الأربعاء، 28 يناير 2015

رسالة من مجهول إلى الملك سلمان نشرها موقع أجنبي : لهذه الأسباب أشعر بالرعب حول مستقبلنا السعودي

Dear King Salman: Why I’m Terrified About Our Saudi Future

رسالة من مجهول إلى الملك سلمان نشرها موقع أجنبي : لهذه الأسباب أشعر بالرعب حول مستقبلنا السعودي

كاتب سعودي مجهول – بولتيكيو (التقرير)
عزيزي الملك سلمان..
كمواطن مخلص لعائلة آل سعود المالكة، أهنئكم بصعودكم إلى العرش. وأضم صوتي إلى كل من زملائي السعوديين وزعماء العالم، ومن بينهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي سيكون هنا في الرياض يوم الثلاثاء، في التعبير عن التعازي في وفاة الملك عبد الله مؤخرًا، وإرسال التمنيات الطيبة لكم، ملكنا الجديد.

وفي الوقت نفسه، أشارك زملائي المواطنين الرهبة من المستقبل. عندما جاء الملك عبد الله إلى السلطة قبل عشر سنوات، خرج الناس في جميع أنحاء المملكة إلى الشوارع للتعبير عن سعادتهم. سمعته بالكرم والصفح ملأت السعوديين بالأمل. ولكن للأسف، ليس من المرجح أن يكون هذا هو الحال بالنسبة لك. وآمل مخلصًا أن تثبت أننا جميعًا على خطأ. ولكن أخشى أن بلدنا، والتي تقبع بالفعل الآن وراء بقية العالم في نواح كثيرة، سوف تعاني الركود تحت ناظريك.

لماذا؟ دعنا نبدأ مع تعيينك الأمير محمد بن نايف في منصب الرجل الثاني في ترتيب العرش، بعد ولي العهد الأمير مقرن بن عبد العزيز البالغ من العمر 69 عامًا.
منذ أن بدأت صحة الملك عبد الله تتراجع في عام 2010، نمت سلطة بن نايف، الذي هو شاب نسبيًا الآن وعمره 55 عامًا. وبصفته وزيرًا للداخلية، مما منحه السيطرة على إنفاذ القانون في المملكة العربية السعودية وعلى المحاكم والسجون، أعطانا لمحة عن مستقبل المملكة في ظل حكمه: دولة بوليسية تذكرنا بدولة بشار الأسد في سوريا، وبالعراق في عهد صدام حسين. وكلما تدهورت صحة الملك عبد الله، كلما كان يرتفع عدد الأشخاص الذين يتم تهديدهم وسجنهم من قبل وزارة الداخلية.


وفي البداية، كانت هذه التهديدات، في حين أنها قاسية وغير مبررة، ضد النشطاء الذين كانوا صريحين حقًا في مطالبتهم بالحقوق السياسية والحريات. في عام 2012، على سبيل المثال، حوكم محمد باجادي في محكمة سرية بتهمة عصيان الحكام، والتحدث إلى وسائل الإعلام الأجنبية، وامتلاك وشرح كتب محظورة عن الديمقراطية.

وفي عام 2013، حكم على محمد القحطاني بـ 10 أعوام بالسجن لتوثيق السجناء السياسيين، والدعوة إلى نظام ملكي دستوري. وحكم على مخلف الشمري في نفس العام، لتعزيز مكافحة الطائفية. وأنشأ رائف بدوي منتدى على شبكة الإنترنت يسمى الشبكة الليبرالية السعودية مما سهل مناقشة وانتقاد الإسلام الراديكالي الذي يدرس في المدارس السعودية.

وفي المقابل، حكم عليه العام الماضي بالسجن 10 أعوام وألف جلدة. محاميه، أبو الخير، حكم عليه بالسجن لمدة 15 عامًا لإنشاء منظمة مستقلة لحقوق الإنسان. والقائمة تطول وتطول.

وفي السنوات الأخيرة، أصبحت التهم أكثر تطرفًا، والأهداف أكثر تواترًا. بحلول عام 2014، كان صبر وزارة الداخلية قد أصبح قليلًا إلى درجة أنها حاكمت محاميًا تقدميًا درس في جامعة هارفارد، وهو بندر النقيثان، كإرهابي، وحكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات لمجرد نشره تغريدة تنتقد النظام القضائي، وإعادة تغريدة لرسم كاريكاتيري يصور قاضيًا يتفحص هاتفه المحمول بينما نمت شبكة العنكبوت حول موكله. واليوم، وفقًا لتقديرات جماعات حقوق الإنسان، هناك نحو 30 ألف معتقل سياسي في المملكة العربية السعودية. كثير منهم هم في السجن إلى أجل غير مسمى دون تهمة أو محاكمة. وتعرض بعضهم للتعذيب سرًا، وغيرهم للجلد علنًا. أنا أشعر بالذل عندما يقارن المجتمع العالمي بين سجل بلدي وسجل الدولة الإسلامية، من خلال اشتراكنا بالجلد وقطع الرؤوس.

ولعل المثال الأكثر عبثية حول مدى القسوة الذي ستكون عليها الحياة في ظل بن نايف، هو رد فعله على حملة المرأة السعودية لتكون قادرة على قيادة السيارة. على العكس من أي بلد آخر على هذا الكوكب، المملكة العربية السعودية لا تصدر تراخيص قيادة للنساء.

وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، تعرضت النساء السعوديات اللواتي تحدين هذا الحظر إلى التوقيف من قبل الشرطة واحتجزن لعدة ساعات. وقبل عام، تصاعد رد فعل الحكومة إلى مصادرة السيارات التي تتم قيادتها من قبل النساء إلى أجل غير مسمى. أما في الوقت الراهن، فاستجاب بن نايف لمحاولة النساء قيادة السيارة باعتبارهن إرهابيات. نعم، المملكة السعودية تساوي بين تشغيل المرأة لمحرك السيارة وبين أعمال العنف والترهيب.

وكان واحدًا من أول الأوامر التي أصدرها الملك عبد الله عندما تولى السلطة هو العفو وإطلاق سراح السجناء السياسيين الأبرز في المملكة العربية السعودية، وآلاف آخرين غيرهم. كما أنه دفع حقوق المرأة إلى الأمام من خلال تعيين الإناث في مجلس الشورى، الذي يعد مسودات القوانين ويقدم المشورة للملك، وفتح فرص العمل أمامهن.

هرعت نحو نصف مليون امرأة للاستفادة من مرسومه لعام 2011 الذي سمح للنساء بالعمل كمحاسبات وموظفات في المحلات التجارية. وخلال الأيام التي تلت وفاة الملك عبد الله، كان هناك شعور مشترك على نطاق واسع في وسائل الإعلام الاجتماعي بأنه جاء إلى السلطة في وقت متأخر جدًا، وغادر في وقت مبكر جدًا، وأن حالته الصحية منعته من تحويل رؤيته بالكامل إلى واقع ملموس.

الملك سلمان، كنت قد اشتهرت كحاكم للرياض بالالتزام بالمواعيد الخاصة بك، وبساعات عملك الطويلة، وبسهولة الوصول إليك. من فضلك لا تسمح بأن يتم تعتيم أحلامنا في مستقبل أفضل وأكثر إشراقًا لمملكتنا.

ألتمس إليك بحسن نية حمل شعلة إصلاحات الملك عبد الله، بالعفو عن المعتقلين السياسيين، ورفع الحظر المفروض على قيادة النساء للسيارات. كيف نستطيع، أيها الملك العزيز، أن نقوم باجتثاث التطرف الإسلامي من داخل بلدنا عندما تكون حكومتنا ترهب وتسجن شعبها؟ كيف يمكننا المضي قدمًا في القرن الـ 21 عندما أضطر إلى اللجوء لاستخدام اسم مستعار لكي أطلب منك فقط معالجة هذه القضايا دون خوف من تعرضي للانتقام لتعبيري عن رأيي؟!

الخطوة الأولى نحو إصلاح حقيقي للمجتمع السعودي، سوف تكون استبدال الأمير بن نايف. هناك الكثير من الأمراء الآخرين للاختيار من بينهم. حتى داخل منزلك، أظهر ابنك سلطان أن لديه القدرة على أن يكون قائدًا حكيمًا ومتوازنًا. الأمير الذي يطمح إلى الاستبداد، سوف يؤدي فقط إلى شعور الشعب السعودي بنفس اليأس الذي أدى إلى الإطاحة بالمصري حسني مبارك، والتونسي زين العابدين بن علي. ليس فقط من أجل الشعب السعودي، ولكن من أجل استمرارية النظام الملكي أيضًا، يجب وضع من يتمنون أن يصبحوا دكتاتوريين جانبًا.

وعلى الرغم من أننا لا نملك كلمةً أو تمثيلًا في الملكية المطلقة التي تحكم بلادنا، لا تزال الغالبية العظمى من الشعب السعودي، بكل المقاييس، موالية للنظام الملكي، ولا تريد أن ترى نهايةً له. نحن ممتنون لموحدي هذه الأرض العظيمة. ومع ذلك، إننا غير قادرين على الانتظار لفترة أطول بكثير من أجل الحصول على المشاركة السياسية والحريات. نريد أن تكرم بلدنا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتمنح الشعب السعودي دستورًا وبرلمانًا منتخبًا.

الملك سلمان، هل ستكون من يساعدنا في تحقيق مثل هذا التقدم؟ نحن نعرف أنه في الملكية القائمة، هناك بعض ممن يطمحون إلى إقامة مثل هذا النظام الملكي الدستوري. في الخمسينيات، شكل أربعة من إخوتك غير الأشقاء وواحد من أبناء عمومتك حركة الأمراء الأحرار، كان لديهم بعد نظر في الدعوة إلى المساواة للمرأة، ودستور، وبرلمان منتخب؛ إلا أنه قد تم نفيهم جميعًا، استثني واحد منهم من قبل النظام الملكي، ولم يسمح لهم بالعودة إلى البلاد إلا بعد أن يعتذروا.

هل سوف تكون من يستحق امتناننا من خلال تنفيذ ما اقترحه أشقاؤك قبل نصف قرن؟ أحد النشطاء السياسيين، وهو محمد سعيد طيب، يقول إنه تلقى مكالمة هاتفية منك في عام 2012، ويدعي أنك أبلغته بدعمكم لنظام ملكي دستوري. آمل بالتأكيد بأن يكون هذا صحيحًا. وأما خلاف ذلك، فمن غير المرجح أن يكون جيل المملكة العربية السعودية القادم، والأكثر تعليمًا، لطيفًا في تقديم طلباته، أو صبورًا في انتظاره، كما كان جيل آبائه وأجداده.


* كتبت هذه الرسالة من قبل كاتب سعودي يقيم في العاصمة 
الرياض، وقد أبقيت هويته مجهولة حفاظًا على سلامته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق