الأربعاء، 16 يوليو 2025

مدينة غزة تنقض مفاوضات الدوحة

 مدينة غزة تنقض مفاوضات الدوحة 

د. محمد المقاطع 

اليهود لا عهد لهم، والصهاينة أشد عداوة ونقضاً للعهود، فالتاريخ والوقائع يدللان على ذلك على نحو مستمر ومستقر، وتصدقه الأحداث والأيام. في ظل مفاوضات الهدنة الأخيرة للوصول إلى وقف مؤقت للحرب على غزة، يؤدي إلى وقف دائم للحرب، ليتمكن أهل غزة من العودة إلى حياتهم الطبيعية، حيث يتم الهدوء والسلام، وتتدفق المساعدات وتدب حركة الحياة، وتبدأ إجراءات إعادة الإعمار، في ظل تلك الأجواء التي تسود المفاوضات، تتحرك ترتيبات الكيان الصهيوني المغتصب لفلسطين وقيادته السياسية بتحرُّك موازٍ لإقامة ما يسميه «مدينة غزة» في رفح، وهي عبارة عن مخيّم اعتقال كبير، يخطط الصهاينة لأن يحشروا فيه في البداية ٦٠٠ ألف فلسطيني من أهل غزة، ثم تتم توسعته بعد ذلك، ليتم حشر مليونين ومئتي ألف فلسطيني من أهل غزة، لإذاقتهم الويلات والتحكم بحركتهم ومأكلهم ومشربهم وأنفاسهم، كما هو شأن السجناء في مخيمات الاعتقال المعروفة، التي تعامل الإنسان معاملة حيوانية لا تبقي له من آدميته أي اعتبار! 

إن هذا المخطط الخبيث يضع النظام العربي برمّته على المحك، وكذلك مصداقيته في إقامة دولة فلسطينية، فمخطط «مدينة غزة» يهدف - باختصار- إلى إنهاء الوجود الفلسطيني والدولة الفلسطينية، حيث سيكون الموت مصير مَن يبقى بمخيم الاعتقال فيها أو الترحيل، والطريق المتاح للترحيل في هذه الحالة سيكون عبر سيناء، وهو ما يشكّل تهديداً لمصر واستقرارها وأمنها، وكذلك يهدد النظام العربي برمّته، فالخطوة التالية لذلك هي ما بدأ فعلاً في الضفة الغربية، حيث الهدم والتجريف والإخلاء لمناطق برمّتها بغاية بناء نموذج آخر لـ «مدينة غزة» في الضفة، وحشر الفلسطينيين فيه، ليلاقوا مصيرهم بالموت أو الهجرة للأردن، مما يهدد الأمن الأردني واستقراره، ومن ثمّ يهدد النظام العربي برمّته. 

فعلى وقع تلك المفاوضات، هناك ترتيبات موازية تكشف أنها خدعة وجزء من تكتيك متوافق عليه بين الصهاينة والأميركان، للقضاء على كل أمل لإقامة الدولة الفلسطينية على أراضي ما قبل ١٩٦٧، التي تشمل الضفة والقدس وغزة! وحتى تتبدد ظنون هذه الخدعة، أو بمعنى أدق يتم إجهاضها، لابُد أن يضع النظام العربي ثقله بالكامل، وفي مقدمته مصر والسعودية والأردن وقطر، لجعل المفاوضات حقيقية وتؤدي إلى هدنة حقيقية يعقبها سلام دائم وإقامة الدولة الفلسطينية. وإلّا فإن العالم العربي سيكون بمواجهة حقيقة «أُكلتُ يوم أُكل الثور الأبيض»، فمطامع الصهاينة ستقضم الدول العربية تباعاً، ولن تبقي للنظام العربي باقية. 

ألا هل بلغت... اللهم فاشهد.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق