بسم الله الرحمن الرحيم
مفارقات بين صدق أوباما وكذبه مع العرب والصهاينة
أ.د.صلاح الدين سلطان
ماذا أقول لقومي وعشيرتي الذين لم يضعوا آيات القرآن موضع التصديق والعمل بدلا من التشكيك والجدل، وراحوا يصدقون أن الأخ أوباما حسين سيكون يوما واحدا مع العرب ضد الصهاينة، والله تعالى يقول: "وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِير" (الأنفال: 73) وقال تعالى : " وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ" (البقرة: 120) وقال تعالى: "وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ" (آل عمران: 118) وقال تعالى : "وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ " (آل عمران: 73).
ومع كل هذه النصوص القطعية دلالة وثبوتا فلا يزال من بيننا من يصدق أوباما شرير العصر في ثوب الثعلب الذي يجيد إلقاء الكلمات صادقا مع الكيان الصهيوني في القدس المحتلة، كاذبا بالجملة على العرب والمسلمين في جامعة القاهرة وفي رام الله، وهو الذي كان يدعو إلى الأمل والتغيير في حملته الأولى، وانتخبه المسلمون في أمريكا على أمل أن الرجل الأسود الذي عانى طويلا في أمريكا بنفسه وليس من جيل آبائه من الاضطهاد العنصري حيث لم يكن بوسعه ولا أمثاله السود أن يدخلوا الباص أو المطعم الذي فيه البيض، ولو دخل الباص فجلس وركب أي واحد أبيض فلابد أن يقوم فورا لكي يجلس السيد الأبيض ويقف "العبد الأسود" في عرف الأمريكان حتى الستينات من القرن الماضي، لولا ثورة "مارتن لوثر كنج" وغيره من السود، ولاتزال هناك كنائس في أمريكا للسود لا يدخلها البيض، ويعتقدون أن عيسى عليه السلام أسود والشيطان أبيض، وهناك كنائس للبيض لا يدخلها السود ويعتقدون أن سيدنا عيسى أبيض والشيطان أسود.
ولن ننسى تطبيل العجز العربي لمجيء أوبابا رئيسا لأمريكا لأنه عاش القهر والإذلال مثل العرب، فلابد أن يكون المنقذ لهم من الاستبداد السياسي والفساد المالي والتخلف الحضاري لكنه استمر يعبث في بلاد العرب وساند بقوة من خلال الأنظمة الفاشية مثل نظام حسني مبارك وزين العابدين والقذافي وعلى عبد الله صالح وآخرين مثلهم، ولا تزال أمريكا - تحت الأرض - تمد النظام السوري بكل عناصر البقاء والشقاء للشعب السورى، ويقيني أن الساعات الطوال التي انفرد فيها أوباما الظالم مع الملعون نتنياهو هو من أجل مزيد من دعم قوى الخراب والاضطراب في مصر ودول الربيع العربي، وإنشاء حالة صراع جديدة من خلال ضربة لإيران ولو شكلية تحول المنطقة إلى صراع دام لا تنهض منه عشرات الأعوام، كما دفعت أمريكا للحرب بين إيران والعراق؛ لتدمر كل القوى العسكرية والاقتصادية للبلاد العربية والإسلامية، ثم دفعت بالعراق أن يغزو الكويت وجاءت أمريكا لتحتل العراق والكويت معا باستعمار مدني مبتسم الوجه مرة، وعسكري كاشر الوجه مرة أخرى، وقد سلبت أمريكا من العرب في غزو العراق للكويت ترليون دولارا على الأقل، حتى لا يفرغ العراق والعرب طاقتهم العسكرية لتكون في الاتجاه الصحيح نحو الكيان الصهيوني المحتل، ولو فعل صدام لكان بطلا تاريخيا في العالم والتاريخ، لكنهم دفعوه لحربين طاحنتين،وفي الأخير دفعهوه عن طريق عملائهم لحبل المشنقة، وقتل يوم عيد الأضحى، وبقيت أمريكا في العراق تقتل وتهتك الأعراض وتشرد العراقيين شيعا وأحزابا، ولايزال بعض السطحيين يظنون بالقوم خيرا.
على كل جاء أوباما أياما ألقى خطابا طويلا في القدس المحتلة وووصل به التملق والانبطاح حدا غير مسبوق كما كتب الأستاذ عبد الله عطوان مقالا بعنوان: "أوباما الإسرائيلي المتملق" نشر بتاريخ السبت, 23 آذار/مارس 2013 قال فيه:
"لم أشاهد في حياتي رئيسا يتملق الإسرائيليين ويستجدي رضاءهم، ويبتذل في التغني بهم وإنجازاتهم وتاريخهم، مثل الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي سجل أكبر سابقة في تاريخ بلاده بفوزه بالرئاسة، وهو المرشح غير الأبيض.... لقد خيب آمالنا، وذكّرنا بالعم توم في الرواية الأمريكية الشهيرة، ذلك الخادم 'الزنجي' الأسود الذي يلغي إنسانيته وكرامته أمام سيده الأبيض.
فاجأنا المستر باراك 'حسين' أوباما في خطابه الذي ألقاه أمام مجموعة من الشبان الإسرائيليين في القدس المحتلة، عندما طالب - وهو الإفريقي- الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، وحثّ العرب على التطبيع معها، وقال للذين ينكرون حق إسرائيل في الوجود بأن إنكارهم هذا مثل إنكار الأرض والسماء، مؤكدا أن إسرائيل لن تزول، ولن تذهب إلى أي مكان، فطالما أن الولايات المتحدة موجودة فإن الإسرائيليين لن يكونوا وحدهم..
لا نفهم لماذا استخدم أوباما ترديد هذه الكلمات، ولماذا أقدم على هذا التزلف المهين، فإسرائيل هي التي تهدد وجودنا، وهي التي تنكر حقوقنا، وهي التي تحتكر امتلاك أكثر من 300 رأس نووية كفيلة بتدمير المنطقة برمتها، ولم يصغ لهذا الصوت العربي الأبي لشاب من عرب 48 الذي وقف بين الطلاب في الجامعة رغم التدقيق في الاختيار والضغط ألا ينبس أحد ببنت شفة أمام قداسة الرئيس المتصهين أوباما لكن الشاب الفلسطيني تجرأ وقال معبرا عن جزء من آلامنا: لقد جئت ولم تمرّ على الجدار العازل بيننا، ولم تر ما يفعله الصهاينة بنا ، وكم أسروا وشردوا من أهلنا، لكن أنياب الديقراطية التهمت الشاب الفلسطيني من خلال الشرطة التي سارعت لاختطافه في الوقت الذي كان أوباما يشيد بأن إسرائيل أفضل دولة في براءات الاختراع والديمقراطية في المنطقة، ولما حضر أوباما إلى رام الله رفض زيارة ضريح عرفات وعطل المدارس وأغلق المؤسسات والتقط الصورة التذكارية، ولم تزد كلماته عن ألف كلمة في الوقت الذي زادت كلماته في خطابه الرسمي بالكيان الصهيوني عن 17000 كلمة كلها من صدق مافي قلبه وسياسته تجاه بني صهيون بينما عكست كلماته وأفعاله كذبا صراحا على العرب والفلسطينيين".
ياقوم أقسم لكم بالله غير حانث أن أكبر أعداء للعرب والمسلمين والثورات العربية هما أمريكا والكيان الصهيوني، وأن الريموت الصهيوأمريكي هو الذي يحرك المال الخليجي لتهييج الشعب العربي ضد بعضه، لتحويل أرض العرب إلى الأرض المحروقة، وهي ما يسمى الحرب الرابعة التي ليست فيها صواريخ وطائرات وحروب عسكرية؛ لأن أمريكا وإسرائيل قد انهزمتا بجدارة في ثلاث حروب في لبنان 2006، وفي غزة 2009، و2012م ، والبديل هي الحرب الجديدة في تأجيج الصراع بين أطياف المجتمع الواحد، فتزرع في كل بلد العملاء الذين يتسولون المال والدعم الإعلامي والسياسي، ويكفي أن ترى آثارهم غير النظيفة في شاشات العرض في كل دول الربيع العربي، حتى وصلت المقطم، من خلال المطابخ التي تغذي أعداء الثورة الربانية السلمية الشعبية الحضارية، ولكني على يقين أن أمريكا وإسرائيل إلى ذل وانكسار، وأن العرب والمسلمين إلى عز وانتصار، وليس الأمر يحتاج سوي يقين في الله الواحد القهار، والعمل الدؤوب بالليل والنهار، " وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ" (الشعراء: 227)
وغدا ستعود مصر لمكانتها، وتقود الأمة والعالم العربي نحو تحرير الأسرى والأقصى والقدس وفلسطين.
ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا
فاعلموا وثقوا في الله واعملوا تسعدوا في الدارين بإذن الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق