الأحد، 30 يونيو 2013

هيكل وجليلة العالمة!


هيكل وجليلة العالمة!
د محمد عباس


أنا واحد من المسلمين-لا أحب لفظ الإسلاميين: هو سمانا المسلمين- الذين يعتقدون أن نجيب محفوظ مات مؤمنا وليس مسلما فقط.
 أعترف أنه كان في فترة من حياته كافرا الكفر المخرج من الملة..
وذلك حتى انتهائه من روايته الشيطانية المروعة : "أولاد حارتنا" وأنه قبل ذلك عاش فاسقا داعرا عربيدا يشرب المخدرات والخمور ويرتاد بيوت البغاء-باعترافه- ولا يرتبط بأي قيم.
لكنه ربما منذ كتابته : "الشحاذ" وحتى أعماله الأخيرة عبر بجمل ومعاني لا يستطيع أن يقولها إلا من دخل الإيمان قلبه.
وفي أعوامه الأخيرة قيل إنه كان يصلى ويختم القرآن كل عشرة أيام.. ولا تنسوا أن ابنتيه محجبتان.
 فإن كان ذلك صحيحا فاللهم اغفر له وأدخله الجنة.. وإن لم يكن.. فإلى الجحيم!

الثلاثية..

في أهم أعماله: الثلاثية تقابلنا شخصية جليلة العالمة.. فنانة تملأ الدنيا ضجيجا.. ظاهرها الفن.. وباطنها البغاء.. كانت تحرك مصر بإشارة إصبع.. يركع أمامها الوزراء والباشوات ولا يصمد لقوتها وغضبها ودلالها أحد.
مرت السنون.. أفل الشباب.. وذبل الجمال.. وحاولت الاحتفاظ بسطوتها بتوظيف داعرات تحت ستار الخدمة أو الفن..
ومرت السنون وأفل كل ذلك فحاولت الاحتفاظ بسطوتها بالابتزاز وتهديد الآخرين بفضح أسرارهم وعلاقاتهم..

ثم اختفت جليلة العالمة تماما.. ربما لسبعمائة صفحة.. وخمسين عاما من زمن الرواية.. ونسيها القارئ تماما.. وحسبنا أن دورها في الرواية انتهى..

في المقهى.. كانت مجموعة الشباب القديمة التي طالما عربدت في شبابها قد بلغت أرذل العمر.. كان المقهى لا يخلو من المتسولين والمجاذيب وماسحي الأحذية.. ودخلت متسولة مسكينة تجرجر قدميها مستعينة بعكازين.. كانت ملابسها أسمالا.. تعلوها القذارة من كل جانب.. وكانت تتوسل وتتسول.. وأخرج أحدهم بعض النقود ليتصدق عليها.. لكنه سرعان ما قفز كالملدوغ وهو يصرخ:
- جليلة العالمة

جليلة العالمة.. هيكل..
نعم..
مراحلها تذكرني بمراحل هيكل..
جليلة العالمة.. الوفد..
جليلة العالمة.. صلاح عيسى..
جليلة العالمة.. حمدين.. البرادعي.. البدوي.. البرعي.. الترعي.. النزهي.. الفقيد.. القعيد.. الحفناوى .. الجبالي.. البحيري.. الكعبرة..
جليلة العالمة.. عشرات.. ومئات .. وملايين..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق