الجمعة، 28 يونيو 2013

محمود حشله يكتب: ولنصبرن على ما آذيتمونا


محمود حشله يكتب:
ولنصبرن على ما آذيتمونا
محمود حشله
محمود حشله

الصبر نعمة يفرغها الله على من يشاء من عباده، بفضلها يكون الشهيد أقوى وأعز من قاتله, والضعيف أشد بأسا من معذبه، والجزع يناقض الصبر من أكثر من وجه, وهو متفرع عن الهلع الذي هو صفة بشرية فطرية استثنى الله من الخضوع لسلطانها المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم.
ولعل المراقب لحركة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة منذ بداية الثورة يشعر أنه أمام تنظيم رباني بحق، أوضاعه السياسية والحركية التي اتخذها في المرحلة الانتقالية كانت موفقة أكثر مما يحتمل البشر التوفيق، فتعاطيهم الهادئ مع فعاليات ما قبل الثورة أوحى إلى النظام فكرة استحالتها، وتعاطيهم المنيع مع فعاليات الاحتجاجات أوحى إلى النظام فكرة استحالة فشلها فكان انهياره السريع، غير أن عبقرية التفاعل السياسي للجماعة ظهرت جلية في مواقفها من المجلس العسكري والقوى المناوئة للتغيير بصفة عامة، فقاومت الجماعة الإضرابات حتي وصل منحناها إلى الصفر أو يكاد وقامت بالاحتجاجات المنظمة بالتوازي مع ذلك من خلال مليونات هادفة ولم تزل بين الهدوء والتشدد حتي خلخلت مفردات الدولة العميقة فصارت تظهر واحدة تلو الأخرى وهو ما أعجز المخابرات الغربية عن التعاطي مع هكذا إتقان لم تزعم أبدا جماعة الإخوان لنفسها فضلا فيه ولا سبقا.
كان لترشيح المهندس خيرت الشاطر وقع الصدمة على كل القوى السياسية والدولية لأنه مثل عملا براجماتيا أسرع مما توقع الآخرون, وأدت رعونة أولئك الآخرين إلى الكشف عن خطة الطعن على ترشحه غدرا وخسة فكان ترشيح الدكتور محمد مرسي تجليا ربانيا في الحركة السياسية للجماعة ولمصر وللأمة الإسلامية لم يكن أبدا لبشر أن يخطط له أو لينفذه بهذه الدقة.
إن العنف المتوقع في 30 يونيو من أعداء مصر في الداخل الذين هم امتداد لأعدائها في الخارج ليس سوى فصلا من فصول عديدة وحلقة من سلسلة طويلة من الصراع بين المشروع الإسلامي والدخلاء على بلادنا فكرا وعملا وإن استعملوا بعضا من بني جلدتنا، وإن نصر الله لا محالة آت لمن اتقى أو هكذا يرى المؤمنون.
إن إظهار مزيد من الجلد, والصبر على مزيد من الكيد من قبل مفردات الدولة العميقة لهو من عزم الأمور وهو لا يعني بالضرورة ضعفا ولا استكانة ولا سذاجة في التعاطي مع عمل هؤلاء، فهم على ما يبين من سياق حركتهم يهدفون إلي جر البلاد إلى العنف وهو ما يعني مزيدا من الإرهاق لاقتصاد البلاد ووقفا لحركة النمو المتوقعة له والتي تهدد بلا شك اقتصاديات وهمية أو منافسة، لهذا فإن تجنب ذلك العنف وتفويت الفرصة واللعب على عنصر الوقت لا يخل من فائدةٍ نفعها أكبر من ضرها وعليه يبرز الصبر المأمور به شرعا عنصرا حاسما في الصراع مع أولئك الجاهزين للفرار إلى الإقطاعيات الأمريكية.
غير أن ذلك لا يعني بالضرورة الصبر على مؤسسات الدولة التي تحفز على العنف وتتنكب الطريق القانوني المرسوم لها والتي تتقاضي عناصرها مرتباتهم من خلال السير الدقيق فيه وأقصد بذلك تحديدا مرفقي الشرطة والعدالة ...
إن تطهيرا عاجلا لهذين المرفقين أصبح حتما مقضيا ويعد الصبر عليها إهدارا واضحا لمقدرات الشعب خاصة تلك العناصر التي تسللت إلي المرفقين من خلال مسالك المفسدين في النظام السابق، فهؤلاء قد أنتنوا البيئة القانونية حتى أصبح لا يطيق أحد رائحتها، وأجمعت الأمة كما لم تجمع على شيء من قبل على ضرورة تطهيرها مهما كانت التضحيات والكلفة ......
الصبر الصبر في مواضع, والحسم الحسم في مواضع أخرى, والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.

mhahshla@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق