الثلاثاء، 2 فبراير 2016

تركيا في خارطة الجغرافيا الجديدة: محاولة تعطيل الدولة التركية

تركيا في خارطة الجغرافيا الجديدة: محاولة تعطيل الدولة التركية


الكاتب:إبراهيم كاراغل
ترجمة وتحرير ــ تركيا بوست
تلك الخريطة، تُنفَّذ خطوة خطوة. خريطة الجغرافيا الجديدة تفرض في نفس الوقت على تركيا. يتم الآن سحب تركيا لحرب جديدة من خلال حزب الاتحاد الديمقراطي من خارج الحدود، وحزب العمال الكردستاني من داخل تركيا. خلف إدارة هذه الحرب تتواجد كل من روسيا وإيران، العدوان التقليديان لتركيا. إنه من المؤسف ألا يكون هناك فهم كافٍ لهذه الحرب في تركيا، حسب اعتقادي.
نوع جديد من الحروب
هذا النوع الجديد من الحرب الذي تم حصره في مفهوم “الإرهاب”، ليس له أي علاقة بالإرهاب. هذا الإرهاب ما هو إلا وسيلة لتحقيق الغاية. ستتوسع هذه الحرب في الأشهر القادمة وسيتم تقديمها لنا على أنها إرهاب، لكن يجب علينا أن نراها على أنها حرب موجّهة ضد تركيا. إذا لم تروا ذلك إلى الآن فأنتم سترونه في الأشهر القادمة.  إن الذين يعملون في شراكة مع حزب العمال الكردستاني لأول مرة في الداخل يقومون بتهديد تركيا بهذا الشكل الجدي، ولأول مرة نجد أنفسنا وجها لوجه مع خريطة جديدة. لا أتوقع أن بعض العقلاء، الذين فهموا الوضع الجديد، سيكونون قادرين على التعامل مع هذا المفهوم.
الذين يستخدمون الجمل المنمّقة من أجل لفت الانتباه إلى حيّز ضيق والتمويه على طبيعة حجم العملية، ويعملون على جعل تركيا عمياء، هم موجودون بشكل من الأشكال في هذا المشروع، ويجب أن نعلم أنهم يسعون إلى تفعيل الحرب من الداخل.
نشاهد الآن بغرابة، من كان من المفترض أن يعمل على تهدئة الوضع، يعمل على تخريبه من الداخل، ويعمل على جعل منظومة الدفاع عن النفس في الدولة غير فعالة، وجعل مستقبل تركيا في حالة من الغموض.
نحن نشاهد الآن وبنفس الغرابة كيف عملوا عن طريق الذين اندسّوا في التنظيم الخاص للدولة، حتى أنهم وصلوا إلى العصب الرئيسي فيها، الذين يتحركون مثل “الدولة” بعد فترة من الزمن كيف سيأخذون “الدولة” كرهينة، ثم سيعملون على ضرب أجهزة الدولة والتحكم بها.

محاولة تعطيل أجهزة الدولة التركية
نجد إشارات قوية هذه المرة على عمل هؤلاء الأشخاص في إخفاء مستقبل الدولة من خلال عملية إعماء تقوم على استغلال المتغلغلين في نظام الدولة، ودفعهم لتركيا داخل العاصفة الإقليمية من أجل قيامهم بشل الدولة.
هذا الوضع يعمل كغطاء داعم لحزب الاتحاد الديمقراطي، للوقوف في وجه تركيا. ويخرّب أيضا تدخّل تركيا في حزب البي يي دي. ولا يبقي لتركيا إلا خيار واحد وهو المواجهة مع تنظيم الدولة. أمر غريب، أن الدول التي تقول لتركيا “حاربي تنظيم الدولة، ولنجعله نقطة مشتركة في مواجهتنا” هي نفسها “تتحرك إلى جانب تنظيم الدولة”.
عند مجيء روسيا للمنطقة أوضحت أنها جاءت لمحاربة تنظيم الدولة، لكنها في نفس الوقت تعمل بشكل مشترك مع كل من تنظيم الدولة وحزب الاتحاد الديمقراطي. قالت الولايات المتحدة الامريكية، إنها تتحرك من أجل محاربة تنظيم الدولة، لكنها لا تفصح عن إذا ما كان هناك تعامل مشترك بينها وبين حزب الاتحاد الديمقراطي وتنظيم الدولة، ولكن هي تتعامل مع حزب الاتحاد الديمقراطي في مجال واضح، ومع تنظيم الدولة بشكل خفي. المطّلعون منا يقولون “لنضرب تنظيم الدولة” و”المحتلين الداخليين” لتركيا، لكنكم تلاحظون أنهم يتشاركون مع حزب الاتحاد الديمقراطي، وهذا لا غبار عليه، ويقيمون العديد من الشراكات المخفية. أكبر عملية من أجل حماية حزب الاتحاد الديمقراطي تتم من داخل تركيا. هذه الحرب التي يسيّرها الأعداء من الخارج، ومن الداخل عن طريق الإرهاب، ما هي الا “احتلال داخلي” من أجل شل عقل الدولة.

كيف تتم هذه الشراكات المخفية؟
يتم تشكيل هذه الشراكات في تلك الخريطة، عن طريق الممر الشمالي، الحساسية التركية الاستثنائية، التهديد القريب، والخطر الاستراتيجي. تمثل الشراكة بين دول الولايات المتحدة الأمريكية، روسيا، ألمانيا، طريقا لاستهداف تركيا عبر دعم تنظيم الدولة.
نحن الآن في مواجهة تهديد واضح، ومخطط له مسبقا. خلف هذا التهديد، “محيط”، “عملية خنق”، من أجل إيقاف تركيا.
بالرغم من تكرار نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن بايدن أن حزب العمال الكردستاني ما هو إلا إرهاب تقليدي، إلا أنه اتخذ موقف الحامي تجاه حزب الاتحاد الديمقراطي، الجهود المبذولة من أجل التفريق ما بين حزب الاتحاد الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني، وعدم أخذ التهديدات التي تواجهها تركيا بعين الاعتبار، بالإضافة إلى أن حزب العمال الكردستاني يمثل جزءا من الاضطرابات في سوريا، ألم تكن كل هذه الأمور كافية لفتح أعيننا للنظر بموضوعية أكثر تجاه الأمر؟
حزب الاتحاد الديمقراطي الذي تدعمه الولايات المتحدة الامريكية، هو في شراكة مع روسيا، وإيران، وبعض الدول الأوروبية، ونظام الأسد وتنظيم الدولة. كيف تتم إدارة اللعبة من خلال الاتفاقيات السرية والمعلنة حول سوريا؟

إرهاب متعدد الأطراف
سور، جيزرة، سيلوبي، والمناطق الأخرى التي تتم فيها العمليات تحت مسمى “محاربة الإرهاب”، هي عبارة عن اتفاق متعدد الجنسيات من أجل التدخل في تركيا. نعم إنه تدخل! ضرب تركيا من الداخل، وجعلها في حالة عجز، وجعلها غير قادرة على التدخل في مشروع الخريطة الجديدة للمنطقة ما هو إلا جزء من مخططهم.
يتم استهداف تركيا من خلال سوريا. الذين يضربون عن طريق سوريا ليسوا فقط حزب العمال الكردستاني، بل هم روسيا وإيران، “الشريكين التقليديين” لتركيا على مدار ستين سنة مضت.
هلّا تنظرون إلى هذا الاتحاد؟ روسيا، الأسد، وإيران، بينما هم يعملون على تحويل تركيبة سوريا، وبينما يعملون على تنفيذ مخططات الاحتلال من خلال قتل المدنيين، وفي نفس الساحة تكون تركيا إلى جانب المعارضة داخل نفس “الاتفاق”، كيف يمكن توضيح التقارب الحاصل في هذه الأطروحة السورية؟

هراء، وفي نفس الوقت نفاق
إذا نظرنا من هذه الناحية، سنجد أن محاربة تنظيم الدولة ما هي إلا “هراء”. قيام الاتحاد الثلاثي و”المثقفين” بإظهار تنظيم الدولة على أنه هدف لنا ما هو إلا “هراء”. التركيز فقط على تنظيم الدولة ونسيان باقي التهديدات الأخرى ما هو إلا “هراء”. إذا كان تنظيم الدولة عبارة عن هدف فإن حزب الاتحاد الديمقراطي هو أيضا كذلك. من يحارب تنظيم الدولة يجب عليه أيضا أن يحارب إرهاب حزب الاتحاد الديمقراطي. عدم فعلهم لذلك وتسميتهم لحزب العمال الكردستاني “بالمنظمة الإرهابية” ما هو إلا “نفاق”.
الاحتلال الداخلي في كل من جيزرة، سور، وسيلوبي، مرتبط بشكل كامل بسوريا، بينما يعمل “اتفاق الشر” على احتلال تركيا من الداخل. يتم جعل الدولة محتلة، ويقومون بتوفير السلاح لحزب العمال الكردستاني من أجل القيام بعملياته في مناطقنا، ويعلّمونهم الطريق والطريقة، الهدف-التكتيك.
إننا نواجه عدوا خارجيا داخل دولتنا. يعني أنه لأول مرة في بعض المناطق التركية، تتم مهاجمتنا من خلال التمويه بمنظمة الإرهاب، ونحن الآن نعمل على إعادة الأمور للسيطرة، وحماية أنفسنا من “الاحتلال”.

الإعداد لخيانة أنقرة
ليضع كل واحد عقله في رأسه. لا أحد يموّه بأنها مسألة إرهاب وإنها قضية كردية. لا أحد يدخل نفسه في متاهة. ولا يجب على أحد أن يعتقد في وجود سيناريو يعمل عليه حزب العمال الكردستاني مدعوم سياسيا، من قبل أفراد تابعين لحزب الاتحاد الديمقراطي فقط. شبكة العمل المشترك واسعة. هذه الشبكة، تجر تركيا نحو فخ مخيف. وهي تنفذ عملية خيانة في كل من سوريا وتركيا. تعمل على توريط تركيا في سوريا. تظهر تنظيم الدولة على أنه عدو، وتفتح المجال لحزب الاتحاد الديمقراطي للتوسع.
هذا “المحيط”، بعد ضربات غيزي و17 من كانون الثاني، يعمل على سيناريو جديد. التطورات الجديدة في سوريا تظهر أنقرة كأنها في الطريق الخاطئ، وتقوم بتحضير الملفات من أجل الرئيس أردوغان.
في الأمس القريب كانوا يقومون بذلك بواسطة النظام الموازي واليوم بواسطة أطراف أخرى. من الممكن أن نكون في مواجهة خيانة جديدة من داخل الدولة، من السياسة والنظام. ضربات غيزي و17 من كانون الثاني كانت ضمن هذه الخيانة.  الهدف نفسه، الحساب نفسه، الطريقة نفسها لكن فقط الحلقة أصبحت أوسع.

المنطقة الآمنة في خطر
لا تنسوا؛ أنه يتم إنشاء خط عريض قد يغلق حدودنا الجنوبية لسنوات. يتم رسم خط عريض ما بين العالم العربي السني وتركيا. أهم خطوة استراتيجية قامت بها إيران، هي جعل روسيا عارضة في مواجهة تركيا. بوتين، يتحرّك كأنه قوة مرجعية لطهران. يقوم بضرب مجالات تركيا. هذه الإدارة يتم تشكيلها حسب المرجعية الإيرانية.
بعد سقوط جبل التركمان، أصبح مخطط المنطقة الآمنة بين عزاز-جرابلس في خطر. في أثناء قيام روسيا وإيران بتعزيز المنطقة، قاموا في نفس الوقت بتكوين جبهة مشتركة مع حزب الاتحاد الديمقراطي. من أجل من؟ هل هي من أجل تنظيم الدولة؟ هي بشكل قطعي من أجل مواجهة تركيا. ذلك الخط قد يدخل في خطر.
عندما نقرّر غدا أن ندخل في هذه المواجهة لن يظهر أمامنا تنظيم الدولة أو حزب الاتحاد الديمقراطي، بل ستكون روسيا وإيران، وأيضا من المحتمل أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية. لأنهم جميعهم يعملون بشكل مشترك على إخراج تركيا من المنطقة.
لا تنسوا؛ في الداخل نحن لا نقاتل حزب البي كا كا. نقاتل روسا وإيران. وأيضا بعض الدول الأوروبية. نحارب احتلالا متعدد الجنسيات. في الطرف الآخر من الحدود أيضا يوجد نفس الاتحاد الذي يعرّض تركيا للخطر.
لا تنسوا، العدو من الداخل ومن خارج الحدود يهاجمنا. ومن المحتمل أن تركيا يتم جرّها إلى خيانة كبيرة بشكل مباشر!

المصدر:صحيفة يني شفق التركية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق