الخميس، 7 يناير 2016

"إيكونوميست" تحاور ولي ولي العهد السعودي: لن نسمح بحرب مع إيران وندرس بيع حصص في أرامكو

"إيكونوميست" تحاور ولي ولي العهد السعودي: لن نسمح بحرب مع إيران وندرس بيع حصص في أرامكو

خدمة العصر
أجرت مجلة "إيكونوميست" البريطانية حوارا مع ولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، هو الأول من نوعه واستغرق خمس ساعات، تطرق فيه إلى حرب اليمن والإعدامات الأخيرة التي نفذتها السعودية في حق 47 متهما والتوتر مع إيران، وكذا الحديث عن إدراج أسهم أرامكو في البورصة وأزمة تراجع أسعار النفط وتنويع الدخل... وإليكم أهم ما ورد في الحوار:
لماذا نفذت الإعدامات الآن بعد سنوات عدة من الاعتداءات الإرهابية في السعودية، ولماذا شملت رجل دين شيعياً بارزا؟
** أولاً، هؤلاء حكم عليهم باتهامات تتعلق بالإرهاب، ومروا بثلاث مراحل من الإجراءات القانونية. كان يحق لهم توكيل محامين، وكان ثمة وكلاء لهم موجودون في كل مرحلة من المحاكمات. أبواب المحكمة كانت مفتوحة في كل مرحلة لإعلاميين وصحافيين، وقد كشفت كل الإجراءات والنصوص القانونية. والمحكمة لم تميز إطلاقا بين شيعي وسني.
* ولكن هذه الإعدامات تسببت بردود فعل عنيفة في إيران.تعرضت سفارتكم لهجوم ، وقطعتم العلاقات الدبلوماسية، وكذلك فعلت البحرين والسودان. كيف ستكون تبعات هذا التصعيد على التوترات الإقليمية؟
** ننظر إلى التظاهرات ضد السعودية في إيران على أنها أمور غريبة، إذ ما العلاقة بين مواطن سعودي ارتكب جريمة في السعودية وقرار اتخذته محكمة سعودية، ما علاقة هذا بإيران؟ إذا كان هذا الأمر يدل على أمر ما فهو أن إيران حريصة على توسيع نفوذها على دول في المنطقة.
ألم تصعدوا التوتر على نحو غير عادل بقطعكم العلاقات الدبلوماسية؟
** بالعكس، نخشى أن تتفاقم الأمور أكثر. تصوروا أن يتعرض أي دبلوماسي سعودي أو أحد أفراد عائلته أو أولاده لاعتداء في إيران. موقف إيران سيكون عندها أصعب بكثير، جنبنا إيران مواجهة مثل هذا الإحراج. أحرقت البعثة السعودية فيما الحكومة الإيرانية تتفرج. إذا هوجم ابن دبلوماسي أو عائلته، ماذا يمكن أن يجري؟ عندها سيحصل نزاع حقيقي وتصعيد حقيقي.
هل تلمح إلى أن نزاعا شاملا بين إيران والسعودية يمكن توقعه؟
** بسبب هذا الإجراء؟
* والعواقب المترتبة على ذلك...
** إذا كان ذلك بسبب هذا الإجراء، لا أعتقد أن هذا يمكن أن يكون سببا لمزيد من التوتر بين إيران والسعودية، لأن التصعيد الإيراني بلغ أصلا مستويات عالية جدا ونحاول بقدر المستطاع عدم التصعيد. نحن نتعامل مع الإجراءات والخطوات التي اتخذت ضدنا.
هل الحرب بين الدولتين، الحرب المباشرة، ممكنة؟
** إنه أمر لا نتوقعه على الإطلاق، وأيا كان من يدفع في اتجاه هذا الأمر فهو شخص ليس في كامل قواه العقلية، لأن حربا بين السعودية وإيران هي بداية لكارثة كبيرة في المنطقة، وستنعكس بقوة على بقية العالم. وبالتأكيد لن نسمح بأي شيء من هذا القبيل.
* هل تعتبر أن إيران هي عدوكم الأكبر؟
** لا نأمل ذلك.
ثمة منطقة تعتبر ما يمكن أن تسموه حربا بالوكالة بينكما هي اليمن. أنت مهندس الحرب في اليمن، فمتى تنتهي؟
** أولا لست مهندس العملية في اليمن، نحن دولة مؤسسات. القرار للمضي في العملية في اليمن هو أمر يتعلق بوزارة الخارجية ووزارة الدفاع والمخابرات ومجلس الوزراء ومجلس الشؤون الأمنية والسياسية، ثم ترفع كل القرارات إلى الملك، وقرار المضي قدما يعود إليه. مهمتي كوزير للدفاع هي تنفيذ أي قرار يتخذه الملك.
* اتخذ القرار بعيد تعيينك وزيرا للدفاع، فمتى تتوقع انتهاء العملية؟
** بالنسبة إلى توقيت القرار، لماذا ننسى أن الحوثيين استولوا على السلطة في صنعاء بعد تنصيب الملك سلمان؟ لا علاقة للأمر بواقع تعييني وزيرا للدفاع، فالعملية مرتبطة بما قام به الحوثيون. هناك صواريخ ارض-ارض على حدودي حاليا، على مسافة ما بين 30 و50 كيلومترا عن حدودي، ومدى هذه الصواريخ يمكن أن يصل إلى 550 كيلومترا، وتملكها ميليشيات.
وهناك ميليشيات تنفذ تدريبات على حدودي وتسيطر على مقاتلات، للمرة الأولى في التاريخ، على حدودي، وهذه المقاتلات التي تسيطر عليها ميليشيات تنفذ نشاطات ضد مواطنيها في عدن. هل يمكن لأية دولة في العالم أن تقبل بوجود ميليشيات من هذا النوع على حدودها، وخصوصاً أنها تصرفت بتجاهل تام لقرارات مجلس الأمن وشكلت تهديدا مباشرا لمصالحنا القومية؟ ولدينا تجربة سابقة، تجربة سيئة تعود إلى 2009. والعمليات التي نفذت حظيت بدعم مجلس الأمن من دون أي اعتراض.
* عندما بدأت العمليات، توقع كثيرون أن تكون سريعة. الآن، وبعد عشرة أشهر، هل أنتم في مستنقع عسكري؟
** لا، كانت هناك أهداف مختلفة. الهدف الأول لعاصفة الحزم هو تفكيك القدرات الرئيسية لهذه الميليشيات، القدرات الجوية، قدرات الدفاع الجوي وتدمير 90 في المائة من ترسانتهم الصاروخية. ثم بدأنا عملية حل سياسي في اليمن الذي يعتبر مرحلة مختلفة تماما. كل جهودنا هي للدفع في اتجاه الحل السياسي، ولكن هذا لا يعني أننا سنسمح للميليشيات بالتوسع على الأرض، وعليهم أن يدركوا أنه كلما ابتعدوا عن الحل السياسي، يخسرون على الأرض.
* كم سيستغرق ذلك؟
** لا أحد يمكنه توقع ذلك في حرب...يمكننا رؤية داعش اليوم ولا أحد يمكن أن يتوقع متى ستهزم، ما يمكنني قوله هو أنه قبل عشرة أشهر كان نصف عدن خارج سيطرة الحكومة، والآن 80 في المائة من الأراضي اليمنية خاضعة لسلطة الحكومة الشرعية. وأريد أن أؤكد أن العالم حاليا كشف ألاعيب الحوثيين، وتحديدا الألاعيب التي كانوا يستخدمونها في ما يتعلق بالمساعدة الإنسانية.
* أنت أيضا مكلف بالاقتصاد. لنتحدث عن الموازنة: سعر رميل النفط 35 دولاراً والعجز العام الماضي يمثل 15 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، هل تواجه السعودية أزمة اقتصادية؟
** نحن بعيدون جدا عنها. نحن أبعد عن الثمانينيات والتسعينيات. لدينا ثالث أكبر احتياط في العالم. تمكنا من زيادة مداخيلنا غير النفطية هذه السنة وحدها بنسبة 29 في المائة. ولدينا برامج واضحة للسنوات الخمس المقبلة. أعلنا بعضها، وسنعلن الأخرى في المستقبل القريب.
إضافة إلى ذلك، لا تتجاوز نسبة الدين بالنسبة إلى الناتج المحلي 6 في المائة، لذا لدي كل نقاط القوة والفرص لزيادة مداخيلنا النفطية في أكثر من قطاع، ولدي شبكة اقتصادية عالمية.
كيف تزيدون العائدات غير النفطية؟ هل ستعتمدون الضريبة على القيمة المضافة؟ هل ستفرضون ضريبة على الدخل؟
** لن تكون هناك ضريبة على الدخل ولا ضرائب على الثروات. نتكلم عن ضرائب أو رسوم يدعمها المواطن، بما فيها ضريبة الدخل. ستوفر مداخيل جيدة، ولكنها لن تكون المداخيل الوحيدة، لدينا فرص عدة في المناجم، وأكثر من 6 في المائة من احتياطات العالم من الاورانيوم، والعديد من الأصول غير المستثمرة. لدينا أربعة ملايين متر مربع في مكة من الأراضي غير المستغلة التابعة للدولة، وقيمتها في الأسواق عالية جدا. لدينا أصول عدة يمكن تحويلها إلى أصول استثمارية. أعتقد أنه يمكننا بلوغ مستوى من الإيرادات غير النفطية بقيمة 100 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة.
متى تطبقون الضريبة على القيمة المضافة؟
** سنحاول القيام بذلك في أواخر 2017 وسنحاول تسريع ذلك.
* وماذا ستخصّصون لزيادة العائدات؟
** قطاعات الرعاية الصحية والتعليم وبعض القطاعات العسكرية مثل الصناعات العسكرية وبعض الشركات المملوكة للدولة. وهذا يخفف الضغط على الحكومة، كما سيؤدي بعض هذه العمليات إلى أرباح جيدة.
* هل تتصورون بيع حصص في "أرامكو"؟
** هذا أمر قيد الدراسة، وأعتقد أن قرارا في هذا الشأن سيتخذ في الأشهر القليلة المقبلة. شخصيا، أنا متحمس لهذه الخطوة. أعتقد أنها تصب في مصلحة السوق السعودية، وفي مصلحة أرامكو ومصلحة الشفافية ومواجهة الفساد، إذا كان هناك أي فساد.
* قلت إن أحد التحديات هو تنويع الاقتصاد السعودي بعيدا من النفط، فأية قطاعات ستحظى بالأولوية في ذلك التنويع؟
** التعدين وإصلاح الدعم. لدينا 20 في المائة، فقط، من الطبقات الوسطى وما دونها ممَن يستفيدون من الإعانات، ونستهدف الثمانين في المائة، ونحاول الحفاظ على مصالح الطبقات الوسطى وما دونها، وهذه تولد إيرادات جيدة. كما قلت لك، هناك قطاعات غير مستغلة، فتوسيع السياحة الدينية، مثل زيادة أعداد السياح والحجاج إلى مكة والمدينة يمكن أن يضفي قيمة على الأراضي المملوكة للدولة في كلتا المدينتين.
رفعتم بعض الأسعار في هذه الموازنة، الكهرباء والبنزين، ولكن لا يزال هناك دعم، هل تهدفون إلى التخلص من الدعم كليا؟
** نريد الوصول إلى الأسواق الحرة للطاقة، ولكن مع برامج الدعم لذوي الدخل المنخفض، وليس الدعم في شكل خفض أسعار الطاقة، ولكن من خلال برامج، وأيضاً، بعض من الأصول الأكثر أهمية التي نعمل عليها، إذ نملك منطقة رائعة جدا شمال جدة بين مدينتي أملج ووج فيها نحو 100 جزيرة.
إنها منطقة عذراء أمضيت فيها إجازاتي الثمانية الأخيرة. صدمت لاكتشافي منطقة كهذه في السعودية، وثمة خطوات اتخذت لحماية هذه الأرض. هذه إحدى الأصول التي نسعى إلى استغلالها، ونعتقد أنها تتمتع بقيمة مضافة إلى جانب توفير دخل لصناديق الدولة. وعلى هذا، لدينا أصول كثيرة غير مستغلة. في مكة والمدينة ومناطق ريفية وحضرية....واستغلال الأصول غير المستغلة سيوفر أرباحا ويؤدي إلى التنمية، وهذا عمل ضخم نتعامل معه. ونرمي إلى تقديم أصول جديدة إلى الأموال المملوكة للدولة، بما يعادل 400 مليار دولار في السنوات القلية المقبلة.
* أصول ستخصصونها؟
** هذه ستذهب إلى الصناديق ثم ستحول مشاريع وشركات ثم ستعرض على الجمهور للاكتتابات.
إنها ثورة على الطريقة التاتشرية للسعودية؟
** بالتأكيد، لدينا أًصول عدة غير مستغلة، ولدينا أيضاً قطاعات مميزة بمكن أن تنمو بسرعة...ثمة فرص ضخمة عدة للتوسع والتطور.
* هذا سيتطلب استثمارات ضخمة، وتشير بعض التقديرات إلى أربعة تريليونات دولار بين الآن و2030، من أين ستأتي هذه الأموال؟
** هذا تقرير من "ماكينزي" لا من الحكومة السعودية. نحاول أن نكون أكثر تفاؤلا في بعض الأمور، وفي أمور أخرى نحاول أن نكون متحفظين. على أي حال، تشارك "ماكينزي" معنا في دراسات عدة، ولكن هذه الاستثمارات سنحاول جذبها من مصادر عدة، المستثمر السعودي والصناديق المملوكة للدولة وصناديق مجلس التعاون الخليجي والصناديق الدولية.
* أحد التحديات التي لم نناقشها هي الشباب في السعودية، ذلك أن 70 في المائة من شعبكم هم في سن الثلاثين وما دون ذلك، فكيف ستوفرون وظائف لهؤلاء؟
** لدينا فرص كبيرة لإيجاد وظائف في القطاع الخاص. قطاع التعدين سيساعدنا كثيرا في إيجاد وظائف، والبرنامج الخاص بالحجاج والزوار سيؤدي أيضا إلى إيجاد وظائف كثيرة. لا نتوقع أن تزيد البطالة، ونعتقد أنها ستتراجع في السنوات القليلة المقبلة إلى درجة كبيرة. وفي الوقت نفسخ لدينا احتياطات، ذلك أنه يمكنني اللجوء إلى عشرة آلاف وظيفة يشغلها موظفون غير سعوديين في أي وقت أختاره، ولكن لا أريد الضغط على القطاع الخاص إلا إذا كان هذا هو الملاذ الأخير.
* هل ستمنعون توظيف أجانب؟
** نسعى إلى إيجاد وظائف، فإذا لم نتمكن من تغطية كل شيء نحن مضطرون إلى ممارسة ضغط على القطاع الخاص على غرار ما حصل في برنامج "السعودة".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق