حسام الغمري يكتب : أيها السيساوية ..نستعيد من استنبول ما فقدناه فيها
حين اقرأ لأحد ظننته يوما جديرا بالاحترام عبارتهم التي باتت سرمدية
” مرسي موش راجع “
أنفجر ضاحكا من سذاجة هؤلاء الحمقى الذين يتسقون بتذكير نفوسهم الشقية بأنها في الجانب المنتصر لا لشيء الا لكونه يملك الدبابة العسكرية بعدما اثبتت لهم الحوادث والأيام تفاهته وعمالته وكذبه وتراجعه عن كل وعوده وآخرها عاصمته الإدارية التي لا تختلف كثيرا عن جهاز عبد العاطي ، كما بشرناهم منذ اليوم الأول ويؤتي الحكمة من يشاء .
ذلك لان الأمر لو كان لمرسي والله ما استنفرت من حجرة نومي لصالة بيتي الذي تركته في مصر الحبيبة ، ولولا الشدة التي يعيش فيها الرجل لكتبت في قدحه عشرات المقالات ، ولكن يعصمه من قلمي بخلاف محنته بالسجن ومرارة الغدر ، تمسكه بالشرعية وصموده أمام صنوف الترغيب والترهيب فيكفياه والله حسبه ، اما كل ما هو قبل ذلك فسيأتي مقامة بعد انقشاع الغمة وانتصار الأمة بإذن الله .
ولكن الأمر يتعلق بسؤال سألته لنفسي حين كنت طفلا في المرحلة الابتدائية يقف أمام صور وأدوات الأطفال الذين نُحروا غدرا في مدرسة بحر البقر الابتدائية التي كانت توضع في متحف أحمد عرابي بقرية هرية رزنة قبل أن يأمر الخائن مبارك بطمسها من هناك لإخفاء جريمة أسياده اليهود .
لماذا يقصف هؤلاء الأطفال بالطائرات؟
ربما لأنني حين وقفت على آثارهم كنت تقريبا في مثل عمرهم وقتما نُحروا بدم بارد فكان الامر عندي أشبه بالصاعقة التي حرقت ثوب الطفولة النقي وصولا الى القلب فاكتوى، وأدرك مبكرا ان وحوشا كاسرة مُطلقة السراح تعيث في فضائنا الإسلامي قتلا وبطشا وتنكيلا، تتحرك مع جوقة أرتامها نخاسة ، تصاحبها دفوف الافك ، تمسك بها أيادي القوادين من طاجكستان حتى طنجة .
ثم ازداد جرح القلب عمقا حين شاهدت طفلا آخر يقتل بين أحضان أبيه المكبل بواقع إسلامي هو الخزي بعينه، كان يدعى محمد الدرة – هل تذكرونه – ، يالها من لقطات بثتها الفضائيات كانت كفيلة بنكأ الجرح حتى أثمر وينعه ، فها هو طفل آخر يقتل ، ملامحه تشبه هؤلاء الذين رأيت صورهم في المتحف الذي أغلق بالقرب من مدرستي القديمة .
ثم كانت اللحظة الفاصلة، اللحظة التي أطلقت جماح نهمي المعرفي للبحث عن إجابة سؤال آخر.
لماذا نقتل هكذا دون ثمن في مشارق الأرض ومغاربها ؟
وهي اللحظة التي رأيت فيها جنود زانية العالم أمريكا تتجول في شوارع بغداد الرشيد وخزينا يحرسهم ليل نهار !!
كانت لنا أمة
كان لنا مجدا
كيف ضاع
وأين السبيل لاستعادته ؟
أجل كنا امبراطورية يرتعد من ذكرها الأعداء الذين ما انفكوا يكرون عليها المرة تلو المرة تلو المرة ، وكانوا في كل مرة يدحرون ويعودون يجرون أذيال خيبتهم ، حتى ادركوا انه لا انتصار لهم الا بطعن امتنا طعنة غائرة تصيب القلب ، تشقها نصفين ، وقلب امتنا والمعبر الواصل بين جناحيها ، هي العزيزة مصر .
الضربات كانت دائما تأتي من مصر !!
فمنها انشق الخائن أحمد بن طولون
ومنها انشق الخائن أحمد بن طنغ الاخشيدي
ومنها انشق الخائن محمد علي عميل الفرنسيز ، محتكر الأرض والنسل والحرث ، أول من أعاد اليهود الى الشرق ليبقوا على مقربة من أرض ميعادهم حيث سيقبرون بإذن الله ، موّلي النصارى ، الممهد للعلمانية المروج للثقافة الغربية بمساعدة كل آفاق بعمامة أزهرية ، من رفع فوق رأسه صورة الملكة الإنجليزية مستبدلا بها عزة الإسلام والسنة المحمدية ، والمحارب لخلافتنا الإسلامية التي كانت تسكن اسلامبول ، قبل ان تتحول بعدما تعلمنت الى استنبول .
حين كون محمد علي بمساعدة الكولونيل سيف جيشا من المصريين لم يحارب بهم فرنسا التي دنست بخيولها الازهر وهتك جنودها عرض المصريات كما ورد في كتاب الجبرتي .
ولم يثأر من إنجلترا التي حاولت الانقضاض مبكرا على ملكه ذو النكهة الفرنسية في رشيد
ولكنه وجه هذا الجيش ضد خليفته في قونية ونزيب ليضعفه ويجبره على منحه حكم مصر فلا يشق بها قلب الامة فقط ، بل و يصدر منها كل الأفكار المسمومة والطماع المحمومة التي سرعان ما سارت رويدا رويدا في جسد الأمة حتى انتشرت كالنار في الهشيم ، فتمزقت وتفتت الى كانتونات ضعيفة تأتمر بأمر الحاكم الصليبي الذي سكن الاليزيه تارة ، ثم دواننج ستريت في لندن تارة أخرى ، قبل ان يستقر مقام ملكهم في واشنطون بعد الحرب العالمية الثانية ، ومن هناك تصدر فرمانات الحاكم بأمر اليهود الى أتباعه الذين ساروا على نهج محمد علي باشا فشكلوا جيوش لا مهمة لها إلا الإبقاء علينا سجناء الخطوط الوهمية التي رسمها سايكوس بيكو رضي نابليون عنه وأرضاه .
فإن رحل المصري الى دبي مدفوعا بشظف العيش في القاهرة احتاج الى كفيل يأتمر بأمره ، بينما يرتع احفاد ريتشارد – قاتل اسرانا في عكا بعد عهده معهم – فيها دون حسيب ولا رقيب ، بل من أجلهم فتحت الحانات وجلبت الغانيات ولا حول ولا قوة الا بالله في أحوال شبه جزيرة محمد صلي الله عليه وسلم .
ولو أطل الفلسطيني المحاصر برأسه في شبه جزيرة سيناء لعاجله أخوه الجندي المصري بطلقة تُرديه ، بينما يمرح فيها الصهيوني ونفس الجندي هو الذي يحميه .
لتتحقق أمنية نابليون بونابرت ، التي تمناها على اسوار عكا التي استعصت عليه ، جيش من العرب بقيادة صليبية ينتزع به ملكنا الذي كان في القسطنطينية وقد رسا بعد رحلته التي بدأت في المدينة المنورة مرورا بدمشق وبغداد والقاهرة قبل ان يستقر على ضفاف البوسفور حيث أيا صوفيا التي مازالوا يبكون بحرقه على ظلالها التي حرموا منها .
واليوم يشرق قلمي من على ضفاف البوسفور غير بعيد عن أيا صوفيا ومسجد السلطان محمد الفاتح ، اليوم أكتب من القسطنطية ، وقد عاد آذان الفجر يرفع منها ويسمع فيها ، لأنها أنجبت بطل جديد لنا يدعى اردوغان وكنت قد حرمت من سماعه مؤخرا في القاهرة ، من القسطنطينية أكتب مذكرا بالمجد القديم والمكر القديم الجديد ، ومبشرا بالفجر السعيد .
ففي البدء كانت الكلمة
و هأنذا اليوم أقصف بكلماتي
أيا رياح الخلافة عودي
يا ليت شعري يطبب جرحك
كم سطرت أقلامهم آيات الجحود
فلتهدئي يا روح طفل قتله غدرا حقد اليهود
سيخسأ المكر الصليبي حتما وسننتفض ضد الحدود
فالأرض صنع الله لنا ، وللمتقين أجزل العهود
لا يرهبني جيش عميل وتحت الأرض مرقدي
و جنسيتي أني لا أشهد الا بالإله الأوحد
وبنبيه المختار صلوا على كامل النور محمد
حسام الغمري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق