قرية اللفيتات بسيناء.. عندما يقتل البشر ويدمر الحجر
يبدو أن الجيش المصري بات يعتمد سياسة الأرض المحروقة مع قرى ومدن سيناء المستهدفة في حملاته فلم يعد يستهدف من يسميهم "الإرهابيين" بل يقتل ويعتقل ويدمر وينكل دون التفريق بين المدني "والإرهابي".
منى الزملوط-سيناء
تطلب أم عبد الرحمن -سيدة من قرية اللفيتات بمحافظة شمالسيناء- من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي "الرحمة" لأن لا ذنب للمدنيين في ما يحصل، وتقول إن "عودتنا لمنازلنا المدمرة حلم لن يتحقق أبدا".
وتروي السيدة للجزيرة نت كيف فرت وأفراد عائلتها بملابسها للنجاة بحياتهم، وتأمل أن يتوقف الظلم الذي يلحق بأهالي هذه القرية والقصف العشوائي عليها حتى تعود وغيرها من السكان إلى أطلال منزلها تقلب حجارته يمينا ويسارا بحثا عن ملابس وإن كانت محروقة أو ممزقة كي تحتفظ بها ذكرى من منزلها.
وتتابع أم عبد الرحمن والرعب من قصف مفاجئ يسيطر على وجهها والدموع تنهمر من عينيها أنها نزحت رغما عنها مع من تبقى من أهلها لمدينة العريش بعد اعتقال زوجها منذ خمسة أشهر دون معلومات عن مصيره، وتخلص إلى أنها وسكان القرية يشعرون بالذل في أماكن نزوحهم، ويريدون العودة لقريتهم مهما كانت ظروف العيش فيها.
بعد الانتهاء من الحديث مع أم عبد الرحمن سألنا ابنتها رحمة ماذا تفعلين تحت أشجار الزيتون؟ فأجابت ببراءة "أنتظر عودة والدي، فأنا اشتقت له".
وبدأت مأساة قرية اللفيتات منذ قرابة العامين، حيث قام الجيش المصري بتطويقها في محاولة لاقتحامها للقبض على أكبر عدد من أبنائها، وخلف القصف العشوائي على القرية عشرات القتلى من الرجال والنساء والأطفال، ناهيك عن تدمير معظم منازل القرية، كما اعتقل الجيش العشرات من القرية، وفقا لشهادات الأهالي.
الطفلة رحمة في انتظار والدها الذي لا تعرف مصيره منذ أكثر من خمسة أشهر (الجزيرة نت) |
رائحة الموت
وفي مغامرة غير محسوبة العواقب زرنا القرية التي تحولت إلى ما يشبه مدينة أشباح تفوح منها رائحة الموت، وتكسوها حجارة المنازل المدمرة فلا نجد أحدا نسأله عن ما جرى لها.
وفي مغامرة غير محسوبة العواقب زرنا القرية التي تحولت إلى ما يشبه مدينة أشباح تفوح منها رائحة الموت، وتكسوها حجارة المنازل المدمرة فلا نجد أحدا نسأله عن ما جرى لها.
رحل معظم أهالي القرية منذ أن بدأ القصف العشوائي بسبب عدم استطاعة الجيش السيطرة على تلك القرية، حسب رواية أحد سكانها الذي كان يتفقد أطلال منزله.
ويضيف أن هؤلاء رأوا "جثث أولادهم وأطفالهم تتطاير في الاشتباكات والقصف شبه اليومي، الأمر الذي دفع بعضهم للانتقال إلى مدينة العريش بحثا عن رزق وحياة كريمة".
أثناء التجوال في القرية كان واضحا أن القصف لم يترك شيئا إلا وترك بصمته عليه، المنازل، والمدارس والوحدات الصحية وأعمدة الكهرباء، والبنى التحتية.
وقال رجل مسن صادف مروره على دراجته النارية في القرية للجزيرة نت إن "عمليات الجيش أصبحت ضد الحياة في القرية، ولا تهدف إلى فرض الاستقرار، لا نعلم ماذا يريدون من سيناء، القتل وهدم بيوت تؤوي النساء والأطفال باتا عشوائيين"، وختم وهو يشير إلى الوحدة الصحية "حتى هذه التي تعالج المرضى قصفت بصواريخ الجيش".
أكملنا مسيرنا في القرية وتركنا المسن مستاء وغاضبا، وهو يصرخ "هل هكذا يكافح الإرهاب؟".
الصور في هذه القرية مكررة وواحدة، وكأن من دمرها يعاقبها جماعيا، وحتى حقول الزيتون التي كانت تزين القرية أحرقت وكأنها أجرمت ووجبت معاقبتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق