بسم الله الرحمن الرحيم
العناية الإلهية
د. عطية عدلان
(مدير مركز (محكمات) للبحوث والدراسات – اسطنبول- أستاذ الفقه الإسلامي)
الحمد لله .. والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد
العناية الإلهية (1)
قد يبدو للبعض أنَّ طرح موضوع العناية الإلهية لا يأتي إلا في سياق التربية الوجدانية وترقيق القوب، ونحن لا ننكر أنَّ هذا مقصوداً وأنَّه على درجة من الأهمية عالية، غير أنَّ هذا المقصد – على أهميته – يأتي في هذا الطرح تابعاً لا أصلياً؛ وأحسب أنَّه في كتاب الله جاء على هذا النحو، فالقرآن الكريم عندما تناول قضية العناية الإلهية بنى من خلالها معتقداً وتصوراً ينبني عليه منهج حياة وطريق نجاة، والعناية الإلهية مظهر من مظاهر الربوبية، غير أنَّها المظهر الأبرز والأكثر التصاقاً بالإنسان، وإن كان من حيث الترتيب هو فرع عن الربوبية وتابع لها.ولكي تدرك إلى أيّ حدٍّ يعدُّ هذا الموضوع أصلياً في بناء التصور العام الذي ينبثق منه منهج الحياة، وإلى أيِّ مدى كان القرآن الكريم يرتب عقلية المسلم ونفسيته بما يمكنه من مواجهة التحديات مهما تجددت وتوالدت؛ عليك أن تطالع الفلسفة القديمة والجديدة في الجانب الذي يتعلق بمركز هذا الإنسان في الكون ووظيفته في الحياة؛ لتخرج بنتيجة واحدة غاية في العجب، وهي الالتقاء بين المحدثين والقدماء على فكرة عزل الإله عن الكون والأحياء، ومن باب أولى عزله عن الإنسان الذي هو مركز هذا الكون ومحوره.
فقد تدرجت الفلسفة القديمة صعداً في درج الجدل المنطقيّ الخَلَّاب؛ لتصل إلى قمة (أرسطو) ومن فوقها تعلن عن إيمانها بإله منعزل عن الكون والحياة، منشغل فقط بكمال ذاته؛ فلا حاجة بنا نحن البشر إلى إله لا يعتني بنا؛ فليعبد الناس ما شاءوا من آلهة يخلقونها، أو ليهجروا العبادة هجر هذا الإله للكون والحياة، وليقيموا حياتهم على هدي عقولهم وتجاربهم، وليتعاملوا مع الطبيعة وما وراء الطبيعة تعامل النِّدّ المكافح والقِرن المناطح.
ولم تبتعد الحداثة كثيراً عن ذلك التصور، وإذا كانت في بداية أمرها قد استفزها الحماس مع إرثها الصدامي الكئيب مع الكنيسة لتعلن في رعونة موت الإله؛ فإنّها لم تلبث إن استعادت توازن المنطق الآرسطيّ؛ لتقرر أنّ الإله – لا لسبب معقول تبديه – لا شأن له بهذا الكون ولا بهذا الإنسان، ولا سيادة له عليه، فالإنسان هو السيد، وهو وحده الذي يقرر طبيعة علاقته مع كل شيء في هذا الوجود، بما في ذلك (الله) .. تعالى الله عمَّا يقولون.
وعلى قاعدة العقيدة الحداثية قام منهج الحياة العام المسمى بالعلمانية، والتي ألقت بظلالها على كل شيء في الحياة، فلا شأن للدين بالسياسة ولا الحكم، ولا دخل له في النشاط الاقتصادي وطرق الكسب وأساليب الحياة، وحتى الأخلاق العامّة والنظم الاجتماعية هي كذلك بمنأى عن الدين حتى ولو كان بعض واضعيها متأثرين على نحو ما بالدين، أمَّا الدين فهو مجرد سلوك ارتضاه ناس لأنفسهم؛ فليمارسوه كما يحلو لهم داخل صوامعهم أو في قعر الوجدان الغامض.
أمَّا الإسلام فهو منهج حياة وطريق نجاة، يقوم على أساس الاتصال بالله؛ ومن ثمَّ كان تركيز القرآن على قضية الربوبية، وعلى قضية العناية الإلهية، فالإنسان ليس وحده على هذا الكوكب، وليس كذلك متروكاً لشأنه، والله تبارك وتعالى الذي خلقه وسواه وأنعم عليه وحباه لا يزال يحوطه بعنايته ورعايته، والله الذي استخلفه على هذه الأرض لم يتركه سدى، وإنَّما وضع له المنهج القويم وحدد له الصراط المستقيم، ولا يزال يهدي خطاه في هذه الحياة.
إنَّها – إذن – مسألة محورية وقضية مفصلية، ومن هنا فإنّ تناولها وطرحها من خلال آيات القرآن – قبل كونه ملبياً لحاجة الشعور ورغبة الوجدان – يؤسس عقدياً وفكريا لمنهج حياة متميز متفرد، هو في حقيقته الكاملة: الصراط المستقيم.
العناية الإلهية (2)
قد لا يروق لك هذا المصطلح (العناية الإلهية) لكون الذين يكثرون من استعماله هم رجال الدين المسيحيّ، وقد تجد في نفسك غضاضة من ترداد ما رددوه، لكن لتكن مطمئناً؛ فإنَّنا لا نستطيب ما لا يُستطاب في اللغة الّتي نزل القرآن بها، وكون هؤلاء أكثروا من استعماله لا يعني أن نهجره لمجرد مخالفتهم؛ إذ ليس هذا التركيب خاصاً بهم، وليس غريبًا عن ثقافتنا ولغتنا، فالعناية مصدر من عُنِىَ يُعْنَى عنايةً، ومعناها الرعاية والاهتمام والاشتغال بالأمر( )، وهو معنى وثيق الصلة بما نعالجه وما نواجهه في معالجتنا هذه، وربما يكون أعم وأشمل من الرعاية ومن الاهتمام؛ لأنَّه يشملهما ويشمل معهما كل تدخل إيجابيّ في شئون الإنسان؛ فلننطلق مستنشقين عبق التيسير، ومتحررين من أغلال الوساوس والهواجس والظنون.
هل شعرت وأنت تقرأ القرآن بهذه اليد المغدقة الحانية ؟ إنَّها في الحقيقة تلازمك، وفي واقع حياتك لا تفارقك، ولكنك – لما يزدحم عليك من شواغل الدنيا – ربما تغفل عن ملاحظتها والإحساس بها، فإذا قرأت القرآن غمرك الشعور العميق بإحاطتها بك وتظليلها لك، ورأيتها متبدية مع كل سورة من خلال الكثير من الآيات والعديد من الجمل والعبارات؛ فغاصت نفسك في محيط من السكينة والرضا، ورفرفت روحك في عالم مترع بالغبطة والحبور، لكن المهم هو ألا تكون الغفلة قد أحكمت قبضتها على المرء منَّاً فلم يستطع الفكاك منها حتى وهو مع القرآن.
وإذا قمت باستقراء الآيات التي عرضت مظاهر العناية الإلهية فسوف تجدها مندرجة تحت أقسام أربعة؛ تنزل على التقسيم من حيثيتين، الأولى: التعلق (العموم والخصوص)، الثانية: النوع (الكوني والشرعي) لتصير على هذا النحو الرباعيّ الجامع المانع: عناية إلهية كونية عامّة، وعناية إلهية كونية خاصة، وعناية إلهية شرعية عامّة، وعناية إلهية شرعية خاصة، وستجد في رحاب كل قسم منها تندرج الكثير من آيات القرآن الكريم المعنية بمظاهر العناية الإلهية.
وينبغي أن نشير في بداية تناولنا لهذا الموضوع البالغ الأهمية أنَّ طريقة التناول ستكون عبر التفسير الموضوعيّ، وهو لون من التفسير يقوم على استقراء الآيات القرآنية التي تعالج الموضوع المطروح للدراسة، وتفحصها بعد جمعها وتصنيفها؛ بغرض الخروج بنتائج متماسكة آخذ بعضها برقاب بعض، تؤدي في النهاية إلى نتيجة كلية، تحظى بالقبول وتتمتع بالرسوخ وتسعد بالهيمنة على جزئيات كثيرة، ولا ريب أنَّ التفسير التحليلي للآيات أحد الأدوات الضرورية لعملية التفسير الموضوعيّ، لكن يبقى أنَّ التفسير الموضوعيّ طريقة فذة وضرورية لتحقيق أعلى معدل من التدبر الإيجابيّ المثمر لكتاب الله تعالى؛ (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته).
وسوف نكتشف ونلمس بأنفسنا لوناً من ألوان الإعجاز غاية في العظمة والإبهار؛ عندما نجد الآيات التي تفرقت نجومها واختلفت أسباب ومواقيت نزولها قد تضافرت وتوافرت على بناء موضوع مكتمل الأركان، ونجد هذه الظاهرة مضطردة مع كل موضوع له تعلق بمقاصد القرآن وهداياته، فنذكر قول الله تعالى: (كتاب أحكمت آياته ثم …..) ونزداد إيماناً مع إيماننا، لكن المهم هو اتباع المنهج العلميّ الصحيح، وعدم تحميل آيات الله تعالى ما لا تحتمله من الدلالات والمعاني؛ لأنّ هذا في حقيقته تقول على الله بغير علم.
وسوف نجد أنفسنا في عصرنا هذا المليء بالتحديات بحاجة إلى الانتفاع بهدايات القرآن عن طريق هذا اللون من التفسير، وهو أسلوب من الأساليب التي سنتبعها في تقؤير وإظهار كثير من المحكمات وتقديمها بصورة حية نابضة يكون لها بالغ الأثر في عقول الناس ونفوسهم، وبالله نستعين وعليه نتوكل.
وسوف نكتشف ونلمس بأنفسنا لوناً من ألوان الإعجاز غاية في العظمة والإبهار؛ عندما نجد الآيات التي تفرقت نجومها واختلفت أسباب ومواقيت نزولها قد تضافرت وتوافرت على بناء موضوع مكتمل الأركان، ونجد هذه الظاهرة مضطردة مع كل موضوع له تعلق بمقاصد القرآن وهداياته، فنذكر قول الله تعالى: (كتاب أحكمت آياته ثم …..) ونزداد إيماناً مع إيماننا، لكن المهم هو اتباع المنهج العلميّ الصحيح، وعدم تحميل آيات الله تعالى ما لا تحتمله من الدلالات والمعاني؛ لأنّ هذا في حقيقته تقول على الله بغير علم.
وسوف نجد أنفسنا في عصرنا هذا المليء بالتحديات بحاجة إلى الانتفاع بهدايات القرآن عن طريق هذا اللون من التفسير، وهو أسلوب من الأساليب التي سنتبعها في تقؤير وإظهار كثير من المحكمات وتقديمها بصورة حية نابضة يكون لها بالغ الأثر في عقول الناس ونفوسهم، وبالله نستعين وعليه نتوكل.
العناية الإلهية (3)
الحمد لله .. والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد ..
العناية الإلهية الكونية العامة .. عناية كونية تصدر عن أمر الله الكونيّ وحُكمه القدريّ، وعن النَّاموس الإلهي العام الذي يحكم الكون والكائنات، وتنبثق من ربوبية الله تعالى وتنبعث من إنعامه وإكرامه، وتعكس بجلاء صفات الرحمة والحكمة والقدرة، وتتجلى بها رعاية الله لخلقه وتدبيره وتصريفه لشئونهم، لا علاقة لها بإرادة الإنسان أو اختياره، ولا صلة لها بالتكليف والتشريع، وهي عامّة تشمل المؤمن والكافر، وتسع الصالح والطالح.
في البدء لم نكن شيئاً مذكوراً، فضلاً عن أن يكون لحضارتنا وعلومنا أثر يذكر؛ فوقع بفضل الله ورحمته هذا:
العناية الإلهية الكونية العامة .. عناية كونية تصدر عن أمر الله الكونيّ وحُكمه القدريّ، وعن النَّاموس الإلهي العام الذي يحكم الكون والكائنات، وتنبثق من ربوبية الله تعالى وتنبعث من إنعامه وإكرامه، وتعكس بجلاء صفات الرحمة والحكمة والقدرة، وتتجلى بها رعاية الله لخلقه وتدبيره وتصريفه لشئونهم، لا علاقة لها بإرادة الإنسان أو اختياره، ولا صلة لها بالتكليف والتشريع، وهي عامّة تشمل المؤمن والكافر، وتسع الصالح والطالح.
في البدء لم نكن شيئاً مذكوراً، فضلاً عن أن يكون لحضارتنا وعلومنا أثر يذكر؛ فوقع بفضل الله ورحمته هذا:
(وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (النحل 78)،
ولكي تعمر بنا الأرض ويمتد نسلنا حدث برعايته وعنايته هذا: (واللهُ جَعَلَ لَكُم من أنفُسِكم أَزْواجاً وجَعَل لكُم مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وحَفَدَةً ورَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) (النحل …)
ثمَّ بلطفه وإحسانه كان الإيواء والسكن ومؤهلات الراحة والسكينة: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ) (النحل 28)،
ثمَّ ها هي العناية الإلهية تنسم علينا من الرحمات: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) (النحل 81).
من ذا يستطيع – وهو آمن من الاتهام بالخرف – أن ينكر هذا أو يتنكر له ؟!
من ذا يستطيع – وهو آمن من الاتهام بالخرف – أن ينكر هذا أو يتنكر له ؟!
إنَّنا نكاد نشعر بيد العناية الإلهية وهي تحوطنا وتسخر كل طاقات الوجود لنا؛ ثم يخرج منَّا من يجحد ربوبية الله ومن يتخذ مع الله آلهة أخرى: (أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ مَا كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (61) أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ (62) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ تَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63) أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (64)) (النمل 60-64)
وإذا كان الذي يدفعهم إلى الجحود بنعمة الله والتنكر لعنايته فعليهم أن يجيبوا بصراحة وواقعية على هذه التساؤلات التي تتحداهم بمظاهر من عناية الله غاية في الإعجاز: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ (71) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ (72)) (القصص 71-72).
وإذا كان الإنسان كما يزعمون هو سيد هذا الكون فهل يستطيع أن يحول دون كارثة من هاتين الكارثتين المتوقعتين في كل لحظة: أن يختل نظام الجاذبية فيتكور الكون على مركزة أو يندثر وتتباعد مجراته وتتناثر ذراته فلا يمسكها شيء؛ إنَّ الله بعنايته هو الذي يحفظنا من هذا المصير المفزع، ولولا رأفته ورحمته وحلمه وغفرانه لوقع شيء من هذا بذنوب العباد ونفورهم: (وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) (الحج 65) (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) (فاطر 41)
وبرغم كفر الإنسان وجحوده يلفه المولى بهذه العناية المباشرة: (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) (يونس 22) (قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (63) قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (64)) (الأنعام 63-64) (ربُّكُم الذي يُزْجي لكم الفُلْكَ في البَحْرِ لتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ إنَّه كانَ بِكُم رَحِيما (..) وإذا مَسَّكُم الضُّرُّ في البحر ضَلَّ مَنْ تَدْعون إلا إيَّاهُ فلَمَّا نَجَّاكُم إلى البَرِّ أَعْرَضْتُم وكان الإنْسَانُ كَفُوراً(..)) (الإسراء …).
إنَّك ستجد في كتاب الله تعالى مشاهد العناية الإلهية الكونية العامَّة ضمن مشاهد الربوبية العامّة، ستجدها أكثر من مشاهد الربوبية التصاقاً بالإنسان ومباشرة له، ستجدها مبثوثة في القرآن بكثرة لافتة للنظر مثيرة للتدبر والتفكير،
وإذا كان الذي يدفعهم إلى الجحود بنعمة الله والتنكر لعنايته فعليهم أن يجيبوا بصراحة وواقعية على هذه التساؤلات التي تتحداهم بمظاهر من عناية الله غاية في الإعجاز: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ (71) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ (72)) (القصص 71-72).
وإذا كان الإنسان كما يزعمون هو سيد هذا الكون فهل يستطيع أن يحول دون كارثة من هاتين الكارثتين المتوقعتين في كل لحظة: أن يختل نظام الجاذبية فيتكور الكون على مركزة أو يندثر وتتباعد مجراته وتتناثر ذراته فلا يمسكها شيء؛ إنَّ الله بعنايته هو الذي يحفظنا من هذا المصير المفزع، ولولا رأفته ورحمته وحلمه وغفرانه لوقع شيء من هذا بذنوب العباد ونفورهم: (وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) (الحج 65) (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) (فاطر 41)
وبرغم كفر الإنسان وجحوده يلفه المولى بهذه العناية المباشرة: (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) (يونس 22) (قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (63) قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (64)) (الأنعام 63-64) (ربُّكُم الذي يُزْجي لكم الفُلْكَ في البَحْرِ لتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ إنَّه كانَ بِكُم رَحِيما (..) وإذا مَسَّكُم الضُّرُّ في البحر ضَلَّ مَنْ تَدْعون إلا إيَّاهُ فلَمَّا نَجَّاكُم إلى البَرِّ أَعْرَضْتُم وكان الإنْسَانُ كَفُوراً(..)) (الإسراء …).
إنَّك ستجد في كتاب الله تعالى مشاهد العناية الإلهية الكونية العامَّة ضمن مشاهد الربوبية العامّة، ستجدها أكثر من مشاهد الربوبية التصاقاً بالإنسان ومباشرة له، ستجدها مبثوثة في القرآن بكثرة لافتة للنظر مثيرة للتدبر والتفكير،
وهذه باقة منها مختلفة الألوان والأشكال واللمسات والتأثيرات:
(خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) (لقمان 10) (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (32) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33) وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ(34)) (إبراهيم 32-34) (وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7) وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8)) (النحل 5-8) (وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (13) وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14) وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (15) وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (16)) (النحل 13-16)
ومثل هذا في كتاب الله كثير ووفير، ما عليك إلا أن تتدبر وتعمل التفكير، ثم تنطلق بما اكتسبته من يقين لتهدي الخلق إلى الخالق، وتخرج الناس من الظلمات إلى النور، ومن متاهات الجحود والإلحاد إلى رحاب الإيمان واليقين.
(خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) (لقمان 10) (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (32) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33) وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ(34)) (إبراهيم 32-34) (وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7) وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8)) (النحل 5-8) (وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (13) وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14) وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (15) وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (16)) (النحل 13-16)
ومثل هذا في كتاب الله كثير ووفير، ما عليك إلا أن تتدبر وتعمل التفكير، ثم تنطلق بما اكتسبته من يقين لتهدي الخلق إلى الخالق، وتخرج الناس من الظلمات إلى النور، ومن متاهات الجحود والإلحاد إلى رحاب الإيمان واليقين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق