الأحد، 10 مايو 2015

"أبو تريكة"...وهذيان "غولوم" المصري


"أبو تريكة"...وهذيان "غولوم" المصري

إحسان الفقيه

"غولوم" هو ما أُطلق على أحد الهوبيت بعد أن صار مسخا، في ملحمة "سيد الخواتم" لمؤلفه تولكين.

"غولوم" قد استهواه الخاتم (السيد) وسحره، وكان سببا في مسخه، وظل طيلة العمل السينمائي الشهير يتطلع إلى استعادته.

وكان آخر مشهد ظهر فيه "غولوم"، سقوطه في هوة الحمم الملتهبة بعد أن انتزع الخاتم من يد صاحبه، وظل يطالع الخاتم أثناء سقوطه في نشوة غير عابئ بالجحيم الذي يسقط فيه.

ولم يذهب "غولوم المصري" بعيدا عن ذلك المشهد، فنشوة السلطة التي استهوته سابقا، واستدعت لديه أحلام أوميجا والسيف، قد غرق في سكرتها، واستمر في هذيانه السياسي، وقراراته المتخبطة، رغم أن سقوطه بات وشيكا.

غولوم المصري كلما أراد البحث عن إنجاز يغطي على فشله الذريع -بعد أن باع الهواء في زجاجات مشروخة للمصريين- أتبع قراراته العشوائية بأخرى تزيد الطينة بلة.

غولوم المصري يتعامل مع الإخوان (الإرهاب) على أساس أنه الملف الأوحد، فهو يحتاج إلى "الرز" الخليجي لمقاومة الإرهاب.

وتطلع إلى صفقة الطائرات الأمريكية للقضاء على الإرهاب.

ويعزو فشله في انتشال الجوعى من طاحونة الأزمة الاقتصادية إلى الإرهاب..

ويبرر القوانين والإجراءات التعسفية الجائرة بأنها تستهدف القضاء على الإرهاب...

ويتخلص من المعارضين بذريعة انتمائهم أو صلتهم بالإرهاب....

وكان آخر تجليات "غولوم" وفريقه من "المطبلين"
التحفظ على أموال لاعب الكرة الأشهر في مصر 
والعالم العربي "محمد أبو تريكة".

والتهمة كالعادة.. الانتماء لجماعة الإخوان الإرهابية، وممارسة أنشطة اقتصادية تابعة لها.

رغم أنني لست متابعة جيدة لأنشطة المجال الرياضي، إلا أن اسم "أبو تريكة" أشهر من أن يجهله أي مواطن في دولته وفي محيطه العربي على الأقل.

لم تكن المهارة الفريدة وحدها سبب شهرة اللاعب المصري، فـ "الماجيكو" كما يطلقون عليه في الوسط الرياضي، هو مثال لأخلاق الرياضي المسلم، وهذا يعرفه القريب والبعيد من محبيه ومنافسيه في الفرق الأخرى.

أبو تريكة "إنسان" يقيم للإنسانية وزنا، ويبذل ماله في نفع الفقراء، حتى قال بعض زملائه عقب قرار مصادرة أمواله: إنه يفتح عدة بيوت للفقراء (بمعنى ينفق عليهم).

"أبو تريكة" الذي تعاطف مع أهالي ضحايا مجزرة بورسعيد، واعتزل اللعب تضامنا معهم، وتبرع وقام بجمع التبرعات لأهالي الضحايا.

أبو تريكة الرياضي المسلم المتدين، كان يحرص على بناء المساجد في البلدان الأفريقية التي يلعب فيها.

"أبو تريكة" الذي أثلج صدور المسلمين جميعا، عندما تضامن مع غزة بعد العدوان الإسرائيلي 2008م،
وخلع قميصه الرياضي بعد إحرازه الهدف، ليظهر قميصا آخر دونت عليها عبارة "تعاطفا مع غزة" ونال بسببها أشرف كارت أصفر (إنذار) في تاريخ الكرة، وعرّض نفسه لعقوبات اتحاد الكرة.

"أبو تريكة" عارض الانقلاب على الشرعية، وتعاطف مع شهداء رابعة والنهضة وغيرهما من الميادين والبقاع التي سالت على أرضها دماء الشرفاء.

"أبو تريكة" ليس مجرد لاعب، هو رمز وثروة قومية لمصر.

وفور إصدار القرار الظالم، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بسخط الجماهير، ورموز الدين والفن والرياضية، تضامنا مع "أبو تريكة"، الذي اكتفى بالتعليق على الحدث على تويتر بقوله:

"نحن من نأتي بالأموال لتبقي فى أيدينا وليست فى قلوبنا، تتحفظ على الأموال، أو تتحفظ على من تتحفظ عليه، لن أترك البلد، وسأعمل فيها وعلى رُقيّها"

"قمة التسامح قول: يَارب إن كان هناك حاسد يكره أن يراني سَعيدا فأرزقه سعادة تنسيه أمري".
ولا ندري هل أدركت لجنة حصر الأموال الخاصة بجماعة الإخوان المسلمين، فجأة انتماء اللاعب للإخوان؟ أم أنه استمرار لسياسة استئصال كل المعارضين من الساحة المصرية، وفق سياسة "غولوم" من بعد الثالث من يوليو؟

نعم هي الأخيرة، فالمسخ لا يرى حلا لتأمين خاتمه، أقصد عرشه، سوى في تصفية كل معارضيه، حتى لا يبقى في الأرض إلا الشعب الأول الذي ذكره المطرب "علي الحجار"، وهو يخاطب معارضي الانقلاب: "إحنا شعب وإنتوا شعب، لينا رب وليكو رب".

"غولوم" لا يعبأ بهذا القرار الأخرق، بأنه قد يفتح الطريق للشغب الكروي، فاللاعب شعبيته طاغية وبصفة خاصة عند جمهور ناديه (الأهلي)، ولا يخفى ما للألتراس من قوة وقدرة على الحشد والشغب قد تسبب صداعا في رأس النظام.

"غولوم" لا يكترث بما قد يؤدي إليه هذا القرار الصادم، من تنفير أموال الاستثمارات عن مصر في ظل عدم توافر الأجواء الآمنة لكل فكرة معارضة لسياسات النظام.

"غولوم" لا يهتم بهذا القرار ضد أحد رموز الوطن المصري، بأنه يتسبب في مزيد من الحرج لغطائه الخارجي، ويضع الدول التي دعمت انقلابه في وضع حرج أمام شعوبها والرأي العام المحلي والعالمي.

"غولوم" لا يدرك أن هوة المعارضة سوف تتسع بهذا الإجراء التعسفي، وأنه يبعد المسافات عن أي اتجاه توافقي.

"غولوم" قد يفاجأ بعد هذا القرار وما ينضم إليه من آثار تراكمية لإجراءات مماثلة ضد رموز آخرين، بأنها بداية لتجمع فرقاء ثورة 25 يناير من جديد.

سيهوي "غولوم" إلى الجحيم وهو يطالع خاتمه، ولن يفيق إلا عندما تأكل النار جسده.. وإن غدا لناظره لقريب..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق