من يسيء للنظام؟
فهمي هويدي
حين حاول رئيس القضاء العسكري أن يدافع عن مادة تقديم المدنيين للقضاء العسكري في مشروع الدستور الجديد فإنه قال إن من يشتبك مع عامل في محطة بنزين تابعة للقوات المسلحة يتعين محاكمته عسكريا.
وذلك استنادا إلى المادة 204 في المشروع التي نصت على جواز محاكمة المدني أمام القضاء العسكري إذا اعتدى على المنشآت العسكرية أو «ما في حكمها».
وهذا الشق الأخير ينطبق على كل المشروعات الاقتصادية التابعة للقوات المسلحة التي تشمل محطات البنزين والمستشفيات والفنادق بما فيها من مطاعم وصالات للأفراح، إضافة إلى شركة المقاولات وإنتاج مياه الشرب وغير ذلك.
ومنذ صرح صاحبنا بذلك على شاشات التلفزيون فإنه لم يسلم من سيل الانتقاد والسخرية اللاذعة، التي عبرت عن استهجان ورفض ما أورده الدستور الجديد.
فمَن قائل إن النص يساوي بين الواقف أمام قسم المشويات في أحد فنادق القوات المسلحة وبين الواقف على الحدود، لأن كلا منهما يقف عند «خط النار»، وقائل بأن مصيرا أسود ينتظر كل من يحتك في إحدى المباريات الرياضية بأي لاعب في فريق حرس الحدود أو نادي الجيش، باعتبار أن الفريقين تابعان للقوات المسلحة.
لست أشك في حسن نية رجل القضاء العسكري الذي انبرى للدفاع عن نص الدستور الجديد، لكنه أقلق المشاهدين بالدفاع الذي أورده. ونسي وهو يدلي بمرافعته أن المصريين أصبحوا أكثر جرأة في التعبير عن آرائهم، وأن التقنيات الحديثة أتاحت لكل صاحب رأي أن يجهر به.
لست أشك في حسن نية رجل القضاء العسكري الذي انبرى للدفاع عن نص الدستور الجديد، لكنه أقلق المشاهدين بالدفاع الذي أورده. ونسي وهو يدلي بمرافعته أن المصريين أصبحوا أكثر جرأة في التعبير عن آرائهم، وأن التقنيات الحديثة أتاحت لكل صاحب رأي أن يجهر به.
وكانت النتيجة أن السخرية من كلامه واستهجان نص الدستور انهالت على مواقع التواصل الاجتماعي أثناء الحوار التلفزيوني، بتعليقات شتى كان أخفها ما ذكرت.
الذي حدث مع الدستور يبدو هينا ومتواضعا مع ما جرى في مجالات شتى، حين انبرى آخرون للدفاع عن أمور أخرى فتشنجوا وزايدوا وأساءوا بأكثر مما أحسنوا.
الذي حدث مع الدستور يبدو هينا ومتواضعا مع ما جرى في مجالات شتى، حين انبرى آخرون للدفاع عن أمور أخرى فتشنجوا وزايدوا وأساءوا بأكثر مما أحسنوا.
وذلك أكثر ما يبدو في حملات الدفاع عما جرى في 30 يونيو أو حتى الدفاع عن الفريق عبدالفتاح السيسي وتزكيته.
ذلك أنني لم أفهم لماذا يشوه الذين حملوا على أكتافهم ثورة 25 يناير لمجرد ترجيح كفة 30 يونيو، أو لمجرد أنهم اختلفوا مع السياسات الراهنة (قانون التظاهر مثلا)، لماذا يطعن في وطنيتهم ويصنفون ضمن الطابور الخامس؟! ويوصفون بأنهم «كلاب». المدهش أن هؤلاء كانوا ضد حكم الإخوان، وخرجوا مع تظاهرة 30 يونيو ضمن المطالبين بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، أما الأكثر إدهاشا فإن ذلك التجريح لم يوجه فقط إلى الناشطين المنخرطين في الشأن العام. وإنما وجدناه أيضا يستهدف بعضا من المشاركين في السلطة والحكومة أيضا.
وما أصاب الدكتور محمد البرادعي ماثل في أذهاننا وما يوجه إلى الدكتور زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء ماثل تحت أعيننا.
إن منع برنامج باسم يوسف الذي كان من أشد خصوم نظام الدكتور محمد مرسي وشخصه كان من الإساءات الكبيرة للنظام الحالي، وإن ظن الذين قرروا المنع أنهم بذلك يحمون النظام ويؤمنونه، بل إن ذلك القرار كان في صالح النظام السابق الذي ظل باسم ينتقده طوال عام كامل وقدم في السخرية منه أكثر من 30 حلقة في حين لم يتحمل منه النظام الجديد حلقة واحدة، وهو ما دفعه إلى القول في حواره التلفزيوني الأخير بأن استمرار برنامجه طوال عهد الدكتور مرسي وسام على صدر نظامه.
يطول بنا الحديث ولا تحصى وقائعه وشواهده إذا ما تطرقنا إلى الإجراءات القمعية التي تتم باسم حماية النظام والدفاع عنه.
إن منع برنامج باسم يوسف الذي كان من أشد خصوم نظام الدكتور محمد مرسي وشخصه كان من الإساءات الكبيرة للنظام الحالي، وإن ظن الذين قرروا المنع أنهم بذلك يحمون النظام ويؤمنونه، بل إن ذلك القرار كان في صالح النظام السابق الذي ظل باسم ينتقده طوال عام كامل وقدم في السخرية منه أكثر من 30 حلقة في حين لم يتحمل منه النظام الجديد حلقة واحدة، وهو ما دفعه إلى القول في حواره التلفزيوني الأخير بأن استمرار برنامجه طوال عهد الدكتور مرسي وسام على صدر نظامه.
يطول بنا الحديث ولا تحصى وقائعه وشواهده إذا ما تطرقنا إلى الإجراءات القمعية التي تتم باسم حماية النظام والدفاع عنه.
ذلك أن بعض تلك الإجراءات تحولت إلى فضائح نالت كثيرا من سمعة النظام وهيبته.
إذ ليست مفهومة حملة الاعتقالات والإهانات التي طالت شباب الثورة الذين عبروا عن رفضهم لقانون التظاهر، رغم أن هؤلاء كانوا بدورهم في مقدمة المعارضين لنظام الدكتور مرسي الذين تظاهروا ضده في 30 يونيو.
وإذا كان ذلك حظ الذين أيدوا الانقلاب فلك أن تتصور ما أصاب معارضيه من قمع وتنكيل، وصل إلى حد احتجاز تلميذ في مدرسة لأن مدرسه ضبط معه مسطرة عليها شعار رابعة، أو فصل طالبة ارتدت قميصا عليه الشعار ذاته، أو تدمير حياة لاعب دولي لمجرد أنه رفع ذلك الشعار.
وإذا كان ذلك حظ الذين أيدوا الانقلاب فلك أن تتصور ما أصاب معارضيه من قمع وتنكيل، وصل إلى حد احتجاز تلميذ في مدرسة لأن مدرسه ضبط معه مسطرة عليها شعار رابعة، أو فصل طالبة ارتدت قميصا عليه الشعار ذاته، أو تدمير حياة لاعب دولي لمجرد أنه رفع ذلك الشعار.
وما عاد سرا أن الحكم على 21 فتاة بالإسكندرية بالسجن 11 عاما أو الحكم على طلاب جامعة الأزهر 17 عاما أو احتجاز قُصَّر في دور الرعاية الاجتماعية، مثل هذه الأخبار أصبحت تتداول في أوساط المنظمات الحقوقية باعتبارها صفحات سوداء في سجل القضاء إلى جانب كونها فضائح تشين صفحة حقوق الإنسان في مصر.
لم أتحدث عما جرى في فض الاعتصامات ولا عن ألوف المعتقلين الذين ضاقت بهم السجون الأمر الذي استدعى الإسراع بإنشاء سجون جديدة، لكنني أزعم أن الكثير مما جرى في مثل هذه الملفات أساء إلى النظام بأكثر مما حماه وأمنه.
لم أتحدث عما جرى في فض الاعتصامات ولا عن ألوف المعتقلين الذين ضاقت بهم السجون الأمر الذي استدعى الإسراع بإنشاء سجون جديدة، لكنني أزعم أن الكثير مما جرى في مثل هذه الملفات أساء إلى النظام بأكثر مما حماه وأمنه.
ولو تم إعمال القانون وحوسب كل من ارتكب فعلا على جرمه لكان ذلك أدعى إلى تأمين النظام واستقرار المجتمع.
لقد أثبتت خبرة الأسابيع الأخيرة أن أكثر من أساء إلى النظام في مصر هم الذين تشنجوا في الدفاع عنه وزايدوا عليه، ففضوا كثيرين من مؤيديه ووسعوا من نطاق معارضيه.
لقد أثبتت خبرة الأسابيع الأخيرة أن أكثر من أساء إلى النظام في مصر هم الذين تشنجوا في الدفاع عنه وزايدوا عليه، ففضوا كثيرين من مؤيديه ووسعوا من نطاق معارضيه.
حتى أزعم بأنه لو كف أنصار الإخوان عن التظاهر وقعدوا في بيوتهم لتكفل أولئك المتشنجون والمزايدون على تأييده بأن يحققوا لهم ما يريدون من خلال زلاَّتهم وحماقاتهم التي ينزلقون فيها حينا بعد حين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق