السؤال الحقيقي اليوم
ليست الظروف الصعبة التي تمر بها الأمة الإسلامية في هذه المرحلة بأصعب مراحل تاريخها، فقد شهدت أمتنا ظروفا وأحوالا أصعب من هذه بكثير، سواء على المدى التاريخي البعيد كما حدث في الحملات الصليبية المجرمة أو مع الغزو الهمجي للمغول والتتر على بلاد الإسلام أو في كارثة سقوط الأندلس، أو عبر التاريخ القريب من الغزوات الاستعمارية وما أعقبها من حروب التحرير، وتخلل هذا الكثير من الكوارث الطبيعية كالمجاعات والزلازل والفيضانات.
ورغم هذا كله سرعان ما كانت أمة الإسلام تعود قوية فتية تنشر الإسلام والسلام والرحمة والعدل والإحسان في ربوع البشرية، وهو ما سيحدث قريباً بإذن الله عز وجل.
ولذلك وبرغم شراسة العدوان على المسلمين والإسلام اليوم في مختلف ربوع الأرض، فإن إيماننا بنصر الإسلام والمسلمين لا يتزعزع، وإن ثقتنا بتجاوز المخاطر لا يخالطه أدنى شك.
ولكن السؤال الحقيقي والهام والذي يجب أن نتوقف عنده، ليس هو: هل سينتصر المسلمون؟
فهذه حقيقة ويقين لا يقبلان النقاش والجدال عندنا، ولكن السؤال الحقيقي: هل أنا كمسلم ممن يعمل لنصرة الإسلام؟ وهل سيكون لي إسهام في هذا النصر؟ أم أنا عائق من عوائق النصر؛ إما بسلبية وتقصير، أو بكليهما، وإما بعمل غير مفيد يضيع الجهود أو يجلب المضار ويؤجل النصر؟
هذا هو السؤال الحقيقي والهام اليوم والذي يجب أن يقف كل مسلم ومسلمة أمامه بتجرد. وهذا السؤال يشمل الأفراد والجماعات والدول، ويشمل العامة والدعاة والعلماء والساسة والحكام وأهل الإعلام والثقافة.
ولن يكون بالإمكان الإجابة على هذا السؤال إلا إذا فهم كل مسلم ومسلمة حقيقة الإسلام وأنها الاستسلام لأمر الله عز جل في كل شيء، وجعل ارتباطهما بالوحي الرباني (القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة)، والاهتداء بفهم خير القرون (الصحابة الكرام) في فهم الدين، بدون شطح أو تحريف أو نقصان.
ومَن فهم حقيقة الإسلام أمكن له أن يعرف - بنفسه أو من خلال العلماء الصادقين- كيف ينصر الإسلام والمسلمين فيما يتعرضون له من تحديات ومخاطر وعدوان، نصرة تكون بحكمة وفعالية وتأثير، قد تزيل العدوان والشر أو تخففه، أو تحاصره كي لا يمتد أو يشتد، كنوع من الوقاية، وليست نصرة غبية تفاقم الشر الواقع وتجلب الخطر المحدق وتستدعيه بحماقتها وجهلها.
والتحديات الكبرى التي تعانيها أمتنا اليوم تنقسم بين مظالم بشعة ومؤلمة وقعت ولا زالت مستمرة لليوم على أجزاء متعددة من بلاد الإسلام، وبين تحديات يخشى أن تقع، ومن أمثلة ذلك:
فمن التحديات التي وقعت: احتلال اليهود لفلسطين ومن قبل جمهوريات آسيا الإسلامية، أو تمزيق أجزاء من بعض البلاد الإسلامية كدولة جنوب السودان، ومن قبل تيمور الشرقية في أندونيسيا، وسنغافورة من ماليزيا وهكذا.
أو مجازر دموية مروعة من قبل الكفار من اليهود والنصارى والبوذيين والهندوس والشيوعيين، في فلسطين وروسيا والصين والهند وبورما (أركان) وأفريقيا الوسطى أو من قبل الطوائف الإسلامية المنحرفة والضالة كالشيعة والنصيرية والخوارج في العراق وسوريا واليمن.
أو تسلط بعض الطغاة والظلمة على رقاب العباد والبلاد، كالقذافي الهالك وبشار والمالكي.
أما التحديات التي يخشى أن تقع مستقبلاً، فمنها:
· تجزئة وتقسيم ما بقي من بلاد المسلمين السنة صامداً في وجه المخططات الطائفية أو اليهودية والغربية، ولو كان في غاية الضعف أو المسايرة لقوى الغرب، وبدلا من أن يكون عندنا 22 دولة عربية يريدون مضاعفة عددها، لتزيد الفرقة والانقسام في الأمة بدلا من الوحدة والانسجام.
· حدوث صراع مسلح بين الأنظمة الحاكمة وبين التيار الإسلامي السياسي في هذه البلاد.
· تطاول العلمانية الليبرالية واليسارية على الإسلام وشعائره بالكامل، بما يعيدنا للسياسة القذرة لتجفيف منابع التدين بين المسلمين.
· تمدد المشروع الشيعي الطائفي في بلاد الإسلام بالتحالف مع الغرب أو عبر غباء بعض الجماعات الإسلامية السنية أو على ظهور العملاء من التيارات القومية والعلمانية واليسارية.
· عودة الغزو الغربي للدول الإسلامية كحملات صليبية أو موجات استعمارية بحجة محاربة التطرف والإرهاب.
· بقاء الأنظمة الفاسدة والظالمة وتفاقم شرها، مما يضعفها بالكلية أمام الخارج، أو يفجرها من الداخل الغضب الشعبي.
· تقوية التيارات البدعية والمنحرفة أو حتى الطوائف المرتدة بين المسلمين، لتحريف الإسلام عن حقيقته وتطويعه ليشرعن كل المظالم والمفاسد للنخب الحاكمة في العالم وبلاد الإسلام.
هذه التحديات بنوعيها، هي تحديات ضخمة وكبيرة، وتحتاج إلى وعي وعلم من كل مسلم حتى يكون في المكان الصحيح، والذي يجلب المصلحة والمنفعة، ويدرأ المفسدة والشر.
والمسلمون أمام هذه التحديات أقسام عدة:
منهم مَن يعد من بلائها ومرضها، إما لكونه عميلاً لأعداء الإسلام وهؤلاء موجودون في كل مكان وزمان وعلى رأسهم المنافقون، أو الباحثون عن مصالحهم الشخصية الضيقة.
ومنهم السلبي الذي لا يدري عن شيء سوى طعامه وشرابه ولذته، كالبهائم والأنعام.
ومنهم المسلم الحريص على مصلحة أمته ونصرتها، لكن عدته لذلك الجهل والتهور، فمثله كمثل الدب الذي هشم وجه صاحبه ليطرد ذبابة!
ومنهم المسلم الذي عنده من العلم ما يعصمه عن التهور والتطرف، لكنه سلبي لا دور له، بسبب ضيق الأفق وضيق الرؤية لحجم التحديات التي تواجه الأمة اليوم، أو يكون قد دب إليه اليأس وفقد الأمل، رغم ما عنده من حب للإسلام ونصرته.
ومنهم المسلم الذي عنده من العلم والفهم وسعة الأفق والرؤية الواسعة لحجم التحديات، لكنه يفتقد لبرنامج عمل صحيح ومتكامل، فتجد أنه يقتصر على جوانب دون أخرى.
وخيرهم حالا وأقلهم عددا من كان عنده من الإيجابية والعلم والفهم والحكمة والذكاء ما يعصمه من الكسل والخور، والتهور والتطرف، والجزئية والتقزيم، واليأس، فله في كل جبهة سهم، ولا تغره الشعارات البراقة، ولا تخدعه الفخاخ المزينة، يسير برؤية واضحة وهدف بين، يعرف صديقه من عدوه، ويدرك قوته وضعفه.
وهذا يعيدنا للسؤال الحقيقي: هل لي دور مقابل هذه التحديات؟ وهل هو دور في الجانب الصحيح؟ أم أنا لا دور لي، أو أن دوري في المكان الخطأ؟!
وختاماً فإن الحكمة اليوم تقتضى:
· الحفاظ على أي مكتسب للأمة الإسلامية كي لا يضيع، فليس من الحكمة إضعاف أي دولة أو كيان للمسلمين لا يعادي الإسلام، حتى ولو كان عليه ملاحظات ومؤاخذات كثيرة، وقد أحسنت حركة النهضة التونسية بتجنب الخطأ المصري.
· الحرص على تمتين الجبهة الداخلية وتجنب أي صراع داخلي ما أمكن؛ لأن قدرة الخصم على استثمار وتوظيف خلافاتنا أكبر من قدرتنا على مقاومته، ويكفى للعبرة تأمل مآل الثورة السورية حين أعلنت داعش الحرب على بقية الفصائل.
· تجنب الصفقات مع بعض أعداء الأمة تجاه البعض الآخر، فليس في اللجوء لإيران منفعة لحماس، وليس في اللجوء للغرب أو إسرائيل منفعة لفتح أو الأنظمة العربية.
نحن في حالة ضعف ورخصة، ولسنا في حالة قوة وعزيمة، فنحتاج إلى الاقتصاد في المواقف البطولية والعنترية، لصالح المداراة وتجزئة الأهداف، وتفريق صف الخصوم، وعدم الرفض التام لأي علاقة بالخصوم، ولنا في مسيرة أردوغان بصيرة وعبرة.
وتوسيع دائرة المعرفة بالواقع وحسن المشاركة فيه ودراسة مداخل التأثير الفعالة، هي من أوجب الواجبات على المتصدرين للشأن العام من الدعاة والعلماء والمفكرين والنخب، فأزمتنا الحقيقة هي في كيفية تنزيل الحق الشرعي على مجريات الحياة، وكيفية التحرك بالإسلام في هذا العالم الحداثي المتقلب بسرعة، ولنا في مشورة الحباب بن المنذر لرسول الله صلى الله عليه وسلم في معركة بدر عبرة، حين سأل: أهذا منزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه؟ فنحتاج إلى أمثال الحباب كثيراً في هذا الزمان، الذين يعرفون الحق ويعرفون كيف يتحركون به، فينصرون الإسلام.
هذا هو السؤال الحقيقي والهام اليوم والذي يجب أن يقف كل مسلم ومسلمة أمامه بتجرد. وهذا السؤال يشمل الأفراد والجماعات والدول، ويشمل العامة والدعاة والعلماء والساسة والحكام وأهل الإعلام والثقافة.
ولن يكون بالإمكان الإجابة على هذا السؤال إلا إذا فهم كل مسلم ومسلمة حقيقة الإسلام وأنها الاستسلام لأمر الله عز جل في كل شيء، وجعل ارتباطهما بالوحي الرباني (القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة)، والاهتداء بفهم خير القرون (الصحابة الكرام) في فهم الدين، بدون شطح أو تحريف أو نقصان.
ومَن فهم حقيقة الإسلام أمكن له أن يعرف - بنفسه أو من خلال العلماء الصادقين- كيف ينصر الإسلام والمسلمين فيما يتعرضون له من تحديات ومخاطر وعدوان، نصرة تكون بحكمة وفعالية وتأثير، قد تزيل العدوان والشر أو تخففه، أو تحاصره كي لا يمتد أو يشتد، كنوع من الوقاية، وليست نصرة غبية تفاقم الشر الواقع وتجلب الخطر المحدق وتستدعيه بحماقتها وجهلها.
والتحديات الكبرى التي تعانيها أمتنا اليوم تنقسم بين مظالم بشعة ومؤلمة وقعت ولا زالت مستمرة لليوم على أجزاء متعددة من بلاد الإسلام، وبين تحديات يخشى أن تقع، ومن أمثلة ذلك:
فمن التحديات التي وقعت: احتلال اليهود لفلسطين ومن قبل جمهوريات آسيا الإسلامية، أو تمزيق أجزاء من بعض البلاد الإسلامية كدولة جنوب السودان، ومن قبل تيمور الشرقية في أندونيسيا، وسنغافورة من ماليزيا وهكذا.
أو مجازر دموية مروعة من قبل الكفار من اليهود والنصارى والبوذيين والهندوس والشيوعيين، في فلسطين وروسيا والصين والهند وبورما (أركان) وأفريقيا الوسطى أو من قبل الطوائف الإسلامية المنحرفة والضالة كالشيعة والنصيرية والخوارج في العراق وسوريا واليمن.
أو تسلط بعض الطغاة والظلمة على رقاب العباد والبلاد، كالقذافي الهالك وبشار والمالكي.
أما التحديات التي يخشى أن تقع مستقبلاً، فمنها:
· تجزئة وتقسيم ما بقي من بلاد المسلمين السنة صامداً في وجه المخططات الطائفية أو اليهودية والغربية، ولو كان في غاية الضعف أو المسايرة لقوى الغرب، وبدلا من أن يكون عندنا 22 دولة عربية يريدون مضاعفة عددها، لتزيد الفرقة والانقسام في الأمة بدلا من الوحدة والانسجام.
· حدوث صراع مسلح بين الأنظمة الحاكمة وبين التيار الإسلامي السياسي في هذه البلاد.
· تطاول العلمانية الليبرالية واليسارية على الإسلام وشعائره بالكامل، بما يعيدنا للسياسة القذرة لتجفيف منابع التدين بين المسلمين.
· تمدد المشروع الشيعي الطائفي في بلاد الإسلام بالتحالف مع الغرب أو عبر غباء بعض الجماعات الإسلامية السنية أو على ظهور العملاء من التيارات القومية والعلمانية واليسارية.
· عودة الغزو الغربي للدول الإسلامية كحملات صليبية أو موجات استعمارية بحجة محاربة التطرف والإرهاب.
· بقاء الأنظمة الفاسدة والظالمة وتفاقم شرها، مما يضعفها بالكلية أمام الخارج، أو يفجرها من الداخل الغضب الشعبي.
· تقوية التيارات البدعية والمنحرفة أو حتى الطوائف المرتدة بين المسلمين، لتحريف الإسلام عن حقيقته وتطويعه ليشرعن كل المظالم والمفاسد للنخب الحاكمة في العالم وبلاد الإسلام.
هذه التحديات بنوعيها، هي تحديات ضخمة وكبيرة، وتحتاج إلى وعي وعلم من كل مسلم حتى يكون في المكان الصحيح، والذي يجلب المصلحة والمنفعة، ويدرأ المفسدة والشر.
والمسلمون أمام هذه التحديات أقسام عدة:
منهم مَن يعد من بلائها ومرضها، إما لكونه عميلاً لأعداء الإسلام وهؤلاء موجودون في كل مكان وزمان وعلى رأسهم المنافقون، أو الباحثون عن مصالحهم الشخصية الضيقة.
ومنهم السلبي الذي لا يدري عن شيء سوى طعامه وشرابه ولذته، كالبهائم والأنعام.
ومنهم المسلم الحريص على مصلحة أمته ونصرتها، لكن عدته لذلك الجهل والتهور، فمثله كمثل الدب الذي هشم وجه صاحبه ليطرد ذبابة!
ومنهم المسلم الذي عنده من العلم ما يعصمه عن التهور والتطرف، لكنه سلبي لا دور له، بسبب ضيق الأفق وضيق الرؤية لحجم التحديات التي تواجه الأمة اليوم، أو يكون قد دب إليه اليأس وفقد الأمل، رغم ما عنده من حب للإسلام ونصرته.
ومنهم المسلم الذي عنده من العلم والفهم وسعة الأفق والرؤية الواسعة لحجم التحديات، لكنه يفتقد لبرنامج عمل صحيح ومتكامل، فتجد أنه يقتصر على جوانب دون أخرى.
وخيرهم حالا وأقلهم عددا من كان عنده من الإيجابية والعلم والفهم والحكمة والذكاء ما يعصمه من الكسل والخور، والتهور والتطرف، والجزئية والتقزيم، واليأس، فله في كل جبهة سهم، ولا تغره الشعارات البراقة، ولا تخدعه الفخاخ المزينة، يسير برؤية واضحة وهدف بين، يعرف صديقه من عدوه، ويدرك قوته وضعفه.
وهذا يعيدنا للسؤال الحقيقي: هل لي دور مقابل هذه التحديات؟ وهل هو دور في الجانب الصحيح؟ أم أنا لا دور لي، أو أن دوري في المكان الخطأ؟!
وختاماً فإن الحكمة اليوم تقتضى:
· الحفاظ على أي مكتسب للأمة الإسلامية كي لا يضيع، فليس من الحكمة إضعاف أي دولة أو كيان للمسلمين لا يعادي الإسلام، حتى ولو كان عليه ملاحظات ومؤاخذات كثيرة، وقد أحسنت حركة النهضة التونسية بتجنب الخطأ المصري.
· الحرص على تمتين الجبهة الداخلية وتجنب أي صراع داخلي ما أمكن؛ لأن قدرة الخصم على استثمار وتوظيف خلافاتنا أكبر من قدرتنا على مقاومته، ويكفى للعبرة تأمل مآل الثورة السورية حين أعلنت داعش الحرب على بقية الفصائل.
· تجنب الصفقات مع بعض أعداء الأمة تجاه البعض الآخر، فليس في اللجوء لإيران منفعة لحماس، وليس في اللجوء للغرب أو إسرائيل منفعة لفتح أو الأنظمة العربية.
نحن في حالة ضعف ورخصة، ولسنا في حالة قوة وعزيمة، فنحتاج إلى الاقتصاد في المواقف البطولية والعنترية، لصالح المداراة وتجزئة الأهداف، وتفريق صف الخصوم، وعدم الرفض التام لأي علاقة بالخصوم، ولنا في مسيرة أردوغان بصيرة وعبرة.
وتوسيع دائرة المعرفة بالواقع وحسن المشاركة فيه ودراسة مداخل التأثير الفعالة، هي من أوجب الواجبات على المتصدرين للشأن العام من الدعاة والعلماء والمفكرين والنخب، فأزمتنا الحقيقة هي في كيفية تنزيل الحق الشرعي على مجريات الحياة، وكيفية التحرك بالإسلام في هذا العالم الحداثي المتقلب بسرعة، ولنا في مشورة الحباب بن المنذر لرسول الله صلى الله عليه وسلم في معركة بدر عبرة، حين سأل: أهذا منزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه؟ فنحتاج إلى أمثال الحباب كثيراً في هذا الزمان، الذين يعرفون الحق ويعرفون كيف يتحركون به، فينصرون الإسلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق