الاثنين، 2 نوفمبر 2015

نتائج الانتخابات التركية: فشل الرهان على التصعيد والابتزاز

نتائج الانتخابات التركية: فشل الرهان على التصعيد والابتزاز

نتائج الانتخابات التركية: فشل الرهان على التصعيد والابتزاز

المحرر السياسي
هنيئا لتركيا بهذه الانتخابات، الشعب بأغلبيته منح صوته بإرادته الحرة للاستقرار واستعادة العافية الاقتصادية وتجاوز مرحلة الإرباك والابتزاز.
وقد أثبتت نتائج الانتخابات أن محاولات ليَ الذراع وفتح الجبهات والحرب الإعلامية الدعائية والنفسية لن تفيد أصحابها في شيء ولن يحصدوا منها إلا المرارة.
تركيا اليوم، كما هي منذ أكثر من 12 سنة، قوة دعم وسند وتأثير وضغط ومتنفس.
وقد خسرت الدولة العميقة الموازية في تركيا أو ما تبقى منها، وقد استنفرت كل أذرعها قبيل الانتخابات، فالشعب اختار الأضواء إذ الدهاليز والأقبية والغرف المغلقة والتنظيمات السرية ممقوتة.
الناخب الكردي العادي البسيط أوعى من سياسييه ويرفض المتاجرة بقضيته والابتزاز بها وقد عاقب حزب الشعوب الديمقراطي على سوء تقديره ومتاجرته.
وتراجع في فترة قصيرة بما يعني أنه خسر الرهان في مزيد تقدم بتصعيد الموقف، وكأنه لا يدرك أن المغالاة في الرهان على الورقة القومية مدمر ومحرق.
ومن العجب ما تقرأه من تحليلات خصوم العدالة والتنمية من مثل "الرسالة كانت واضحة: إما العدالة والتنمية أو الفوضى. وفي جنوب شرق تركيا تلقاها الناخبون بوضوح. أردوغان وحزبه استطاعا تأديب الشارع التركي"؟؟
فالتصويت أصبح عملية غرائزية ليس للعقل فيها والنظر والإدراك أي تأثير أو قيمة أو أثر؟
يعني أردوغان ضغط على زر التفجيرات والإرهاب لتهديد الناخبين ليصوتوا عليه، هذا كل ما في الأمر؟؟؟ فليس هناك شعب ولا وعي ولا تمييز ولا يقظة وإنما غريزة الخوف تحركت ودفعت الناخب للتصويت؟
ووفقا لهذا المنطق، فإن الأصل في الشعوب أن تختار خصوم الإسلاميين وإذا حدث العكس فـ"إرهابهم وترويعهم وقبضتهم" دفعوا الناخب دفعا للتصويت عليهم؟
وعلى هذا، فالشعوب ليست مؤهلة لأن تختار بحرية لأنها لا تعقل ولا تحسن التمييز؟؟
ولكن المشكلة داخل تركيا أنه ليس هناك من يزاحم العدالة والتنمية، وهو ما عبر عنه محللون ومراقبون بـ"الجمود"، ذلك أن وجود منافس سياسي قوي لحزب العدالة والتنمية مهم ومفيد للتدافع السياسي في تركيا، إثراء وإنماء وتنويعا، لكنها معضلة خصومه الذين انشغلوا بتكسيره وتشويه حكمه والتخويف منه والتصعيد ضده أملا في انصراف عنه.
ولكنَ الناخبين عاملوهم بنقيض قصدهم، فاختاروا الاستقرار، لأن الحكومات الائتلافية، التي يكرهها غالبية الأتراك، تستهلك أكثر وقتها في المناوشات والمشاكسات والمناكفات ومثل هذه الأجواء لا تبعث على الارتياح.
وقد وجد الأحرار في تركيا العدالة والتنمية متنفسا لقضاياهم العادلة والناصر والمعين، لأن بلداننا مغلقة، فشعوبنا سُدت أمامها كل المنافذ.
ويدرك الكثيرون أن تركيا العدالة والتنمية ليس بمقدورها تجاوز حدود معينة في المناصرة، فثمة حسابات وظروف تتحكم في المواقف والتحركات العملية. لكن سياساته ومواقفه أكثر انسجاما مع انتماء الأمة وقضاياها وصراعاتها ومعاناتها من سياسات الحكام العرب، فكان هذا الاستبشار العارم بفوزه.
وتجد الاستبشار من باكستان إلى غزة، وهذا يعني أن المشرق يتنفس بانتصار العدالة والتنمية، فثمة بقعة مضيئة فيه بعد أن اجتاح الظلام ربوع بلادنا.
ولكن، هل كان بإمكان تركيا العدالة والتنمية أن تكون أكثر تأثيرا في مجريات الحرب على الثورة السورية في مسألة التسليح النوعي؟ قد يكون هذا ممكنا إلى حدا ما.
وربما حبسها عن هذا الحسابات الداخلية والخارجية والارتباك وتعقيدات البيئة المحيطة والضغوط الرهيبة. وقد تكون إيران أكثر جرأة منها في دعم حلفائها. لكن ليس من الإنصاف الاستهانة باستقبال أكثر من مليون لاجئ، فهذا إنجاز ضخم يقدره السوريون المضطهدون حق قدره.
لكن لا ننسى أن تركيا العدالة والتنمية عوديت من بعض العرب المتنفذين ودوائر القرار أكثر من الغرب والأمريكان. وربما كان البعض أكثر عداء لها وفجورا في الخصومة من نتنياهو نفسه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق