السبت، 29 يونيو 2013

رسائل أوباما الخطيرة لمرسي والجيش


رسائل أوباما الخطيرة لمرسي والجيش



أوباما الذي لم يفكر في الالتقاء بالرئيس المصري المنتخب لأول مرة منذ 7 آلاف عاماً د.محمد مرسي ، والذي أعقب حكم المخلوع الدكتاتور مبارك، الذي حرص أوباما على زيارته في أول جولة له خارج الولايات المتحدة بعد تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة، وركض يومها على سلالم القصر للسلام على مبارك، بدا مصمماً على البدء بممارسة الضغط على الرئيس المصري الذي يتصدى لمحاولة انقلابية تحظى بدعم دوائر غربية عديدة.

أوباما الذي دعا مرسي إلى "التصرف بشكل بناء"، وأعرب عن "قلقه" حيال الوضع في مصر، وقال : "نحن ندعو كافة الأطراف إلى العمل على عدم التورط في العنف، والشرطة والجيش إلى التحلي بضبط النفس الملائم". وطالب مرسي بأن يجري "مباحثات بناءة أكثر" لتحسين الوضع في البلاد..
 إنما أراد من حديثه هذا أن يرسل عدة رسائل:
ـ الرسالة الأولى، أنه ينحاز إلى الإنقلابيين الذين وضعوا شروطاً مستحيلة، ورفضوا كل حوار، وأملوا إرادتهم على الشعب المصري كله عبر فرماناتهم التي تدبر في بيت العلمانية (مقر الإنقاذ المؤقت، حزب الوفد)، لأنه لم يطالب سوى الرئيس المنادي بالحوار أصلاً بالتنازل، وفي المقابل لم ينبس ببنت شفة حيال تعنت المعارضة المسلحة في رفض الحوار.
ـ الرسالة الثانية، أنه لا يطالب الرئيس مرسي بإجراء حوار، وإنما "مباحثات" وهي صيغة سياسية معروفة، تعني وضع الطرفين على قدم المساواة برغم الفارق البروتوكولي والسيادي على الأقل، وهو يعني انحيازاً آخر للمعارضة المسلحة.

ـ الرسالة الثالثة، أنه دعا جميع الأطراف إلى الابتعاد عن العنف، وهو هنا يساوي بين الجاني (وهو فريقه العامل بمصر، من قوى الدولة العميقة النافذة والبلطجية وقطعان اليسار المسلح)، والضحية، وهو مؤسسة الرئاسة وقوى الأغلبية المصرية، ليصور المشهد كما لو كان نزاعاً متكافئاً، وهو بذلك يهضم السلميين الحقيقيين حقهم.

ـ الرسالة الرابعة، وجهها بوضوح إلى الجيش والشرطة مطالباً إياهما بضبط النفس "الملائم"، وهي وإن كانت واجبة على كل حال، إلا أنها بالنظر إلى الواقع؛ فإن الشرطة المصرية التي تترك البلطجية الآن يسرحون ويمرحون في شوارع ومدن مصر، ويقتحمون العديد من مقرات الحزب الفائز بالانتخابات البرلمانية بشقيها (النواب والشورى)، وعثيانهم في الأرض فساداً يعد الحديث إليهم بهذه النبرة تأكيداً على وجوب استمرار قطاعاتهم الأمنية في دورها المريب حيال العنف المنتشر عن طريق بلطجية يعرف القاصي والداني أن تشكيلاتهم منذ أيام المخلوع مكشوفة تماماً أمام الجهاز الأمني المصري، كما أن الجيش حريص بالأصل بدرجة بالغة على ألا يطلق الرصاص على مصريين، ولو وجدهم يتصارعون، وبالتالي؛ فإن مغزى التحذير لا يخفى على أي مبصر لطبيعة الدعم المعنوي وغير المعنوي الذي يلقاه الإنقلابيون من الولايات المتحدة، ومنها هذا التصريح الطالب بغل يد الجيش والشرطة عن تحقيق الأمن بشكل حازم مع المخربين.

ـ الرسالة الخامسة، هي توكيدية لما رشح مسبقاً عن تورط العاصمة الأمريكية في تسمية رئيس الوزراء الذي تريده لمصر، والذي تسرب بصورة متواترة أنه الحليف الاعتيادي لواشنطن، د.محمد البرادعي فـ"المباحثات" تريدها أمريكا "بناءة أكثر" على نحو غير مفهوم في ظل نظام ديمقراطي سبق لواشنطن أن طالبت به "نفاقياً" من قبل، وهي الآن تعارضه، وتطالب بإجراء مباحثات من أجل إدارة ظهر النظام للقواعد الديمقراطية واتخاذ قرارات لا دستورية ولا قانونية ولا ديمقراطية من أجل أن تصبح "المباحثات بناءة أكثر"، بما يبرهن على أن أجندة الولايات المتحدة تنص على صيغة أخرى لا ديمقراطية، ولا تخلو من محددات وإملاءات أخرى كي تتناسب مع "البناء" الذي ترتضيه إدارة أوباما.

وتلك الإملاءات التي يفرضها أوباما بلغة الأفاعي الدبلوماسية صارت الآن أكثر وضوحاً بهذه العبارة الصارمة والواضحة التي نقلتها دويتش فيللة الألمانية عن الرئيس الأمريكي، بقوله: "نحن نؤيد الاحتجاجات السلمية والطرق السلمية الرامية لإحداث تغيير في مصر".

فأي تغيير آخر يدير ظهره للديمقراطية المصرية تريدها "بلاد الحرية والديمقراطية" الأولى في العالم، إن لم يكن ذاك الذي ينتفي مع حصوله أي تطلع لحكم يعلي من قيمة الهوية الإسلامية لمصر، ويدفعها في طريق الاستقلال، ويحول دون أن تعود مصر لزمن مبارك "الكنز الاستراتيجي" لـ"إسرائيل"؟!
وأي وسيلة يسمح بها أوباما لتحقيق ذلك غير تلك التي أعلنها سلفه من قبل "الحرب الصليبية" الجديدة؟!



أمير سعيد 
amirsaid@gawab.com 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق