هل الولايات المتحدة شريك يمكن الوثوق به؟
بقلم: خير الدين كارامان
ترجمة وتحرير ــ تركيا بوست
الربيع العربي – وليقل من أراد ما يريد- كان عبارة عن حركة للمطالبة بالحقوق، والتمرد المشروع، قامت بها بعض شعوب الدول المسلمة بطريقة سلمية عن طريق التظاهر في الشوارع ضد الديكتاتوريين الذين تعاونوا مع الانتهازيين والمستغلين. لكن عدم اختيار التوقيت المناسب وعدم الاكتراث لحسابات القوى والتوازنات العالمية بشكل جيد وغيرها، أدى إلى توجيه الانتقادات من قبل أطراف خارجية للثورات بعد فشل الحركة. قد يكون لمثل هذه الحركات حسابات خاطئة؛ ولكن في حال نجحت، فإن الجميع سوف يمدحها ويصفق لها.
لماذا فشلت الثورات العربية
بالنسبة للبعض فإن هذه الحركة كانت عبارة عن لعبة من الغرب لمنع حدوث الأفضل، وعندما وصلت هذه الحركة لهدفها تمّت تصفيتها، على أساس أنها فشلت بذاتها دون أن يكون خلف الفشل أطراف خارجية.
ولكن الشيء الأكثر احتمالا الذي أراه أنا هو التالي:
بدأت هذه الحركة لأن الظروف التي استدعتها أصبحت جاهزة ولأن قدرة التحمّل بلغت مداها، ولقد نجحت بشكل كامل أو بشكل جزئي في كل من تونس، ليبيا، مصر واليمن. على الأقل استطاعت الإطاحة بالديكتاتوريين الظلمة والمتعاونين. وتم اتخاذ خطوات مهمة نحو الديمقراطية حتى لو كانت عن طريق أساليب مختلفة مثلما حدث في تونس ومصر.
حسنا، ما السبب وراء فشل هذه الحركة ولماذا؟
في خطة الفشل، تعاون الغرب وزعماء الأنظمة المطلقة في العالم الإسلامي (مثل الملوك). فعلى سبيل المثال، قامت الإمارات العربية المتحدة بالتحرك لتغيير الحكم في تونس والتأسيس للاستبداد، وقد انعكس هذا حتى على وسائل الإعلام. أما روسيا والولايات المتحدة على وجه التحديد، فهما لا تفضّلان العلمانية أو الإسلام السياسي في الحكم وإنما تفضلان الانقلابات العسكرية والأنظمة الاستبدادية.
ما سبب التعاون مع الأنظمة الاستبدادية؟
لأن زعماء الأنظمة الاستبدادية يستعملون ثروات هذه البلاد من أجل مصالحهم الخاصة، كانوا يقومون بتصفية كل من يعترض طريقهم. الغرب كان يتعاون معهم بشكل أسهل وأريح، وكانوا يرون في هذه البلدان لقمة سائغة من أجل تمرير مشاريعهم الاستغلالية والوصول لأهدافهم الاستراتيجية.
لو نجح الربيع العربي ولو تمكّنت الشعوب من رسم مستقبلها بنفسها والحصول على حق اختيار حكامها ومحاسبتهم، لكان من الصعب على الديكتاتورين ومن يتعاون معهم من الاستغلاليين أن يقوموا بما يريدون. بل كان سيزهر نظام جديد على مستوى العالم يقوم على مبادئ الإنسانية والعدالة والبحث عن خيارات عادلة في الحكم.
كانت مصر وسوريا أهم عنصرين في حركة الربيع العربي. فلو تمكّنت الحركة من النجاح في هذين البلدين، لما استطاع أحد أن يقف أمامها. لهذا السبب قام الاستغلاليون في الشرق والغرب بالهجوم على هذين البلدين. وأفشلوا الحركة في مصر عن طريق الانقلاب العسكري بكل سهولة. في حين أن حركة الإخوان المسالمة وذات البصيرة، قامت بمنع سفك المزيد من الدماء حاليا.
عند المجيء إلى سوريا، فإن إفشال الحركة هنا هي مسألة حياة أو موت بالنسبة للاستغلاليين “ولجميع أعداء الإسلام”. الولايات المتحدة الأمريكية كانت مترددة أو بدت هكذا، وقد تكون مالت في البداية إلى دعم المعارضة الإسلامية المعتدلة، ولكنها تخلّت عن ذلك لتعود إلى طبيعتها الأساسية. وبينما كانت تبحث عن شركاء أمثال حزب الاتحاد الديمقراطي، استغلت روسيا الفراغ وتردّد أمريكا لتسيطر على الساحة. وأمام هذه المتغيرات، اتضح أن أمريكا اتفقت مع روسيا لكي تحصل على حصتها من “الكعكة”.
استنتاج أخير
“في تصريح لرئيس الائتلاف الوطني السوري، خالد هوجا لوكالة “السي أن أن”، تحدث قائلا “كيري لم يعدنا بشيء، ولم يحضر أي مقترحات. أعطانا رسائل مشابهة لرسائل روسيا وإيران فقط، والتي تتمثل في تشكيل حكومة وطنية، السماح ببقاء الأسد في الحكم والسماح بترشحه من جديد في الانتخابات”. من وجهة نظر المعارضين السوريين، فإن كيري لمّح إلى أنه في حال عدم مشاركتهم في محادثات السلام بين الأطراف أو في حال إفشال المفاوضات، فإن أميركا سوف ترفع دعمها عنهم محذّرا إياهم من “فقدان أصدقائهم”.
ويمكننا التفكير في هذا على أنه دليل ثان على سعي هاتين الدولتين الكبيرتين من أجل دعوة حزب الاتحاد الديمقراطي لاجتماع جنيف الثالث.
لا تنسوا، كنت قد قلت سابقا بأن “الخنزير لا يصلح لصناعة الجلد، والكافر لا يصلح ليكون صديق”.
المصدر: صحيفة يني شفق التركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق