الاثنين، 13 أكتوبر 2014

فض “فالكون”


فض “فالكون”
محمد طلبة رضوان


أما المرتزقة، فلن يصدوا عنكم، وأما أبناء هذه البلد فهم صمام أمانها الوحيد، رهانها الرابح، مستقبلها الذي تحتجزونه في طوابير عجزكم، وتفتشونه، تهينونه، تقلبون فيه بوصفه قنبلة موقوتة، تظنون أنكم قادرون على إبطال مفعولها، مساكين!

يوم واحد، أقل من 24 ساعة، هو كل ما احتاجه الشباب لمعاينة الواقع، واقع الدولة المأساوي، ثم انقضوا على شركة المرتزقة التي نسجتم حولها الأساطير وجئتم بها لحمايتكم من شعبكم.

من فض “رابعة” إلى فض “فالكون”.. يبقى السؤال: دولة أم عصابة؟ تخبرك أشكال “التريلات” البشرية التي تسد أبواب الجامعة أمام طلابنا، وتقف لتقليبهم، وتفتيشهم ذاتيًّا، وإفراغ محتويات حقائبهم، دون أن يسلم الأمر من سخافات ومضايقات، وزهو فارغ، حقّهم، فهم حماة النظام الذي لا يستطيع حماية نفسه، وينتظر من أكبر رأس إلى أصغر مخبر، حتى يكبر ويضرب طلّاب الجامعة.

الطلاب خلعوا بنطلونات جنود الأجرة، واحتفظوا بها، تذكارًا، وشاهدًا على آخر ما تبقى من هيبة لعصابة الدولة، وسدنتها، وكهنتها، وناهبيها، الذين يظنون أنهم مانعتهم حصونهم، المواجهة مع الطلبة مقبلة، لا ريب فيها، مزيد من القتل، لن يجدي، مزيد من القمع، لن يجدي، مزيد من الاعتقالات، لن يجدي، مزيد من استئجار البلطجية، لن يجدي، هنا ينتهي تاريخ دولة العسكر، ولكنهم لا يقرأون، بقاؤهم مسألة وقت، كل ما يفعلونه الآن هو تثقيل فاتورة الحساب بالمزيد من الدماء، والقتلى، كي لا يكون لهم حجة ولا مخرج حين يقتحم الناس عليهم مخابِئهم ويسحلونهم في شوارع القاهرة، ذاك يوم قريب.

في خمسينيات القرن الماضي، 23 يوليو 1952، انقلب الجيش على ملك البلاد، فيما سُمّي بالحركة المباركة، واستولى على مقاليد الحكم، وفي اليوم التالي كان كل شيء في مصر عاديًّا، وكما هو، عاش الملك، مات الملك، بعد هذا التاريخ بعامين انقلب عبد الناصر على قائد الحركة المباركة، وقائده محمد نجيب عندما أعرب هذا الأخير عن رغبته في عودة العسكر إلى ثكناته وتسليم الحكم إلى سلطة مدنية منتخبة، اختطفه عبد الناصر، وحدد إقامته، واستولى على الحكم، وفي اليوم التالي كان كل شيء في مصر عاديًّا، ثم مات ناصر وجاء السادات، تلاه مبارك بما يشبه الانقلاب العسكري، وكلها أحداث لم تحرك في الأجيال المتعاقبة ساكنًا، يروح من يروح ويأتي من يأتي، لا جديد!

أما الآن، فها أنتم قد انقلبتم على يناير، تحت قناع الانقلاب على الإخوان، صدق الناس قليلًا، لكن الشارع لم يهدأ، تراجع بعضهم ليزداد حراك الشارع، اشتعلت الجامعة وما زالت، كل القتل والسحل والاعتقالات والتخويف والتخوين والتشوية والآلة الإعلامية الجبارة التي تصرخ في وجوه الناس وعلى مسامعهم ليل نهار وتخبرهم أن يناير كانت مؤامرة قطرية تركية إيرانية صربية إسرائيلية أمريكية كونية، ربما أفلحت في استغفال بعض الناس، لكنها لم تغنِ عن الثورة شيئًا، ما زال الشارع ملتهبًا تحت أقدام صنم العجوة، فهل تُصلح “فالكون” ما أفسده العسكري المتغطرس؟ ستضيق عليكم الأرض بما رحبت، وسيلحق المحظوظ منكم بزنازين تعتقلون فيها الآن خيرة شباب البلد.

هذا الجيل مختلف، جيل يناير، اسألوا عنه بلطجية الداخلية الذين فروا رعبًا يوم 28 يناير، اسألوا عنه دولة تخشاه وتقيم له وزنًا حتى وهي تنقلب عليه، اسألوا عنه المرعوبين، المتحصنين بشركات الحماية، اسألوا عنه رئيسًا لا يظهر للناس، ولا يكلمهم إلا من وراء حجاب، هارب منهم في الداخل والخارج، يدخل إلى الفندق الأمريكي في عربة إسعاف، يذهب إلى الجامعة المصرية تحت حماية الطائرات، يمنع الناس من الخروج من بيوتهم على بعد 10 كيلو مترات من مكان اختبائه، اسألوا عنه أعداء المستقبل، من الأخسرين أعمالًا، الذين ضل سعيهم في تأييد السيسي وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، أولئك الذين اشتروا الاستبداد بالحرية، فما ربحت تجارتهم، وما كانوا مصريين.

لن تسكت الآلة القمعية الآن، نعرف، ولن يسكت الشباب، فاعرفوا، مزيد من القتلى في صفوفنا، دماء تفرش الطريق للقادمين من الخلف، ثم انتصار نهائي، يحمل هذه المرة خبرة المرات السابقة ومراراتها، زيدونا قمعًا نزدكم عنادًا، زيدونا رصاصًا، نزدكم ثباتًا، زيدونا إرهابًا، فما ترهبون إلا أنفسكم وما تشعرون، وها أنتم قد جربتم بالأمس، ومن لم يجرب فليسأل عن “بنطلون” أخيه، الشباب خلعوا عن حراسكم ملابسهم، وغدا يخلعون عنكم ما تبقى، وكما قال أحد مجرمي النظام: “اللي حابب يجرب يقرب”.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق