5 أدلة على تحريم خذلان أهل الإيمان
محرر الإسلام والحياة
أورد ابن كثير في «البداية والنهاية»، وابن هشام في «السيرة» عن ابن إسحاق أنه قال: قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ إِرَاش بِإِبِلِ لَهُ مَكَّةَ، فَابْتَاعَهَا مِنْهُ أَبُو جَهْلٍ فَمَطَلَهُ بِأَثْمَانِهَا، فَأَقْبَلَ الْإِرَاشِيُّ حَتَّى وَقَفَ عَلَى نادٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ جَالِسٌ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، مَنْ رَجُلٌ يُعْدِينِي عَلَى أَبِي الْحَكَمِ بْنِ هِشَامٍ فَإِنِّي رَجُلٌ غَرِيبٌ، ابْنُ سَبِيلٍ، وَقَدْ غَلَبَنِي عَلَى حَقِّي؟ قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَهْلُ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ: أَتَرَى ذَلِكَ الرَّجُلَ الْجَالِسَ-لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُمْ يَهْزَؤونَ به لما يعلمون ما بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي جَهْلٍ مِنْ الْعَدَاوَةِ- اذْهَبْ إليه فإنه يعديك عليه.
فَأَقْبَلَ الْإِرَاشِيُّ حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، إنَّ أَبَا الْحَكَمِ بْنَ هِشَامٍ قَدْ غَلَبَنِي عَلَى حَقٍّ لِي قِبَلَه، وَأَنَا رَجُلٌ غَرِيبٌ ابْنُ سَبِيلٍ، وَقَدْ سَأَلْتُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ عَنْ رَجُلٍ يعديني عَلَيْهِ، يَأْخُذُ لِي حَقِّي مِنْهُ، فَأَشَارُوا لِي إلَيْكَ، فَخُذْ لِي حَقِّي مِنْهُ، يَرْحَمُكَ اللَّهُ.
قَالَ: انطلقْ إلَيْهِ، وَقَامَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَامَ مَعَهُ، قَالُوا لِرَجُلِ مِمَّنْ مَعَهُمْ: اتبعْه، فَانْظُرْ مَاذَا يَصْنَعُ، قَالَ: وَخَرَجَ رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جَاءَهُ فَضَرَبَ عَلَيْهِ بَابَهُ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: «مُحَمَّدٌ، فَاخْرُجْ إليَّ»، فَخَرَجَ إلَيْهِ وَمَا فِي وَجْهِهِ مِنْ رَائِحَةٍ، قَدْ انتُقع لونُه، فَقَالَ: «أَعْطِ هَذَا الرَّجُلَ حَقَّهُ»؛ قَالَ: نَعَمْ، لَا تبرحْ حَتَّى أعطيَه الَّذِي لَهُ، قَالَ: فدخل، فخرج إلَيْهِ قَالَ: ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لِلْإِرَاشِيِّ: الْحَق بِشَأْنِكَ، فَأَقْبَلَ الْإِرَاشِيُّ حَتَّى وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، فَقَالَ: جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا، فَقَدْ وَاَللَّهِ أَخَذَ لي حقي.
لقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على مساعدة المحتاج والوقوف بجانبه وإغاثته حين استغاث به، وهذه الإغاثة منه صلى الله عليه وسلم لم تكن لرجل ممن أسلم معه، بل لرجل لا يعرفه، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يخذله، وفي هذا دعوة إلى عدم الخذلان، وخاصة لأهل الإيمان، وفيما يأتي بيان عدد من الأدلة على تحريم خذلانهم.
1- المعونة والنصرة حق على المؤمنين:
وقد دعا الإسلام المسلم إلى نصرة أخيه سواء كان ظالماً أم مظلوماً، ففي صحيح البخاري عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: «تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ»؛ والمعنى أن تنصره على كل حال، ولا تخذله أبداً.
والمؤمنون بنيان واحد يشد بعضه بعضاً، ففي صحيح البخاري ومسلم عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ»، وإن من حق المسلم على المسلم إذا دعاه أن يجيب دعاءه، ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ»، قِيلَ: مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللهَ فَسَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ».
2- نهي الإسلام عن الخذلان:
3- براءة الله ورسوله ممن خذل أهل الحق:
4- المعاقبة بالخذلان في الدنيا:
5- الوعيد الشديد في الآخرة:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق