تدعو الحاجة في سوريا سنتواجد، ووجودنا هو في الكادر البشري..».
السؤال الأكبر هو: ما هي مشكلة سوريا؟
يجيبنا حسن: «المشكلة هي في العقل السعودي». 
ليش؟ لأن «السعوديين لا يستطيعون أن يروا شعوباً حرة». حسناً. ما الدليل؟ يجيب: «أول من تحدث عن أن هناك احتلالاً إيرانياً لسوريا هو سعود الفيصل». امممم...إذن لا توجد ثورة في سوريا، بل مؤامرة كونية على «النظام»؛ السوريون لم ينتفضوا على الاستبداد، بل هم مجرد «أدوات» لواشنطن وتل أبيب؛ وإيران لا تحتل سوريا، بل تقدم لأهلها المنّ والسلوى. 
هل تريد المزيد؟ عند حسن زميرة، «مش هتقدر تغمض عينيك». يقول وهو يصلح عمامته ويمسح العرق الذي يتفصّد من جبينه: السعودية تريد «الهيمنة على اليمن»، «والحديث عن هيمنة إيرانية غير صحيح، واليمنيون كانوا يسعون إلى أخذ بلادهم إلى دولة مستقلة تقف إلى جانب قضايا المنطقة وحركات المقاومة». أوه..يعني المقاومة انتقلت من جنوب لبنان إلى جنوب جزيرة العرب! طيب، أين أنت من عدوان الحوثي؟ لا..لا.. «العدوان على اليمن عدوان أميركي سعودي». لماذا؟ «لأن الأميركي يعتبر أن خروج اليمن من السيطرة السعودية يعني خروجه من السيطرة الأميركية». لكن ماذا تفعل واشنطن وطهران في محافظة صلاح الدين وفي العراق كله؟ أليستا تقاتلان معاً؟ أليس الجنرال الأميركي لويد أوستن، والجنرال الإيراني قاسم سليماني رفيقَيْ سلاح في معارك تكريت؟ لا..لا..السعودية وأميركا «تعتديان» على اليمن. خلاص، هيك بدو «السيّد». حسناً، لماذا لا تشاركهما إسرائيل العدوان مثلما تزعم أنها تفعل في سوريا؟ يجيب: «العدوان» على اليمن يحدث لأن «العدو الإسرائيلي يخاف من صعود شعارات الموت لإسرائيل». ممم...هيك اتضحت الصورة. لا بد من «إقحام» ما يشير إلى أميركا وإسرائيل بين الفينة والأخرى، لزوم الممانعة والمقاومة.
في الحقيقة، السيد حسن معه حق. منذ بدء عربدة الحوثيين في اليمن، وهم يرددون شعارات مثل: «الموت لأميركا، الموت لإسرائيل»، وهي ما يثير قلقي وقلق العرب والمسلمين، فقد عوّدنا مرددوها أن يوقعوا الموت على المخيمات الفلسطينية والمدن السورية والعراقية، ولم نر لها أي أثر في مكان آخر. كيف يرى حسن مسار عاصفة الحزم؟ يجيب: «أنا على يقين» بهزيمة السعودية الأمر الذي «سينعكس على بيتها الداخلي» لاسيما أنها «دولة لا قانون فيها ولا ديموقراطية ولا حقوق إنسان ولا تداول سلطة». طبعاً لا أدل على صدق هذا الكلام من «تداول السلطة» في سوريا، ونجاح آل أسد في تحويلها إلى «مدينة فاضلة» وواحة للديموقراطية!
 ولا يملك حسن إلا أن يكشف عن أجندته الطائفية، فيقول إن مشكلة الدول الخليجية هي «الشباب الذي تربى على الفكر الداعشي، وداعش هي تعبير عن المذهب الوهابي».
بحسب الخطاب الصفوي، فإن كل سني ناصبي، وهابي، قاعدي، داعشي، ومن يحاول من السنة التشكيك في ذلك بعد كل ما جرى ويجري، فداءُ الحمق ليس له دواءُ!
أفضل رد سعودي وخليجي على المجرم حسن نصر الله هو الاستمرار في عملية عاصفة الحزم وتوسيعها بالتنسيق مع تركيا لتشمل تحرير سوريا، والتوقف تماماً عن التعاون مع الحكومة الشيعية الإرهابية في العراق، حتى لا نُلدغ من الجحر الصفوي أكثر من مرة.

• @LoveLiberty

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق