الثلاثاء، 7 أبريل 2015

موت «مسافة السكة»!

موت «مسافة السكة»!
عبدالله بن حمد العذبة
رئيس التحرير - A_AlAthbah@

«مسافة السكة».. كانت العبارة الأكثر تداولاً في الإعلام المرئي والمسموع والمقروء.. بل وتصدرت وسائل التواصل الاجتماعي مثل «فيس بوك» و«تويتر»..
بعد لقاء مثير جداً للسيسي.. فعندما سألته المذيعة: ما الذي تقصده بمسافة السكة؟ فأجابها: «نشوف الخطر فين وتلاقينا هناك طوالي.. ثم غمز بعينه وقال: آه ما حدش يهدد العرب واحنا موجودين».
قفزت إلى الأذهان حينها صورة الزعيم جمال عبدالناصر، وتم ربطها بصورة السيسي، وعلى الرغم من الاختلاف الكبير بين الشخصيتين إلا أن إعلام السيسي روج أنه سيحيي القومية العربية، ورفع الإعلام صورته إلى جانب صورة عبدالناصر.
وقبل موعد المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ قال السيسي لوسائل إعلام خليجية ومصرية إن فكرة انعقاد المؤتمر ليست فكرته، ولكنها فكرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله-، ومن الوفاء له يجب أن يحضر الجميع لدعم «مصر».
عُقد المؤتمر، وبنهايته أظهر الزعيم الكبير السيسي مهارته في اقتناص الفرص بـ «فهلوة»، وأخبر الحاضرين أنه قال لأحد المستثمرين: «طيب وعلشان خاطر ربنا.. هتشيل كم من الفوائد على القرض ده؟ قام شال مية مليون».
صفق الحضور وهم يضحكون إعجاباً بـ «فهلوة» رئيسهم السيسي في التفاوض، وخرجت صحف النظام تهلل لمليارات الدولارات التي تمكنت «الفهلوة» من تحقيقها، وإن اختلفت هذه الصحف الداعمة للسيسي في ذكر أرقامها حتى فقد المرء القدرة على تحديد رقمٍ!
انطلقت «عاصفة الحزم» من الرياض عاصمة القرار العربي.. وتسابق العرب في الدفاع عن اليمن، وأتت لحظة اختبار «مسافة السكة»، وساعة الوفاء للملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله-، الذي كان له الفضل في المكان الذي فيه السيسي الآن..، وباتت «مسافة السكة» التي رددها السيسي -وهو في حالة نشوة- على المحك الحقيقي، فالكل يريد الحفاظ على اليمن ووحدته ومنع انزلاقه في حرب أهلية وطائفية، وذلك من خلال دعم شرعية الرئيس هادي التي تواجه الانقلاب الحوثي برعاية الجنرال المخلوع علي عبدالله صالح -أبي رغال العصر- الذي يحظى بدعم خارجي.
كان الجواب الذي ينتظره الجميع هو: نعم.. السيسي يفي بوعده و«مسافة السكة» لديها «تفويض وأمر» لمساعدة اليمن ومواجهة الإرهاب المحتمل.. لكن الجواب جاء مختلفاً فلا حياة لـ «مسافة السكة»، وأُعلِن الحداد، وكشف الاختبار موت «مسافة السكة»، وأنها خدعة مكشوفة.
فلم تعلن وكالة الأنباء المصرية الرسمية «أ.ش.أ» عن وجود أي قوات من أي نوع لحماية اليمنيين على الأرض، وقال السيسي «أحب أن أوضح.. أن جيش مصر لمصر..». أين «مسافة السكة»؟ .. قد ماتت!!
خرج بعد ذلك إعلاميو «كمل جميلك»، وهاجموا بكل صراحة «عاصفة الحزم»، ونالوا من المملكة العربية السعودية وشعبها وكل دول الخليج العربي المشاركة في التحالف وقطر منهم، والتي يرتبط مصيرها بالشقيقة الكبرى كما يرتبط مصير بقية دول الخليج بالمملكة.
واستاء العرب من تراجع السيسي عن «مسافة السكة»، وصار موقفه حرجاً جداً، فخرج علينا بتصريح يكسوه الارتباك، وهذا حال خطابات وتصريحات السيسي دائماً، وقال: «محدش هيقدر يقرب من أشقائنا في أي حتة، أمن الخليج هو أمننا القومي، وإذا تطلب الأمر التدخل لحمايتهم سنفعل!!».
عفواً.. كيف سيحمي السيسي الخليج العربي؟ ومَن طلب منه أصلاً حماية دول مجلس التعاون؟
يبدو أن مستشاري السيسي ينقصهم الكثير من الخبرة والمعرفة، فهم لا يدركون نوعية وأسلحة دول مجلس التعاون المتقدمة، ويعيشون في عام 1990..!!
الأمر مختلف تماماً فنحن في 2015، وهذا ما غاب عنهم وعن غيرهم، والمدقق في خطابات السيسي، لن يبذل جهداً في اكتشاف مغزى هذا التضارب والتخبط، فالأمر كله مبني على مبدأ «هات.. خد» وفق منطق المفكر «عباس»، وقد أطلقها السيسي بنفسه صراحة في خطابه الأخير، عندما قال: «إحنا هنقف جنبهم حتى لو هم معندهمش فرصة يقفوا جنبنا، لأن دي بلادنا العربية».
وعقب هذا التصريح الذي هللت له بعض وسائل الإعلام الخليجية، خرجت تظاهرة أمام سفارة المملكة العربية السعودية ردد فيها المتظاهرون عبارات قبيحة ومشينة ضد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- و«عاصفة الحزم»، والجميع يعلم أن السيسي أصدر قانوناً مشدداً يمنع التظاهر، وقواته تلاحق من يتظاهرون ضده حتى في الأزقة، فكيف وصلت الحرية والديمقراطية مداها بسرعة معتمدة على «مسافة السكة» ليحدث ما حدث أمام سفارة الرياض -عاصمة القرار العربي- في ذلك اليوم تحديداً؟
فالملك سلمان قام بما يمليه عليه ضميره ولبى نداء الرئيس الشرعي لليمن، وأطلق «عاصفة الحزم» لتزيل فوضى الحوثي والمخلوع علي عبدالله صالح وابنه وتنقذ اليمن.
الخليجيون أذكياء ولا تنطلي عليهم مثل هذه الأمور، ولن يسمحوا بتكرار علي عبدالله صالح في مكان آخر، كما أنهم ليسوا بحاجة لمَن يدافع عنهم، فقادة الخليج يحمون مواطنيهم بعد الله، و«عاصفة الحزم» تسير بخطى واثقة لإعادة الشرعية والاستقرار في اليمن بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، و«مسافة السكة» التي تحدث عنها السيسي ماتت وشبعت موتاً يا إخوان..

وعلى الخير والمحبة نلتقي،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق