جرائم الإرهاب ودروسها المُرة .. هل علمتنا وأيقظتنا؟
وكان مصدر هذا الإرهاب جهتين هما: الإرهابيون الشيعة والإرهابيون الخوارج، وبرغم أنهم متناقضون فكرياً، إلا أن الواقع يثبت اشتراكهم وتعاونهم وتقاطعهم في تنفيذ الإرهاب والتعاون فيما بينهم.
فمن أمثلة صور تشابههم في جرائم الإرهاب ما يلي:
الشيعة والخوارج استحلوا العدوان على مكة المكرمة، حيث قام جهيمان وأنصاره باحتلال الحرم المكي وقتل الأبرياء فيه بحجة ظهور المهدي المزعوم الذي بشرت به أحلام بعض أتباعه! وكذلك الشيعة استحلوا قتل الحجاج في مواسم الحج عدة مرات، قاتلهم الله جميعاً.
ولم يرتدع هؤلاء المجرمون الإرهابيون من الطرفين لليوم عن الجرأة على حرمات بيوت الله التي أقيمت لعبادته وذكره وتعظيمه، فها هو تنظيم القاعدة وتنظيم داعش ومليشيات الشيعة وحرس إيران الثوري يفجرون المساجد ويقتلون المصلين في العراق وسوريا واليمن والسعودية.
وكلا الطرفين ماضيان في قتل الأبرياء واغتصاب النساء وهدم المدن واحتلالها في بلادنا المستباحة في العراق وسوريا واليمن دون وازع من ضمير أو رادع من دين، وينتظم في هذه المسيرة الإرهابية جماعة شكري مصطفى التي قتلت وزير الأوقاف المصري، وجماعات العنف في الجزائر التي أجرمت بحق المسلمين المسالمين بالقتل والسبي بفتاوى باطلة، وحزب الله الذي احتل بيروت ويقتل الشعب السوري، وجماعة الزرقاوي التي كفّرت وقاتلت المقاومة العراقية السنية ومليشيات الحوثي التي هدمت اليمن وخطفته، وداعش التي طعنت الثوار في ظهرهم في سوريا وخدمت نظام بشار خدمات لا تحصى مع تشويه صورة الإسلام في العالم، وخلايا إيران النائمة في البحرين والكويت التي قتلت وعذّبت المعارضين لها، وشبيحة بشار وإيران الذين اغتصبوا النساء وقتلوا الأطفال.
وقد استهدف الطرفان (الإرهابيون الشيعة والخوارج) بالاغتيال بشكل خاص العلماء والدعاة، حيث اغتال الشيعةُ الشيخ إحسان إلهي ظهير في باكستان، وعددا كبيرا من علماء السنة في إيران منذ زمن المقبور الخميني، ولهذه اللحظة لا تتوقف الاغتيالات والإعدامات بحقهم، كما استهدفت القاعدة وداعش عددا كبيرا من العلماء والدعاة في العراق وسوريا.
كما أن الطرفين (الشيعة والخوارج) مارسا وتنافسا في القيام بأبشع الجرائم، من حرق الضحايا التي مارسها جيش المهدي بحق سنة العراق مبكراً، إلى حرق داعش للأسرى، إلى وزير الداخلية الشيعي صولاغ الذي استخدم المثقاب (الدريل) في تعذيب وقتل الأبرياء، إلى إغراق داعش للخصوم، إلى الذبح بالسكين من الطرفين للناس.
كما أنهما تشابها في محاولة اغتيال الحكام حيث نجحا في قتل الرئيس المصري أنور السادات، ورئيس وزراء لبنان رفيق الحريري، وفشلا في اغتيال أمير الكويت جابر الأحمد، ورئيس مصر السابق حسني مبارك، ووزير الداخلية السعودي محمد بن نايف، ورئيس الجيش النيجيري مؤخراً.
أما عن أمثلة تعاونهما معاً في الإرهاب تنفيذاً وتخطيطاً، فما يلي:
فمن مطلع الثمانينيات من القرن الماضي احتضنت إيران بعض الفارين من قادة الجماعة الإسلامية المصرية، ودعمتها مالياً ولوجستياً وفسحت المجال لها عبر إذاعة طهران لبث القلاقل في مصر، ولما تبنت الجماعة وثيقة نبذ العنف، انقلب تعامل إيران معها وبدأت تضيق على أفرادها، لأنها تريدهم ورقة مناكفة لنظام مصر بدعم الإرهاب فيها!
وفي الجزائر دربت إيران وحزب الله بعض الجزائريين من أتباع مصطفى بويعلي الذين دخلوا في صِدام مع نظام الشاذلي بين سنتي 83-84 من القرن الماضي.
وقامت المخابرات الإيرانية في تسعينيات القرن الماضي بتدريب كوادر من أتباع أسامة بن لادن من جماعة الجهاد والجماعة الإسلامية في السودان وفي بيروت بمعسكرات حزب الله على عمليات التفخيخ والتفجير، والتي تم تطبيقها بعد ذلك في عدد من دول أفريقيا.
وعقب سقوط إمارة طالبان في مطلع القرن هربت قيادات بالقاعدة إلى إيران منهم عائلة ابن لادن وأبي مصعب الزرقاوي، حيث تم تجديد التفاهم على تحييد الأرض الإيرانية من عمليات القاعدة، وهو الأمر القائم منذ نشأة القاعدة ولليوم، ولا تزال داعش تلتزم البقاء بعيدة عن الحدود الإيرانية 40 كم بحسب تصريح وزير الدفاع الإيراني.
وتفاهمت إيران مع القاعدة والزرقاوى كلاً على حدة، فالقاعدة أخذت تضغط على الزرقاوي ألاّ يهاجم إيران والشيعة العراقيين خوفاً على مصالحها من الطريق الآمن وقياداتها في طهران كما في رسائله مع الظواهري، بينما تم تزويد الزرقاوي بالسلاح من قبل إيران وتسهيل عملياته ضد شيعة العراق لدفع الشيعة العراقيين لحضن إيران، وهو ما تجسد بهيمنة إيران على قرار شيعة العراق، والعراق كله اليوم.
ثم شهدنا تهريب قيادات القاعدة فقط من سجون بغداد، لتظهر حكاية داعش ثم يتم تسليم الموصل لقوات داعش وانسحاب وذوبان الجيش العراقي بأمر من نوري المالكي.
ونختم بدعم إيران لتنظيم حركة الشباب بالصومال الذي بات معروفاً، وأن قاعدة اليمن كانت تتخادم مع الحوثيين سنين طويلة، وعلاقة إيران برعاية إرهاب الخوارج أصبح مكشوفاً ومعروفاً بعد أن كان البعض يشكك فيه وفيما طرحته الخطة الإيرانية السرية، من ضرورة تحريض الشباب السني ضد أنظمة حكمه السنية.
الخلاصة:
إن هذا التشابه والتنافس والتعاون في الجرائم الإرهابية بين الشيعة والخوارج جلب على الأمة ويلات كثيرة ومحنا وفتنا عديدة كما أنه بدد طاقاتها وثرواتها وأربك أولوياتها وصرفها عن تنمية بلادها ورعاية أبنائها وأشغلهم عن العدو القديم المتمثل في إسرائيل وعدوانها المستمر على الشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى المبارك.
وما كان لهذا الإرهاب الشيعي والخارجي أن يبلغ هذا المدى من الإجرام والإضرار والتعطيل، لو كانت هناك رؤية شرعية صحيحة ووعي سياسي سليم عند أغلب الساسة في الحكم والعلماء الشرعيين والإعلاميين المهنيين.
إذ غياب الفهم السليم لحقيقة معتقد التشيع ومعتقد الخوارج عن الساسة والعلماء والإعلاميين جعلهم ينخدعون بسهولة بالشعارات البراقة للشيعة وإيران حول المقاومة والممانعة مع العدو والسلام والتعايش مع الجيران!
وهذا الجهل أو التجاهل جعل البعض يتعاطف ويتحمس مع شعارات نصرة الإسلام والجهاد وتحكيم شريعة الرحمن، ويتردد في إدانة غلو وتطرف الخوارج عبر ما يطرحونه من تنظير وفتاوى والتي تجسدت في حوادث هنا وهناك إلى أن تجسدت شاخصة في جرائم داعش المتلفزة، وإلا فقد تم قطع رؤوس عدد من علماء ودعاة الجزائر على يد الخوارج هناك وسبي للنساء، لكن عدم انتشارها إعلامياً جعل تكرارها سهلاً حتى ضج الناس منها لما تواقحت داعش بإذاعتها متعمدة وقاصدة لغايات كثيرة منها خبث من يديرون داعش لتشويه الإسلام نفسه ودولته وخلافته من خلال هذا النموذج الكريه والبغيض!
هل علّمتنا هذه الدروس المُرة أن نركز على فهم المعتقد والفكر المحرك لمثل هؤلاء الإرهابيين واستدعاء تاريخهم الإجرامي الطويل حين التعامل معهم حتى لا تغرّنا الشعارات البراقة والحجج المغلوطة باسم الإسلام؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق